Friday, May 1, 2015

خبر وتعليق: الضمير الأوروبي يغرق في المتوسط

خبر وتعليق: الضمير الأوروبي يغرق في المتوسط

الخبر:‏ اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي، يوم الخميس 23/04/2015م في العاصمة البلجيكية بروكسل، ‏للتصدي للأرقام القياسية لمن يغرقون أثناء محاولتهم الهرب من الحرب والفقر في الشرق الأوسط ‏وأفريقيا. وقرر الاتحاد الأوروبي مضاعفة تمويل مهمة البحث والإنقاذ التي ينفذها في المتوسط ثلاث ‏مرات.‏
وكان الاجتماع عقد بعد غرق زهاء 900 شخص في سفينة واحدة يوم الأحد الماضي.‏
وأعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في ختام هذه القمة الأوروبية الطارئة، إنه "علينا ان ‏نتصرف بسرعة وهذا يعني أننا سنضاعف ثلاث مرات تمويل عملية تريتون" لمراقبة الهجرة غير ‏الشرعية في البحر المتوسط.‏
وكانت المستشارة الألمانية قد أكدت، لدى وصولها إلى الاجتماع، أن قيم أوروبا ومصداقيتها أمام ‏باقي العالم على المحك، "ومن ثم فإن قضية اليوم في غاية الأهمية فيما يتعلق بإنقاذ الأرواح." السفير

التعليق:‏ في الواقع لم يسفر هذا الاجتماع عن أكثر من طرح خيارات باهتة على رأسها مهاجمة المهربين ‏وإقامة مخيمات للمهاجرين، وحتى هذه الخيارات لم يتم التوافق عليها من قبل دول الاتحاد البالغ عددها ‏‏28. ولم يكن أكثر من استرضاء للضمير الشعبي الذي لم يستطع الإعلام ترضيته بعدما فضحت صور ‏الغرقى في عرض البحر عجز أوروبا عن حل هذه المشكلة الإنسانية على سواحلها.‏
وقد كذب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك حين قال إنه لا أحد يتوهم أن القادة يستطيعون حل ‏المشاكل على الفور، مضيفًا "لا يمكننا ذلك. الأسباب الحقيقية هي الحرب وعدم الاستقرار والفقر في ‏المنطقة بأسرها". كذب لأنه يعلم تمامًا أن السبب الحقيقي لهذه الكوارث والحروب وهذا الفقر هو الاتحاد ‏الأوروبي نفسه والغرب بشكل عام الذي قاد العالم برأسماليته العفنة حتى أدت إلى هذا الجوع والتشريد ‏بسبب النهب والسلب واغتصاب السلطة وما يتسببه من ترويع ودمار لضمان مصالحه في هذه البلاد. كل ‏ذلك من أجل أن تُشبع حاجات الأوروبي الغربي المتميز على حساب ما سماه بالعالم الثالث تعبيرًا عن ‏عدم استحقاقه للحياة لأنه عالم متخلف. فلو أن هذه الدول كفت أيديها عن العبث في سياسات بلادنا، ‏وزهدت عن خيراتنا التي تنهبها، لكان الحل أسرع من طرفة عين.‏
دول أوروبا الآمنة على حسابنا، تعجز عن استيعاب المهاجرين المشردين بذرائع واهية تدل على ‏عدم جديتهم حتى في تحمل ما يسمونه المسؤولية الأخلاقية، والإحجام عن إغاثة الملهوف، في وقت يعاقب ‏فيه القانون الدولي المزعوم كل من لا يمد يد العون لإنقاذ حياة المضطر. وفوق ذلك نجد أن الاتحاد ‏الأوروبي (اليونان وإسبانيا على وجه التحديد) يوجه الرصاص إلى صدور الهاربين من الظلم، ويرد ‏بعضهم حتى لا يصل إلى شواطئه الدولية فلا يتحمل مسؤولية موته أو واجب إنقاذه.‏
أكثر من 800 شخص غرقوا في يوم واحد أثناء محاولتهم عبور المتوسط، مما يزيد عدد قتلى هذا ‏العام من المهاجرين ليصل إلى 1750 شخصًا. والعام ما يزال في ثلثه الأول. وفي تقدير للمتحدث باسم ‏المنظمة الدولية للهجرة فإن عدد القتلى قد يفوق 30 ألفًا لهذا العام، في حين بلغت العام الماضي 3279 ‏شخصًا. ‏
رئيس فرنسا أكبر دولة أوروبية يصرح أنه قادر على استيعاب 700 لاجئ ليس غير، في ذات الوقت ‏تواجه ميركل نشاطات داخلية معادية للمهاجرين تجعلها تعيد النظر في أي إجراء من شأنه أن يزيد من ‏تفاقم أزمة النازيين الجدد في البلاد، وخاصةً بعد حادثي اعتداء على ملجئين للمهاجرين تعرّضا للحرق ‏مؤخرًا من قبل مُعادين للأجانب.‏
إن دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هي وحدها ملجأ الملهوفين وملاذ المضطرين، ودار السلام ‏لكل الأجناس وموطن الأمن لكل الأعراق، ولا فرق فيها بين عربي وأعجمي، ولا أبيض وأسود، ولا تابع ‏ووافد، ولا مقيم ومهاجر، فالكل سواسية، وهم رعايا دولة راشدة لا تقبل الظلم، ولا ترضى باضطهاد أحد ‏لأحد ولا استعباد أحد لآخر.‏
‏﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ ‏إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾‏
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
يوسف سلامة - ألمانيا
12 من رجب 1436
الموافق 2015/05/01م

No comments:

Post a Comment