Sunday, October 29, 2017

البيان الختامي: للمنتدى السياسي للقسم النسائي لحزب التحرير / تونس بعنوان:

البيان الختامي: للمنتدى السياسي للقسم النسائي لحزب التحرير / تونس بعنوان:
"نضال المرأة بين عز الإسلام والأنظمة الوضعية"

السياق السياسي والحضاري للمنتدى:
عقدنا هذا المنتدى وسط ضباب كثيف من التضليل والخداع تُستهدف فيه الأمّة عامّة ونساؤها خاصّة، ووسط شعارات براقة خادعة من مثل (المساواة بين الجنسين، ومبدأ المناصفة في المناصب السياسية) ووسط دعاية واسعة عريضة للرّأسماليّة الليبراليّة يزعمون أنّها حرّرت المرأة من قيودها وحقّقت لها المساواة بالرّجل. ودعوات للمحافظة على النّظام القائم باعتباره مكسبا يستحقّ النّضال من أجله، وأنّ ذلك لا يكون إلا بالتّصدّي للإسلام السياسيّ بزعمهم. ووسط ردود فعل عاطفيّة ترى الإسلام محاربا والمرأة المسلمة مستضعفة مستهدفة.
فوجدت الأمة، ولا سيما شبابها ونساؤها المخلصون من الذين يبحثون عن تغيير الأوضاع الفاسدة أنفسهم بين خيارين ظنوا أن لا ثالث لهما:
-     فإما الانخراط في المنظومة الفكريّة الغربيّة الرّأسماليّة بدعوى الحداثة والتقدّم، فالانسلاخ من الدين والتبرّؤ من الأمّة وتاريخها وتشريعها والتبعيّة للغرب أبدا.
-     أو الانهزام فكرياً فالقبول بإسلامٍ مُعَدّلٍ يرضى عنه "السيّد" الأمريكيّ أو أوروبا، أو الانهزام سياسياً فالقبول أن نكون مسلمين بالوراثة وأداة من أدوات العلمانيّة بالفعل...
 من هنا كان هذا المنتدى "نضال المرأة بين عز الإسلام والأنظمة الوضعية" لنقول للمسلمين عامّة ولنساء المسلمين خاصة أن خيارا ثالثاً كان وما زال موجوداً، خيارا قائماً على مبدأ الإسلام كما أنزله الله على نبيّه الكريم ﷺ غايته واضحةٍ محددة، والنّضال فيه قائمٌ على فكرٍ إسلاميّ بيّن لا لبس فيه. ولنقول إنّ الفكر الغربيّ بهرج زائف لا يصمد أمام الأدلّة، وإنّ شعاراتهم زينة عارضة مظهر بلا مخبر، اسم بلا مسمّى، لا مناص من كشف زيفها ورفع القناع عن مروّجيها والنّضال الدّائب والكفاح المستمرّ من أجل قلع منظومة الفساد الغربيّة وتثبيت نظام الإسلام العظيم.
وقد تناولنا أربعة محاور أساسية:
المحور الأول: نضال المرأة والواقع السياسي
المحور الثاني: المتاجرة الإعلاميّة بقضايا المرأة
المحور الثالث: نضالي سياسيّ وسيستمرّ حتّى التغيير
المحور الرّابع: نضال المرأة في الإسلام عزّ وتمكين
وفي ختام المنتدى، نؤكد نحن شابّات حزب التحرير / ولاية تونس الأمور التالية:
1- حقيقة يجب أن تظلّ منقوشة في العقول والقلوب:
أنزل الله سبحانه وتعالى الإسلام وحيا على الرسول ﷺ، رحمة بالعالمين إلى يوم القيامة، وفرض الله سبحانه وتعالى على المسلمين أن تكون كلمة الإسلام في العالم هي العليا بإقامته نظاما تطبّقه دولة وتحمل رسالته إلى العالمين. قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.
وشرع سبحانه وتعالى طريقة عملية لتنفيذ مراده، فناضل الرّسول ﷺ الكفّار وتحدّاهم ودحض أفكارهم فبيّن زيفها حتّى صار الإسلام رأيا عامّا لا في مكّة فحسب بل في كامل الجزيرة العربيّة، ولمّا وجد في الأنصار قوّة ومنعة أقام الدّولة الإسلاميّة أوّل مرّة في المدينة المنوّرة فنظّم حياة النّاس فيها حسب ما كان يوحى إليه من ربّه، وجيّش السرايا والجيوش يبعثها في سبيل الله تحمل راية الإسلام وتزيل كلّ الموانع الماديّة التي تتحصّن بها قوى الكفر وتمنع دعوة الإسلام أن تصل إلى النّاس، فوحّد الجزيرة العربيّة ثمّ توجّه نحو بلاد الشّام لفتحها وإدخالها حظيرة الإسلام.
هكذا كانت حياة الرسول ﷺ، عملاً يوميّاً دؤوباً ونضالاً لا يفتر من أجل إقامة الإسلام في الأرض، والتحق الرّسول ﷺ بالرّفيق الأعلى جلّ وعلا وقد أدّى الأمانة وبلّغ ما أُنزل إليه من ربّه وجاهد في الله حقّ جهاده. وواصل أصحابه رضي الله عنهم من بعده حمل رسالة الإسلام للعالم فامتدّت الدّولة الإسلاميّة واتّسعت وأَمِن الناس في ظلّها وحلّ السلام العالمي قرونا طويلة، غير أنّ المسلمين طرأ عليهم ضعف شديد فضيّعوا أنفسهم والعالمين بتضييع دينهم وأمانة ربّهم فتمكّن منهم الكفّار فاستعمروا بلادهم ومزّقوها وأسقطوا الدولة التي أسّسها الرّسول ﷺ، وعاد الأمر جاهليّةً جهلاء يأكل القويّ الضعيف، وهيمن النّظام الرّأسمالي وعمّ الفساد في الأرض وصار النّاس في بلاء شديد، وصدق الله حين يقول: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ﴾ [سورة طه: 124].
وبناء على ما تقدّم نؤكّد:
2- أنّ هيمنة النظام الرأسمالي الليبرالي وفساده وإبعاد الإسلام من الحياة هو الموجب الأساسي والرئيسي للنضال والكفاح من أجل قلعه من جذوره.
3- وأنّ نضال المرأة المسلمة لقلع الرأسماليّة هو اليوم أوكد، لا سيما وأدعياء الرأسماليّة الليبراليّة يزعمون أنّهم حرّروا المرأة وجعلوها مساوية للرّجل. والحقيقة أنّ المرأة تحت هذا النّظام صارت تكابد المشاقّ وتتعرّض إلى أبشع أنواع التعسّف والقمع، وأُهملت إهمالا وتُركت دون رعاية بذريعة المساواة التامّة بين الرّجل والمرأة. حتّى بان لكلّ ذي عينين أنّ النظام الرأسمالي الذي أهان المرأة وأفسد حياتها ودمر آمالها وحط من قيمتها هو نظام مفلس لا حلول فيه لمشاكل البشر وبخاصّة مشاكل المرأة، وما تصرح به الجهات الرسميّة (دول، ومنظّمات عالميّة...) من أرقام وإحصائيات لهو أظهر دليل وأقوى برهان.
4- أنّ النضال والكفاح واجب في حقّها كما هو واجب على الرّجال سواء بسواء. قال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [سورة آل عمران: 104]. فالله سبحانه وتعالى لم يخصّ بفرض إقامة الإسلام والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر الرّجال دون النّساء؛ ذلك أنّ الخطاب الشرعيّ بوجوب الدّعوة إلى الإسلام والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر عامّ لكلّ إنسان، والعامّ يبقى على عمومه ما لم يرد دليل يخصّصه. ولمّا لم نجد دليلا يخصّ الرّجال دون النّساء تيقّنّا أنّ فرض النّضال والكفاح ضدّ أنظمة الكفر يشملنا نحن النّساء كما يشمل الرّجال. هذا وقد صاحبت المرأة نضال الرّسول ﷺ؛ فكانت خديجة أمّ المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها أوّل المؤمنين برسالته وأكبر عون ونصير لدعوته الحقّ، وكذلك كانت نساء المؤمنين شقائق للرّجال في حمل أعباء الدّعوة إلى الإسلام.
5- أن التقاعس والخضوع والرضا بهيمنة الرّأسماليّة بذريعة الضعف وقلّة الحيلة هو سكوت عن الجريمة، بل مشاركة فيها، ولا حجّة لنا يوم القيامة أمام ربّنا، فالله سبحانه وتعالى كلّفنا بالدّعوة إلى الإسلام وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو القائل: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا...﴾ الآية، وفي الآية دلالة قويّة على أنّنا قادرات على قلع الكفر وإقامة الإسلام وأنّ التذرّع بضعف المرأة وقلّة حيلتها تكذيب لقول الله لا حجّة لنا فيه يوم القيامة، ولم يبق إلّا أن نتوكّل على ربّنا ونقوم كالرّجال بالنضال والصراع الفكري والكفاح السياسي.
6- أن الكفاح لا بد أن يكون ضد سياسة المستعمر الذي تعمّد أن يحارب ديننا ويقصيه من الدّستور والقوانين بل والعمل السياسي الحزبي، وهو يتدخل في كلّ كبيرة وصغيرة في حياتنا (من سياسة وتعليم واقتصاد وعلاقات اجتماعية...) يريد أن يحدّد لنا نمط عيش على هواه خاضعا لأفكار الكفر الرّأسماليّة الليبراليّة بدليل أنّه يسوق عملاءه سوقا ويجعلهم يوقّعون باسمنا (زورا وبهتانا) اتفاقيات ظالمة مظلمة يعمل من ورائها على إقصاء عقيدة الإسلام وأحكامه وتهميش الشباب ونهب الثروات وتجويع الناس.
7- أن الأمة الإسلامية، وتونس جزء منها، هي خير أمة أخرجت للناس، مهما بلغها من سوء وطالتها يد المستعمر لا بد أن يكون النضال فيها من منطلق مبدأ الإسلام العظيم، الدّين الذي اختاره لنا ربّنا العزيز الكريم، وأن المعالجات الصحيحة لكلّ مشاكل الإنسان هي منبثقة من العقيدة الإسلاميّة، أحكام شرعيّة من لدن خبير عليم.
8-  أنّ المرأة ما اكتسبت عزة وكرامة وقيمة إلا في ظل دولة الإسلام فكانت شقيقة الرجل كما قال سيّد المرسلين ﷺ: «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» حاملة الدعوة وناصرة النبوة وعالمة وفقيهة وطبيبة وسياسية بارعة وقاضية... ولا تلقى في عيشها إلا الرعاية والاهتمام في عزٍّ وتبجيل. وهو ثابت في التاريخ لا يمكن نكرانه.
وختاما فإننا - شابّات حزب التحرير- نحبّ الخير لكنّ وندعوكن أخواتي إلى خيري الدّنيا والآخرة بالعمل معنا من أجل إقامة الإسلام؛ بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ففيها عز الدنيا وكرامة الآخرة. ونذكّركنّ بأنّ الخلافة التي يدعو لها حزب التّحرير هي فرض فرضه الله على جميع المسلمين كفرض الصّلاة، وإنّ كلّ من عمل لها طاعةً لربّه وسعياً لمرضاته من ذكر أو أنثى كالسابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار.
قال تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ﴾
القسم النسائي في المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في ولاية تونس
التاريخ الهجري              8 من صـفر الخير 1439هـ       رقم الإصدار: 02 / 1439

التاريخ الميلادي               السبت, 28 تشرين الأول/أكتوبر 2017 م          

No comments:

Post a Comment