Saturday, November 30, 2013

البث المتلفز: الغرب يريد إيران قوية الأسباب والدور المنوط بها

التفويض السياسي: تمثيل الناس أم تمثيل على الناس!

التفويض السياسي: تمثيل الناس أم تمثيل على الناس!

نشر بتاريخ: السبت، 30 تشرين2/نوفمبر 2013
الدكتور ماهر الجعبري*
يأتي نشر هذا المقال ضمن أجواء التفويض الذي انتزعته أمريكا من مجلس الحكماء الأفغاني لتوقيع الاتفاقية الأمنية، وضمن أجواء سعي الائتلاف الوطني السوري لحضور مؤتمر جنيف 2 ممثلا للثورة. ومن اجل توصيل الفكرة وربطها، يستحضر المقال نماذج أخرى من التفويض السياسي من مثل تفويض السيسي في مصر، ومنظمة التحرير الفلسطينية.
عندما تكون الأمم والشعوب في طور التحرر من الاستعمار، تحتاج إلى قوة فكرية دافعة تمكّنها من خلع الهيمنة الخارجية، وتأهلّها لإقامة نظام حكم جديد يعبّر عنها، بينما يقف المستعمر على النقيض من حركات التحرر بقوته العسكرية وبمؤامراته السياسية لصد الأمة عن التحرر والانعتاق، مستندا إلى فئة من الأمة تكون قد ارتمت في حضن المستعمر، وتشكلت على طريقته وتبنت مصالحه، سواء عن عمالة أو عن جهالة.
وتكون هذه الفئة -المرتزقة أو المضلَّلة- هي أداة المستعمر في تمرير خططه السياسية ومصالحه الاستعمارية عبر مبدأ التفويض السياسي. وهذه الفئة تحتاج إلى ما يلي:
(1) إطار سياسي جامع ومن الأفضل أن يترأسه زعيم ذو "كاريزما" شخصية وحضور شعبي، أو زعيم قبلي أو ديني. ومن هنا تأتي فكرة التمثيل في الكيانات السياسية خلال مراحل التحرر –قبل تسلّم النفوذ والدولة على الأرض- من مثل منظمة التحرير الفلسطينية، والمجلس الوطني الليبي، والائتلاف الوطني السوري، ومجلس لويا جرجا الأفغاني... وغيرها.
(2) "شهادة سياسية" بأن هذه الفئة تمثّل الناس أصحاب قضية التحرر، وأنها تمتلك الصلاحية السياسية في التعبير عن تطلعاتهم وفي التفاوض نيابة عنهم مع المستعمر. ويتم ذلك إما عبر الانتخابات التي تكون في الغالب حلقة ضمن المخطط، أو عبر صناعة الرجالات من خلال إبراز وتضخيم السجل النضالي والشرف العسكري ورصيد الشهداء، أو عبر استقطاب "علماء دين" وقادة الطوائف ورجالات الحياة العامة ضمن إطار سياسي جامع، تحدده وتشكله القوة الاستعمارية نفسها، أو من ينوب عنها في المحيط الإقليمي من عملائها السياسيين.
(3) اعتراف دولي بالإطار التمثيلي مع إبراز إعلامي وحضور رسمي في المحافل الدولية والإقليمية. ويتصاعد الحضور السياسي عند احتضان ذلك الكيان عبر المؤتمرات السياسية في الدول الإقليمية، وعبر حصده للمقاعد السياسية في المحافل الدولية، وعبر المشاركة في القمم السياسية الجامعة.
أمام هذه التقدمة النظرية، تبرز نماذج من التفويض السياسي، يمكن استقراؤها لتجلية معالم هذا العمل السياسي، واستخلاص دوره المعطِل في عمليات التحرر.
1)    النموذج الفلسطيني: تم إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية من قبل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر –حسب رؤية أمريكية- لغرض تمثيل القضية وأهلها، وتم احتضانها في القمم العربية، حيث اعتمد مؤتمر القمة العربي الثاني إنشاءها في 5/9/1964، وهي التي وصفها رئيسها الحالي محمود عباس في كتابه طريق أوسلو، ص 23 بالقول أنها كانت "وليدة الأنظمة العربية، ولم تكن تلك الحاجة تلبي رغبات الجماهير، لقناعة هذه الجماهير، إن ما تمخضت عنه الأنظمة العربية لا بد أن يكون على شاكلتها يحمل في بطنه جينات عجزها، ويرث عنها كل مواصفاتها وكل أسباب وهنها"، وأنها "بقيت أسيرة مواقف الأنظمة". بل لقد احتجت حركة فتح –في حينه حسب الموقع الرسمي لحركة فتح- على تأسيس المنظمة "باعتبارها أداة للدول العربية أقيمت لاستباق صحوة الشعب الفلسطيني". وعندما تم تحريك الأجواء للمسيرة السلمية، دفعت أمريكا نحو مزيد من الاعتراف الإقليمي والعالمي بمنظمة التحرير الفلسطينية، وحثّت على إشراكها في المفاوضات، فاعتمد مؤتمر القمة في الرباط في تشرين الأول 1974 منظمة التحرير "ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني"، ولذلك فقد تأهلت المنظمة سياسيا عبر سلسلة التفويضات إلى توقيع اتفاقية أوسلو الخيانية.
ثم لما تمخضت المنظمة عن سلطة تحت الاحتلال، صار لا بد لتلك السلطة من كيان ممثل للشعب لتعديل ميثاق منظمة التحرير بما يتوافق مع الدور الأمني للسلطة الوليدة، وتمرير الاتفاقيات الأمنية لحماية أمن الاحتلال، فكانت الانتخابات التشريعية عام 1996، وتمثلت باكورة انجازات المجلس "التمثيلي" المنتخب في إقرار تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني بتاريخ 24/4/1996، وإلغاء المواد التي تنظّر للتحرر الكامل والقضاء على دولة اليهود. ثم لما احتاجت أمريكا أن تجمع الدمغة "الإسلامية" مع الدمغة العلمانية لتلك المسيرة السلطوية، ورّطت المقاومة الإسلامية للمشاركة في الانتخابات التشريعية عام 2006، مما ممثل انقلابا فكريا على رفض مبدأ التفويض السياسي لتمرير مخططات المستعمر.
2)    النموذج المصري: تمثلت ذروته في التفويض الشعبي الذي طلبه الفريق السيسي بعد الانقلاب على الدكتور مرسي، حيث خطب طالبا تفويض الشعب لقمع الشعب، مما يمثل استخفافا صارخا بالشعوب. ويعتبر هذا النموذج تجسيدا واضحا لاستخدام مبدأ التفويض السياسي في الحفاظ على الهيمنة الأمريكية التي لم تتمكن "نصف الثورة المصرية" من خلعها، لأنها انشغلت بمبدأ التمثيل أكثر من انشغالها بمبدأ التغيير.
3)    النموذج الأفغاني: تمكنت أمريكا من استحضار الإرث الثقافي الأفغاني، واستدعت مجلس اللويا جيركا من التاريخ الأفغاني بعدما غزت أفغانستان لترسيخ أقدامها على  الأرض، وهو نموذج من نماذج التمثيل السياسي القديمة، وقد صادق قبل أيام على اتفاقية أمنية أمريكية، تمكن أمريكا عبره من توفير الغطاء السياسي للحفاظ على تواجدها ونفوذها العسكري في أفغانستان، مما يتصادم بشكل سافر مع أي تطلع بسيط للتحرر من الهيمنة الاستعمارية. ومع أن المجلس الأفغاني مستند إلى خلفية إسلامية، إلا أنه تجاوز الأحكام الشرعية القاطعة في حرمة تمكين المستعمرين من احتلال بلاد المسلمين (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)، بل ناقض تاريخ الأمة وثقافتها وأقّر بقاء قوات احتلال فوق أراضي المسلمين.
4)    النموذج السوري: تمثل بداية في تشكيل المجلس الوطني السوري مع بدايات الثورة لمحاصرتها ضمن النظرة الغربية في الإصلاح الترقيعي على أساس النظرة العلمانية، ولإلقاء الثورة في حضن الاستعمار، ثم حصل تنازع بين القوى الاستعمارية على الاختراق والنفوذ، وتم تشكيل الائتلاف الوطني السوري من اجل تمثيل الثورة عموما. ومن الواضح للمتابع السياسي أن غالبية المجريات السياسية في الفنادق الدولية هي حول تأهيل هذا الائتلاف الوطني لتمثيل الثورة في مؤتمر جنيف 2 من أجل تمرير الحل السياسي الذي تفرضه أمريكا، بحيث تُبقي على نفوذها في سوريا تحت غطاء الثورة ومن يمثلها.
إن القاسم المشترك في كل هذه النماذج أنها تجتمع على مصلحة واحدة وهي الالتفاف على ما يحتل عقول الناس وما يجتاح قلوبها من تطلعات التحرر الحقيقية، إلى مسارات تضليلية، تمكّن المستعمر (الأمريكي على وجه الخصوص) من الإبقاء على حضوره الفعلي عبر التواجد العسكري أو الأمني على الأرض، أو من خلال حضوره السياسي الفاعل عبر العملاء. ولا يكون دور هذه المجالس التمثيلية إلا التمثيل على الناس بأنها تحمل نزعاتهم التحررية بينما هي في الحقيقة تسير حسب الرؤى الأمريكية إلى أبعد حد.
وفي هذا السياق، لا بد من التمييز بين التأثير السياسي للأحزاب السياسية، وبين التنافس السياسي على التمثيل خلال مراحل التحرر:  إذ إن الأحزاب التي تستهدف التغيير في الأمة تعمل على أن تكسب عقول وقلوب الناس على فكرة التحرر من الهيمنة، وهي لا تحتاج إلى تمثيل سياسي (رسمي)، لأن مبدأ التمثيل لا يحتاجه في الغالب إلا المفاوض مع قوى الاستعمار ومن أجل توقيع اتفاقيات سياسية. أما قوى التغيير الحية والمخلصة فإنها تجمع الناس ليلتفوا حول مشروعها التغييري بل يحملوه، ولا تسعى معهم لمجرد كسب أصواتهم للتمثيل.
والخلاصة أن الأحزاب التحررية -إذ تخاطب الداخل- تعمل على تغيير وعي الناس ومن ثم تكوين رأي عام مؤيد لمشروعها، أما الفئة المرتزقة في حركات التحرر فهي تتنافس على مخاطبة ومغازلة "الخارج"، بينما تعمل على تضليل الناس عبر دعاوى التحرر، وهي تمثّل عليهم من أجل منع التحرر.
ولا شك أن البون شاسع بين من يخاطب الأمة من الداخل ويبنيها محذرا من التآمر الخارجي، وبين من يخاطب "الخارج" –عبر دعوى التمثيل- ليهدم الأمة من الداخل، ويمرر التآمر الخارجي.
*عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين
2013/11/30

خبر وتعليق: في مصر وفي غيرها: ما دور الجيش؟ وأين مكانه؟ وما كيفية التعامل معه؟

خبر وتعليق: في مصر وفي غيرها: ما دور الجيش؟ وأين مكانه؟ وما كيفية التعامل معه؟

الخبر: في 2013/11/26م قامت مجموعة من الناس في مصر بالتظاهر احتجاجا على قانون تنظيم التظاهر الذي يقيد حق التظاهر كما قامت مجموعة أخرى بالتظاهر احتجاجا على مادة تسمح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. فقامت قوات الأمن باستخدام خراطيم المياه والضرب بالهراوات لتفريق هذه المظاهرات واعتقلت العشرات منهم. وقد جمد عشرة أعضاء عضويتهم في لجنة الخمسين لوضع الدستور اعتراضا على هذه المادة. ويلاحظ أن هؤلاء سواء المتظاهرون أو الأعضاء في لجنة الخمسين هم من مؤيدي الانقلاب العسكري.

التعليق: إن كثيرا من الناس في مصر وفي غيرها لم يفهموا دور الجيش. فعندما قام الجيش وأزاح الطاغية حسني مبارك لما ثار الناس ضده، بدأ الجيش يحكم البلد، فأيده الناس من دون أن يدركوا دور الجيش. فكان الأحرى بهم أن يبعدوا الجيش من أول يوم فيقوم الناس في ميدان التحرير ويعلنوا تأييدهم لحاكم يحكمهم بكتاب الله وسنة رسوله غير سامحين للجيش أن يتسلط على الدولة كما حصل عندما تسلط على حكومة سامي شرف ومن بعده. فيجب أن يكون الحاكم قويا ومعه دستور إسلامي معدٌ من قبل ومدعوما من جماهير الأمة، وأن يبايع هذا الحاكم على الخلافة من قبل هذه الجماهير.
ولكن الذي حصل ليس كذلك فبعدما جرت انتخابات الرئاسة العام الماضي وانتخب مرسي رئيسا ظن الناس أن حكم العسكر سينتهي ولكنهم فوجئوا بأن العسكر هم الذين يحكمون ومرسي حاكم هزيل وضع نفسه تحت رحمتهم، لأنه حاكم ضعيف ولا يحمل مشروعا جديدا يمثل تطلعات الشعب من دستور إسلامي إلى برامج سياسية إسلامية تعالج كافة النواحي، وقد ركن هذا الحاكم إلى الجيش وإلى أمريكا. فتظاهر الناس، وبدؤوا يهتفون يسقط يسقط حكم العسكر، وجماعة مرسي أي الإخوان لم يؤيدوا هذه المظاهرات، بل كانوا ضدها. ووضع مرسي وجماعته ومن اشترك معه دستور 2012 حسب توصيات أمريكا والجيش، وإذا به شبيه بدستور عام 1971 الذي كانت من وراء وضعه أمريكا أيضا مع بعض التنقيحات، وهو دستور أنور السادات ومن بعده حسني مبارك اللذين حكما البلد بالحديد والنار مظهرين التبعية لأمريكا وسائرين في سياسة التصالح مع العدو مغتصب أرض المسلمين فلسطين. فتظاهر الناس ضد الدستور، واشتدت المظاهرات عندما عجز مرسي عن أن يعالج الأمور ويحل المشاكل إلى أن قامت احتجاجات عارمة في 30 حزيران/يونيو الماضي مدعومة من الجيش، ليقوم الجيش بانقلاب بعد ثلاثة أيام أي في 2013/7/3م ويسقط مرسي وجماعته حسب الاتفاق الذي جرى بين الجيش وأمريكا. فأيد متظاهرو 30 يونيو الانقلاب العسكري. واليوم يقف الجيش من وراء الستار ليضع الدستور الجديد، وشكل لجنة من مؤيديه سميت لجنة الخمسين ليقال أنهم وضعوا الدستور الذي يعد حسب مقياس الجيش والذي سوف لا يخرج مختلفا عن دستور 1971. فمن أيد الجيش أمس اعترض عليه اليوم، ومن اعترض عليه أمس أيده اليوم، ومن ثم يحدث العكس، وهكذا يعيش الناس في دوامة تأييد الجيش والاعتراض عليه لعدم إدراكهم دور الجيش ومكانه وكيفية التعامل معه وإبعاده إلى ثكناته.
فمما يجب أن يدركه الناس في مصر وغيرها أن الجيش يجب ألا يحكم البلد ولا يتدخل في شؤون الحكم ولا يضع دستورا ولا يتدخل في وضع الدستور وألا يؤيده الناس لحظة واحدة في هذا التدخل، فإن ساعدهم في إزاحة الحاكم الظالم الذي لا يحكم بما أنزل الله فيجب أن لا يمكنوه من أن يتدخل في الحكم، ويجب أن يقولوا له بارك الله فيك ارجع إلى ثكناتك نحن نتدبر أمرنا ونختار حاكمنا بأنفسنا ونضع دستورنا من عقيدتنا، وأن مهمتك هي حماية البلد والجهاد في سبيل الله ومكانك على الثغور مواجها للعدو ومستعدا لتحرير بلاد المسلمين المحتلة وخاصة فلسطين. فالجيش يجب أن يكون تحت إمرة خليفة المسلمين الذي هو قائد الجيش الفعلي كما كان قدوة المسلمين رسول الله رئيسا للدولة وقائدا فعليا للجيش، وكذلك الخلفاء الراشدون الأربع، حيث كانوا قادة الجيش الفعليين ولم يكونوا تحت رحمة حكم العسكر. وأن الذي يضع الدستور يجب أن يكون مجتهدا أو عالما وفقيها ومفكرا سياسيا مستنبطا مواده كلها مما يعتقده الشعب من مصادر التشريع التي يؤمن بها هذا الشعب وهي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وما أرشدا إليه من إجماع صحابة وقياس شرعي حتى يكون هناك حكم مستقر في البلد ينهض بها ويعالج كافة مشاكل الناس أفضل معالجة غير خاضع لحكم العسكر ولا تابعًا لأمريكا أو لغيرها من دول الاستعمار الغربي.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور
28 من محرم 1435
الموافق 2013/12/01م

خبر وتعليق: تونس بين الأمس واليوم

خبر وتعليق: تونس بين الأمس واليوم

الخبر: تعيش تونس منذ الساعات الأولى لصباح الأربعاء 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 حالة من الاحتقان، فولايات قابس وقفصة وسليانة في إضراب عام احتجاجا على استثنائهم من المشاريع التنموية التي أقرتها الحكومة مؤخرا، والتي تضمنت قرار إنشاء ثلاث كليات طب في كل من ولايات سيدي بوزيد والكاف ومدنين.

التعليق: إنّ المطّلع على أعمال الحكومة والميزانية المقررة لسنة 2014 وأزمة الموارد التي تعيشها البلاد ليتملكه الاستغراب حقيقة من قرار إنشاء كليات طب تتجاوز كلفة الكلية الواحدة نحو 22 مليون دينار، ولا يملك تفسيرا لذلك سوى أنّ الحكومة أرادت من ذلك القرار كسب ود المناطق المقرر إنشاء الكليات فيها وأنها تبيع الكلام والأوهام، خاصة عند معرفة أن كليات الطب يُفترض وجودها بالتوازي مع مستشفيات جامعية غير موجودة هناك ولا يمكن إيجادها بطبيعة الحال، وأن عدد العاطلين عن العمل في مجال الطب يقدر بنحو 1600 عاطل.
إنّ تصاعد وتيرة الاحتجاجات في المناطق الداخلية يعيد إلى الأذهان صورة الوضع في تونس إبّان الثورة، وهو ما يجرنا إلى التساؤل ماذا تغير بين الأمس واليوم؟؟ فهذه المناطق عاشت جميعها عقودا من التهميش والإقصاء وغياب الرعاية، وهذا الأمر قد تواصل بعد الثورة.
إنّ رعاية الشؤون تقتضي إرادة؛ تقتضي أفعالا لا أقوالا؛ تقتضي تصرفا بالمتاح وبالمقدّرات من المواد الخام وهذا هو السبيل الوحيد ليشتدّ عود الدولة وتقوى على القيام بأعبائها. ولكن الواقع المعاش وأعمال الحكومة في تونس يؤكد كل لحظة أن هؤلاء الذين في الحكم بعيدون كل البعد عن هذا، وأنهم دمى سلّموا رقابهم لمؤسسات الاستعمار الاقتصادي لتنتزع منهم الإرادة والسيادة، بل ولتفتك بكل ثروات البلاد دون رقيب ولا حسيب.
فهل من الممكن لمن رهن نفسه بالقروض بشروط مجحفة أن ينهض والشروط تقتضي الركوع والانبطاح؟؟
أمِنَ الممكن لمن وارداته تقتصر على الجباية والتداين أن يقوم بالمشاريع التنموية التي تغير الحال؟؟
لا والله؛ لن يتغير الحال وسيبقى على ما هو عليه؛ ولعله يسوء أكثر؛ ما لم تمارس السياسة على أساس «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، وما لم تُقطع الأيادي الناهبة لثرواتنا فتنشأ إرادة تفعّل سيادةً تباشر استغلال المقدرات؛ فتدفع عجلة الصناعة والزراعة بل وكل القطاعات؛ حينها يشتد العود وتقوى الشوكة ونصير دولة قادرة على رعاية شؤون رعاياها في أي مكان لا كيانات يصح تسميتها جمهوريات الموز.
 كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أنس - تونس
 28 من محرم 1435
الموافق 2013/12/01م

خبر وتعليق: تغريب الإسلام في ألمانيا

خبر وتعليق: تغريب الإسلام في ألمانيا

الخبر: زار الرئيس الألماني يواخيم جاوك مركز الدراسات الإسلامية في جامعة مونستر في الثامن والعشرين من تشرين ثان/نوفمبر 2013، وأشاد جاوك خلال الزيارة بالدور المهم الذي يلعبه المركز كواحد من أربعة مراكز تتلقى دعما من الحكومة الألمانية، وبخطوة تدريس العلوم الدينية الإسلامية في الجامعات الألمانية كطريقة لتعزيز التفاهم واصفا إياها بـ "الفصل المهم في التاريخ الحديث".
وتطرق جاوك بشكل غير مباشر لتحفظات روابط إسلامية أخرى على المحتوى التعليمي للمركز وقال: "نحن هنا بصدد علم جديد على الجامعات الألمانية. كلنا في مرحلة التجربة والجميع يعرف أن الأمور لا تسير كلها بشكل مثالي في مراحل التجربة".
وعن أهداف عمل مركزه يقول مدير المركز الدكتور مهند خورشيد: "يقدم مركزنا عملا استثنائيا إذ لا يوجد نظير له يقدم هذا التدريب المهني على مستوى أوروبا كلها". ويرفض المركز التفسيرات المتشددة أو الأصولية للقرآن والنصوص الدينية.

التعليق: زيارة رئيس جمهورية ألمانيا لمركز العلوم الإسلامية في مدينة مونستر هي محاولة جديدة فاشلة لاسترضاء المسلمين في ألمانيا بإظهار الاحترام المزيف، وهي في الدرجة الأولى دعم لأشخاص معروفين بتبنيهم لأفكار غربية غريبة عن الإسلام، وهذا ما صرح به الدكتور مهند خورشيد مدير المركز في قوله "جاءت زيارة الرئيس الألماني بمثابة دعم له كما يرى"، ووصف الزيارة بأنها "إشارة قوية على التقدير". (دويتشه فيله)
وليس الأمر غريبًا إذا علمنا أن خورشيد هذا يضع الإسلام برمته موضع شك وتساؤل بأسلوب الفلاسفة العلمانيين، ويدل على ذلك ما عبر عنه في مقابلة صحفية حيث قال: "ومن خلال تدريس الدين الإسلامي في جامعة مونستر، نسعى للوصول إلى معادلة نظرية نعيد من خلالها النظر في التراث الإسلامي، ونطرح أسئلة حول الثوابت في الدين الإسلامي: العقيدة، الإيمان بوحدانية الله".
يسعى الغرب من خلال هذه المراكز إلى زرع الأفكار الفاسدة التي يسميها معتدلة في عقول أبناء الجالية الإسلامية عن طريق مدرسين معتمدين من الدولة من خريجي هذه المراكز المشبوهة، ويريد من خلال هذه الأفكار إذابة الهوية الإسلامية وتمييع الشخصية الإسلامية، وصهرها في المجتمع الغربي الرافض للديانات بشكل عام وللدين الإسلامي بشكل خاص. فحين يشكك الباحث في وجود الخالق عز وجل لمجرد الشك، ويجعل أبحاث الإيمان أبحاثا فلسفية مفرغة لا تلتصق بوجهة النظر عن الحياة ولا يعتبرها أسلوبًا للعيش، يصبح حالها كحال العلمانية التي جعلت الإيمان مسألة شخصية خاصة لا تؤثر في المجتمع ولا في السياسة.
مثل هذه المراكز وهذه الأفكار هي حصيلة مكر الغرب في القضاء على الإسلام كمحرك وموجَِّه للمسلم في حياته سواء من الناحية الاجتماعية أو المالية أو السياسية، بعد أن فشل في صهر الجالية الإسلامية في المجتمع بفكره أو طريقة عيشه، كما حصل من انصهار الشعوب بعد الفتوحات في بوتقة الإسلام وصاروا رعايا في الدولة الإسلامية متساوين في الحقوق والواجبات.
وهذا في حقيقته هو إعلان صريح عن فشل النظام الرأسمالي بديمقراطيته وعلمانيته وطريقة عيشه التي عجزت عن ربط الإنسان بالإنسان على غير أساس المصلحة المتقلبة والخاضعة للأهواء، مما يجعل الإنسان دائم القلق في المجتمع وشديد الريبة في النظام.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سيف الحق / أبو فراس
28 من محرم 1435
الموافق 2013/12/01م