Wednesday, July 27, 2016

جريدة الراية: ماذا وراء موافقة الاتحاد الإفريقي على إرسال قوة عسكرية إلى جنوب السودان؟

جريدة الراية: ماذا وراء موافقة الاتحاد الإفريقي على إرسال قوة عسكرية إلى جنوب السودان؟

2016-07-27
انعقدت في العاصمة الرواندية كيجالي قمة الاتحاد الإفريقي السابعة والعشرون، يومي الأحد والاثنين 17-18 تموز/يوليو 2016م في ظل مخاوف من تجدد النزاع في دولة جنوب السودان، وقد كانت هذه القضية - أي الصراع في جنوب السودان - هي من أبرز القضايا التي ناقشتها القمة، حيث أعلن رؤساء الاتحاد الإفريقي رسمياً عن تشجيعهم لقرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ومجلس وزراء دول الإيقاد، في ختام القمة في كيجالي، بإرسال قوة إقليمية لدولة جنوب السودان. ويأتي هذا القرار على خلفية المواجهات المسلحة بين قوات الرئيس سلفاكير ميارديت، ونائبه الأول رياك مشار، والتي أدت إلى مقتل المئات في العاصمة جوبا، ونزوح مئات الآلاف إلى دول الجوار وبخاصة شمال السودان، ومن المنتظر أن يرسل الاتحاد الإفريقي قوات من كينيا، وإثيوبيا، ورواندا، وأوغندا، والسودان، إلى دولة جنوب السودان، وذلك لتعزيز قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والتي يبلغ عددها أكثر من (12) ألف جندي.
وقد سبق الأمين العام للأمم المتحدة بالحديث عن هذه القوة أمام قمة استثنائية للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد) في شرق إفريقيا، والتي انعقدت في كيجالي، منتقداً قادة جنوب السودان بقوله: "إن شعب جنوب السودان خانه قادته أنفسهم، وهذا أمر لا يمكننا السماح به"، مضيفاً: "حان الوقت لتحرك حاسم وجماعي". وقد رفضت جوبا قرار الرؤساء؛ إرسال قوات عسكرية إلى جنوب السودان، وأعلن وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم حكومة جنوب السودان عدم استعداد الحكومة لاستقبال جندي واحد في بلاده، وذلك في تصريح لبرنامج (بي بي سي فوكس). كما تظاهر يوم الأربعاء الماضي نحو ألف شخص للتنديد بالقرار، رافعين شعارات تنتقد الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، وتشدد على سيادة دولة الجنوب، وهذا الرفض من قبل الحكومة في جوبا هو نوع من ذر الرماد في العيون، لأن وجود هذه القوات يصب في مصلحتها، حيث إن جميع هذه الدول التي سترسل القوات هي دول تتبع لأمريكا، وتأتمر بأمرها، تماماً كما هي حال حكومة جنوب السودان، فأمريكا تريد حماية النظام في جنوب السودان، بإرسال هذه القوات من دول تابعة لها، وحتى تخرج الأمر بسيناريو يجعل الطرف الآخر يقبل بهذه القوات أوعزت إلى جوبا لرفض إرسال قوات دولية إلى جنوب السودان.
وفي هذا السياق قام برينستون ليمان المبعوث الأسبق للسودان وجنوب السودان، وكيت الميكوست، مديرة مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية، بتقديم مقترح لوضع جنوب السودان تحت إدارة تنفيذية مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لإدارة البلاد إلى حين إيجاد مؤسسات سياسية فاعلة، بعد استبعاد سلفاكير ونائبه من الفترة الانتقالية.
في هذا الظرف الحرج والمشحون بين الطرفين المتصارعين في جنوب السودان يمهل رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت خصمه، ونائبه الأول رياك مشار مدة (48) ساعة للعودة إلى جوبا لمزاولة أعماله الرسمية لتنفيذ اتفاق السلام المبرم بينهما في آب/أغسطس 2015م، وبحسب الأمر الرئاسي الذي تلاه وزير مكتب سلفاكير (مييك أيي)، فإنه في حال عدم التزام رياك بالأمر سيتم اتخاذ المزيد من الخطوات في مواجهته، دون توضيح ماهية هذه التدابير. وفي رده على هذه الخطوة سخر جيمس قديت، المتحدث باسم رياك مشار من الأمر الصادر من سلفاكير، وقال في تصريح للجزيرة نت: "إن مشار لن يستجيب لهذه التخبطات الصادرة من سلفاكير"، ووصف هذا الإجراء بأنه محاولة تؤكد على عدم جدية الرئيس في تنفيذ اتفاق السلام المبرم بين الطرفين.
يقول محللون إن سلفاكير ينوي تعيين تعبان دينق - أبرز قادة الحركة الشعبية ووزير المعادن، والموجود حالياً في جوبا - في منصب النائب الأول، وهي خطوة يرى المراقبون أنها ستزيد الأوضاع سخونة في جنوب السودان، ولكننا نرى أن مثل هذه الخطوة هي نوع من الضغط على مشار حتى يعود إلى جوبا، ويصبح تحت جناح سلفاكير كما تخطط أمريكا، خاصة وأن تعبان دينق محسوب على مجموعة مشار، وتم تعييه وزيراً للمعادن وفق الاتفاق بين الطرفين، رغم الخلافات بينهما - أي بين دينق، ومشار الذي فصل دينق مؤخراً، فاستغل سلفاكير هذا الخلاف ليضغط به على رياك مشار.
الجميع يعلم أن الجنوب ليس فيه مقومات دولة، وأمريكا التي سعت للانفصال ورعته، تعلم أن شمال السودان هو الرئة التي يتنفس بها جنوب السودان، وأن لا وجود مستقلاً لجنوب السودان بمعزل عن الشمال، ولذلك فإننا نرى أن الصراع الذي يدور في دولة جنوب السودان، لن يتوقف إلا ليبدأ من جديد، وقد ظهر جلياً لكل متابع لقضية جنوب السودان، أن الانفصال لم يكن حلاً لقضية الجنوب؛ التي هي في الأصل سوء رعاية بدرجة أعلى مما في شمال السودان، وأن الحل الجذري للمشكلة في الجنوب هو عودته جزءاً من السودان كما كان قبل الانفصال، ولكن في ظل دولة مبدئية تقوم على الرعاية، وليس الجباية، تقوم على الانعتاق من ربقة الكافر المستعمر، لا على التبعية والارتهان للغرب، دولة تجمع بلاد المسلمين في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة تنشر الخير والعدل والسلام الحقيقي، وليس سلام الحروب المفروض من الاستعمار وأذنابه، ولمثل هذا فليعمل المخلصون من أبناء السودان شمالاً وجنوباً.
بقلم: إبراهيم عثمان – أبو خليل
 الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان

No comments:

Post a Comment