Sunday, June 28, 2015

خبر وتعليق: الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية الأوروبية: "إن الإسلام هو أوروبا، وأوروبا هي الإسلام"

خبر وتعليق: الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية الأوروبية: "إن الإسلام هو أوروبا، وأوروبا هي الإسلام"

الخبر: قالت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني: "إن للإسلام مكانه الطبيعي في المجتمع الأوروبي والدليل على ذلك تأثيره الواضح على أسلوب حياتنا. إن الإسلام هو أوروبا، وأوروبا هي الإسلام".
ذكرت ذلك يوم 2015/6/24 في مؤتمر نظم في بروكسل حول الإسلام وأوروبا حيث أضافت: "إن الإسلام أصبح يشكل أحد أبرز ملامح حاضر ومستقبل الأوروبيين وهو بالتالي حقيقة واضحة يجب ألا نخاف من قولها أمام الملأ، رغم أن كثيرين لا يريدون سماعها".

التعليق: إن الأوروبيين أصبحوا يدركون أن عداوة الإسلام وتجاهله والعمل على تشويهه والاستخفاف بأهله لم يعد يجدي نفعا لهم، فالمسلمون قد فرضوا أنفسهم على أوروبا، وأصبحت أعدادهم كبيرة وفعالياتهم كثيرة ومشاركاتهم واضحة ومتعددة في كافة المجالات. وولدت أجيال جديدة متمسكة بإسلامها أكثر من الآباء الوافدين قبل أكثر من خمسة عقود، وحازت على حق التابعية، فاستقرت في أوروبا، وأصبحت أوروبية وتحصى من أهل أوروبا، فكان لا بد من الاعتراف بهم والتوجه نحوهم في سياسة احتواء جديدة تريد أن تتبعها أوروبا واعتبارهم واعتبار دينهم جزءا من المجتمع في أوروبا. ولذلك ذكرت الممثلة الأوروبية بأن "تأثير الإسلام أصبح واضحا على أسلوب حياتنا" أي حياة الأوروبيين. أي أنها تعترف بتأثير الإسلام على أوروبا وعلى أهلها، فهو مؤثر رغم أنه محارب من قبلهم، وليس له دولة تدافع عنه وتحمله لهم. وقد رأوا دخول أعداد كبيرة من أهل أوروبا الأصليين في الإسلام وتمسكهم به وحملهم لدعوته وتحمسهم للعمل له، بل التضحية من أجله بأغلى ما يملكون.
لقد اتبعت الدول الأوروبية سياسة الدمج شبه القسري التي كانت تعتمد على جعل المسلمين يقبلون بالحضارة والثقافة الغربية، فحاربت ثقافتهم وحضارتهم وقبحتها، فرأت أن ذلك انقلب عليها بمردود عكسي رأت فيه هذه الدول اتجاها نحو التطرف والعنف والمقاومة وليس الخضوع والاستسلام. فلم تنجح في سياسة الدمج أو التذويب فأصبحت تتجه حاليا نحو الاعتراف بالإسلام والمسلمين بأنهم جزء من أوروبا لتحتويهم، أي تعترف بدينهم وبثقافتهم وحضارتهم حتى يقبلوا بأن أوروبا هي بلدهم ويجب عليهم أن يحافظوا عليها ويعملوا لها، وأن الدول القائمة هي دولهم يجب ألا يخرجوا عليها، وأن يطيعوها ويشاركوا في أجهزتها ومؤسساتها وفي أحزابها، فيصبح منهم الوزير والمدير العام ورئيس الحزب وعضو البرلمان، فهم كأي شخص أوروبي لا يختلف عن غيره من الرعايا رغم أنه مسلم ملتزم بدينه في عبادته وسلوكه ولكن يطبق الأنظمة الغربية كأي أوروبي أي يقبل بالعلمانية على شاكلة أردوغان الذي قال إن الدولة يجب أن تكون علمانية والفرد يكون مسلما وأنا فرد مسلم، أي أن الفرد يكون مسلما كالنصراني واليهودي والبوذي والهندوسي يلتزم بعقيدته وبعبادته وسلوكه الشخصي حسب دينه ولكنه يحافظ على النظام العلماني ويلتزم به ويشارك فيه ويطبقه ولا يسعى لهدمه وتغييره. ولذلك رفعت الممثلة الأوروبية العليا السقف إلى أعلى حد عندما قالت "إن الإسلام هو أوروبا وأوروبا هي الإسلام".
ولذلك قالت في هذا المؤتمر الذي شارك فيه ساسة وبرلمانيون أوروبيون وشخصيات سياسية وأكاديمية وممثلون عن المجتمع الأوروبي ومسؤولون عن المجموعات الإسلامية وأئمة مساجد: "إن التعددية هي مستقبل الاتحاد الأوروبي وإن الإسلام يعتبر أحد روافد الهوية الأوروبية". فترى الممثلة الأوروبية أن الإسلام أصبح يشكل حاضر ومستقبل أوروبا، فكان لا بد من قبوله كمكون أصلي وطبيعي في أوروبا حتى تجعل المسلمين يقبلون بالدول الأوروبية على أنها دولهم فيعملوا على المحافظة عليها وعلى أنظمتها العلمانية والانخراط فيها وتطبيقها مع بقائهم مسلمين ملتزمين بالدين في النواحي الفردية. وهي سياسية تدرك ما تقول لأنها تدرك الواقع والحكم عليه من خلال ما شاهدت من حقائق وما وصلها من تقارير، وهي أكاديمية درست الإسلام نظريا وحصلت على شهادة دكتوراة سنة 1994 حول الإسلام السياسي في إحدى جامعات فرنسا.
وقد رأت الممثلة الأوروبية أن أعدادا كبيرة منهم وخاصة من الذين دخلوا الإسلام من الأوروبيين تتحمس كثيرا للإسلام وتريد أن تعمل له، حتى إن أعدادا من الشباب المتحمس يريدون أن يقاتلوا في سبيل الإسلام في أي مكان، فاعتبرتها أنها تتجه نحو العنف والتطرف. وقد فسرت "انضمام الشباب إلى تنظيم الدولة الإسلامية الذي اعتبرته أكبر عدو للإسلام وقد بات الإسلام ضحية له" قائلة: "انضمام الشباب للتنظيم بهاجس البحث عن مكان لهم في النسيج الاجتماعي من خلال برامج تربوية وتعليمية"، لأن الدول الأوروبية همشت المسلمين وعملت على عزلهم وهي تحاربهم حتى يتخلوا عن دينهم ويندمجوا في المجتمع فنتج العكس، وحملت هذه الدول المسؤولية عن ذلك فقالت إن "ضعف الخطاب السياسي يمكن أن يكون هو الآخر مسؤولا عن هذه النتائج السلبية" ودعت إلى "التفكير في مستقبل شعوبنا بطريقة تشاركية تضع في الحسبان الطبيعة التعددية لمجتمعاتنا الأوروبية". أي تريد أن تجعل المسلمين يشاركون في الحياة السياسية كمكون اجتماعي كباقي المكونات الأوروبية الأخرى.
ومن هنا يجب على المسلمين أن ينتبهوا لما يحاك ضدهم خلال سياسة الاحتواء تلك. فعليهم أن يعيشوا عيشا طبيعيا في أوروبا ويلتزموا بالعقود والعهود التي توافق الإسلام وينخرطوا في الحياة اليومية ويقوموا بالأعمال اليومية ملتزمين بإسلامهم، دون أن ينخرطوا في النظام العلماني أو يشاركوا فيه كوزراء أو برلمانيين أو رؤساء أحزاب فإن ذلك لا يجوز لهم شرعا، وكذلك الدخول في الأحزاب العلمانية الديمقراطية والتصويت لها لا يجوز شرعا. فعليهم أن يلتزموا بالإسلام ويحملوا دعوته بين أهل أوروبا بالفكر وأن يكونوا مثالا للمسلم الحق في سلوكهم وتصرفاتهم ليحببوا الأوروبيين بالإسلام.
ويذكر أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كانت قد ذكرت في منتصف شهر كانون الثاني/يناير الماضي أنها تؤيد مقولة الرئيس الألماني السابق كريستيان فولف بأن "الإسلام جزء من ألمانيا" وذلك بعد حادثة شارلي إيبدو حيث سارت في مسيرة في برلين. وتخلت عن مقولتها القائلة "لا للتعددية الثقافية، بل ثقافة أوروبية واحدة" وبدأت ألمانيا تعمل على سياسة الاحتواء تلك.
ومن جانب آخر فإن هذا دليل على فشل القيادة الفكرية في الرأسمالية فلم تستطع أن توقف زحف الإسلام وانتشاره وتأثيره على الناس رغم أن دولها كبرى ولديها إمكانيات هائلة وسخرتها في حربها على الإسلام والمسلمين، ولكنها باءت بالفشل، كما أن ذلك دليل على نجاح القيادة الفكرية في الإسلام حيث تؤثر في الإنسان وتصهره في بوتقة المبدأ الإسلامي، فكيف إذا صارت لهذا المبدأ دولته التي تشكل مثالا حيا لتطبيق الإسلام في الواقع وإحقاق الحق وإقامة العدل بين الناس، فإن أهل أوروبا بإذن الله سيدخلون في دين الله أفواجا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور
11 من رمــضان 1436
الموافق 2015/06/28م

No comments:

Post a Comment