Saturday, January 30, 2021

جواب سؤال: شرح حديث «وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً»

 جواب سؤال: شرح حديث «وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً»

 

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"

جواب سؤال: شرح حديث «وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً»

إلى عبد الله عمر

السؤال:

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا عبد الله من أفغانستان حفظكم الله يا شيخنا

قال رسول : «ستنقسم أمتي إلى ثلاثة وسبعين فرقة وكلها في النار ما عدا واحدا»

أرجو من سماحتكم شرح هذا الحديث؟؟

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

أولاً: إن الحديث الذي تسأل عنه ليس بالصيغة التي وردت في سؤالك، وقد تعرضنا في جواب سؤال أصدرناه في 24 ربيع الآخر 1439هـ الموافق 11/01/2018م لهذا الحديث الشريف بروايات متعددة في بعضها زيادات مختلفة، وخلصنا في نهاية الجواب إلى أن (الحديث بافتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة دون الزيادات هو صحيح... وأن الزيادة الأولى "كلها في النار إلا واحدة" حسنها كثيرون... وأما الزيادة الثانية "كلها في الجنة إلا واحدة" فقد ضعفها كثيرون والذين صححوها أو حسنوها قلة... وعليه فالذي أرجحه هو أن الزيادة التي يؤخذ بها هي "كلها في النار إلا واحدة"، أما الزيادة الأخرى "كلها في الجنة إلا واحدة" فلا يؤخذ بها، وذلك وفق ما ذكرناه من روايات للزيادتين...)، وبناء على ما أوردناه في جواب السؤال المشار إليه فإن من الروايات التي يمكن الاعتماد عليها والاستدلال بها الروايات التالية:

- أخرج الترمذي في سننه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «تَفَرَّقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَالنَّصَارَى مِثْلَ ذَلِكَ وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً»، وَفِي الْبَاب عَنْ سَعْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وفي رواية أخرى للترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «... وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً قَالُوا وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»، قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ...

- وأخرج الحاكم في المستدرك على الصحيحين عَنْ أَبِي عَامِرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ، قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ... ثُمَّ قَامَ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : «إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ تَفَرَّقُوا فِي دِينِهِمْ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الْجَمَاعَةُ...» قال الحاكم هَذِهِ أَسَانِيدُ تُقَامُ بِهَا الْحُجَّةُ فِي تَصْحِيحِ هَذَا الْحَدِيثِ... ووافقه الذهبي.

- وأخرج نحوه أبو داود في سننه، وابن ماجه.

ثانياً: أما المعنى الذي نرجحه لهذا الحديث فكما يلي:

1- الفُرقة والتفرق كثر استعمالها في الشرع بمعنى الاختلاف في العقيدة وأصل الدين والاختلاف في القواطع والبينات:

- قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.

- قال تعالى: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾.

- قال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾.

- قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾.

2- الجماعة هنا في هذه الأحاديث تطلق في الشرع على جماعة المسلمين المجتمعة على العقيدة الإسلامية، وقد وردت نصوص شرعية تبين هذا المعنى ومن ذلك الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ»، وهذه رواية مسلم. ففي هذا الحديث الشريف بين النبي أن ترك الجماعة هو الخروج عن الدين وتركه لأنه جعل التارك لدينه مفارقاً للجماعة فعُلم من ذلك أن مفارقة الجماعة بهذا المعنى هي الكفر والخروج عن الدين والملة...

-    جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر ما يلي:

[... قَوْلُهُ وَالْمُفَارِقُ لِدِينِهِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلِلْبَاقِينَ وَالْمَارِقُ مِنَ الدِّينِ لَكِنْ عِنْدَ النَّسَفِيِّ وَالسَّرَخْسِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي وَالْمَارِقُ لِدِينِهِ قَالَ الطِّيبِيُّ الْمَارِقُ لِدِينِهِ هُوَ التَّارِكُ لَهُ مِنَ الْمُرُوقِ وَهُوَ الْخُرُوجُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ وَلَهُ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ... وَالْمُرَادُ بِالْجَمَاعَةِ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ أَيْ فَارَقَهُمْ أَوْ تَرَكَهُمْ بِالِارْتِدَادِ فَهِيَ صِفَةٌ لِلتَّارِكِ أَوِ الْمُفَارِقِ... وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ التَّارِكُ لِدِينِهِ صِفَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِلْمَارِقِ أَيِ الَّذِي تَرَكَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَخَرَجَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ...] انتهى.

3- قوله في الروايات المختلفة للحديث: «وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي»، «وَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ»، «وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ»، واضح منه أن الأمة أو الملة هنا هي أمة الإسلام التي آمنت بدين الإسلام فقد أضاف الرسول في روايةٍ الأمة إلى نفسه «أُمَّتِي» وعرفها في روايات أخرى بأنها «هَذِهِ الْأُمَّةُ»، «وهَذِهِ الْمِلَّةَ»، وواضح أن الحديث عن أمة محددة وعن ملة محددة، وهي أمة الإسلام...

4- الاختلاف في الإسلام كما هو معلوم، منه ما هو مذموم ومنه ما هو ممدوح، فأما الاختلاف الممدوح فهو الاختلاف في المسائل الاجتهادية بناء على الاختلاف في فهم النصوص، وللمصيب فيه أجران وللمخطئ أجر كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ»، وأما الاختلاف المذموم فمنه الاختلاف في العقيدة والبينات والقواطع وهو اختلاف يخرج صاحبه عن الإسلام، ومنه اختلاف بناء على الأهواء كاختلاف أهل البدع الذين لا يكفرون ببدعتهم، ومنه اختلاف على الإمام وطاعته إلى غير ذلك من الاختلاف المذموم الذي لا يخرج به صاحبه عن الإسلام...

ثالثاً: بناء على الملاحظات المذكورة في الأعلى وبأخذها في الحسبان يمكننا فهم الحديث الشريف حول افتراق اليهود والنصارى وافتراق أمة الإسلام... ويكون شرحه على النحو التالي:

1- أرسل الله سبحانه موسى عليه السلام بدين الحق إلى بني إسرائيل فآمن به من آمن واجتمعوا معه على عقيدة الحق والتوحيد فصاروا بذلك ملة واحدة مؤمنة... ولكن خرج مع الوقت عن هذه الملة جموع من الناس اختلفوا معها في الدين «إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ تَفَرَّقُوا فِي دِينِهِمْ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً»، ففارقوها في عقيدتها وفي البينات وقواطع دين موسى عليه السلام فخرجوا عن دينه وأصبحوا كفاراً، وقد بلغت هذه الفرق التي خرجت عن دين موسى وأصبحت مللاً أخرى باختلاف آرائها في أصل الدين «إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ تَفَرَّقُوا فِي دِينِهِمْ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً»، بلغت سبعين أو إحدى وسبعين فرقة، وهي كلها ملل كفر ومن أهل النار، وأما الملة التي بقيت على دين موسى أي على ملة موسى عليه السلام وهي الملة الواحدة والسبعون أو الثانية والسبعون فهي من أهل الحق ومن أهل الجنة وهي التي كانت الفرقة الناجية من أتباع نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام...

2- وكذلك أرسل الله سبحانه عيسى عليه السلام بدين الحق إلى بني إسرائيل فآمن به من آمن واجتمعوا معه على عقيدة الحق والتوحيد فصاروا بذلك ملة واحدة مؤمنة... ولكن خرج مع الوقت عن هذه الملة جموع من الناس اختلفوا معها في الدين، ففارقوها في عقيدتها وفي البينات وقواطع دين عيسى عليه السلام فخرجوا عن دينه وأصبحوا كفاراً، وقد بلغت هذه الفرق التي خرجت عن دين عيسى عليه السلام وأصبحت مللاً أخرى باختلاف آرائها في أصل الدين، بلغت إحدى وسبعين فرقة، وهي كلها ملل كفر ومن أهل النار، وأما الملة التي بقيت على دين عيسى أي على ملة عيسى عليه السلام وهي الملة الثانية والسبعون فهي من أهل الحق ومن أهل الجنة وهي التي كانت الفرقة الناجية من أتباع عيسى عليه السلام...

3- ثم أرسل الله سبحانه نبيه محمداً بدين الحق وعقيدة التوحيد فآمن به المسلمون واجتمعوا على العقيدة التي آمن بها النبي وصحابته الكرام فصاروا باجتماعهم هذا أمة الإسلام وملة الإسلام والجماعة... ولكن خرج (وسيخرج) أقوام من هؤلاء المسلمين عن دين محمد وفارقوا (وسيفارقون) ما كان عليه النبي وصحابته وجماعة المسلمين من إيمان بعقيدة الإسلام وأخذ بقواطع الإسلام وبيناته... وصار كل قوم من هؤلاء الخارجين عن الإسلام فرقة وملة مختلفة عن ملة الإسلام لأنهم آمنوا بعقائد تخالف عقيدة الإسلام... وقد بلغت أو ستبلغ تلك الفرق التي كان أتباعها من أهل الإسلام ثم خرجوا عن الإسلام، بلغت أو ستبلغ اثنتين وسبعين فرقة/ملة، وهي كلها فرق كفار وهم من أهل النار... وبقيت الفرقة/الملة الثالثة والسبعون وهي الفرقة الأم التي هي الجماعة وملة الإسلام المؤمنة بما كان عليه النبي وصحابته الكرام، المتمسكة بقواطع الإسلام وبيناته، وهي أمة الإسلام المؤمنة بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تبارك وتعالى... وهي الأمة الإسلامية بعمومها، وهي الفرقة الناجية وهي من أهل الجنة، فهي الفرقة والملة المجتمعة على ما عليه النبي وأصحابه، وهي الجماعة.

رابعاً: بناء على هذا الشرح لمعنى الحديث وواقعه يمكن أن نخلص إلى ما يلي:

1- الفرقة الناجية هي أمة الإسلام بمفهومها العام وهي التي اجتمعت على عقيدة الإسلام وقواطع الدين وبيناته مهما اختلفت بأصحابها الآراء والأفكار والمذاهب في سائر المسائل من فروع العقيدة وأحكام الشريعة... إلخ، وسبب نجاتها وكونها من أهل الجنة هو إيمانها بعقيدة الإسلام وقواطعه وبيناته... وعليه:

أ- فأهل السنة والجماعة من أهل الكلام كالأشعرية والماتريدية وسائر المذاهب الكلامية، وكذلك من يطلق عليهم لفظ "السلفية"، وأهل الحديث، وغيرهم من أصحاب المقالات والمذاهب الفكرية الإسلامية...

كلهم من أهل الفرقة الناجية بإذن الله لأنهم من أتباع محمد المؤمنين بعقيدة الإسلام وقواطعه وبيناته... والخلافات التي بينهم لا تخرجهم عن الإسلام.

ب- والمذاهب الفقهية المختلفة من أحناف ومالكية وشافعية وحنابلة وغيرهم من المذاهب الفقهية، وأتباع المجتهدين المختلفين... كلهم من أهل الفرقة الناجية بإذن الله لأنهم من أتباع محمد المؤمنين بعقيدة الإسلام وقواطعه وبيناته... والخلافات التي بينهم لا تخرجهم عن الإسلام.

ج- والجماعات الإسلامية والحركات الإسلامية العاملة في الساحة في عصرنا هذا كحزب التحرير والإخوان المسلمين وجماعة التبليغ والجماعات الجهادية، والجماعات السلفية وغيرها... كلهم من أهل الفرقة الناجية بإذن الله لأنهم من أتباع محمد المؤمنين بعقيدة الإسلام وقواطعه وبيناته...

والخلافات التي بينهم لا تخرجهم عن الإسلام.

ولذلك لا يصح لأية مجموعة من أمة الإسلام أن تدعي بناء على هذا الحديث الشريف أنها هي الفرقة الناجية والطائفة الناجية لأن معنى ذلك أن تُخرج من خالفها من المسلمين من دائرة الإسلام إلى دائرة الكفر وهذا لا يصح بحال، فجميع المسلمين المؤمنين بعقيدة الإسلام المتمسكين بقواطعه وبيناته هم من أهل الفرقة الناجية بإذن الله.

4- إن الفرق التي خرجت عن الإسلام فأصبحت كافرة واستحقت بذلك أن تكون فرقاً هالكة من أهل النار هي الفرق التي خالفت الدين وشذت عن عقيدة المسلمين وتجاوزت الإسلام وقواطعه وبيناته فأشركت مع الله غيره أو اتخذت نبياً بعد محمد أو أنكرت سنة رسول الله أو نحو ذلك... كالدروز والنصيريين والبهائيين والقاديانيين وغيرهم من الفرق الكافرة الخارجة عن الإسلام... ونظائرها من اليهود الذين خرجوا عن دين موسى عليه السلام القوم الذي جعلوا عزيراً عليه السلام ابن الله، ومن أتباع عيسى عليه السلام الذين جعلوه ابن الله... فهؤلاء شذوا في عقيدتهم عن عقيدة هذين النبيين الكريمين ودينهما فأصبحوا بذلك من الكافرين.

آمل أن يكون معنى الحديث قد أصبح بهذا الشرح واضحاً، والله أعلم وأحكم

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

16 جمادى الآخرة 1442هـ

الموافق 2021/01/29م

Tuesday, January 26, 2021

جريدة الراية: الانتخابات الفلسطينية استمرار للتآمر على قضية فلسطين

 جريدة الراية: الانتخابات الفلسطينية استمرار للتآمر على قضية فلسطين

 

  14 من جمادى الثانية 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 27 كانون الثاني/يناير 2021مـ

أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مرسوماً رئاسياً بشأن إجراء الانتخابات العامة على ثلاث مراحل، وبموجب المرسوم ستجرى الانتخابات التشريعية بتاريخ 2021/5/22، والرئاسية بتاريخ 2021/7/31، على أن تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني وأن يتم استكمال المجلس الوطني في 2021/8/31 وفق النظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات الوطنية بحيث تجرى انتخابات المجلس الوطني حيثما أمكن.

فهل هذا التحرك لإجراء الانتخابات هو تحرك جاد؟ ولماذا جاء في هذا التوقيت؟ وما هو الهدف الذي يراد تحقيقه من هذه الانتخابات؟ وما مدى خطورتها؟ وما هو الواجب تجاهها؟

وقبل الإجابة على هذه التساؤلات لا بد من الإشارة إلى أن الانتخابات الفلسطينية هي جزء أساسي من اتفاقية أوسلو 2 التي وقعت عام 1995 بين ياسر عرفات وشمعون بيرس وبرعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، وتتضمن الاتفاقية بنداً خاصاً بالانتخابات حيث ينص على أنه "حتى يحكم الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وفقاً لمبادئ ديمقراطية، ستجرى انتخابات سياسية عامة مباشرة وحرة للمجلس، ورئيس السلطة التنفيذية، وفقاً للأحكام المنصوص عليها في بروتوكول الانتخابات المرفق وأن هذه الانتخابات ستشكل خطوة تمهيدية انتقالية مهمة باتجاه تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ومتطلباته العادلة، وستوفر قاعدة ديمقراطية لإقامة المؤسسات الفلسطينية"، ومنذ توقيع الاتفاقية حصلت الانتخابات مرتين؛ الأولى عام 1996 وفاز بها ياسر عرفات وحركة فتح لعدم وجود منافسين، ولم تشارك بها حركة حماس، وعام 2006 وكانت بمشاركة حركة حماس التي فازت بما يقارب ثلثي مقاعد المجلس التشريعي و95% من الدوائر الانتخابية ومن ثم تحولت تلك الانتخابات إلى أزمة سياسية بين الطرفين وصراع على تشكيل الحكومة وانتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة في شهر حزيران عام 2007 وإصدار رئيس السلطة محمود عباس ثلاثة مراسيم هي: إقالة حكومة الوحدة الوطنية التي تقودها حماس بعد ثلاثة أشهر فقط من تشكيلها، وإعلان حالة الطوارئ، وتشكيل حكومة تنفذ حالة الطوارئ.

هل هذا التحرك لإجراء الانتخابات هو تحرك جاد؟

يظهر للمتابع أن إصدار المرسوم الرئاسي جاء وفق إملاءات خارجية، فعلاوةً على أن السلطة الفلسطينية مجرد أداة سياسية رخيصة بيد أمريكا وهي أقل شأناً من أن تتخذ قرارات مستقلة خاصة في موضوع الانتخابات الذي انقلبت عليه وكانت دائماً تسعى لعرقلته رغم التنازلات التي كانت تقدمها حماس فيما يتعلق بتمكين الحكومة والإشراف على المعابر وغير ذلك، فقد تحدثت وسائل إعلام عن تلك التوجيهات، ومن ذلك ما أوردته القناة العاشرة العبرية بالتزامن مع إصدار المرسوم الرئاسي وذلك نقلاً عن مسؤول بحركة فتح، قوله "إن السلطة تلقت مؤخراً رسائل من مقربين للرئيس الأمريكي القادم جو بايدن عبروا فيها عن رغبتهم بإجراء انتخابات فلسطينية جديدة بهدف تجديد شرعيتها... وأضافت أن المسؤولين الأمريكيين طلبوا ضخ دماء جديدة في منظومات السلطة الفلسطينية وإقالة المتهمين بالفساد".

وهذا ما يفسر التحرك الإقليمي المحموم لتوفير الرعاية والأجواء اللازمة لإجراء الانتخابات خاصة من نظام السيسي عميل أمريكا الذي يعتزم جمع الفصائل بداية الشهر القادم لمناقشة سبل إنجاح الانتخابات الفلسطينية، وذلك بعد أن وافقت حركة حماس أن تكون الانتخابات على التوالي بعد أن كانت متمسكة ومتشبثة بإجرائها على التوازي في تخوف من سيناريو عام 2006! أي أن ما يحصل إلى اللحظة هو تحركات جدية بتوجيهات أمريكية ورعاية إقليمية وانصياع من السلطة ورئيسها قد تترجم هذه التحركات إلى فتح صناديق الاقتراع أو قد تموت وتدفن في إحدى مراحلها.

ما هو الهدف الذي يراد تحقيقه من هذه الانتخابات؟

إن الهدف الرئيس من هذه الانتخابات هو تجديد شرعية السلطة ومنظمة التحرير، خاصة في ظل الرصيد الشعبي الصفري والسقوط المدوي لشعبية السلطة والمنظمة واتساع حجم الهوة بين السلطة والمنظمة وبين أهل فلسطين، أما تجديد الشرعية فالهدف منه سياسي وهو التوطئة لاستئناف السير في مشروع الدولتين والعودة للمفاوضات شريان حياة السلطة، بعد ذهاب ترامب وصفقته المشؤومة واستلام إدارة بايدن لمفاتيح البيت الأبيض، وهذا ما يفسر التوقيت الذي جاء فيه المرسوم الرئاسي من رئيس السلطة، ورغبتها باستئناف السير في مشروع الدولتين.

وهو ما عبر عنه أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي الجديد خلال جلسة الاستماع في مجلس الشيوخ للمصادقة على تعيينه، حيث قال "إن الرئيس بايدن يرى أن التسوية الوحيدة للصراع الفلسطيني "الإسرائيلي" والقابلة للاستمرار هي حل الدولتين، ولكنه شكك بإمكان تحقيق هذا الحل على المدى القصير ودعا بلينكن "الإسرائيليين" والفلسطينيين فوراً إلى تجنب اتخاذ خطوات تزيد هذه العملية تعقيداً".

أي أن التوجه السياسي لإدارة بايدن سيكون بإعادة تحريك المياه الراكدة واستئناف المفاوضات واللقاءات بين السلطة وكيان يهود، وهو ما يستلزم إعادة ترتيب أوراق السلطة وتجديد شرعية المنظمة بانتخابات مدروسة يتم من خلالها إشراك حركة حماس في "اللعبة" السياسية التي ستفضي عبر المفاوضات المزمعة إلى مزيد من التفريط والتنازل عن معظم فلسطين وفق اتفاقية أوسلو.

ما مدى خطورة هذه الانتخابات؟

إن خطورة الانتخابات تكمن في أنها متطلب للمفاوضات والتنازلات لا للتحرير والمقاومة، فالهدف من الانتخابات هو إفراز قيادة منتخبة تفاوض على ما تبقى من فلسطين، تلك المفاوضات العبثية التي ستدور في حلقة مفرغة يتلهى بها المفاوضون ومن هم على نهجهم، وفي المقابل يتوسع الاستيطان ويتعزز وجود كيان يهود في الأرض المباركة، والأخطر من ذلك هو الاستمرار بفصل قضية فلسطين عن عمقها الإسلامي بإعادة تفعيل شعار "منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لأهل فلسطين" لتحييد الأمة الإسلامية وجيوشها حتى لا تتحرك بحجة وجود من يمثل القضية ومن يدافع عنها واحتمالية توافق الطرفين على تقاسم الأرض وإنهاء الصراع.

ما هو الواجب تجاه هذه الانتخابات؟

إن الواجب على أهل فلسطين هو عدم المشاركة في جريمة الانتخابات وتجديد الشرعية لمنظمة التحرير، والعمل على تعريتها سياسياً ورفع الغطاء والشرعية الباطلة عنها وعن سلطتها المجرمة وأنها لا تمثل قضية فلسطين ولا أهل فلسطين، وفي المقابل إعادة القضية إلى عمقها الإسلامي والعمل على تحميل الأمة مسؤوليتها وواجبها بتحريك الجيوش لتحرير فلسطين واقتلاع كيان يهود من جذوره.

بقلم: د. إبراهيم التميمي

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين

جريدة الراية: ذهب ترامب وجاء بايدن فما الذي اختلف؟!

 

جريدة الراية: ذهب ترامب وجاء بايدن فما الذي اختلف؟!

 

  14 من جمادى الثانية 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 27 كانون الثاني/يناير 2021مـ

قال وزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكن خلال جلسة إقرار مجلس الشيوخ تعيينه في منصبه الجديد يوم 2021/1/19: "الرئيس بايدن يرى أن التسوية الوحيدة القابلة للاستمرار في النزاع الفلسطيني-(الإسرائيلي) هي حل الدولتين، وأنه السبيل الوحيد لضمان مستقبل (إسرائيل) كدولة يهودية ديمقراطية مع إعطاء الفلسطينيين دولة يحق لهم بها، لكن أظن أنه سيكون من الصعب تحقيق أي شيء على هذا الصعيد في المدى القريب"، وأكد أنه "سيواصل الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)، وسيبقي على السفارة الأمريكية في القدس"، وقال: "من المهم للغاية التواصل مع حلفائنا وشركائنا في المنطقة بما في ذلك (إسرائيل) ودول الخليج". وشدد على أن "اتفاقية جديدة يمكن أن نتعامل بها مع أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة"، ومع ذلك أشار إلى أنه "لا يرغب في التخلي عن اتفاقية عام 2015 للبرنامج النووي الإيراني". وبالنسبة لأفغانستان قال: "نريد انتهاء هذه الحرب الأبدية، نريد إعادة جنودنا إلى الوطن" مما يؤكد مدى الحسرة التي تعصر قلوب الأمريكيين لتورطهم في هذه الحرب مع المسلمين وخسائرهم الفادحة فيها.

وهذه التصريحات تظهر أن السياسة الأمريكية ستستمر من حيث انتهت على عهد ترامب.

إن أمريكا دولة استعمارية تتبنى الرأسمالية، فلن تتغير سياستها جذريا ما دامت تحمل هذه الصفة، والذي يتبدل بمجيء رئيس وذهاب رئيس هو الأساليب والخطط لتنفيذ السياسة الخارجية المبنية على أساس المصالح الأمريكية. فكل إدارة تؤكد أنها تعمل لتحقيق المصالح الأمريكية، فلا تضع في حساباتها إلا مصالح أمريكا، وهي تتجسد في الهيمنة وبسط النفوذ والاستعمار. فلا تعرف صديقا عدا مصالحها.

وجاء ترامب ليعلنها بصراحة "أمريكا أولا" ويشن الحرب على العدو والصديق علنا من أجل مصالح أمريكا، فقد اتبع سياسة مكشوفة من أجل زيادة الضغط على الدول الأخرى لتحقيق مصالح أمريكا، وأما الإدارات السابقة فكانت تغلفها بشعارات خادعة كنشر الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب والتعاون مع الشركاء والحلفاء، وتستخدم الدبلوماسية والأعمال السياسية أكثر.

أمريكا هي التي تبنت كيان يهود على عهد ترومان الديمقراطي عام 1948، وعملت على تقويته وجعله متفوقا على الجميع ومعترفا به من دول المنطقة، ومن أجل ذلك أخرجت حل الدولتين على عهد الجمهوري أيزنهاور عام 1959، وجعلت مصر تعقد اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع كيان يهود عام 1978 على عهد الديمقراطي كارتر، وأمضت اتفاقية أوسلو بين كيان يهود ومنظمة التحرير الفلسطينية، واتفاقية وادي عربة مع الأردن عامي 1993 و1994 على عهد الديمقراطي كلينتون، وجاء ترامب الجمهوري وأعلن القدس عاصمة لكيان يهود وأخرج صفقة القرن التي شرعنت الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، وأملى على الإمارات والبحرين والسودان والمغرب إعلان التطبيع مع كيان يهود، فالخط العريض لسياسة أمريكا هو تركيز كيان يهود لتستخدمه في تركيز نفوذها واستعمارها في المنطقة ومنع نهضة الأمة وإقامة الخلافة. وها هي تعلن على عهد بايدن الديمقراطي أنها "لن تلغي اعترافها بالقدس عاصمة لكيان يهود، ولن تنقل السفارة الأمريكية من القدس، وأنها تريد حل الدولتين لأنه يحفظ كيان يهود، ولكن من الصعب تطبيقه على المدى القصير". فمعنى ذلك أنها تريد أن تلهي الرأي العام العالمي والمنطقة بحل الدولتين من دون تحقيقه، وسيعطي فرصة للعملاء في المنطقة بأن يكذبوا على شعوبهم أن حل الدولتين سيتحقق وهم يعلمون أنه لن يتحقق، وليكون مبررا لهم في البطش فيمن يطالبهم بتحرير فلسطين، ومع أن مشروع حل الدولتين يركز كيان يهود، ولكنه انتهى عمليا بفعل الاستيطان ولن تستطيع أمريكا تحقيقه، ولهذا فسوف تشغل المنطقة به من دون طائل. وقد نشطت على عهد أوباما وبايدن نائبه لتحقيقه وفشلت، وها قد مرت ستون سنة ولم تستطع تحقيقه.

وتفاخر بايدن الكاثوليكي أن ثلاثة من أولاده متزوجون من يهود، ونصف تشكيلة إدارته من سياسيين أصولهم يهودية، وزوج نائبته يهودي. وذلك لإظهار حرص أمريكا على كيان يهود وليبعث برسالة للمسلمين أن أمريكا لن تسمح لهم بإزالة هذا الكيان، لأنه ذراعها في المنطقة في حربها الصليبية، فهي تستخدم يهود الأغبياء قربانا في حربها على الإسلام، وهم يظنون ذلك خيراً لهم وهو شر لهم. ولو كانوا يعقلون لرضوا بأن يكونوا أهل ذمة آمنين عند المسلمين.

وأُتي ببايدن ومعه فريقا أوباما وكلينتون، حيث سيعتمد على الدبلوماسية والأعمال السياسية ويستعمل تلك الشعارات الخادعة. فهو رئيس مجرب في قضايا المسلمين، فقد شغل منصب نائب الرئيس 8 سنوات، وكان بيده ملف العراق، فكان يشرف على مشروع تقسيم العراق، فهو مسؤول عن إثارة النعرات العصبية الطائفية والأحداث الدموية التي عصفت بالعراق في تلك الفترة. وقد دمرت أمريكا مع حلفائها الموصل والرمادي والفلوجة بحجة محاربة تنظيم الدولة. واستخدمت إدارة "أوباما-بايدن" أسحلة فتاكة في أفغانستان وطائرات بلا طيار فقتلت من المدنيين خاصة أكثر مما قتلت على عهد بوش الابن الذي احتل أفغانستان، وذلك لجعل الحركات الجهادية تستسلم وتقبل بالتفاوض مع أمريكا والاعتراف بالنظام الذي أقامته هناك حتى تحافظ على نفوذها، ولهذا أوعزت لقطر لتفتح مقرا لطالبان عام 2013. وأشرفت على فصل جنوب السودان عام 2011، وتدخلت عسكريا في ليبيا عام 2011، وتدخلت في سوريا مباشرة عام 2014، وأوعزت لروسيا بالتدخل هناك عام 2015، وسمحت لإيران وحزبها اللبناني وأشياعها بالتدخل لحماية النظام السوري ومحاربة أهل سوريا. وأوعزت لتركيا أردوغان بالتدخل لطعن الثورة في ظهرها وفي خاصرتيها. وأوعزت للسعودية عام 2015 بالتدخل في اليمن لإنقاذ الحوثيين وتركيزهم بعدما مكنتهم من السيطرة على العاصمة صنعاء. وهي التي خططت لانقلاب السيسي عام 2013، وصرفت نظرها عن مجازره واعتقالاته التعسفية لعشرات الآلاف من المسلمين، واعتبرت انقلابه حركة لإعادة الديمقراطية وليس انقلابا كما ورد على لسان وزير خارجيتها كيري حينئذ.

 فأمريكا هي عدوة للإسلام، فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي والشيوعية معه أعلنت أمريكا عام 1992 في مؤتمر ميونخ للأمن العالمي، أن الإسلام السياسي هو العدو وبدأت تحارب فكرة عودة الإسلام إلى الحكم وإقامة الخلافة، فوصفت تلك الفكرة بالراديكالية وبالتطرف وبالأصولية، ومن ثم بالإرهاب وقامت واحتلت أفغانستان على عهد بوش الجمهوري، وجاء أوباما ونائبه بايدن واستمرا في الحرب، وما زالت تحارب الإسلام سواء أكان في الحكم الديمقراطيون أو الجمهوريون فلا فرق بينهم إلا بالأساليب القبيحة في محاربة دين الله والعاملين له، ولكنها ستخسر أمامهم وسيقيمون خلافتهم بإذن الله، أشد مما خسرته في حروبها مع المسلمين في أفغانستان والعراق والصومال.

بقلم: الأستاذ أسعد منصور

جريدة الراية: السياسة الخارجية الإيرانية تدمر مصالح المسلمين وتخدم المصالح الأمريكية

 جريدة الراية: السياسة الخارجية الإيرانية تدمر مصالح المسلمين وتخدم المصالح الأمريكية

 

  14 من جمادى الثانية 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 27 كانون الثاني/يناير 2021مـ

لم تكن السياسة الخارجية الإيرانية يوماً تصب في صالح الشعوب الإسلامية، فمنذ سيطرة الخميني على الحكم عام 1979، والإعلان عما يُسمّى بالثورة الإسلامية، لم تُساهم السياسات الإيرانية إلا في تدمير البلاد الإسلامية، وتسليم زمام القيادة فيها لأمريكا، وذلك كما حصل في أفغانستان والعراق وسوريا ولبنان واليمن، وسبق أن اعترف مسؤولون إيرانيون بذلك بكل صراحة، ومنهم محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني الذي قال في 2004/01/15: "لولا الدعم الإيراني لما تمكنت أمريكا من احتلال أفغانستان والعراق بهذه السهولة"، فوقفت إيران بجانب أمريكا في احتلالها لأفغانستان والعراق، ووقفت بجانبها في دعم بشار الأسد ووأد ثورة أهل الشام.

واليوم يُطل علينا وزير خارجيتها محمد جواد ظريف فيقر بتمويل بلاده للمليشيات الموالية لها في المنطقة، مُبررا ذلك بأنه إنفاق من أجل السياسة الخارجية.

ويقول ظريف في مقابلة مع صحيفة (اعتماد) الإيرانية بأنّه فيما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة ومسألة اعتبارها عدوا دائما: "لم أقل إنها عدوة وأنا المسؤول فقط عن تصريحاتي".

فأمريكا إذاً ليست هي العدو في نظر ظريف، وإنّما العدو هو البلاد الإسلامية التي تتدخل فيها إيران، وهذا يؤكد طبيعة التوافق بين أمريكا وإيران على تدمير البلاد الإسلامية وذلك منذ أربعين سنة.

وحتى في حالة دعم إيران لحركتي حماس والجهاد فهذا لا يعني وجود دعم عقائدي للقضية الفلسطينية، بل يعني وجود إعفاء لإيران من مسألة تحرير فلسطين بذريعة أنّ الذي يُقرّر في القضية الفلسطينية هو أهلها، وهو نوع من الاختباء وراء دعم الحركات الفلسطينية باعتبار أنّ القضية هي قضية وطنية وليست قضية إسلامية وقد قالها ظريف صراحة: "نحن لا نُعارض التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في حال أراد الفلسطينيون ذلك"، وفي مقابلة مع (عصر حيرت) قال: "لن نعترف بإسرائيل ولكن إذا أراد الفلسطينيون التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل فلا مشكلة لدينا".

هذه هي حقيقة السياسات الإيرانية فهي سياسات تتبع السياسة الأمريكية حقيقة، ولا صلة لها بالجانب العقائدي الإسلامي، فلا يهمها فلسطين ولا الأقصى ولا وحدة الشعوب الإسلامية وبلادها، ويهمها فقط أنْ يكون لها تأثير إقليمي قومي فارسي في المنطقة ولو على حساب المسلمين وتدمير بلادهم، فهل استفاد المسلمون من سياسات إيران على مدى الأربعين سنة الماضية، أم أنّ أمريكا هي فقط التي استفادت؟

لنأخذ مثالاً واحداً وواضحاً في معرفة مدى حجم التعاون الأمريكي الإيراني في سوريا على سبيل المثال، أو بمعنى آخر لنأخذ مثالاً في مدى تبعية إيران لأمريكا في سياستها الخارجية في سوريا، وذلك لنرى حجم التوافق بين الدولتين في تحقيق الأهداف الدولية الأمريكية والإقليمية الإيرانية في سوريا.

قال أندرو أكسوم الذي كان يشغل منصب نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس: "أوباما تعاون مع روسيا لمنع سقوط الأسد بسرعة كبيرة، ولمنع البلاد من الانهيار والوقوع بيد الفصائل المسلحة".

وقال حسن نصر الله الأمين العام لحزب إيران في لبنان في مُقابلة مع قناة الميادين اللبنانية الأحد 2020/12/27: "إنّ قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني اجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة التدخل الروسي العسكري في سوريا"، وأضاف: "إنّ الرئيس الروسي اقتنع بالتدخل بعد اجتماع مع سليماني مدة ساعتين في موسكو بحضور عدد من المسؤولين الروس، إذ عرض سليماني خلال الاجتماع خرائط السيطرة في سوريا وناقش معه آليات العمل واستطاع أن يقدم إضافة أدت إلى اتخاذ روسيا قرار التدخل"، وقال سليماني: "إنّ الدخول العسكري الروسي في سوريا كان مؤثراً جداً في تغيير الواقع على الأرض".

فالتوافق إذاً واضح جداً بين أمريكا وإيران، واستدعاء روسيا إلى سوريا جاء من الطرفين، الأمريكي والإيراني، فالمصلحة إذاً واحدة والأهداف واحدة، وهذه أدلة صريحة من الاعترافات من كلا الطرفين على مستوى كبار العسكريين في البلدين.

فما من بلد إسلامي تدخلت فيه إيران إلا وتحوّل إلى خراب، واستلم فيه عملاء أمريكا الحكم، فأفغانستان دُمّرت وقضي على استقرارها، واندلعت فيها الحروب الطائفية والأهلية لعشرات السنين، واستلم الحكم فيها قراضايات أمريكا، والعراق دُمّرت ترسانتها العسكرية والعلمية والصناعية، وتحولت إلى أنقاض، وعادت إلى الوراء عشرات السنين، واستلم الحكم فيها رجال أمريكا الذين جاؤوا على ظهر الدبابات الأمريكية، وأمّا سوريا فتمّ تحطيم ثورتها وتهجير نصف سكانها، وتمّ الحفاظ على بشار الأسد على رأس السلطة رغماً عن إرادة السوريين بعد أنْ كادت الثورة أنْ تتخلص منه، وتُطيح به، ومن ثمّ تمّ تحويل سوريا إلى مناطق نفوذ لأمريكا وروسيا وتركيا وإيران، وأمّا اليمن فأصيبت بقارعة من سبقها، فتمّ تمزيق البلاد وتشتيت العباد وإقحامها في حروب داخلية طاحنة.

هذه هي باختصار النتائج العملية لتدخل أمريكا وإيران في البلاد الإسلامية، وهذه هي خلاصتها، وهي: أولاً تدمير البلاد، وثانياً تمكين أمريكا من فرض عملائها حكاماً عليها.

بقلم: الأستاذ أحمد الخطواني

جريدة الراية: الاحتجاجات في تونس لبوس ثورة وجوهر ثورة مضادة

 جريدة الراية: الاحتجاجات في تونس لبوس ثورة وجوهر ثورة مضادة

 

  14 من جمادى الثانية 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 27 كانون الثاني/يناير 2021مـ

تحولت الاحتجاجات التي اندلعت في تونس بالتزامن مع الذكرى العاشرة للثورة لأعمال شغب في مدن عدة. وقد تبادلت قيادات حزبية ومنظمات وشخصيات سياسية الاتهامات حول ما يحدث من نهب وتخريب. فالحزام السياسي للحكومة يتهم أطرافا يسارية بالتجييش لهذه الأعمال ويروج لمحاولة انقلابية على الشرعية، نافيا أن يكون هذا الحراك ثوريا. بينما توجه العديد من الأطراف أصابع الاتهام إلى الأحزاب الحاكمة منذ الثورة وخاصة حركة النهضة محملة إياها مسؤولية فشل تحقيق أهداف الشعب الثائر ومعتبرة أن التحركات إرهاصات ثورة ثانية على هذه الأحزاب. أما رئيس الحكومة فقد لون موقفه بين تفهم احتجاجات الشباب ورفضه للنهب والتخريب، واعداً الشباب بحلول فعلية لمشاكلهم متوعدا بتطبيق القانون. وبقي موقف رئيس الدولة خارج السربين، إذ اتهم اليهود حسب ما جاء في مؤتمر الحاخامات الأوروبيين بالسرقة والوقوف وراء أعمال الشغب، لعلها رؤية من كوكب آخر! إزاء هذه الصورة الضبابية والمواقف المتناقضة نناقش الإشكاليات التالية:

1-    ما هي أسباب هذه الاحتجاجات وما هي أهدافها؟

2-    كيف يستغلها الوسط السياسي؟

3-    ما هو السبيل الوحيد لتحقق الثورة غايتها؟

1- إن الاحتجاجات في تونس لم تتوقف منذ الثورة، منها احتجاجات تلقائية شعبية وبعضها مفتعل من أطراف سياسية. أما العفوية الشعبية، فأسبابها تعود إلى أصل واحد، وهو أن النظام بعد الثورة بدل أن يحقق أهداف الناس في التحرر والعدل والرعاية والأمن والرفاهية والنهضة والوحدة زاد في إذلالهم وترهيبهم وإفساد حكامهم وربطهم بالاستعمار وتفقيرهم وتفريقهم. لذلك بقي الشعب في العديد من المناسبات يعبر على مواصلته سياق ثورته بهذه الاحتجاجات بهدف إسقاط النظام. أما التحركات المفتعلة فسببها الرئيسي خلق التوازنات بين فئات متصارعة على الحكم بهدف الإبقاء على النظام الرأسمالي الذي ترعاه الدول الاستعمارية والحيلولة دون إسقاطه وإقامة نظام تحرر حقيقي مع الأهداف الذاتية لكل فئة، من ظفر بجزء أوفر من السلطة أو محاربة فئة أخرى.

 2- إن الوسط السياسي في تونس رغم ما يفرقه في الظاهر فهو موحد في موقفه من النظام القائم في البلاد. فرغم الصراعات الحادة بين الإسلاميين واليساريين والليبراليين الحداثيين، فإن الكل يرضى بتطبيق النظام الرأسمالي الذي ترعاه الدول الغربية الاستعمارية ويرضى بروابط التبعية للدول المهيمنة على سلطان العالم. بل جميعهم يعادون سلطان الإسلام البديل الوحيد للنظام الرأسمالي بعد سقوط الشيوعية. فالإسلاميون خاصة حركة النهضة يجارون الاحتجاجات ويلعبون دور الضحية ويركزون على الانقلاب على شرعية الانتخابات من طرف الساقطين فيها، والنهضة بالنسبة للاستعمار حجر الزاوية للحفاظ على التوازن في السلطة. أما اليساريون فيمثلون قطبا من أقطاب التجاذب التي يقسم بها الاستعمار وحدة الشعب ويبقي جزءا مهما من الناس داخل الحقل المغناطيسي للوسط السياسي الذي أنشأه الاستعمار. لكن هذا القطب خسر كثيرا من جاذبيته حتى أصبح اليسار ينعت بـ"الصفر فاصل".

فهو يجد في هذه الاحتجاجات التي يجيش لها الشباب المهمش الناقم على وضعه وهْم شرعية شعبية يزايد بها على الأطراف الحاكمة. ويجد في اتحاد الشغل جامعا لشتاته المتناثر ومحفزا لحركته المرفوضة شعبيا خاصة حين يربط هذه الحركة بتاريخ العمال ونضالاتهم في شهر كانون الثاني/يناير، بعدها تخبو ناره وتستمر معادلة التوازن. أما من يختفون وراء شعار الحداثة والليبرالية فما هم إلا بقايا التجمع والحزب الدستوري الذين أقصتهم الثورة عن الحكم والسياسة لكن الاستعمار اعترافا بإخلاصهم له منع طردهم برفض قانون العزل السياسي وجعلهم شركاء الإسلاميين في السلطة. هؤلاء إن كانوا في الحكم كحال "قلب تونس" رفضوا الاحتجاجات واعتبروها تخريبا وانقلابا، وإن كانوا في المعارضة كـ"الدستوري الحر" كفاهم بعض النباح على حركة النهضة والتباكي على أوضاع البلاد عامة والشباب خاصة. فالوسط السياسي يوظف هذه التجاذبات القطبية لتبديل حقيقة الصراع من صراع بين الشعب ونظام رأسمالي ظالم تسبب في كل أزماته إلى صراع بين فئات مقسمة من الشعب وبهذا يضمن بقاءه في سلطة لا تحق له لأنه وسط مرتهن للعدو، عاجز على التخطيط الذاتي بل يمثل إدارة للمسؤول الكبير ولا يمتلك أي عقيدة للتغيير الحقيقي.

 3- إن السير في تنفيذ خطط الاستعمار في بلادنا كتفريط الدولة في القطاعات العمومية لصالح الخواص من الشركات الأجنبية الناهبة أو المحلية وإجراء الإصلاحات الكبرى الهيكلية التي يفرضها صندوق النقد الدولي والتمادي في التداين الأجنبي، والتوافق على قانون ميزانية لا يحدد التوازن بين النفقات والموارد ويُمرَّر في لحظة هدوء، كل العواصف السياسية بعصا الاستعمار السحرية، وتقسيم الشعب عبر تجاذبات قطبية مفتعلة حتى لا يتوحد في إتمام مساره الثوري، لن يحقق لهذه الدولة قوة ولا رفاهاً ولا أمناً وستبقى متخلفة، تابعة، عاجزة عن تحقيق آمال شعبها. بل الواضح من سياسة الغرب تجاه تونس أنهم يعملون على تركها تتخبط في هذا العجز ربما إلى حدّ الإفلاس الاقتصادي لإحكام القبضة على هذا الشعب وعقابه على ثورته على النظام الاستعماري.

إن السبيل الوحيد لتحقق الثورة غايتها يكمن في إسقاط النظام الرأسمالي المفروض على تونس من طرف القوى الاستعمارية منذ غياب سلطان الإسلام عليها واقتطاعها من محيطها الإسلامي في دولة الخلافة، واقتلاع النفوذ الغربي بجذوره الفكرية والثقافية والتشريعية والسياسية، وهذا هو المعنى الحقيقي لشعار الثورة "إسقاط النظام" وإقامة نظام الحق والرعاية والعدل والكرامة الذي فرضه الله سبحانه وتعالى على الناس عامة وعلى المسلمين بخاصة. فلا يكون الشعب عبدا للاستعمار ولكن يكون عبدا لخالقه العادل، العليم الخبير. وهذا هو مفهوم "إسقاط النظام" الذي لم يصرح به الشعب ولكنه يقصده لأنه لم يكن يبحث عن الفوضى بغياب النظام وليس له خيار عن النظام الإسلامي القائم على عقيدته والباني لأمجاده التاريخية وأبطاله السابقين. وستبقى إرهاصات هذه الثورة حتى يكرمها الله بأهل قوة مؤمنين مخلصين صادقين ينتزعون السلطان من إدارة الاستعمار ويضعونه بين أيدي العاملين على إقامة الخلافة الرشدة الثانية على منهاج النبوة حتى تباشر الأمة من جديد دورها الحضاري العظيم باستئناف الحياة الإسلامية وحمل دعوة الإسلام إلى العالم. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

بقلم: الأستاذ سعيد خشارم

 عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية تونس

جريدة الراية: حركوا الجيوش إلى حيث أمركم الله

 جريدة الراية: حركوا الجيوش إلى حيث أمركم الله

 

  14 من جمادى الثانية 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 27 كانون الثاني/يناير 2021مـ

سخر الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان؛ رئيس مجلس السيادة، من الحديث عن وجود جهات خارجية تدفع تحركات الجيش في الحدود مع إثيوبيا، وقال إن النزاع مع إثيوبيا قديم، وأشار خلال مخاطبته مبادرة القطاع العام لدعم الجيش، إلى أن هناك اتفاقا كاملا مع إثيوبيا، وعند زيارته الأخيرة إلى أديس أبابا قضى أن تتولى القوات المسلحة قفل الحدود لمنع أي تسرب لأي جهة مسلحة، وزاد "هذا فعلاً ما قامت به القوات المسلحة في تأمين حدودها الدولية ولن تتعداها ولم تتعدها".

وقال البرهان إن السودان لا يريد أن يشعل حربا مع إثيوبيا بل يريد الوصول إلى حلول تحفظ حقوقنا والوصول إلى وضع علامات توضح أن هذه الأرض لنا، وزاد "متى ما تم الاعتراف أن هذه الأرض سودانية لا يوجد ما يعكر صفوة العلاقة مع إثيوبيا التي بيننا وبينها احترام"، وأضاف: "لكن الحق حق والفضل فضل".

وأكّد أن الحديث الذي يصدر الآن عن أن هذه الأرض إثيوبية يستدعي الدفاع، وزاد "لا نحتاج لأي جهة أن تملي علينا لحراسة أرضنا"، وأكد أن الجيش قام بهذه التحركات بتنسيق كامل بين أطراف الحكومة، حماية لأمن السودان والأمن الإقليمي، وحذر من أن أي صراع في المنطقة المعنية بين السودان وإثيوبيا سيهدد أمن العام أجمع. (نبض نيوز).

وكما صرح أيضاً في لقائه مع قيادات القوات المسلحة الموجودة على الحدود مع إثيوبيا: أن الأراضي المستردة سودانية خالصة، وأضاف: "صبرنا ٢٥ سنة وتاني ما بنصبر وسكتنا كتير وتاني ما بنسكت، وحنسكت لمتين؟ نحن نموت كلنا هنا"؛ يقصد على الحدود السودانية مع إثيوبيا. (الفشقة - أثير نيوز).

هل كل همك أيها البرهان أن تعترف إثيوبيا بأن الأرض التي يتم التنازع حولها هي سودانية؛ يعني الاعتراف بالحدود التي خطها المجرمان سايكس وبيكو، اللذان قسما البلاد بعناية فائقة، وجعلا بين كل دويلة وأخرى نقطة مشتعلة يتحاربون ويتقاتلون عليها، فتزهق الأنفس والمهج، وهذا ما يتمناه ويصبو إليه الكافر؛ عدو هذه الأمة، حتى لا توجه الجيوش أسلحتها للوجهة الصحيحة، وهي قتال أعداء الله تعالى؛ الذين امتهنوا كرامة هذه الأمة الكريمة، وانتهكوا حرماتها ودنسوا مقدساتها.

 

فيا برهان ألم يحركك بيت المقدس وهو يئن ويجأر تحت وطأة أرذل خلق الله إخوان القردة والخنازير، وحركتك قطعة أرض متنازع عليها؟! ألم تحركك صرخات النساء والشيوخ والأطفال في سوريا الأبية، وهم يبادون بأسلحة منها المحرمة دولياً، وقد تكالبت عليهم الأمم من كل حدب وصوب، وتتحدث عن قطعة أرض؟! وأنت في الوقت نفسه ترسل قواتك لقتل إخوة لنا في اليمن مشاركاً في هذا الحلف البغيض، فتقتل أهلها الذين أثنى عليهم رسول الله ، ووصفهم بأهل الحكمة مقابل حفنة من الدولارات، وإرضاء لأسيادك عنك!

فيا برهان ما لهذا كونت جيوش المسلمين، فالجيوش مهمتها عظيمة، فقد كانت تحرك لحمل الإسلام رسالة هدى للعالم، لإخراج البشرية من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، كانت الجيوش تحرس ثغور الإسلام، كانت الجيوش تحرك لنصرة المستضعفين في كل بقاع الدنيا، وها هو المعتصم خليفة المسلمين يحرك جيشاً عرمرماً لنصرة امرأة صرخت وا معتصماه؛ وذلك عملاً بقول الله تعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً﴾، وكانت هذه الصرخة سبباً لفتح عمورية التي استعصت على المسلمين سنين عددا، فما بالك بملايين الصرخات من المسلمين اليوم؟!

كان هذا هو عمل الجيوش عندما كانت تحركها دولة مبدئية تقوم على أساس عقيدة الإسلام، ولما هدمت هذه الدولة، أصبحت الجيوش تتحرك بأوامر أعداء الأمة، تتحرك لقتل المسلمين، مخالفة قول المعصوم عليه الصلاة والسلام: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» صحيح مسلم، وأصبحت تتحرك للاستعراضات العسكرية وتتقاتل على حدود وضعها الكفار المستعمرون أعداء الأمة.

بقلم: الأستاذ عبد الخالق عبدون علي

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان