Wednesday, May 29, 2019

انتهاك حرمات الأمة تحت مظلة تعايش الأديان!

انتهاك حرمات الأمة تحت مظلة تعايش الأديان!

الخبر: احتضنت تونس وبالتحديد جزيرة جربة يومي الأربعاء والخميس 22 و23 أيار/مايو 2019 فعاليات زيارة الغريبة أو كما هو معروف لدى عامة الشعب التونسي "حجة اليهود" وذلك بحضور كل من رئيس الحكومة ووزراء السياحة والثقافة والشؤون الدينية والسفير الأمريكي بتونس وعدد من الشخصيات السياسية والثقافية والدينية من تونس وخارجها.
وقد تضمن برنامج التظاهرة الدينية عقد الملتقى الدولي حول التعايش السلمي بين الأديان في تونس إضافة إلى إقامة مائدة إفطار بمشاركة زوار الغريبة من مختلف الجنسيات والأديان.
التعليق:
وفي هذا الإطار نستعرض بعض التصريحات لمسئولي الحكومة التونسية:
أكد يوسف الشاهد أن التعايش السلمي بين الديانات والتسامح الذي انبنى عليه المجتمع في تونس جعل من تونس تجربة فريدة من نوعها في العالم العربي الإسلامي.
وقال أيضا تونس أرض تسامح وتعايش ودستور 2014 ينص على احترام حرية الضمير والمعتقد وهذا ما يجب أن يعرفه العالم عنا من خلال زيارة الغريبة.
كما اعتبر وزير السياحة روني الطرابلسي أن تزامن هذه التظاهرة الدينية مع شهر رمضان يمثل رسالة قوية للعالم تبرز قدرة تونس على التعايش السلمي بين مختلف الديانات...
حقيقة هذا ما يجب أن يعرفه العالم عامة والأمة الإسلامية خاصة من خلال تصريحات هؤلاء المسئولين، حقيقة عمالتهم، حقيقة انبطاحهم وانسلاخهم عن دينهم، حقيقة انتهاكهم لحرمات الأمة واستهزائهم بمقدساتها وبمشاعرها الإسلامية إرضاء لأرباب نعمتهم.
هؤلاء هم مسئولو هذا البلد الطيب تراهم في الموعد ليقدموا فروض الطاعة لأسيادهم ويبرهنوا على ولائهم وخدمتهم لهم، أما في المقابل عند رعاية شؤون أبناء شعبهم تراهم يتملصون من المسؤولية وتنقطع أصواتهم وتختفي وجوههم.
إن فكرة التعايش بين الأديان شأنها شأن فكرة قبول الآخر ما هي إلا أسلوب يعتمده الغرب للقضاء على الإسلام والمسلمين...
فقد جاء الغرب بهذه الفكرة بعد قيامه بدراسة شاملة لمعرفة سبب قوة المسلمين أدرك من خلالها أنه لا سبيل للتغلب عليهم بالحرب العسكرية لأن تمسك المسلمين بدينهم جعلهم أعزاء أقوياء، جعلهم أمام رفعته والعمل على نشره يبذلون الغالي والنفيس. فكان الحل بالنسبة إليه الحرب الفكرية، والأدهى والأمرّ أن ممن تتلمذ على أياديه من العملاء وأدعياء العلم ساروا سيره لكسب وده ورضاه أما من قال غير قوله وتصدى له فينعتونه كذبا وبهتانا بأنه يرفض التعايش مع اليهودي والنصراني وغيرها من الأقاويل، والهدف أن يميلوا الكفة إلى صفهم ويقنعوا العامة بقناعاتهم ويجعلوا من الإسلام دينا شأنه شأن بقية الديانات، وحتى يضمنوا تثبيت فكرة حوار الأديان جعلوا البرامج التعليمية من الابتدائي إلى الثانوي إلى الدراسات الجامعية كلها تركز تركيزا كبيرا على هذا الموضوع.
جيء بهذه الفكرة للعالم الإسلامي لضرب الفكرة الحقيقية لدى المسلمين، الفكرة العقائدية ومنها الدعوة إلى اعتناق الإسلام، فكيف يستوي أهل الجنة وأهل النار؟! كيف يريدون تحقيق مساواة حكم الله باستحالتها؟! يقول عز وجل: ﴿لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾، ويقول أيضا: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
مسمى تعايش الأديان أكذوبة وأكذوبة ضخمة بحجم حقدهم على الإسلام وبحجم العبث المراد لتشويه الحقائق. الأديان بإدارة الدول التي تفصل السياسة والحياة عن الأديان كيف تهتم أنظمتها بالأديان بعد أن أبعدتها عن واقع الحياة؟ إن الأمر الذي عمدوا إليه مدروس وله غايات خبيثة هم لا يستطيعون أن ينكروا دخول مقاتلين من كيان يهود القادمين من الأراضي المحتلة في جواز سفرهم جندي يهودي، هؤلاء الذين يأتون بدعوى حوار وتعايش الأديان يحرمون المسلمين من عباداتهم في الأقصى، ولا يخفى على أحد ما يعانيه المسلمون في القدس من تنكيل وضرب وقتل وحرمان من أولى القبلتين.
حقيقة أن الإسلام هو دين الرحمة والتسامح لكن ليس دين الاستكانة والخنوع، ليس دين المذلة لمعتنقيه كما يريده الغرب وأعوانه، لا بل هو دين العزة ودين الحق لجميع البشر.
لقد تعايش المسلمون مع اليهود والنصارى لكن من هم هؤلاء اليهود والنصارى؟ إنهم أهل الكتاب الذين عاشوا في رعاية الدولة الإسلامية وتحت حمايتها وعرفوا بالمصطلح الشرعي أهل الذمة، عاشوا بنظام الإسلام وفي حمايته فتلمسوا عدله مما ساهم في دخول الكثير ين منهم فيه، فكان تطبيق الإسلام على أهل الذمة أسلوبا من أساليب حمل الدعوة. فالمسلمون عبر التاريخ ضربوا للعالم أقوى مثل في مفهوم التعايش فكانوا بذلك أسياد الدنيا بشهادة من عايشهم من اليهود والنصارى. ألم ينصف عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهودية مع الوالي في مصر عمرو بن العاص لما أراد أن يشتري منها بيتها لتوسيع المسجد مقابل ما تطلبه من ثمن ولما رفضت وشكته إلى الخليفة عمر أمره أن يعيد لها بيتها كما كان وقال قولته الشهيرة "متى استعبدتم الناس وقد ولدهم أمهاتهم أحرارا"؟ وقصة درع سيدنا علي رضي الله عنه لما خاصمه اليهودي فيه مدعيا أنه درعه وإنصاف القاضي شريح لليهودي جعله يقتنع بعدل الإسلام فكيف ينصف القاضي المسلم اليهودي على خصمه المسلم وأي خصم أمير المؤمنين فأسلم اليهودي واعترف أن الدرع لعلي وما كان من علي إلا أن وهبه إياه وقد سر بإسلامه، ورسول الله قال: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
هكذا أراد الله عز وجل هذا التعايش، تعايش كرامة وعزة لا تعايش مهانة ومذلة.
وهذه بعض الشهادات من التاريخ تبرز فيها حقيقة التعايش بين المسلمين وأهل الذمة.
ينقل الخربوطلي عن المستشرق دوزي في كتابه "نظرات في تاريخ الإسلام" قوله: "إنّ تسامح ومعاملة المسلمين الطيبة لأهل الذمة أدى إلى إقبالهم على الإسلام وأنهم رأوا فيه اليسر والبساطة مما لم يألفوه في دياناتهم السابقة".
تقول المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه: "العرب لم يفرضوا على الشعوب المغلوبة الدخول في الإسلام، فالمسيحيون والزرادشتية واليهود الذين لاقوا قبل الإسلام أبشع أمثلة للتعصب الديني وأفظعها، سُمح لهم جميعاً دون أي عائق يمنعهم بممارسة شعائر دينهم، وترك المسلمون لهم بيوت عبادتهم وأديرتهم وكهنتهم وأحبارهم دون أن يمسوهم بأدنى أذى، أوليس هذا منتهى التسامح؟ أين روى التاريخ مثل تلك الأعمال؟ ومتى؟".
يقول غوستاف لوبون في كتابه "حضارة العرب": "إنّ القوة لم تكن عاملاً في انتشار القرآن، فقد ترك العرب المغلوبين أحراراً في أديانهم. فإذا حدث أن انتحلت بعض الشعوب النصرانية الإسلام واتخذت العربية لغة لها، فذلك لما كان يتصف به العرب الغالبون من ضروب العدل الذي لم يكن للناس عهد بمثله، ولما كان عليه الإسلام من السهولة التي لم تعرفها الأديان الأخرى".
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذة سناء الجلالي
   25 من رمــضان المبارك 1440هـ   الموافق   الخميس, 30 أيار/مايو 2019مـ

No comments:

Post a Comment