Tuesday, July 26, 2016

الحديث الشريف: الصالحون وأعمالهم

الحديث الشريف: الصالحون وأعمالهم

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: "دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ، فَوَجَدْتُ حَرَّهُ بَيْنَ يَدَيَّ فَوْقَ اللِّحَافِ"، فَقُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَشَدَّهَا عَلَيْكَ، قَالَ: «إِنَّا كَذَلِكَ يُضَعَّفُ لَنَا الْبَلاَءُ، وَيُضَعَّفُ لَنَا الأَجْرُ». قُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَءً؟" قَالَ: «الأَنْبِيَاءُ». قُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمّ مَنْ؟" قَالَ: «ثُمَّ الصَّالِحُونَ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلاَّ الْعَبَاءَةَ يُحَوِّيهَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلاَءِ كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِالرَّخَاءِ».  سنن ابن ماجه.
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام محمد بن عبد الله، أما بعد,
إن هذا الحديث الشريف، يخبرنا بأمر قد غفل عنه الناس، حتى المخلصون الصادقون. إن الله تعالى قد أرسل لنا الرسل وخصّهم بأن جعلهم المختارين من بين الناس كلهم، من أجل نقل أعظم الكلام، كلام الخالق، وشريعته، وهم المسؤولون أمامه على نقل الرسالة قولًا وعملًا، وهذا يجعلهم الأكثر اختبارًا وبلاءً، ليس لتقصيرٍ أو ذنبٍ –حاشاهم-، كلا، بل لأنهم هم الأكثر معرفة بالله تعالى، والأكثر إدراكًا لقدرته، وعلى هذا يُبتلون. فالله سبحانه وتعالى يبتلي المرء على حسب قربه منه وتقواه. والله عز وجل العدل، حرّم على نفسه الظلم، فلا يكلف النفس أكثر من قدرتها، ويجعل الامتحان على قدر القدرة، فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أكثرنا تحملًا، وأكثرنا قدرة على الصبر على البلاء، لهذا ابتُلي بأشد البلاء وأصعبه، فاستحق نبوته، وأن يكون قدوة لنا في التعامل مع البلاء الذي يقع علينا. فكما أن الله يرسل علينا البلاء ويختبرنا، أرسل لنا رسولًا من أنفسنا، بشر مثلنا، يجسد لنا كيف نتعامل مع البلاء.
لقد أخبرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأن من يأتي بعده في شدة البلاء، هم الأكثر قربًا من الله تعالى، الذين يلتزمون أوامر الله سبحانه وتعالى ويجتنبون نواهيه. وقد وصفهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالصالحين، الذين صلُح دينهم، واستقاموا على الإيمان، فهؤلاء يمتحنون بشتى أنواع الزينة لهذه الدنيا، من المال والولد... هؤلاء الصالحون لو ابتلي أحدهم مثلًا بنقص من المال فلا يجد ما يستره ولا يسكت معدته، يصبر ويحتمل ويحسب، وليس هذا فحسب، بل يزيده البلاء إيمانًا، وتصبح مفاهيمه أرقى، وترتفع نفسه وتزهد، وتتنزه عن سفاسف الأمور. وهنا يدركون أن الله يحبهم، ويريد لهم حسن ثواب الآخرة، جزاءً على صبرهم وصلاح دينهم، فيفرحون بما آتاهم الله، ويسعدون بما جزاهم في الآخرة.
فالله نسأل أن نكون منهم، وأن يسدد أعمالنا، فتصبح الدنيا أهون علينا من أي شيء، وتصبح الآخرة مبلغ همنا.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبة للإذاعة: د. ماهر صالح
22 من شوال 1437هـ   الموافق   الأربعاء, 27 تموز/يوليو 2016مـ

No comments:

Post a Comment