Saturday, August 31, 2019

الفاسدون يحاسَبون ولا يُنتخبون

الفاسدون يحاسَبون ولا يُنتخبون

الخبر: في سابقة هي الأولى من نوعها في تونس، قد يجد المرشح للانتخابات الرئاسية، رئيس حزب "قلب تونس" نبيل القروي، والذي صدر بحقه أخيراً قرار بالسجن، نفسه مجبراً على خوض الانتخابات المقررة في 15 أيلول/سبتمبر المقبل من وراء القضبان، طالما لم يصدر حكم قضائي باتّ ضده. وأعلنت وزارة الداخلية التونسية، مساء أوّل من أمس الجمعة، توقيف القروي وشقيقه غازي، وإيداعهما السجن، تنفيذاً لأمر قضائي صادر بحقهما، على خلفية دعوى تتهمهما بالتهرّب الضريبي وتبييض الأموال. وكانت النيابة العامة قد أعلنت، في 8 تموز/يوليو الماضي، تجميد أموال القروي وشقيقه ومنعهما من السفر، في إجراء احترازي بعد توجيه اتهامات لهما بـ"غسل أموال".
وأثار قرار توقيف القروي جدلاً واسعاً في تونس، بين مرحّب به ورافض له. ولكنّ هذا القرار يطرح العديد من التساؤلات، خصوصاً أنه يأتي في توقيت حساس ويتزامن مع حملة انتخابية لمرشحي الانتخابات الرئاسية التي ستنطلق في 2 أيلول/سبتمبر.
التعليق:
تبييض الأموال والتهرب الضريبي ليست هي كل القضايا التي يجب أن يُساءل عليها القروي، الذي أثبتت تسريبات أخيرة أنه قد يفعل كل الدناءة في سبيل تحقيق أهدافه، ولا ننسى أنه صاحب القناة التي طبلت وهللت لبن علي ثم كانت أداة لترويج الميوعة والعهر دون خطوط حمراء بلغت تمرير فلم يجسد الذات الإلهية كان قد أحدث ضجة وامتعاضا شعبيا كبيرا في سنة 2011.
وإن كانت سياقات إيقافه قد تكون ذات علاقة بالسباق نحو غنيمة الحكم في إطار التنافس عبر الأساليب القذرة والسعي وراء حبائل الدعم الأجنبي ولوبيات المال القذرة، فإنها لا يمكن أن تنفي وجوب محاسبة الفاسدين لا جعله محل انتخاب وأخذ أصوات شريحة من الناس باستثمار مآسيهم وفقرهم وقلة وعيهم.
ولكن السؤال الحقيقي ليس هو لماذا أوقف اليوم، بل لماذا استغرق توقيفه كل ذلك الوقت؟ لماذا نجد في قائمة المترشحين فاسدين معلومين، منهم من فرط في ثروات البلاد وزاد في جعلها مرتهنة للاستعمار، ومنهم من كان من المطبلين لنظام بن علي الإجرامي؟!
إن الحياة السياسية في تونس أصبحت من سيئ إلى أسوأ واستفحلت فيها كل مظاهر الفساد، فقد غيم عليها تدخل السفارات الوقح، وظهرت فيها بشكل معلن حرب اللوبيات التي وصلت إلى حد الاغتيالات وتحريك الإرهاب واستثماره رغم محاولات جهات عدة إظهارها وكأنها نموذج ناجح في المنطقة العربية والأفريقية لعدم وجود انقلابات عسكرية أو أي مظاهر للفوضى العارمة، حقيقتها أنهم لم يقدروا عليها في ظل وعي شعبي برهن في عديد من المناسبات أن الانقلاب على الثورة والعودة إلى الوراء أمر غير سهل في تونس رغم محاولات التحريف والتوجيه المتواصلة ورغم استثمار القوى الاستعمارية للظروف المعيشية القاسية التي فرضها على الناس بالاستناد إلى جمهرة من السياسيين الضعفاء والعملاء، ولكن في كل مرة قد تعود الأمور إلى نقطة الصفر التي تضعها الشعوب وتعيد البوصلة إلى اتجاهها الحقيقي.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. محمد ياسين صميدة
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس
  2 من محرم 1441هـ   الموافق   الأحد, 01 أيلول/سبتمبر 2019مـ

No comments:

Post a Comment