Wednesday, February 24, 2021

جريدة الراية: أقوال العلماء القدامى والمعاصرين في وجوب الخلافة وإقامة الدين

 جريدة الراية: أقوال العلماء القدامى والمعاصرين في وجوب الخلافة وإقامة الدين

 

  12 من رجب 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 24 شباط/فبراير 2021مـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله على آله وصحبه ومن والاه

قال الجاحظ والبلخي (الكعبي) وأبو الحسين الخياط والحسن البصري: تجب الإمامة عقلاً وشرعاً، وأورد أصحاب هذه النظرية عدة براهين شرعية وعقلية وضرورات وظيفية.

البرهان الشرعي، وهو الإجماع:

أجمع الصحابة والتابعون على وجوب الإمامة، إذ بادر الصحابة فور وفاة النبي وقبل تجهيزه وتشييعه إلى عقد اجتماع في سقيفة بني ساعدة، وبعد تشاور كبار المهاجرين والأنصار بايعوا أبا بكر الصديق رضي الله عنه قياساً على تقديم الرسول له لإمامة الناس في الصلاة أثناء مرضه الشريف، وأقر المسلمون هذه البيعة في المسجد في اليوم التالي، مما ينبئ أنهم مجمعون على ضرورة وجود إمام أو خليفة.

قال الإيجي في المواقف وشارحه الجرجاني: "إنه تواتر إجماع المسلمين في الصدر الأول، بعد وفاة النبي على امتناع خلو الوقت من إمام، حتى قال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته المشهورة، حين وفاته عليه الصلاة والسلام: ألا إن محمداً قد مات، ولا بد لهذا الدين ممن يقوم به، فبادر الكل إلى قبوله، وتركوا له أهم الأشياء، وهو دفن رسول الله ، ولم يزل الناس على ذلك، في كل عصر إلى زماننا هذا، من نصب إمام متبع في كل عصر". وواضح من قول العلماء أن الإجماع منصب على ضرورة وجود الحاكم. والإجماع حجة قطعية يقينية على وجوب الإمامة بعد الرسول وفي كل عصر، إذ لا يصلح الناس فوضى لا قادة ولا رؤساء لهم في كل زمان، ويؤكد هذا الإجماع أو يعد مستنداً له إشارات في القرآن والحديث.

قال الماوردي: جاء الشرع بتفويض الأمور إلى ولي في الدين، قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ ففرض علينا طاعة أولي الأمر فينا، وهم الأئمة المتأمّرون علينا.

وروى هشام بن عروة عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «سَيَلِيكُمْ بَعْدِي وُلَاةٌ، فَيَلِيَكُمُ الْبَرُّ بِبِرِّهِ، وَالْفَاجِرُ بِفُجُورِهِ، فَاسْمَعُوا لَهُمْ وَأَطِيعُوا فِي كُلِّ مَا وَافَقَ الْحَقَّ، وَصَلَّوْا وَرَاءَهُمْ، فَإِنْ أَحْسَنُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ». والآيات التي تأمر المسلمين بالحكم بما أنزل الله كثيرة منها قوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ﴾.

وقد مارس النبي عليه الصلاة والسلام سلطات سياسية لا تصدر من غير قائد دولة، كإقامة الحدود وعقد المعاهدات وتعبئة الجيوش وتعيين الولاة وفصل الخصومات بين الناس في الشؤون المالية والجنائية ونحوها.

البرهان العقلي، وهو توفير النظام ودرء الفوضى:

إن الاجتماع والتمدن طبيعي في البشر، وكل اجتماع يؤدي إلى التنازع والتزاحم والاختلاف بسبب حب الذات والحرص على المصالح الذاتية، وتحقيق أكبر قدر من المصالح الشخصية، والتنازع يفضي غالباً إلى الخصام والصراع والهرج والفوضى المؤذنة بهلاك البشر وانقراض النوع الإنساني إذا لم تنظم الحقوق وتحدد الواجبات ويفرض النظام، ويقوم الوازع الرادع، ويتم ذلك بالسلطان، ولا يتم بغيره.

قال الماوردي: "تجب الإمامة عند طائفة عقلاً لما في طباع العقلاء من التسليم لزعيم يمنعهم من التظالم، ويفصل بينهم في التنازع والتخاصم، ولولا الولاة لكانوا فوضى مهملين، وهمجاً مضاعين".

وقال الأفوه الأودي وهو شاعر جاهلي: "لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم *** ولا سراة إذا جهالهم سادوا". وهذا يعني أن ضرورات الحياة والحفاظ على حقوق الإنسان تقتضي وجوب الإمامة أو السلطة.

برهان الوظيفة:

إن قيام الإنسان بوظيفته بكونه خليفة الدنيا في الأرض وحامل الأمانة، وهي: (الفروض والتكاليف الدينية)، يتوقف على وجود السلطة السياسية التي تمكنه من أداء وظيفته على نحو أكمل. وهذه الواجبات لا تتحقق إلا في ظل وجود دولة، سواء أكانت عبادات محضة كالصلوات والحج والعمرة، أم شعائر عامة كالأذان والجمعة والأعياد، أم معاملات مجتمعية كالعقود بأنواعها، أم تكاليف جماعية كالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة المجتمع الفاضل والتعاون في سبيل الخير، وقمع الشر، ومحاربة الأهواء. ولا تظهر فائدة هذه السلطة السياسية إلا في سياج منيع من القوة المانعة والسطوة الرادعة التي تلازم وجود الدولة.

قال النسفي: "والمسلمون لا بد لهم من إمام يقوم بتنفيذ أحكامهم، وإقامة حدودهم، وسد ثغورهم، وتجهيز جيوشهم، وأخذ صدقاتهم، وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق، وإقامة الجمع والأعياد، وقطع المنازعات الواقعة بين العباد، وقبول الشهادات القائمة على الحقوق، وتزويج الصغار والصغيرات الذين لا أولياء لهم، وقسمة الغنائم، ونحو ذلك من الأمور المتطلبة لوجود الحاكم".

وقال الإيجي في المواقف: "إن في نصب الإمام دفع ضرر مظنون، وإن دفع هذا الضرر واجب شرعاً. وبيان ذلك أننا نعلم علماً يقارب الضرورة أن مقصود الشارع، فيما شرع من المعاملات، والمناكحات، والجهاد، والحدود والمقاصات، وإظهار شعائر الشرع في الأعياد والجماعات، إنما هو مصالح عائدة إلى الخلق معاشاً ومعاداً، وذلك المقصود لا يتم إلا بإمام يكون من قبل الشارع يرجعون إليه فيما تعين لهم".

إن مهمة الدولة في الإسلام حراسة شؤون الدين والدنيا، وتحقيق السعادة للبشر في الحياة الدنيا والآخرة، فلا بد من السعي الفوري لإيجادها.

إن تلازم وجود الدولة مع دعوة الإسلام ودين الإسلام أمر لا يمكن فصله في مفهوم إنسان، منذ أن قامت دولة المدينة باعتبارها أول نواة لوجود الدولة بالمعنى الحديث.

فيا أيها العلماء الأفاضل: ماذا تريدون أكثر من ذلك حتى تؤازروا الحزب الوحيد العامل لإقامة سلطان المسلمين وهو دولة الخلافة في البلاد الإسلامية اليوم، وهو حزب التحرير، بل والانضمام إليه، وحمل رسالته إلى الأمة، والتأكيد أننا أمة واحدة ومن الواجب علينا أن نتحد تحت الخلافة الراشدة؟

ومن نافلة القول، أن نذكركم بالأجر العظيم الذي يناله العاملون المتأخرون، والذي يفوق أجر العاملين المتقدمين من الصحابة الكرام. أخرج الترمذي عن أبي ثعلبة أن النبي قال: «إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّاماً، الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ»، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَزَادَنِي غَيْرُ عُتْبَةَ: «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟! قَالَ: بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ». ونحن نعيش هذه الأيام التي أخبرنا عنها رسول الله ، فأروا الله من أنفسكم خيرا، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.

وأخيرا نقول لكم: نعم إن عملكم مع الحزب يضفي زخما كبيرا وتأثيرا عظيما في العمل الدعوي لإقامة الخلافة، ولكننا نذكركم بأن النصر بيد الله وحده حصرا وقصرا، فمن عمل أُجر ونُصر، ومن تقاعس أثم، وتكفي مائة عام عجاف مرت على المسلمين بهدم دولتهم في معصية الله وغضبه، وقد آن الأوان لإقامتها كي نبدأ السنوات السمان في طاعة الله ومرضاته.

بقلم: الشيخ عصام عميرة (أبو عبد الله) – بيت المقدس

جريدة الراية: دعوة مفتوحة صادقة لكل الشباب المسلم

 جريدة الراية: دعوة مفتوحة صادقة لكل الشباب المسلم

 

  12 من رجب 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 24 شباط/فبراير 2021مـ

رغم بؤس الأنظمة القائمة في البلاد الإسلامية مقبرة الطاقات، ورغم ادعاءاتها بأنها إنما تراهن على الشباب اتقاء لوعيه وصحوه لا إيمانا عميقا به، إذ لو كان كذلك كما يدعي الحكام لما كان الشباب بين حريق وغريق، قُتل فيه الانتماء لبلده حتى بالمعنى السطحي للانتماء، حيث لم توفر له الأنظمة إلا كل بؤس وفراغ وضياع، فأصبح الشباب فارّاً من بلده راكبا البحر حاملا معه أحلاما جعلتها تلك الأنظمة كوابيس وهي في الإسلام العزيز أدنى درجات الحقوق.

رغم كل ذلك تجد الإبداعات والاختراعات، حيث يُخرج الشباب من بين فرث ودم هذه الدول الوظيفية والكيانات الهزيلة توليدات وتوليفات وتفريعات وإلهامات يتسابق عليها وعليهم الدول الكبرى لتقطف ثمرات عقولهم التي نالت منها أنظمة الفشل والعجز والتيئيس والخزي والعار، هذه الدول الكسولة الجبانة التي تعتبر كل وعي يخلق إشكالا وكل ثروة تخلق استعمارا، وكل إبداع هو إفراط في التفكير قد يعاقب عليه القانون، هذه الدول التي لا تمتلك رؤية وليس لها أفق، لا استراتيجيات تجاري يومها بيوم كفاقد البصر يتلمس الطريق وهو الذي يضع يده على عينيه لا يروم تنحيتها.

بل منا نحن شباب الإسلام من عرضت عليه مبالغ خيالية مقابل التفريط في براءات اختراع فرفض إرادة منه ورغبة بأن يكون إبداعه على ذمّة مشروع أمة في سياق مشروع تحرّري يقطع مع التبعية والارتباط للأجنبي. نعم رغم كل هذا البؤس وفي هذا العالم الذي سنّ فضيحة الملكية الفكرية والذي احتكر سلم التقييمات والتعريفات ووضع المفاهيم، يبدع شباب الإسلام ويتألق فتفرط فيه الأنظمة ليضعوه بلا ثمن ضمن مشروع يعادي الأمة ودينها ومبدأها وقيمها وشبابها.

لقد سمحتم أيها الحكام العملاء الخونة بإبادة الشباب إبادة شاملة كاملة حتى يكونوا بين حريق وغريق أو في أيدي المخابرات العالمية تنفذ بهم مشروعاتها الاستعمارية مستغلة عاطفته وتحمسه للإسلام. كما أنكم قنّنتم الحياة السياسية بشكل لا يمارس فيها الشباب السياسة إلا في إطار فكري علماني منبتّ عن دينه وهويته بحيث يكون خصيما للمشروع الإسلامي بطبيعته يدري أو لا يدري، كما أنكم فتحتم للأنظمة الغربية مدارسكم يتجولون فيها الخيلاء ليقطفوا زهور الأمة كي يزدان بها ربيعهم ويعلو شأن شعوبهم ودولهم.

اعلموا أيها الحكام أنكم وقتٌ مستقطع في بث تجريبي رديء للغاية على قناة الأمة في انتظار البث الرسمي معتذرين لمشاهدينا على رداءة البث داعين إياهم لكتم صوته في انتظار نصر الأمة وعودتها سيرتها الأولى على سواعد شبابها شبابا على منهاج النبوة.

ها نحن الشباب اليوم نقود ثورة أبهرت الجميع وأربكت قوى الشر والاستكبار رغم مكرهم الكبّار. شباب فجّر قضايا أربكت العملاء وأخافت الجبناء وأرهقت الغرب ومؤسساته ومراكز دراساته فكان "الشعب يريد إسقاط النظام" فأصبح شعارا يتردّد في شوارع وول ستريت وكانت قضايا التصنيع والتحرر والسيادة والوحدة واسترداد الثروات لنوقظ الجميع من سبات فرضته أنظمة الخيانة والعمالة.

يا شباب الإسلام، أيها الجناح النابض المفعم بالأمل والطموح الشباب العنيد الذي لا يرضى إلا بمعالي الأمور وعليائها الذي سئم الرتابة والعمالة واستبلاه الأنظمة والحكام وتعاليهم وتقزيمهم، أنتم الآن أصحاب الشأن وأصحاب رسالة عظيمة وانتماء عظيم، فعليكم أن تضعوا إبداعاتكم الفكرية والسياسية والعلمية والعقدية والتقنية على ذمة المشروع الإسلامي المتحفّز الذي خذله الحكام العملاء ونأى عنه ونهى عنه الموالون للغرب الذين استصغروا أنفسهم واستعظموا الغرب.

أنتم تنتمون لمحمّد فهو فخركم وعزكم وقائدكم، فلا لينين ولا ستالين ولا جيفارا ولا ماوتسي تونغ ولا عبد الناصر ولا صدام ولا غيرهم هم قادتكم ولا مصدر إلهامكم.

إلى الشباب المنخرط في العمل السياسي، أدعوه إلى ضرورة مراجعة غايته المرجوة والآليات والوسائل والطرق المتبعة عبر حوار في العمق في الفكر والسياسة لا عقد ولا إحراج ولا إقصاء. بل بكل تحرر من كل رأي مسبق عن العمل السياسي على أساس الإسلام وأن لا يسمح لأي جهة ما أن تمارس عليه الوصاية الفكرية والإرهاب الفكري، أدعوه إلى حوار شامل وجاد في كيفية النهضة وعلى أي أساس، والتصورات والبرامج والحياة السياسية في الإسلام وكذلك نظرة عميقة في التاريخ؛ لنكون فعلا شبابا على منهاج النبوة نحمل الرسالة والأمانة.

إلى الشباب التائب الآيب إلى ربّه هربا من التيه وبحثا عن أمل قضت عليه الأنظمة الحاكمة قضاء مبرما: ارفضوا كل فكر يعتبر هؤلاء الحكام ولاة أمور وجبت طاعتهم، فذاك دجل وتدجين لكم لتكونوا سندا لظالم وحاكم باع البلد وأهله وثورته بحكمه بغير ما أنزل الله، لا تتبعوا خطوات الشيطان ولا خطوات الحكام.

ارفضوا كل فكر يدعوكم أن تكفّروا الأمة وتحملوا عليها السلاح، كل فكر يكفّر بالذنب كل فكر يهدر الدماء لتوظفه الدوائر الأجنبية والمخابرات المحلية والعالمية من أجل العبث بكم وتشويه ممارسة السياسة على أساس الإسلام، قال : «وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي بِسَيْفِهِ يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا لَا يُحَاشِي مُؤْمِناً لِإِيمَانِهِ وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ بِعَهْدِهِ فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي».

إلى الشباب الذي يؤمن أن التغيير يبدأ من داخل الأنظمة فهو كمن يقول فلنصلح ما تشقّق من جدران منزل سقفه سيهوي على الجميع، ومثله كمن يعلق إطارا فيه صورة الزهور والربيع ولكن داخل غرفة سجن فقط لتحسين ظروف العبودية، تعالوا إلى نقاش عميق واقعا وتاريخا وتجارب أخرى عن أناس حاولوا وجربوا، وكما قالت العرب "من جرب المجرب كان عقله المخرب"، فلتكن ورشات كالنحل تدرس تلك التجارب تستخلص منها العبر.

يا شباب الإسلام كونوا سياسيّين على أساس الإسلام العظيم تنظرون إلى العالم من زاوية فكر رسالي قائم على الوعي القائم على الوحي.

بقلم: الأستاذ أحمد بن حسين

جريدة الراية: الغرب والخلافة: هل يتمكن من منع إقامتها؟

 جريدة الراية: الغرب والخلافة: هل يتمكن من منع إقامتها؟

 

  12 من رجب 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 24 شباط/فبراير 2021مـ

إن للغرب تاريخاً مع الخلافة، فهو يدرك حقيقتها وخطرها عليه حسب نظرته، فقد وصلت إلى عقر داره، وأسقطت عاصمتهم الشرقية القسطنطينية وكادت أن تصل عاصمتهم الغربية روما، وهي على موعد معها، والخلافة وسقوط عاصمتي الغرب بشرى رسول الله ، ومبشراته كلها صادقة، لأنها وحي من الله.

فالغرب يعمل بكل قواه لمنع قيامها، فهو يعلم أنها إذا أقيمت فسيحرم من مناطق نفوذه واستعماره، وستعود تحمل إليهم الخير وهم عازفون عنه، إذ زُين لهم سوء أعمالهم فيرونها حسنة.

ولهذا فهو ينسج بكل ما تفتقت عنه عقليته الشريرة خططا وحيلا خبيثة لوأدها، فيخوض حروبا فكرية ودموية وسياسية واقتصادية ونفسية وإعلامية مع المسلمين. ومن شدة مكره فهو لا يشعرهم بأنه يخوض معهم هذه الحروب، يحارب دينهم ويمعن فيهم قتلا ويستولي على بلادهم وخيراتهم وهو يقول لهم إنه يحارب الإسلام السياسي والراديكاليين والمتطرفين والإرهابيين، وكأن هؤلاء بضعة أفراد ليسوا من المسلمين الذين يؤمنون جميعا بأن الإسلام نظام شامل للحياة، وأنه دين ومنه الدولة! وأطلق هذه الألفاظ بعدما سقط عدوه الاتحاد السوفيتي والشيوعية، وأعلن كما ورد على لسان وزير الدفاع الأمريكي السابق ديك تشيني في مؤتمر ميونخ للأمن العالمي عام 1992 أن عدو الغرب القادم هو الإسلام السياسي، وبدأ يرسم الخطط لكيفية القضاء على الإسلام كفكرة سياسية تقام عليها دولة والعاملين لها. فأصبحت محاربة عودة الإسلام إلى الحكم متجسدا في الخلافة حجر الزاوية في سياسته، بل أصبحت سياسة دولية تبنتها كل الدول عندما تبنت محاربة الإسلام. وما احتلال أفغانستان والعراق إلا جزء من هذه الحرب. ولهذا أعلنها رئيس أمريكا السابق بوش الابن حربا صليبية استباقية لمنع قيام الخلافة سماها مغالطة "إمبراطورية"، فقال يوم 2005/10/6 "عند سيطرة الأصوليين على دولة واحدة سيستقطب هذا جموع المسلمين ما يمكنهم من الإطاحة بجميع الأنظمة في المنطقة وإقامة إمبراطورية أصولية إسلامية من إسبانيا إلى إندونيسيا"، وقال رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير يوم 2005/7/16: "إننا نجابه حركة تسعى إلى إزالة دولة (إسرائيل)، وإلى إخراج الغرب من العالم الإسلامي وإلى إقامة دولة إسلامية واحدة تحكّم الشريعة الإسلامية في العالم الإسلامي عن طريق إقامة الخلافة لكل الأمة الإسلامية".

عندما هدم الغرب الخلافة أوجد عوائق كثيرة لمنع إقامتها من جديد؛ فنشر القومية والوطنية والاشتراكية والديمقراطية والعلمانية، وأنشأ أحزابا تدعو لهذه الأفكار الفاسدة بجانب الأنظمة العميلة التي أقيمت على هذه الأفكار، ومزق البلاد إلى دول تحرص على التمزيق أيما حرص باسم حماية الوطن! ووضع دساتيرها وقوانينها وبرامجها التعليمية والتثقيفية والإعلامية ونصب حكاما تابعين له، وجعلهم يبطشون في كل من يدعو للخلافة. وهو يستعد للتدخل في أية لحظة إذا رأى أن الأمور ستفلت من أيديهم.

فعندما قامت الثورات عام 2011 في البلاد العربية ضد عملائه هبّ يتآمر عليها بكل الأساليب حتى يحول دون سقوط الأنظمة التابعة له، ويحول دون إقامة الخلافة، فقال الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما يوم 2014/8/8 "لن نسمح لهم بإقامة خلافة بصورة ما في سوريا والعراق. ولكن لا يمكننا فعل ذلك إلا إذا علمنا أن لدينا شركاء على الأرض قادرين على ملء الفراغ" أي عملاء من أنظمة وتنظيمات. وقال وزير خارجية روسيا لافروف يوم 2019/10/3 "الهدف الروسي في سوريا كان محاربة المتطرفين الذين سعوا إلى خلق خلافة شبه دولة على مساحات واسعة من دول المنطقة بما يعنيه ذلك من كارثة على العالم".

وحال الغرب دون عودة الإسلام إلى الحكم بواسطة الانتخابات، فعندما نجحت الجبهة الإسلامية بالجزائر في الانتخابات عام 1992 جن جنون فرنسا فقال رئيسها حينئذ فرانسوا ميتران "لن نسمح بإقامة دولة إسلامية في الجزائر" وأوعز إلى عملاء فرنسا بالجيش الجزائري للقيام بانقلاب وشن حرباً دموية دامت عقدا ذهب ضحيتها نحو 200 ألف مسلم. وفرض الغرب على من يريد أن يدخل الانتخابات ألا يحمل معه مشروعا إسلاميا. ومع ذلك يراقب هؤلاء الإسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم بدون مشروع إسلامي ويعمل على إسقاطهم حتى يقال إن الإسلام فاشل كما حصل في مصر مع مرسي وجماعته، ومن بقي منهم في الحكم يسلخه من جلده نهائيا ويضطره لأن يعلن تخليه عن تطبيق الإسلام وأن مشروعه علماني كالغنوشي في تونس وأردوغان في تركيا وأتباعهما.

وأدرك مفكرون غربيون حقيقة الأمر، فقالوا "بضرورة التعايش مع الخلافة الإسلامية لأنه لا مناص من عودتها" "فرفضت أمريكا ذلك، وأوجدت جبهتين: عالمية وإقليمية تشمل الأنظمة في البلاد الإسلامية وأتباعها"، من هؤلاء المفكرين؛ الكاتب الأمريكي البارز جاي تولسون ويرى أن "الغرب أساء فهم فكرة الخلافة واعتبرها مفهوما غامضا مهددا له في حين إنها عميقة الجذور في الذاكرة الثقافية للعالم الإسلامي". ومنهم المحلل المشهور جون شيا فقد وجه رسالة لأوباما يوم 2010/1/11 طالبه "بفتح مصالحة مع الخلافة الخامسة التي لن تستطيع القوات الأمريكية الوقوف في وجهها أو مجابهتها، وقال: الحقيقة الجلية هي أنه لا يستطيع أي جيش في العالم ولا أي قوة عسكرية مهما بلغت درجة تسلحها أن تهزم فكرة عقائدية، يجب أن نقر بأننا لا نستطيع أن نحرق قادة هذه الفكرة في كل بلاد الشرق الأوسط ولا أن نحرق كتبها أو ننشر أسرارها، ذلك لأن هناك إجماعا بين المسلمين على هذه الفكرة، إن الشرق الأوسط يواجه اليوم القوة الاقتصادية الموحدة للدول الأوروبية، هذا صحيح، لكن علينا أن نعرف أنه في الغد سيواجه الغرب القوة الموحدة لدولة الخلافة الخامسة".

وقال البروفيسور تسيفي سفر المحاضر في العديد من الجامعات الأمريكية واليهودية يوم 2018/1/26 "في غضون عقد من الزمان ستتوقف أمريكا عن لعب أي دور خارجي، وذلك لأول مرة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية مما يفسح المجال أمام بروز الإمبراطورية الإسلامية" (ويقصد الخلافة) وجزم بأن "الإسلاميين هم من سيتولى حسم مصير العالم خلال عشرات السنين القادمة ويقررون ما يدور فيه".

إن الخلافة لقائمة بإذن الله ولو كره الكافرون، لأنها وعد من الله باستخلاف المؤمنين العاملين للصالحات العازمين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فلم يتنازلوا ولم يهادنوا ولم يبدلوا، كحزب التحرير، ووعدهم بالتمكين وبالأمن. وهي بشرى رسول الله «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».

بقلم: الأستاذ أسعد منصور

جريدة الراية: السلطان عبد الحميد الثاني في ذكرى مرور أكثر من مئة عام على وفاته

 جريدة الراية: السلطان عبد الحميد الثاني في ذكرى مرور أكثر من مئة عام على وفاته

 

  12 من رجب 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 24 شباط/فبراير 2021مـ

في مثل هذه الأيام وفي العاشر من شباط لسنة 1918م؛ كانت وفاة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني رحمه الله. وإذا ذكر السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله ذكرت ثلاثة أمور مهمة؛ أولاها: المحافظة على وحدة الخلافة، وأحكام الإسلام؛ والدفاع عنها مقابل الهجمة الغربية لعلمنة الدولة، وإدخال القوانين الغربية، والثاني: منع اليهود من الهجرة والسكنى، وشراء الأرض داخل فلسطين، والثالث: التصدي لمحاولات الحركة الصهيونية؛ لشراء جزء من أرض فلسطين لإقامة وطن لليهود عليها. ففي سنة 1896 شكل هرتزل زعيم الحركة الصهيونية وفدا رفيع المستوى إلى السلطان عبد الحميد؛ في إسلامبول، وطلب الوفد برئاسة السفير النمساوي نيولنسكي من السلطان بيع أو استئجار قطعة أرض على مقربة من القدس؛ مقابل سداد الديون المستحقة على الدولة بسبب الحرب. فكان رد السلطان شرعياً وقوياً تجاه هذه المحاولات الخبيثة؛ حيث قال لهم: "لا أستطيع أن أتخلّى عن شبرٍ واحد من أرض فلسطين، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، ولقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض، ورواها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مُزّقت دولة الخلافة يوما؛ فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حي؛ فإن عمل المبضع في بدني، لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة؛ وهذا أمر لا يكون، إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة".

وعندما فشلت الجهود الصهيونية قام ثيودور هرتزل سنة 1897 بدعوة اليهود في جميع أنحاء العالم إلى الاجتماع في مدينة بال السويسرية؛ لمناقشة قضية الوطن اليهودي، وفي نهاية المؤتمر اتفق المجتمعون على ضرورة جعل فلسطين (الوطن اليهودي الخالد والأبدي)، ومن أجل تحقيق هذا الهدف اتخذ المؤتمر بعض القرارات مثل:

1- تشكيل المنظمة اليهودية العالمية بقيادة ثيودور هرتزل لتجميع اليهود في جميع أنحاء العالم. 2- تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين. 3- اتخاذ السبل وجميع التدابير اللازمة للحصول على تأييد دول العالم للهدف اليهودي وتبنيه. 4- تشكل الجهاز التنفيذي "الوكالة اليهودية" لمتابعة تنفيذ قرارات المؤتمر.

حاول هرتسل محاولات عدة بعد ذلك لأخذ جزء من فلسطين عن طريق الإغراءات والوفود والوساطة، فأصدر السلطان عبد الحميد فرماناً أو القانون المسمى (الإرادة الثانية) الذي صدر عام 1883؛ والذي نص على جعل 80% من أراضي فلسطين أراضي وقف تابعة للدولة و20% فقط منها أرض ملك خاص.

وهكذا فإن السلطان عبد الحميد الثاني ظل ينافح ويكافح عن ثرى فلسطين الطهور؛ طوال حياته حتى آخر محاولات هرتزل سنة 1902 عندما التقاه شخصيا في مقر الخلافة، ورفض أي عرض من عروضه.

لقد ظلت فلسطين تنعم بإسلاميتها في ظل الخلافة، ولم يطمع أو يطمح يهود بالحصول على شبر واحد منها بطريق رسمي؛ أي عن طريق البيع من الدولة، أو الاستئجار، أو عن طريق معاهدة دولية تجيز لهم الهجرة إليها. فما الذي حصل بعد الخلافة؟!

1- بعد هدم الخلافة سنة 1924م استطاع الكفار تنفيذ ما خططوا له من قبل؛ في تمكين يهود من السيطرة على فلسطين المباركة. فبموجب معاهدة سايكس بيكو التآمرية سيطرت بريطانيا على فلسطين تحت مسمى (الانتداب البريطاني) من 1920- 1948؛ عن طريق عصبة الأمم المتحدة. وفي ظل هذا الانتداب قامت بريطانيا بمساعدة اليهود للهجرة إلى فلسطين، ثم تهجير أهلها سنة 1948 ثم إقامة كيان يهود، ثم اعترفت معظم دول العالم بهذه الدولة؛ رغم مخالفتها للقانون الدولي.

2- وبعد هدم الخلافة كذلك سيطر يهود على ما تبقى من أرض فلسطين سنة 67؛ بما فيها المسجد الأقصى المبارك، وعاثوا فيها فسادا وإفسادا؛ بكافة أشكاله وألوانه وصوره. سواء أكان ذلك على المسلمين فيها، أم على ثراها الطاهر، أم على المقدسات والمساجد بما فيها المسجد الأقصى المبارك والمسجد الإبراهيمي.

3- قامت الدول الكافرة على رأسها أمريكا والاتحاد الأوروبي وروسيا؛ بترويض الحكام للاعتراف بالقرارات الدولية المزورة الكاذبة وجعلها شرعية، ثم ترويضهم لتوقيع معاهدات اعتراف وتطبيع وسلام مع هذا الكيان المغتصب. وما زالت عمليات التطبيع مستمرة.

4- قام الكفار بمحاولات عديدة عن طريق الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لفصل القضية الفلسطينية عن بُعدها العقائدي؛ أي بجعلها قضية قومية للفلسطينيين وحدهم، وليست قضية إسلامية؛ وذلك ليسهل تمرير الخيانات والاعترافات بكيان يهود.

5- السعي اليوم عن طريق التطبيع لجعل يهود أسياد المنطقة استراتيجيا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا؛ وذلك ضمن ما يسمى بصفقة القرن والشرق الأوسط الكبير.

هذا ما فعله الكفار، وما زالوا يفعلونه بحق فلسطين بعد هدم الخلافة وسلخها عن محيطها الإسلامي. فهل ينجح الكفار بترسيخ وتنفيذ هذه المخططات الشريرة بحق فلسطين وأهلها؟!

وللإجابة على هذا السؤال نقول: فلسطين وقعت أكثر من مرة تحت الاحتلال، ثم عملت الأمة على إنقاذها من منطلق عقائدي، وليس قوميا أو وطنيا. حيث جاءها آل زنكي الأتراك، وصلاح الدين الأيوبي الكردي، وحرروها من براثن الصليبيين بعد 91 عاما من تدنيسها واغتصابها، ثم وقعت تحت سطوة المغول وجاءها المماليك من مصر كذلك وحرروها مرة ثانية.

وسوف تبقى فلسطين مرتبطة برابطها العقائدي الوثيق؛ لا يغيره خيانة الحكام، ولا القرارات الدولية، ولا سلام كاذب، ولا تطبيع مهين، حتى تتمكن الأمة مرة أخرى من تحريرها من يهود. فقد أخبر الحق تعالى أن هذه الأمة هي أمة الخير حتى تقوم الساعة. وأخبر رسوله كذلك بأن الأمة ستبقى قائمة على أمر دينها؛ لا تلين ولا تنحني أبدا للكفار، قال تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. وقال عليه الصلاة والسلام: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ»؛ أخرجه الطبراني، وقال الهيثمي رجاله ثقات. وقال كذلك: «مثَلُ أُمَّتي مثَلُ المطَرِ؛ لا يُدْرَى أوَّلُه خيرٌ أمْ آخِرُه» رواه الترمذي وحسنه.

فنسأله تعالى أن يبعث لهذه الأمة - ونحن في الذكرى المئوية لهدم الخلافة - رجالا أمثال نور الدين زنكي، وصلاح الدين، والظاهر بيبرس فيحرروا المسجد الأقصى المبارك، ويعيدوا للأمة عزتها ومكانتها وكرامتها؛ في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة.

بقلم: الأستاذ حمد طبيب – بيت المقدس

جريدة الراية: عندما تصل أمتنا إلى القاع لا تموت بل تضع الأساس لتعيد بناء الخلافة الراشدة

 جريدة الراية: عندما تصل أمتنا إلى القاع لا تموت بل تضع الأساس لتعيد بناء الخلافة الراشدة

 

  12 من رجب 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 24 شباط/فبراير 2021مـ

في جولة من جولات الصراع بين الحق والباطل، استعلى الباطل؛ الغرب الكافر المستعمر، وهدم الخلافة بمعاونة خونة العرب والترك في 28 رجب 1342هـ الموافق 3 آذار/مارس 1924م، وبذلك أفرغت حياة المسلمين من أنظمة الإسلام فانقطعت الحياة الإسلامية التي وضع أسسها وشاد بنيانها الحبيب محمد ، ففقدت الأمة وحدتها وتفرقت على أسس قومية وعرقية ومذهبية ووطنية.

إن الغرب الكافر يدرك أن الخلافة هي حجر الزاوية في عيش المسلمين عيشاً إسلامياً لأنها الطريقة الشرعية للحكم بما أنزل الله وهو القائل سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾؛ لذلك فإن هدم الخلافة كان نجاحاً باهراً للغرب الكافر المستعمر الذي كان يشفي حقده أن يهدم بعض أحكام الإسلام فإذا به بمعاونة خونة المسلمين يهدم الخلافة والتي بهدمها هدم جل أحكام الإسلام من حياة أمة الإسلام، وهو ما عبر عنه وزير خارجية بريطانيا اللورد كرزون عندما واجه اعتراضاً في مجلس العموم البريطاني على اعتراف بريطانيا باستقلال تركيا الذي يمكن أن يشكل خطراً على الغرب فأجاب قائلاً: "لقد قضينا على تركيا التي لن تقوم لها قائمة بعد اليوم، لأننا قضينا على قوتها المتمثلة في أمرين: الإسلام والخلافة".

لقد كان هدم الخلافة أعظم مصيبة حلت على الإنسانية جمعاء فبهدمها غاب الإسلام، وغابت القيم الإنسانية والروحية والخلقية، ونصرة المستضعفين، والقصاص من الظالمين، وبغيابها تحكم في العالم المبدأ الرأسمالي فأشاع الفاحشة ونشر الظلم وضبط الحياة على قيمة واحدة هي القيمة المادية، فأصبحت الحياة ساحة للصراع على كل شيء؛ حتى قطعة الخبز وشربة الماء وجرعة الدواء!

في وسط هذا الظلام الدامس انطلقت دفعات من الضوء تبدد الظلمات وتشيع في النفوس الأمل، مصدرها حزب التحرير الذي ولد ولادة طبيعية من رحم خير أمة أخرجت للناس، فكان مولوداً معافى ومبرأ من كل عيب، فبدأت الحيوية تدب في الأمة وبدأت تتلمس طريقها نحو النهضة.

إن حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله جعل هدفه استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وهو يسعى لقيادة الأمة نحو هذا الهدف. وهو يعلم ماهية القيادة ومتطلباتها، ولما كانت الأمة لا تنقاد لجاهل ولا لجبان، تميز حزب التحرير وشبابه بالوعي الكامل وبالشجاعة المطلقة والاستعداد للتضحية يحكمهم سلم القيم الوارد في الآية: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.

عندما كانت الأحزاب الوطنية والقومية وبعض الحركات الإسلامية والتي خرجت إلى الحياة من رحم السفارات الغربية تتسول المعالجات غرباً وشرقاً، وعى حزب التحرير ومنذ منتصف القرن الماضي على أن الإسلام نظام للحياة وفصّل في ثقافته التي يدرسها شبابه في الحلقات على أنظمة الإسلام وهي التي يسعى لصياغة المجتمع على أساسها.

لقد قطع حزب التحرير منذ نشأته سنة 1953م وحتى يومنا هذا، وبتوفيق الله سبحانه، شوطاً بعيداً في توعية الأمة على الإسلام بوصفه نظاماً للحياة، وعلى الخلافة بوصفها نظام الحكم في الإسلام، وعلى البيعة بوصفها الطريقة الشرعية لنصب الخليفة، وعلى النظام الاقتصادي في الإسلام بوصفه منظومة الأحكام الشرعية التي تبين كيفية تملك الثروة وتنميتها والتصرف فيها، وعلى النظام الاجتماعي في الإسلام الذي يعطر الحياة بعبق الطهر والفضيلة ويكرم المرأة ويحتفي بالطفل وينشئه النشأة الصحيحة فيفيض خيراً على أسرته ومجتمعه، وعلى سياسة التعليم ومناهجه التي توجد الشخصيات الإسلامية وتخرج العلماء الأفذاذ في العلوم الكونية الذين ينفذون سياسة الدولة فيبنون الصناعة الثقيلة ويقطعون حبال الغرب الكافر المستعمر ومنظماته التي نصبت نفسها وصياً على الأمة وثرواتها. أما السياسة الخارجية في الإسلام فتقوم على أساس حمل الإسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد.

 هذه خطوط عريضة عن بعض أحكام الإسلام، والتي تناقض حضارة الغرب الكافر وتناقض ما عليه حال المسلمين اليوم؛ فالإسلام يناقض العلمانية، والخلافة تناقض الديمقراطية، والحريات تناقض مفهوم العبودية؛ أي التقيد بالحكم الشرعي، والساسة الذين يطبقون الإسلام وأنظمته التي جاءت من لدن خبير عليم، ويسعون لمرضاة الله، ليسوا كالساسة الرأسماليين الذين يسعون لإرضاء الناخبين بالكذب والنفاق.

إن الثقافة الإسلامية الضخمة التي تبناها حزب التحرير والإصدارات التي تتجدد مع شروق الشمس هي الضمانة الحقيقية لإيجاد الوعي وكماله عند الأمة. وإن وصل شباب الحزب ليلهم بنهارهم يقدمون النفس والنفيس، كل ذلك يؤذن بفجر الخلافة التي أظل زمانها، والتي بنيانها هذا العمل السياسي الجاد على أساس الإسلام، هذا البناء الذي أوشك أن يبلغ تمامه وهو ما يفسر سقوط الغرب في دوامة التناقض بين سلوكه تجاه المسلمين وقيمه الحضارية الآيلة للسقوط.

إن اقتراب المسلمين تحت قيادة حزب التحرير من استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هو الذي أفقد الغرب صوابه فأسقط الأقنعة وخرج يحارب الإسلام جهاراً نهاراً لا يلوي على شيء؛ فكانت حربه على الإسلام بوصفه نظاماً للحياة تحت راية الحرب على الإرهاب والتي جند لها خط الدفاع الأول عن مصالحه، أي حكام المسلمين، ومنهم الحكومة الانتقالية في السودان التي جعلت بشكل مفتوح كل حركاتها وسكناتها حرباً على الإسلام وأنظمته حيث تتبعت التشريعات والقوانين ومناهج التعليم والإعلام حتى خطب الجمعة في المساجد تريد تصفيتها من كل ما يشير إلى أن الإسلام نظام للحياة، بل إنها وضعت البلاد تحت الوصاية الدولية وعينت مندوباً سامياً لإدارة البلاد ببعثة سياسية متكاملة تحت الفصل السادس! ثم لم تكتف بذلك بل اصطفت مع كيان يهود في محاربة الإسلام، حتى إن وزير الدفاع السوداني فاجأ وزير استخبارات يهود إيلي كوهين بتقديم مسودة للتعاون الاستخباراتي والأمني لمحاربة الإرهاب عندما التقاه في الخرطوم 2021/1/25م حيث أدخل اليهود بعض تعديلات ثم وقعوا عليها وذلك بحسب صحيفة الشرق الأوسط الصادرة الخميس 2021/1/28م العدد (15402).

هذا هو الدرك الذي وصلنا إليه بعد هدم الخلافة، ونرجو أن يكون مؤذناً بعودتها في القريب العاجل راشدة على منهاج النبوة يرضى عنها ساكن السماء والأرض.

بقلم: الأستاذ حاتم جعفر المحامي

عضو مجلس الولاية لحزب التحرير في ولاية السودان

جريدة الراية: الخلافة ليست أمنيات إنما عمل وسعي وتحديات

 جريدة الراية: الخلافة ليست أمنيات إنما عمل وسعي وتحديات

 

  12 من رجب 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 24 شباط/فبراير 2021مـ

بقي رسول الله ثلاثة عشر عاما يعمل هو وأصحابه ليصل الإسلام إلى الحكم. وقاسى وأصحابه جميع أنواع العذاب؛ من قتل وإساءة وحصار وافتراءات ما أنزل الله بها من سلطان من حكام قريش ورؤوس الكفر فيها. وبقي على ذلك حتى أكرمهم الله بنصرة الأنصار للمشروع العظيم الذي قدمه لهم رسولنا الكريم فبايعوه عليه وعلى أن ينصروه ويمنعوه من كل من سيحول بينه وبين إيصال هذا المشروع العظيم للناس. وبعد وفاته عليه الصلاة والسلام، خلفه أبو بكر الصديق ومَن بعده من الخلفاء ليكملوا هذا المشروع الإلهي ليخرجوا به الناس من الظلمات إلى النور، وليقسطوا بين الناس ويطبقوا أوامر خالقهم من أحكام وحدود وأنظمة.

وهذا يدل على أن هذه الفريضة هي من أعظم الفرائض والواجبات كما وصفها الإمام الشافعي (تاج الفروض)، ويدل أيضا على أننا لن نصل إليها إلا بعد عمل وسعي وجهد صادق.

فالخلافة ليست هدية ولا هبة بدون سعي مخلص يقدمها الله للناس بحسب أمنياتهم، ولو كانت كذلك لكان الأولى أن تكون تلك هدية لسيدنا محمد ولأصحابه بدعوة واحدة. ولكن إقامة دولة الإسلام التي أقامها رسولنا في المدينة المنورة، والخلافة من بعده لم تقم وتستمر إلا بالتضحيات وتحمل الصعاب والعذابات، وجعلها القضية المصيرية لهم، وبعد الإخلاص وبذل كامل الوسع في العمل لها والصبر على ذلك.

نعم هي وعد من الله بقوله سبحانه في سورة النور: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ...﴾. وبشرى نبينا «... ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».

نعم هي وعد وبشرى ولكنها لا تأتي إلا بعد الإيمان والصلاح والعمل والسعي لها بكل القوة والطاقات وتحمل كل أذى لأجلها. وسيرة نبينا وأصحابه تنطق بذلك.

ألم يحاصر رسولنا الكريم وأصحابه ثلاث سنوات في شعب أبي طالب يقاسون الجوع ولا يكادون يجدون ما يأكلون، تتشقق أشداقهم، وتتعالى صرخات أطفالهم من شدة الجوع؟

ثم بعد الابتلاء والتمحيص منّ الله عليهم بدولة استمرت قرونا طويلة فتحت خلالها الأمصار وحملت لها نور الإسلام وعدله، وكانت الدولة الأولى في العالم.

ولما تمكن الغرب الكافر ومن تآمر معه من خونة الترك والعرب من هدم الخلافة في 28 من رجب سنة 1342 هجرية، غاب حكم الله من الأرض وتمزقت البلاد واستولى عليها الغرب الكافر ونصب عليها حكاما نواطير يخدمون مصالحه وينفذون مخططاته في منع إقامة الخلافة على منهاج النبوة.

ونحن في هذه الأيام من رجب نعيش الذكرى المئة لجريمة هدم الخلافة، نذكر جميع المسلمين بهذا الفرض العظيم الذي ضُيّع لمئة عام وضاعت لضياعه فرائض كثيرة مقرونة به.

أيها المسلمون: لقد نذر إخوانكم في حزب التحرير أنفسهم للعمل من أجل إقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة، فهلا سارعتم للعمل معهم لإقامة صرح عزكم، عسى الله أن يكرمنا بإقامتها عما قريب ويجعلنا من جنودها ومن شهودها، وليس ذلك على الله بعزيز.

بقلم: الأستاذ نور الدين الحوراني

جريدة الراية: فرنسا تعمل للاستيلاء على الغاز في بلحاف وأهل اليمن يلهثون وراء لقمة العيش

 جريدة الراية: فرنسا تعمل للاستيلاء على الغاز في بلحاف وأهل اليمن يلهثون وراء لقمة العيش

 

  12 من رجب 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 24 شباط/فبراير 2021مـ

تصاعدت الأصوات الفرنسية الغاضبة المحتجة على إغلاق منشأة بلحاف اليمنية، واعتبر نواب مجلس البرلمان الفرنسي سكوت حكومتهم على هذا الإغلاق إهداراً للمال العام الفرنسي، فقد كلفت هذه المنشأة من خزينة فرنسا 216 مليون يورو، وأعطي لها 40% لصالح شركة توتال الفرنسية، ويؤدي هذا الإغلاق برأيهم إلى حرمان فرنسا من حصولها على الغاز مجانا وحصولها على إيرادات كبيرة من هذه المنشأة، فقد ذكر موقع الإمارات 71 الإخباري بتاريخ 13 كانون الأول/ديسمبر 2020 "وجَّه واحد وخمسون نائبا فرنسيا، استجواباً لوزير الخارجية جان إيف لودريان، بشأن سيطرة القوات الإماراتية على منشأة بلحاف الغازية التي تديرها شركة توتال الفرنسية، بمحافظة شبوة، جنوبي اليمن".

وإزاء ذلك تحركت الحكومة الفرنسية مسرعة تجنباً للمحاسبة القانونية، وقابل سفيرها شخصيا محافظ شبوة بن عديو في الرياض "فقد صرح بن عديو أن لقاءه مع السفير الفرنسي جان ماري سافا كان لمناقشة وتطوير الشراكة في مجال إنتاج وتصدير النفط والغاز في محافظة شبوة، حسب قوله، فيما يرى مراقبون أن الأمر متعلق بمنشأة بلحاف الغازية في رضوم" (وكالة عدن الإخبارية)، هذا من جانب الحكومة الفرنسية ونوابها المتحدثين باسم الشعب الفرنسي الذي يرى، على حد تعبيره، أن هذه المنشأة وما تنتجه من غاز هو ملك لها سمحت لها الحكومة اليمنية بالاستفادة منه والتربح، فقد صرح النائب في البرلمان الفرنسي سيبستيان نادو لقناة الجزيرة بتاريخ 2020/12/16 "بأن كافة العناصر التي لها علاقة بموقع شركة توتال الفرنسية في بلحاف باليمن، تؤكد أن باريس كانت على علم بسيطرة الإمارات على هذا الموقع وارتكاب جرائم حرب فيه".

وكانت الشركة الفرنسية العملاقة التي تملك نحو 39 بالمائة من مشروع تصدير الغاز الطبيعي المسال في منطقة بلحاف بمحافظة شبوة، غادرت اليمن مطلع العام 2015، تحت ضغط العمليات الحربية وتدهور الأوضاع الأمنية في البلاد. وبدأ اليمن عملية إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال عام 2009 بإجمالي طاقة إنتاجية 6.7 ملايين طن متري سنوياً، وساهمت عائدات صادرات الغاز بحوالي 6.9% و5.1% من إجمالي إيرادات الموازنة العامة عامي 2014 و2015 على التوالي.

 فهذه المنشأة تعتبر من أكبر المشاريع الاستراتيجية في اليمن والتي تضخ للميزانية اليمنية نحو 45% من عائدات الضرائب، ويعمل بها ما لا يقل عن 12 ألف عامل، منهم 60% من العمالة اليمنية. غير أن الإمارات ومنذ عام 2015 ومنذ سيطرتها على المنشأة قامت بإغلاقها وتحويلها إلى معسكر وسجن عسكري سري ضجت منه وصرخت كل منظمات الحقوق الإنسانية والقانونية بل وحتى النواب الفرنسيين أنفسهم.

والمستغرب وما يدعو للدهشة هو أن الحكومة اليمنية لا تحرك ساكنا تجاه هذه القضية ولا تعمل لتفعيلها ولا رفد ميزانية الدولة بعوائدها المالية وإن كانت قليلة، مقابل ما تجنيه فرنسا من عائدات، ولولا تحرك الشعب الفرنسي ونوابه لما ذكرت القضية حتى الآن، وكأنَّ هذه الحكومة وكعادتها منفصلة تماما ومغيبة عن قضايا شعبها غير مكترثة لما يعانيه من صعوبة في توفير لقمة العيش ناهيك عن غيرها من متطلبات الحياة، راضية بما تجنيه من أموال لحسابها الخاص وازدياد أرصدتها البنكية.

وهذا يؤكد المؤكد من أن حكام المسلمين موظفون لدى الغرب الكافر ولا يملكون من أمرهم شيئاً، فالعقود التي تم إبرامها في الفترة الماضية في عهد الهالك المجرم علي عبد الله صالح، سواء مع شركة توتال أو غيرها من الشركات النفطية العاملة في اليمن، كلها عقود لصالح الشركات الأجنبية، فلم يصل لأهل اليمن حتى فتات هذه الثروة فبلادهم تنتج الغاز وهم يعيشون في أزمات مستمرة وانعدام لمادة الغاز! فهم كما قال الشاعر:

كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ * والماء فوق ظهورها محمول

فهم يعيشون عيشة الكفاف وشبابهم غادروا البلاد بحثاً عن لقمة العيش، والشركات الأجنبية وحفنة قذرة من حكام اليمن يأخذون الرشاوى من الشركات لإعطائها الامتيازات والتوقيع على العقود الجائرة.

إن الغاز هو ملكية عامة لا يحق للدولة أن تتصرف به وفق إرادتها بل يجب أن تعود خيراتها لكل المسلمين، فعلى أهل اليمن خاصة والمسلمين عامة أن يستعيدوا حقهم من هذه الشركات الأجنبية ويحاسبوها على كل فلسٍ أخذته ويزجوا بهؤلاء الحكام السفهاء أمام القضاء العادل لينالوا جزاءهم في دولة الخلافة التي يجب أن يعملوا لإقامتها فهي من سيخلصهم من جور هؤلاء الحكام وظلمهم.

فإلى متى ستظل هذه الحكومة تستبيح الدم والأرض والعرض والخيرات والثروات؟! إلى متى سيبقى أهل اليمن جياعاً مظلومين مضطهدين وغيرهم بثرواتهم وخيراتهم يتنعمون؟!

أيها المسلمون في اليمن وفي كل مكان! عودوا إلى دينكم وشرع ربكم، فالعيش بغير دين الله ومنهجه القويم عيش ضنك كما هو حالنا اليوم، واعملوا مع العاملين لعودته لواقع الحياة، يإقامة دولته دولة الخلافة، التي وعدنا بها ربنا سبحانه وبشر بها نبينا «خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» كخلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، خلافة يسودها العدل والخير والسؤدد والنصر والتمكين، ﴿وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمرِهِ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ﴾.

بقلم: الأستاذة أم محمد الفاتح – اليمن