Saturday, June 27, 2015

خبر وتعليق: ظلم الحكام أشد لهيبًا من حر الصيف

خبر وتعليق: ظلم الحكام أشد لهيبًا من حر الصيف

الخبر: قال مسئولون صحّيون في باكستان إن عدد الضحايا الذين قضوا في موجة الحر التي يشهدها إقليم السند جنوبي باكستان قد تجاوز الـ800، فقد توفي في مدينة كراتشي وحدها 780 شخصًا على الأقل متأثرين بالحر اللافح. ويتعرض المسئولون الباكستانيون لكثير من الانتقادات لتقاعسهم في التعامل مع الأزمة. وبعدما بلغت درجة الحرارة يوم الثلاثاء 45 درجة مئوية، دعا رئيس الحكومة الباكستانية نواز شريف إلى اعتماد إجراءات استثنائية، منها الاستعانة بالجيش لفتح المزيد من مراكز علاج المصابين بضربة الشمس. ويقول مراسلون إن الكثيرين يشعرون بالغضب لأن انقطاع التيار الكهربائي قد قيّد من استخدام مكيفات الهواء والمراوح. وأجمع المراقبون على أن الطقس الحار ليس بالشيء الغريب خلال فصل الصيف في باكستان، ولكن انقطاع التيار الكهربائي فاقم الحالة. [المصدر: وكالات].

التعليق: كلّما ألمت بالبشرية كارثة اقتصادية أو سياسية أو حتى طبيعية، تتعالى الأصوات في وضع اللوم على الحكام، وهذا ليس بالشيء الجديد. فقد أصبح معلومًا بالضرورة في السياسة أن المسئولين عن احتواء الأزمات والحدّ من حجم الخسائر هم الحكام، فهم من بيدهم مقدرات البلاد والموارد التي يمكن استخدامها لتقوية البنى التحتية حتى تقوى على مواجهة أيّة كارثة طبيعية، خاصة وأن الأرض غنية بهذه الموارد. ولكن لا يحصل ذلك إلا في البلاد الناهضة، التي تملك زمام أمورها، وتختار حكامها طوعًا وبحسب الكفاءة، فإن قصّروا وضعت اللوم عليهم وحاسبتهم، وأقل عقوبة قد يتلقونها هي الإعفاء من المسئولية، والمجيء بحكام أكثر كفاءة.
أما حال بلاد المسلمين، ومنها باكستان، فلا يسر صديقًا ولا يغيظ عدوًّا، فالحكام فيها لم يبنوا أصلًا بنى تحتية، تكون قادرة على سد حاجات الناس الأساسية، عوضًا عن قدرتها على مواجهة الكوارث الطبيعية. فموجة الحر هذه لا تحتاج إلا لمروحة وكوب ماء نظيف للصمود خلالها، ولكن حتى هذه لم يوفرها الحكام للناس، في الوقت الذي يجلسون فيه في قصورهم الفارهة المكيفة بأكثر المكيفات تطورًا في العالم. لذلك فإن حتى تسميتهم بالحكام فيه مغالطة شديدة، فالحاكم هو الذي يرعى شئون الناس، ولما يقف الحاكم متفرجًا على مآسي الناس، مستأثرًا بخيرات البلاد، في طاعة لأوامر الأعداء، فإنه يكون خصمًا وعدوًّا، ويصدق فيه قول الشاعر: لا يُلام الذئبُ في عدوانه *** إن يكُ الراعي عدوَّ الغنم.
إن الله سبحانه وتعالى يرسل مثل موجات الحر هذه لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه، فيها تذكرة للناس، وجبرٌ لتقصيرهم بحق دينهم، فقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾، ويقول الحسن البصري: "والله إني لأعلم ذنبي في خلق زوجتي وفي خلق دابتي". لذلك فإن الداء يكمن في عدم الإطاحة بالحكام، والعلاج يكمن في استبدال الحكام الراشدين أمثال أبي بكر وعمر وعثمان وعلي... وغيرهم الكثير من أعلام حكام المسلمين بهم، ومعرفة المسلمين جميعًا بمكمن الداء والدواء هي حجة عليهم لتغيير حالهم. وخروج الناس إلى الشوارع وإنكارهم على الحكام ومطالبتهم بالرحيل يجب ألّا يتوقف، وأن يشمل كل قادر على ذلك، ويجب ألّا يقتصر على الظروف العصيبة جدًا مثل اجتياح موجة الحر هذه للبلد، فقد كان قبل موجة الحر هذه زلزال لم يحرك الحكام للحدّ من تدميره ساكنًا، وقريبًا سيأتي فصل الأمطار والفيضانات، وسيظل الحكام آخر من يدري بها. لذلك يجب أن يستمر الناس في مطالبة الحكام بالرحيل، ليس لتوفير عيش كريم لهم فحسب، بل وسعيًا وراء مرضاة الله سبحانه وتعالى في الإطاحة بهؤلاء الحكام الفجرة، ومبايعة خليفة راشد للمسلمين، يُقاتل من ورائه ويُتقى به، لا يأكل حتى يشبع الناس.
إن أشد المُخاطبين بالإطاحة بهؤلاء الحكام الآن هم أهل القوة والمنعة من جيوش الأمة الإسلامية والمتنفّذين المخلصين، فقد بحت أصوات المخلصين وهم ينادون لنصرة دين الله سبحانه وتعالى، والكرة الآن في ملعب أهل النصرة وحدهم، ولا عذر لهم أمام الله سبحانه وتعالى في التقاعس.
﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال المهاجر/ باكستان
 09 من رمــضان 1436
الموافق 2015/06/26م

No comments:

Post a Comment