Tuesday, June 30, 2015

جريدة الراية: الصين تمنع مسلمي الأيغور من الصيام وتجبرهم على بيع السجائر والخمور

جريدة الراية: الصين تمنع مسلمي الأيغور من الصيام وتجبرهم على بيع السجائر والخمور

ذكرت صحيفة "ذي إندبندنت" أنّ الصين قامت مجدداً بحظر الصيام في رمضان في محافظة شينجيانغ. وذكرت أن جميع المسلمين في المحافظة، المعروفة باحتضانها أقلية الإيغور، قد طُلب منهم عدم الصيام خلال الشهر الكريم. ونقلت أنباء عن تشديد السلطات الصينية المستعمرة لتركستان الشرقية في حملتها لمنع المسلمين من ممارسة فريضة الصيام، بما في ذلك إجبار طلاب المدارس على الأكل بحضور المعلمين ومسؤولي المدارس للتأكد من عدم صيامهم، وإجبار مطاعم المسلمين على العمل خلال نهار رمضان.
الإيغور، وهي كلمة تعني الاتحاد والتضامن، هم شعوب مسلمة تركية الأصل يتركزون في منطقة تركستان الشرقية ذاتية الحكم (والتي تعرف باسم سينكيانج أيضا) على مساحة تعادل سدس مساحة الصين ويتواجدون في بعض مناطق جنوب وسط الصين وتقدر أعدادهم بحوالي 23 مليون نسمة على الأقل. دخلوا الإسلام مثل أهل الهند وإندونيسيا عبر التجار والسياح المسلمين فتجذرت فيهم العقيدة الإسلامية، مما أزعج الحكم الشيوعي الملحد في الصين. تاريخياً قُتل من الإيغور المسلمين أكثر من مليون شخص في عام 1863م كما قُتل منهم أكثر من مليون أيضا في المواجهات التي اندلعت في عام 1949م عندما احتل النظام الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسي تونج الإقليم فألغى استقلاله، وجرى ضمه لجمهورية الصين، وأطلق اسم سينكيانج (أي المقاطعة الجديدة بلغة الماندرين الصينية)، وجرى تفريغ الإقليم من سكانه المسلمين وتوزيعهم على عدة أقاليم مختلفة، حتى يكونوا أقليةً في مواطنهم الجديدة، فتدنت نسبة المسلمين في تركستان الشرقية من 84% عام 1945 إلى أقل من النصف اليوم.
كما تم التضييق عليهم في عباداتهم ومظاهرهم الإسلامية وهدم مساجدهم، وإزالة مدارسهم. ورغم كل تلك المعاناة إلا أن حبهم للإسلام باق وثابت مما أقلق السلطات الصينية رغم أنهم مسالمون هادئون لكن السلطات الصينية لم تكتف بما قامت به منذ ستة عقود في حقهم من معاملة غير إنسانية وتهجير واعتقال وطرد لكنها عمدت إلى منعهم من أداء شعائرهم الإسلامية متذرعة بما يتذرع به أعداء الله في كل مكان فيه مسلمون: "بمكافحة الإرهاب". ظهر هذا جلياً واضحاً مع قدوم شهر رمضان هذا العام 1436هـ حيث تميز هذا العام بازدهار وازدياد قوة مواقع التواصل التي دخلت ردهات الأنظمة المجرمة ففضحتها وزادت ممارساتها بحق المسلمين كشفاً وتبياناً. فتناقل الناس صوراً من هذه المقاطعة الإسلامية المغلوبة على أمرها يظهر فيها إجبار قوات الأمن الصينية لأحد المسلمين على الإفطار بعد طرحه أرضاً ووضع زجاجة على فمه ليشرب جبراً عنه ومنعاً له من متابعة صيامه، وصدق الله تعالى في محكم تنزيله حيث يقول: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾. ومع هذا كله فإن حكام المسلمين، بصمتهم المطبق وسعيهم لإرضاء حكام الصين، يشاركونهم حربهم على الإسلام والمسلمين.
لم تتعلم الدول الشيوعية من دروس التاريخ أن الإسلام لا يُهزم، وأن تغييب المسلمين في سيبيريا من قبل الاتحاد السوفياتي سيئ الصيت لم يقض على الإسلام بل الذي قُضي عليه كان هو الاتحاد السوفيتي نفسه وديس عليه بالنعال، وانتصر المسلمون في بلاده لأن الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، ولأنه دين إلهي لا بشرياً، يدافع عنه رب الإنسان والحياة والكون، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾. وحدها دولة الخلافة الإسلامية الحقة على منهاج النبوة هي التي ستنتصر للمسلمين في الصين أيضاً بعد أن خذلتهم جيوش الأمة الإسلامية الرابضة في ثكناتها تحمي الحكام من غضبة الأمة. أليس جيش الخلافة هو الذي أرعب ملك الصين يوم أرسل له كسرى يستنصره على جيش خالد بن الوليد فخاف زعيم الصين ورفض نجدة كسرى قائلا: يا كسرى لا قبل لي بقوم لو أرادوا خلع الجبال لخلعوها.
14 من رمــضان 1436
الموافق 2015/07/01م

جريدة الراية: حوار خاص مع رئيس المكتب السياسي لحزب التحرير في تونس

جريدة الراية: حوار خاص مع رئيس المكتب السياسي لحزب التحرير في تونس

على إثر الأحداث الإرهابية الأخيرة التي جدّت في تونس في المنطقة السياحية بسوسة والتي راح ضحيتها العشرات من السياح، أجرت جريدة الراية حوارا خاصا مع الأستاذ عبد الرؤوف العامري رئيس المكتب السياسي لحزب التحرير في تونس. وفيما يلي الحوار:
س1: بداية هناك تقارير أفادت أن ما جرى في سوسة كان مدبرا بدلالة أن القاتل تجول بهدوء وحرية ليرتكب جريمته على بعد أمتار من رجال الأمن كما أفادت وكالة سكاي نيوز نقلا عن شهود عيان. فكيف تفسرون ما حصل وهل كان مدبرا فعلا؟ وإذا كان كذلك فلأي غرض؟
تشير وقائع أحداث ما جرى في سوسة أنها أحدث حلقة في سلسلة الأعمال الإجرامية (الإرهابية) التي ارتكبت في تونس منذ الاعتداء على مفرزة من الجيش التونسي والذي ذهب ضحيته "مقدم" و"رقيب أول" والتي اكتنفها جميعها غموض مريب لم تقدر السلطة الرسمية أن تقدم تفسيرا مقنعا للرأي العام حول حقيقة ما يجري، خاصة وأن كل عملية ارتبطت بأزمة سياسية ورفض شعبي للاتجاه الذي تدفع القوى العلمانية المتحكمة في المشهد السياسي بالمسار الثوري نحوه بافتعال أزمات أمنية تضع الناس في الخيار بين أمنهم أو طموحاتهم السياسية. لذلك يمكن التأكيد على أن غرفة العمليات التي أشرفت على مختلف العمليات الإجرامية (الإرهابية) هي نفسها في كل مرة. ولذلك فإن ما حدث في سوسة أخيرا يندرج في هذا السياق لوقوع الأحداث في فندق يعود إلى العائلة الأكبر نفوذا في سوسة والمشمول بحراسة مشددة، خاصة وأن زبائنه من أكثر الأوروبيين ثراءً. وبالتالي، فمن خلال المعلومات وتهافت التفسيرات الرسمية يمكن ترجيح أن الأمر مدبر لسرعة رد الفعل من رئيس الدولة، خاصة، دون انتظار الأبحاث والتحقيقات الأمنية. أما الأسباب الموضوعية لهذه العملية فهي:
1- توالي فشل سلطة ما بعد الثورة حتى بعد انتخاب السبسي على رأس الدولة رغم الضوضاء الإعلامية التي شنها العلمانيون من أن مفتاح حل الأزمة بيده هو لا غير.
2- تنامي مظاهر الرفض لكل الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة والسخرية منها وتفشي ظاهرة الإضرابات القطاعية (تعليم، صحة، نقل، خدمات...) واعتصامات تكاد تشمل كامل منطقة الجنوب.
3- تراجع سلطة الاتحاد العام التونسي للشغل على منظوريه وعدم قدرة المركزية النقابية أو الهياكل الوسطى على قيادة تحركات الموظفين والعمال.
4- تصدع الائتلاف الحكومي المكون من رباعي نداء تونس والنهضة والاتحاد الوطني الحر وآفاق تونس، لعدم رضا الآفاق عن وجود النهضة في السلطة، والسعي نحو الاكتفاء بتحالف النداء مع النهضة.
5- إلا أن العامل الأهم في كل ذلك هو الصدمة الكبرى التي أحدثها مؤتمر حزب التحرير في تونس والتي كان لها وقع الزلزال على الأوساط العلمانية مما أربك المشهد السياسي وكشف التخبط في ردود الأفعال والتصريحات.
س2: فور وقوع الجريمة تعالت صيحات أتباع الغرب مطالبة بحظر الحزب، وصرح السبسي بأنه لن يسمح برفع راية غير العلم التونسي وقال أنه ستتم مراجعة الرخص للأحزاب... فهل يشير هذا إلى توجه الحكومة لحظر الحزب؟
كان رد السبسي انفعاليا غير متزن كشف عن توتر وتناغم مع جوقة الإعلاميين الموتورين وأتباع الغرب عامة فاغتنموا وقوع هذه الجريمة مع يقينهم أن لا علاقة لحزب التحرير بها لا من قريب ولا من بعيد للكشف عن دخائل نفوسهم للحديث صراحة وتلميحا بحظر الحزب، محاولين اللعب على مشاعر الناس حين الحديث عن وجوب رفع العلم التونسي لا غير، إلا أنهم سرعان ما أدركوا خطأ وسماجة هذا المنزلق لتنبه الناس في تونس لهذه المسرحية السخيفة وتندرهم بها واستنكارهم لها فبدأت تصريحاتهم تخفف من غلوائهم وعادوا إلى قوانينهم يبحثون فيها عما يحقق أمانيهم.
س3: يثار جدل في تونس حول حظر الحزب مع معرفة الجميع أن حزب التحرير لا يقوم بالعمل المادي، في حال وقع الحظر ماذا سيكون موقفكم؟
وجود الحزب في تونس ليس وليد اليوم ولا هو منّة من أحد، وإنما هو استجابة من أبناء الأمة في هذا البلد الطيب لأمر الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104] فعمله فرض أوجبه الله على المؤمنين لا يغير موقف شبابه منه قرار سلطة بالإذن أو الحظر، فهو في الحقيقة أمر لا أهمية له أبدا بل سنمضي في الصدع بالحق والجهر به والارتقاء بوعي الناس الذي تجلى في مؤتمرنا الرابع وتجاوب التحركات الشعبية مع مواقف الحزب وآرائه.
س4: حذر الدكتور محمد هنيد من جامعة السوربون في مقابلة على قناة البي بي سي بأن هناك مخططاً خارجياً يستهدف وأد الربيع العربي، فهل ترون أن دول الغرب ستنجح في وأد شعلة "الربيع العربي" الذي انطلق من تونس؟
لا بد من الإشارة ابتداء أن وهج الثورة لم ينطفئ أبدا فيما سمي بـ"الربيع العربي" وإن تنوعت التعبيرات من قطر لآخر، ولعل من أبرز مظاهرها عدم ركون الناس للحلول والإجراءات المتخذة من قبل الحكام، بل واستخفافهم بهم والتندر عليهم. ثم إن الناس أدركوا أن قضيتهم ليست مسألة جوع وشبع وإنما هي قضية حقوق وكرامة وبالتالي فالقضية مبدئية ولن يقدر الغرب بإذن الله وحوله على وأد هذه الشعلة، ونحن نلمس بوادر توهجها من جديد في مهد هذه الثورة المباركة تونس.
س5: من المعروف أن حزب التحرير أطلق حملة واسعة لكشف الفساد في أجهزة الدولة، وشارك بقوة في حملة "وينو البترول"، كما أنه في مؤتمره الأخير نجح في حشد جمهور كبير من الأنصار، فهل هذا ما دفع السبسي لمحاولة حظر الحزب؟
كان للأعمال التي قام بها الحزب لكشف الفساد الذي استشرى في كافة أجهزة الدولة الأثر الفعال في إنارة الرأي العام في تونس على حقيقة ما يجري في البلد من نهب للثروات الهائلة التي تزخر بها من قبل المتنفذين والشركات الاستعمارية والتي حرصت السلطات المتعاقبة على حكم البلاد منذ ما سمي بالاستقلال على إخفائها والادعاء بأن البلد خالٍ منها مما أربك الحكم ووضعه في وضع عدم القدرة على الرد على كل الحجج والأدلة المبينة لذلك، وزادت مشاركته في حملة "وينو البترول" بقوة إبراز صدقية الحزب في كل ما قاله، ثم كان للحشد الجماهيري الكبير لأنصار الحزب والذي كان هو المسألة الأساسية التي ظل الوسط السياسي يترقبها حتى كانت المفاجأة التي أذهلته رغم المحاولات الجدية لمنع الأنصار من الوصول إلى مقر المؤتمر وترويعهم مما حدا بالسبسي أن يركب هذا المركب الوعر والذي نسأل الله العزيز الجبار أن يهلكه فيه.
14 من رمــضان 1436
الموافق 2015/07/01م

جريدة الراية: وقفة مع رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي (ص 3) (2)

جريدة الراية: وقفة مع رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي (ص 3) (2)

وقد قسم العلماء الذين قالوا بتعليل الأحكام بالمصالح، إلى ثلاثة أقسام:
• المصالح المعتبرة: هي التي شهد لها الشرع بالاعتبار بدليل نص عليها، مثل حكم تحريم الخمر، حيث ذكر النص التحريم دون ذكر سببه أي علته، وقد التمس العقل له علة وسببا للتحريم وهو الإسكار باعتباره مفسدة ومنعه مصلحة.
• المصالح الملغاة: هي التي شهد الشرع ببطلانها، مع أن العقل يرى أنها مصلحة، كنص فتوى أحد العلماء لأحد السلاطين وقد واقع في شهر رمضان بأن يصوم شهرين متتابعين عوض تحرير رقبة، لأن عتق العبيد أسهل على السلطان من الصيام فلا يزجره فكانت الفتوى تأمره بالصيام. فهذا الحكم ملغى بالاتفاق لكونه يناقض النص الصريح.
• المصالح المرسلة: هي ما لم يشهد لها الشرع لا بالاعتبار ولا بالبطلان فهي مصالح مرسلة من الدليل. وإنما تعتبر مصلحة بناء على نظر العقل بأنها تجلب مصلحة أو نفعا أو تدفع ضررا أو تدرأ فسادا، وبحرفية هذا التعريف فهو مردود بالاتفاق ولم يقل به أحد من العلماء السابقين. والذين أجازوا إعمال المرسل لم يقصدوا أنه ليس معتبرا بإطلاق. وإنما قصدوا أنه لم يشهد له حكم بعينه (كما هو الحال في تحريم الخمر) ولكن شهد له حكم بجنسه. أو شهدت أحكام لجنسه، فالمرسل عند القائلين به هو من قبيل المعتبر الذي لم يشهد له أي لعينه حكم معين.
قال فخر الدين الرازي في المحصول (وهو من القائلين بالمصالح المرسلة) "المناسب الذي لا يلائم ولا يشهد له أصل معين فهذا مردود بالإجماع. ومثاله حرمان القاتل من الميراث معارضة له بنقيض قصده لو قدّرنا أنه لم يرد فيه نص". فالمعاملة بنقيض المقصود وصف مناسب عقلا وعلى فرض عدم وجود نص «القاتل لا يرث» يكون هذا المعنى المناسب مردود بالإجماع، وهذا يؤكد أن القائلين بالمصالح المرسلة لا يقصدون المرسلة بإطلاق من غير وجود أصل أو حكم يشهد لها.
وعلى ذلك فالمرسل عند من يأخذ به هو أحد أقسام المعتبر. إذ المعتبر قد يكون شهد له حكم معروف، كوصف الإسكار شهد له حكم محدد وهو تحريم الخمر (المناسب المعتبر)، وقد يكون لم يشهد له حكم معين وإنما شهد حكم أو أحكام لجنسه كما في المثال الذي أورده الرازي في كتابه المحصول: "مثال تأثير الجنس في الجنس تعليل الأحكام بالحكم التي لا يشهد لها أصول معينة مثل أن عليا رضي الله عنه أقام الشرب مقام القذف إقامة لمظنة الشيء مقامه، قياسا على إقامة الخلوة بالمرأة مقام وطئها في الحرمة" فقد قرأ الرازي في حكم إقامة الخلوة مقام الوطء معنى عامًا وهو إقامة مظنة الشيء. وهنا توجد عملية تعميم أو تجنيس لوصفٍ ما بغير دليل على التعميم. والافتقار إلى التعميم هو سبب تسمية المناسب بأنه مرسل. ولهذا قيل إن المصالح المرسلة يجب أن تكون ملائمة لمقاصد الشريعة. ومقاصد الشريعة هي هذه الأوصاف المناسبة المعتبرة التي شهدت لها أحكام كثيرة تفوق الحصر، فمثلا حفظ العقل لم يشهد له حكم معين، ولكن شهد حكم لوصف الإسكار. وشهدت أحكام للتفكير والتدبير حيث مُدح المتفكرون والمتدبرون وذُمَّ الذين لا يفقهون ولا يعقلون ورُفع التكليف عن الصبي والمجنون وغيرها ما يوجد فيها مجتمعة حفظ العقل. ولذلك يقال إن حفظ العقل من مقاصد الشريعة وإن لم يوجد حكم معين يشهد لذلك أو نص وكذلك يقال في سائر المقاصد. وبناء على ذلك فلا يوجد في الشريعة قول: إن المصلحة دليل على الحكم الشرعي، وكذلك ليس المراد بالمصالح المرسلة الاستدلال على تحريم الفعل أو جوازه لمجرد اشتماله على مفسدة أو مصلحة.
وإذا كان الأمر هكذا في المصالح المرسلة وهي ما لم ينقضها نص ولم يشهد لإلغائها حكم. فأين تقع هذه الآراء التي تتناقض مع ما هو معلوم من الدين بالضرورة وأجمع عليه الصحابة والعلماء كجواز التعامل بالربا والعمل في المؤسسات الربوية والمشاركة في حكم الكفر، إنها لا شك تندرج تحت المصالح الملغاة، ومن يقول بها فهو ضال على حد وصف العز بن عبد السلام وغيره.
وأنا في هذا المقام أتمنى من الشيخ راشد الغنوشي أن يراجع نفسه ويرجع إلى إحسان الفهم. فالله كتب الإحسان في كل شيء، ويحب الإحسان في كل شيء، ويحب المحسنين. والعالم ينال أجر علمه إن كان صحيحا، وأجر من عمل به إلى يوم القيامة، وكذلك ينال وزر علمه إن كان سيئا، ووزر من استدل بعلمه إلى يوم القيامة. وفي هذا المقام لا يقال إن للمصيب أجرين وللمخطىء أجرا واحدا، بل إن المصيب في الحكم إن كانت مصادره وأصوله وقواعده شرعية فله أجران، وإن أخطأ فله أجر. أما من كانت مصادره وأصوله وقواعده غير شرعية فلا أجر له بل عليه الوزر سواء أصاب أم أخطأ.
قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا﴾ [سورة الأحزاب: 36]
 بقلم: د. الأسعد بن حسين - تونس
14 من رمــضان 1436
الموافق 2015/07/01م