Saturday, January 9, 2021

جريدة الراية:هل تستطيع الحكومة الجديدة في عدن تحقيق ما أنيط بها؟

 جريدة الراية:هل تستطيع الحكومة الجديدة في عدن تحقيق ما أنيط بها؟

 

  22 من جمادى الأولى 1442هـ   الموافق   الأربعاء, 06 كانون الثاني/يناير 2021مـ

أعلن في الرياض يوم الجمعة 2020/12/18م عن تشكيل حكومة جديدة لليمن برئاسة معين عبد الملك، مكونة من 24 حقيبة، بحسب اتفاق الرياض الموقع في 2019/11/05م، مناصفة بين الشمال والجنوب؛ خمس حقائب منها نصيب المجلس الانتقالي، احتفظ فيها هادي بالوزارات السيادية؛ الدفاع والداخلية والخارجية والمالية. وكان من المقرر لأعضاء الحكومة مغادرة الرياض إلى عدن بحسب اتفاق الرياض لأداء اليمين أمام عبد ربه منصور هادي، في محاولة للفكاك من أسر الرياض الذي وضعته فيه، لكن الرياض تداركت الأمر، وأتمت مراسيم اليمين لديها. استطاعت الرياض أن تفرض يدها في التشكيل الحكومي بالحفاظ على معين عبد الملك رئيساً للحكومة الجديدة الذي بدوره أثنى عليها عقب إعلان التشكيل الحكومي بقوله "واثقون بأن الحكومة الجديدة بدعم ومشاركة القوى والمكونات السياسية والمجتمعية، وإسناد الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية". وغاب عن التشكيل الوزاري المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي جناح باعوم، وأزيح من التشكيل الوزاري الميسري والجبواني، كما أزيح أيضاً شلال شائع من إدارة أمن عدن، وعين ملحقاً عسكرياً لدى أبو ظبي.

وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان حث هادي في 2020/11/26م على سرعة تشكيل الحكومة، واستبق سفير الرياض لدى اليمن محمد الجابر التشكيل بأسبوع عن إكمال الترتيبات العسكرية المتعلقة باتفاق الرياض، وسحب قوات هادي والانتقالي من جبهات القتال في أبين، مع أن انسحاب القوات كان شكلياً، ولم يتم شيء من هذا الانسحاب في عدن. وهللت الرياض في إعلامها والإعلام التابع لها لتشكيل الحكومة، التي كان من المفترض تشكيلها قبل انقضاء العام 2019م بحسب اتفاق الرياض.

ما إن حطت الطائرة التي تقل الحكومة الجديدة في مطار عدن ظهر الأربعاء 2020/12/30م حتى دوت ثلاثة انفجارات داخل المطار. لم يصب أحد من أعضاء الحكومة بأذى، وغادرت الحكومة إلى القصر الرئاسي في معاشيق، مما يعقد إنجازها المهام الملقاة على عاتقها، ودفعها باتجاه العودة من حيث أتت.

لقد وضعت أمام الحكومة الجديدة معوقات كبيرة عن ممارسة أعمالها بالتهديد الأمني، وقد رد على هذا رئيس الوزراء المعين معين عبد الملك بكلمة قصيرة مصورة عقب تفجيرات المطار حيث قال: "الحكومة في عدن لتبقى وتمارس كل مهامها وأعمالها.."، وأضاف "لن تثنينا أيادي الإرهاب والغدر عن مهمة استكمال توحيد الصف الوطني لمواجهة الإرهاب والغدر حتى ننتصر في هذه المعركة ولن نقبل غير النصر.."، ليضع أعضاء حكومته في تحدٍّ أمني كبير.

 يبقى أمام الحكومة الجديدة البقاء في عدن والانضواء تحت قيادة التحالف لدعم شرعية هادي المفقودة، وإعادة دمج القوات العسكرية تحت سيطرة وزارة الدفاع، والقوات الأمنية من طرف وزارة الداخلية من بعد تشظيهما إلى فريقين؛ واحد منهما يتبع هادي والآخر يتبع المجلس الانتقالي، ووقف الحملات الإعلامية الداعية لانفصال جنوب اليمن عن شماله التي ينادي بها المجلس الانتقالي.

أمنياً؛ معالجة الانفلات الأمني الكبير الذي تتعرض له البلاد، وتعرض حياة الناس للمخاطر والاغتيالات التي استشرت، وأصبحت لم تعد حياتهم آمنة من أطراف الصراع المحلية والعصابات التي تمارس الاغتيالات والسطو المسلح على البنوك والمحلات التجارية وترويج المخدرات.

أما التحديات الاقتصادية بالحفاظ على العملة المحلية الريال من التدهور أمام العملات الصعبة، الذي أصابها جراء طبع أوراق جديدة لفئة ألف ريال، لا تتداول في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وهبوط قيمتها أمام العملة القديمة، وارتفاع سعر الدولار إلى قرابة الألف ريال للدولار الواحد، وانخفاضه بعد إعلان التشكيل الحكومي إلى مستواه الطبيعي، ووضع اليد على حقول النفط وإدارة المتبقي من مواردها، وكذا صرف رواتب موظفي القطاع العام بانتظام بعد تعرضها للانقطاع.

تقف أمام حكومة معين عبد الملك الجديدة مهمة إغلاق ملف الحرب في اليمن بإكمال التفاوض مع الحوثيين الذي أطلق في نهاية 2015م، فقد قال المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عقب إعلان التشكيل الحكومي الجديد "المبعوث الأممي يرحب بالتشكيل، ويعده خطوة في اتجاه الحل السياسي"، والمضي قدماً في خطوات التطبيع مع كيان يهود التي تقودها الإمارات وتدعمها الرياض، التي بدأها هاني بن بريك في حزيران/يونيو 2020م الذي عبر عن رغبته في زيارة القدس تحت حراب يهود.

إن مطالب اتفاق الرياض الموقع في 2019/11/05م هي أمريكية صرفة، فقد أرادت أمريكا حشر هادي والمجلس الانتقالي في كرسي واحد يتقاسمانه في المفاوضات، وكذلك إقعاد الحوثيين على كرسي الحكم في صنعاء وتناسي الديمقراطية المتغنى بها لعقود وإفساح أمريكا المجال لعملائها ومساعدتهم للوصول إلى الحكم كيفما استطاعوا، وتقسيم اليمن إلى شمال وجنوب، وإعادة الحراك الثوري الجنوبي جناح باعوم والمشاركة في الحكم عن طريق "تشكيل لجنة تحت إشراف تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية تختص بمتابعة وتنفيذ وتحقيق أحكام الاتفاق وملحقاته" بحسب نص اتفاق الرياض. بهذا يتحقق على الأرض في زمن سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد زبدة ما ذكرته دراسات مراكز الدراسات الأمريكية في الأعوام 2009-2010م بأن الدخول الأمريكي إلى اليمن والسيطرة عليه لا يتم إلا عن طريق السعودية. ولم تر بريطانيا إلا عرقلة اتفاق الرياض لأكثر من عام، حتى يتم لها تحقيق ما تريد.

إن حكومة معين عبد الملك الجديدة، كسابقاتها من الحكومات المتعاقبة في ظل حدود سايكس بيكو، فشلت في إسعاد الناس، وأضاعت أمنهم، وأفقدتهم الحياة الكريمة التي هنئوا بها قروناً طويلة في ظل الحكم بالإسلام، وأفسحت المجال أمام النفوذ والسيطرة السياسية للدول الاستعمارية في اليمن. كما تبعت اقتصادياً النظام الاقتصادي الرأسمالي المتوحش بحذافيره وحلت بأهل اليمن الرزايا من تعامل صريح بالربا، وعدم التغطية الذهبية للعملة، وإضاعة ثروات اليمن من نفط وغاز وغيرهما، وفتح أسواقه لمنتجات الدول الاستعمارية. وجعلت أهل اليمن يلهثون وراء تطبيق القانون الدولي واستباحة أرضهم تحت عنوانه، ويضعون لأحكام الطاغوت بدلاً من حكم رب العالمين. فماذا قدمت هذه الحكومة لأهل اليمن؟

إن أهل اليمن قد شبعوا من تصارع الدول الاستعمارية عليهم، ولا يريدون سوى العودة لحياة الإسلام في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي آن أوانها واقترب بزوغ فجرها بإذن الله.

بقلم: المهندس شفيق خميس

No comments:

Post a Comment