Monday, June 29, 2015

خطير جدا: الصراع الأمريكي البريطاني على تونس وصل حد التصريح

خطير جدا: الصراع الأمريكي البريطاني على تونس وصل حد التصريح

ذكرت وزارة الخارجية البريطانية في تحديث لنصائح السفر على موقعها على الإنترنت يوم السبت 2015/06/27 بأن الهجمات في سوسة - تونس - ربما نفذها "أفراد غير معروفين للسلطات استلهموا أفعالهم من جماعات إرهابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي".
وكتب وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون ووزير الخارجية فيليب هاموند في مقالين صحفيين منفصلين اليوم الأحد أن جرائم القتل في تونس ستكون عاملا في رسم سياسات الدفاع والأمن في بريطانيا هذا العام، وستقوي عزم لندن على التصدي لما وصفاه بـ "الخطاب السام للتطرف الإسلامي".
إن المتمعن في تصريح وزارة الخارجية البريطانية يجدها تصف العملية الإجرامية التي ارتكبت في سوسة بأنها "هجمات"، وبأن من نفذوها هم أفراد غير معروفين استلهموا أفعالهم من جماعات إرهابية، أي لا ينتمون إلى هذه الجماعات، ولعل تغير الخطاب الإعلامي هذه المرة بتغيير المصطلحات المستعملة في البيانات السابقة لوزارة الخارجية البريطانية والتخلي عن مصطلح الإرهاب لصالح عبارة جريمة قتل، ونفي انتماء القتلة إلى الجماعات الإرهابية يؤكد بأن عملية سوسة قد خرجت من السياقات السابقة وهي عنوان لسياسة إرهابية جديدة في تونس.
ولعل هذا هو المعنى الذي أكد عليه وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون ووزير الخارجية فيليب هاموند في مقاليهما المنشورين على صفحتيهما على الفيسبوك يوم الأحد 2015/06/28، حيث اتفقا كليهما على وصف ما يسمى بالعمليات الإرهابية "بجرائم القتل"، وفي هذا تغيير للسياق السابق للمصطلحات المستعملة من الحكومة البريطانية، كما اتفقا على أنه ستحصل عمليات أخرى في تونس، ولوحا (وهذا اتفاق عجيب عند قراءة المقالين منفصلين) بأن جرائم القتل في تونس ستكون عاملا في رسم سياسات الأمن والدفاع في بريطانيا هذا العام، ثم اعتبرا أن من ارتكب هذه الجرائم هو الخطاب السام للتطرف الإسلامي وليس خطاب العصابات الموصوفة بالإرهابية، أو خطاب ما يسمى بالجماعات التكفيرية أو تنظيم الدولة أو تنظيم القاعدة.
إن ما يثير الريبة في هذين التصريحين هو إقحام عبارة "السام" لوصف التطرف الإسلامي لأول مرة في مصطلحات الساسة في لندن، واستعمالها من كليهما أي من وزير الدفاع ووزير الخارجية البريطانية في نفس الوقت يؤكد على أنه مصطلح سيقع استعماله بكثرة في مستقبل الأيام.. أما ما يلفت انتباهنا عند استعمال مصطلح الخطاب السام هو أن عبارة "سام"، تحمل على كل المعاني إلا السياق الدلالي لما يصفه الغرب بالتطرف أو الإرهاب الإسلامي، فعبارة "سام" لا علاقة لها بالعرب والمسلمين، بل يمكن أن تكون لها علاقة "بالعم سام" أو "بالسامية".
وفي الأخير، إن صيغة التهديد المستعملة بطريقة غير مباشرة من الوزيرين ربما تشير إلى تحول السياسات البريطانية تجاه السياسات الأمريكية التي اتسمت منذ ترؤس طوني بلير للحكومة البريطانية بالسباحة في الفلك الأمريكي، فإذا كان تحديد طابع السياسات الأمنية في بريطانيا بحسب جرائم القتل التي ستحصل في تونس هو أمر غريب على الإنسان العادي الذي لا يرى أية علاقة لبريطانيا بتونس، فإن إقحام تحديد السياسات الدفاعية البريطانية ضمن الموضوع نفسه - أي جرائم القتل التي ستحصل في تونس يؤشر إلى حدة الصراع الأمريكي البريطاني على تونس، ويعكس تهديدا غير مباشر بأن تونس ومنطقة المغرب الغربي تشكل خطا أحمر قد تتغير به جميع السياسات البريطانية الأمنية والدفاعية.
على كل حال، ستكون لعملية قتل السياح في سوسة تداعيات أكبر مما يتصور لها الساسة والتأكيد بأن جواب بريطانيا عليها سيأتي سريعا في مصر أو سوريا، وربما في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ عماد الدين حدوق - تونس
12 من رمــضان 1436
الموافق 2015/06/29م

No comments:

Post a Comment