Monday, August 24, 2015

ظاهرة الانتحار غريبة عن الإسلام والمسلمين... فكفى خداعا ومغالطة!!!

ظاهرة الانتحار غريبة عن الإسلام والمسلمين... فكفى خداعا ومغالطة!!!

حسب ما تشير إليه منظمة الصحة العالمية فإنّ الانتحار في العالم قد ارتفع بنسبة 65 بالمائة خلال نصف القرن الأخير. ولم تسلم أي ثقافة أو بلد أو ديانة من هذه الظاهرة الخطيرة. ويتجاوز عدد المنتحرين في أوساط الرّجال عدد النساء المنتحرات بينما تفوق محاولات الانتحار لدى النساء. فحسب تقديراتها يوجد حوالي أكثر من مليون شخص ينتحرون سنويا في العالم.
والانتحار ظاهرة عالمية في جميع دول العالم فلا يحدث في البلدان مرتفعة الدخل والدول المتقدمة فحسب بل إنه في سنة 2012 سجلت نسبة 75% من حالات الانتحار العالمية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
وقد لاقت هذه الظاهرة اهتماما كبيرا من المنظمة باعتبارها مشكلة خطيرة لا بدّ من البحث عن (استراتيجية شاملة متعددة القطاعات) للوقاية منها، فبحثت في أسباب الانتحار والتي تعود إلى اضطرابات نفسية كالاكتئاب واضطرابات ناجمة عن تعاطي الكحول والتي تتجلى خاصة في البلدان مرتفعة الدخل، وتطرّقت أيضا إلى أسباب أخرى تتمثل في ضغوط الحياة وانهيار علاقة ما أو الآلام التي لا يقدر بعضهم على تحملها من جراء أمراض مزمنة أو عنف سلط عليهم أو سوء معاملة أو نزاع أو غيرها من المشاكل التي تؤدي إلى العزلة والتفكير بالانتحار كحل لها.
بحثت المنظمة طرق الانتحار وأكّدت أنّ ما يقارب 30% من حالات الانتحار العالمية تنجم عن التسمم الذاتي بالمبيدات، والتي يقع معظمها في المناطق الزراعية الريفية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. واعتبرت الشنق والأسلحة النارية من الطرق الأخرى الشائعة للانتحار، وأضافت أن معرفة أكثر طرق الانتحار شيوعا من الأمور المهمّة في وضع الاستراتيجيات التي أثبتت فعاليتها في الوقاية من الانتحار مثل تقييد الوصول إلى وسائل الانتحار.
وعدّت ظاهرة الانتحار من الأمور التي يمكن الوقاية منها؛ فهناك عدة تدابير يمكن اتخاذها على مستوى السكان، والسكان الفرعيين والمستويات الفردية لمنع الانتحار ومحاولات الانتحار. وتشمل هذه الأمور ما يلي:
• الحد من فرص الوصول إلى وسائل الانتحار (مثل مبيدات الآفات، الأسلحة النارية، وبعض الأدوية)؛
• إعداد وسائل الإعلام للتقارير بطريقة مسؤولة؛
• تطبيق سياسات الكحول للحد من استخدام الكحول على نحو ضار؛
• التشخيص والعلاج والرعاية المبكرة للمصابين باضطرابات نفسية أو الاضطرابات الناجمة عن تعاطي مواد الإدمان والآلام المزمنة والاضطرابات العاطفية الحادة.
ورغم أن الدول الغربية تسجل أعلى معدلات الانتحار في العالم لكن الدول العربية تسجل ارتفاعا سريعا وصل إلى 4 منتحرين في كل 100 ألف نسمة في العقد الأخير، وبموجب التقرير الذي نشرته هذه المنظمة والذي يحمل عنوان "منع الانتحار.. ضرورة عالمية"، فإن كلّاً من السودان والمغرب واليمن... تتصدر قائمة الدول العربية التي تسجل أعلى معدلات حوادث الانتحار لكل 100 ألف شخص، فيما صنفت السعودية وسوريا في أسفل القائمة. فتأتي السودان في المركز الأول بمعدل 17.2 حالة انتحار على كل 100 ألف شخص، فيما يأتي المغرب في المركز الثاني بمعدل 5.3 حالة انتحار. وصنفت قطر في المركز الثالث بمعدل 4.6 حالة انتحار، يليها اليمن بنسبة 3.7، ثم الإمارات بنسبة 3.2 حالة انتحار لكل 100 ألف شخص.
ووصلت معدلات الانتحار في موريتانيا إلى 2.9 حالة، وتأتي بعدها تونس بمعدل 2.4، أما الأردن فقد سجل ارتفاعا في معدلات الانتحار مقارنة بإحصاءات عام 2012 مسجلا نسبة 2 حالة انتحار على كل 100 ألف نسمة، أغلبهم من الأطفال.
وتغلب نسبة الانتحار بالجزائر على فئة الشباب والمراهقين، خاصة منهم الإناث، وقد وصلت حالات الانتحار في عام 2014 إلى 1.9 حالة، ثم تأتي ليبيا بعدها في التصنيف بمعدل 1.8 حالة انتحار، وتليها مصر بمعدل 1.7 حالة، أما العراق فوصلت فيه معدلات الانتحار إلى 1.7 حالة.
ونجد أسفل الترتيب كلا من سلطنة عمان بنسبة 1 حالة انتحار لكل 100 ألف شخص، يليها لبنان بـ 0.9 حالة..
وتتساوى السعودية مع سوريا في معدلات الانتحار بنسبة 0.4 حالة انتحار لكل 100 ألف شخص وصنفت في أسفل قائمة الدول العربية لأعلى معدلات الانتحار في العام 2014.
ورغم تعدد الأسباب المؤدية لظاهرة الانتحار إلا أن الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية قد التزمت بخطة عمل المنظمة للصحة النفسية (2013-2020) بالعمل من أجل تحقيق الهدف العالمي المتعلق بخفض معدل الانتحار في البلدان بنسبة 10 بالمائة بحلول عام 2020.
تقارير ودراسات وإطلاق صيحات فزع لما سجّل من ارتفاع في نسب هذه الظاهرة... وهو ما جعل القائمين على هذه المنظمة العالمية للصحة يلتزمون بخطة عمل للحد من هذه الظاهرة وتخفيضها، ولكن تجدر الإشارة إلى أنّ سطحية البحوث ودراسة الظاهرة دراسة غير مستوفية لشروط التعمق والإلمام والوقوف على أس المشكلة، كل ذلك كان عائقا أمام التفطّن إلى السبب الأساسي لها.
فبالنظر إلى ما قدمته المنظمة من إحصاءات ومن أسباب.. نلاحظ أنّ الدول ذات الدخل المرتفع كاليابان مثلا والتي تعتبر من البلدان المتقدمة والحديثة، ومن أغنى البلاد في العالم، فإنّها تعاني من ارتفاع معدلات الانتحار بشكل غير عادي منذ فترة طويلة. حيث يعتبر الانتحار هو السبب الرئيسي للوفاة بين الرجال الذين تتراوح أعمارهم من 20-44، بسبب البطالة، والاكتئاب، والضغوط الاجتماعية.
وقد بلغت نسبة الانتحار 18.5 من أصل كل 100 ألف مواطن، فينتحر من كل 100 ألف 26.9 رجلاً، أما من كل 100 ألف أنثى فتنتحر 10.1 امرأة.
أما قطر ورغم أنّها صنفت أغنى دولة في العالم حيث يبلغ إجمالي الناتج القومي للفرد 98،814 ألف دولار. إلا أنّ نسبة الانتحار (4.6) ضعيفة قياسا باليابان.
وبهذه المقارنة يتبيّن أنّ سبب الانتحار لا يعود إلى غنى الدول بل إنّ الأمر يعود إلى أسباب أخرى تجعل نسبة الانتحار عند دولة غنية مرتفعة وعند أخرى منخفضة رغم اشتراكهما في التصنيف في خانة واحدة حسب الدخل الفردي. كما تبين أنّ دولتين تصنفان فقيرتين لكن نجد أنّ نسبة هذه الظاهرة مختلفة ومتباينة؛ كما في السودان التي تحتل المرتبة الأولى بين دول العالم العربي، بينما نرى سوريا وما تعانيه من حروب وما ينتج عنها من بطالة وفقر واكتئاب في آخر القائمة.
فالبحث في المسألة والوقوف على هذه الظاهرة وتحليلها وتفسير أسبابها يجب أن يلمّ بجميع الجوانب ويحيط بها حتى يكون مستوفيا موضوعيا، فيتوصل إلى الحلّ الصحيح والعلاج الجذري الشافي لها، ولا تكون الدراسات والحلول المقدمة مجرد مسكّنات لألم ينخر جسد الإنسانية.
إنّ الإنسان بوصفه إنسانا إن لم يتوصل إلى معرفة حقيقة وجوده في هذه الحياة والسبب الحقيقي لها فإنه سيسير فيها وفق ما يراه هو، فإن كانت هذه الدنيا داره ومقامه وفيها سيحقق كل ملذات الحياة دون عناء ولا تعب ولا نصب فإنّه سيهتزّ ويضعف حالما تعترضه الصعاب ولا تتحقق له النتائج المرجوة من أعماله، أو يلقى منها الآلام التي تجعله لا يرى فيها الحياة التي يرغبها؛ فيفقد الأمل فيها ويضع لها حدّا ظنّا منه أّنّ في ذلك خلاصه وفيه التخلص من المتاعب والمآسي. أما إن كان قد تمكن من الحل الصحيح لمعضلة حقيقة وجوده وأنه مخلوق لخالق جعل له هذه الدنيا ممرا يسير فيه ويجري فيه اختبارا وامتحانا يلتزم فيه بما فرضه الله له من أوامر ونواه، فإنه لن يجعل منها أكبر همه ولا دار مقام بل يخشى ربه وهو سائر فيها يبتغي رضوانه ولا يأتي ما يغضبه؛ لأنّه على يقين بوجود حياة أخرى سيبعث فيها ليحاسبه ربه على ما قدمت يداه، أما من يراها حياة واحدة ليس بعدها حياة فإنه لن يتوانى عن وضع نهاية لها إذا أحس بضيقها وضنكها فلا يرقب بعدها حياة.
فالانتحار ظاهرة غريبة عن المسلمين ولا يمكن للمسلم أن يضع حدّا لحياته وأن يقتل نفسه لأنّه على يقين أنّ الله سيعذّبه عذابا شديدا ولأنه يعلم أنّه سيلقى ربه وسيوفيه جزاءه جهنم وبئس المصير. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تردى من جبل فَقَتَلَ نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سُمّاً فقتل نفسه، فسُمُّه في يده يتحسّاه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يَجَأُ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً». فما تذكره منظمة الصّحة العالمية من أنّ هذه الظاهرة عامة لم تخل منها ديانة هو مغالطة وكذب وبهتان لأنّ الإسلام يحرّمها والمسلم فيه من التقوى ما يمنعه من ارتكابها واقتراف هذا الإثم الذي يغضب ربه.
فدراسة المنظمة هذه تنطبق على دول لا تطبّق الإسلام ولا تجعل منه نظاما يسيّر حياة الناس... فالعالم اليوم يحيا في ظل نظام عالمي رأسمالي يرى الحياة مقرّا للانتفاع بأكبر قسط من الملذات... نظام نفث سمومه في كل البقاع وفرض مفاهيمه الفاسدة عن الحياة فتأثر بها المسلمون وباتوا يعيشون بها فاصلين بين عقيدتهم من جهة وبين نظامها ومفاهيمه الصحيحة المنبثقة عنها من جهة أخرى.
إنّ المسلمين اليوم وإن تفشّت ظاهرة الانتحار فيهم (فالسودان مثلا تتصدر قائمة البلدان الأعلى نسب انتحار في العالم العربي لعام 2014) فإنها لا تعود إلى نظرتهم إلى الحياة التي علّمهم دينهم إياها بل هي نتاج حضارة غربية دخيلة عليهم أفسدت حياتهم وصرفتهم عن دينهم وأضاعت هيبتهم وعزتهم.
هذا هو السبب الجذري لهذه الظاهرة ولارتفاع نسبتها ارتفاعا كبيرا لافتاً، وكذلك لما آل إليه حال الدول العربية: تصوّر خاطئ لمعنى الحياة! نظرة مغلوطة عقيمة عقم النظام الذي روّجها وفرضها... وحتى نقضي على هذه الظاهرة الأليمة المؤلمة لا بد من تصحيح الخطأ وتغيير هذا التصوّر تغييرا جذريا يرى الحياة كما أريد لها أن تكون... كما أراد لها ربّها أن تكون لا كما يريدها أعداء الإنسان وأعداء الإسلام وأهله بالتحديد.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
زينة الصامت
08 من ذي القعدة 1436
الموافق 2015/08/23م

No comments:

Post a Comment