Wednesday, May 27, 2015

خبر وتعليق: هل هذا تناقض أم تلاعب من قبل أمريكا، ولماذا؟!



خبر وتعليق: هل هذا تناقض أم تلاعب من قبل أمريكا، ولماذا؟!

الخبر: قال وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر يوم 2015/5/24 لقناة (سي إن إن) في تعليقه على سقوط الرمادي قبل أسبوع في يد تنظيم الدولة الإسلامية إن: "ما حدث كما يبدو هو أن القوات العراقية لم تظهر أي إرادة للقتال، لم يكن مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية أكثر عددًا. في الحقيقة، كانت القوات العراقية أكثر عددًا من القوة الأخرى". فأوجد ذلك ردة فعل لدى النظام العراقي تبرر للوزير الأمريكي تصريحه، فقال حيدر العبادي رئيس وزراء النظام العراقي إن "كارتر كان مؤيدًا جدًا للعراق وأنا واثق أنه تم تزويده بمعلومات خاطئة". وقال إن "القوات العراقية ستستعيد الرمادي خلال أيام" (بي بي سي 2015/5/25) وبعد ذلك بيومين يقوم البيت الأبيض وينشر بيانًا باسم نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن يقر فيه "بالتضحيات الهائلة والشجاعة التي أبدتها القوات العراقية في الأشهر الثمانية عشر الأخيرة في الرمادي وغيرها" (رويترز 2015/5/26) وتعهد بأن "تقدم الولايات المتحدة دعمًا كاملًا للجهود العراقية لتحرير الأراضي من تنظيم الدولة الإسلامية".

التعليق: باعتبار أن أمريكا ليست دولة كبرى فحسب، بل تعتبر الدولة الأولى عالميًا، فعندما يقوم مسؤولوها بالتناقض في التصريحات فإن هذا يدل على مستوى هابط لدى هذه الدولة في إدارة الأمور، وأن هناك تلاعبًا في الطرف التابع لها لتنفيذ سياسات معينة؛ مثلما فعلت مع دول الخليج فتقول لهم إن أكبر خطر عليكم هو إيران فعليكم أن تقبلوا بنصب الدرع الصاروخي الأمريكي، ومن ثم تقول إن الخطر الداخلي عدم وجود الديمقراطية والاضطهاد السياسي أكبر من الخطر الإيراني.
وكما شككت في الوجود الإيراني في اليمن ووقوفه وراء الحوثي ومن ثم أقرت به، وهي تقر بانقلاب الحوثي على الرئيس اليمني المنتخب وتدعي أنها مع هذا الرئيس وتطلب منه التفاوض مع الانقلابيين.
وكذلك يحدث انقلاب في مصر على رئيس منتخب ديمقراطيًا كانت تؤيده، ومن ثم لا تبدي رأيًا فيه ولا تقول أنه انقلاب أو غير انقلاب، ومن ثم تقول إن حركة الجيش في مصر هي لإعادة الديمقراطية.
وكذلك كما فعلت في الشأن السوري فاعتبرت الأسد جزءًا في الحل ومن ثم قالت ليس للأسد مكانٌ في سوريا. وكذلك تقول إن إيران تدعم الإرهاب وحزبها في لبناني إرهابي ومن ثم تسمح لإيران وحزبها أن يتدخلوا ويحاربوا في سوريا وتطلب من النظام العراقي والنظام اللبناني أن يسهلوا لهم الطريق، في الوقت الذي تدعي أنها مع الثوار وتمنع عنهم وصول السلاح بذريعة الخوف من أن يصل إلى من تطلق عليهم الإرهابيين والمتطرفين في الثورة السورية.
فكل ذلك تناقض وهو عبارة عن تلاعب يجري لتمرير سياسات وتحقيق أهداف بأساليب هابطة مفضوحة من قبل دولة تدّعي أن لديها قيمًا رفيعةً وتحمل مشعل الحرية للشعوب!
ويستمر مسلسل التناقض عندما تقول أنها مع وحدة العراق في الوقت الذي تعمل على تجزئته داخليًا عندما وضعت دستورًا للعراق يقسمه فدراليًا ويقر بالمحاصصة الطائفية التي توجد الاختلاف وتؤججه وتؤدي إلى التجزئة، وتقول إنها ضد التدخل الإيراني وهي تقر بوجوده وبدعمه للحشد الشعبي.
وكذلك تقول إنها ضد تنظيم الدولة الإسلامية وقد طلبت من الجيش العراقي في نينوى الذي أسسته وسهرت على تأسيسه وبوجود نائب رئيس الأركان العراقي وقائد القوات البرية أمرته وهو مجهز بأحدث الأسلحة ويبلغ تعداده عشرات الآلاف ويقال أنه كان يبلغ حوالي 50 ألفًا أمرته أن يترك سلاحه وعتاده ويخلع ملابسه أمام ألفين من المقاتلين ويترك الأموال في البنوك لتكون غنائم لتنظيم الدولة ليتقوى بها. مع العلم أنه يوجد اتفاقية أمنية بين أمريكا والعراق تقضي بالتدخل الأمريكي في حالة تعرض العراق لهجوم عليه أو تعرض النظام للخطر ومع ذلك أمريكا لم تقم بالتدخل سوى التدخل بالضربات الجوية المحددة فيما بعد عندما يتجاوز التنظيم حدود منطقة الإقليم السني الذي تخطط له.
وقد ظهر التناقض في موضوع سقوط الرمادي، فقوات التنظيم تتحرك من سوريا وأماكن أخرى ولا تقوم الطائرات الأمريكية بضربها وتتركها تصل إلى الرمادي!
وقد تجلى هذا التناقض عندما يقول وزير الدفاع الأمريكي إن الجيش العراقي لم يظهر أي إرادة للقتال، فيتهم هنا الجيش العراقي بالتقصير ويعلق عليه سبب الهزيمة، ومن ثم يأتي نائب الرئيس الأمريكي ويقر بالتضحيات الهائلة والشجاعة التي أبدتها القوات العراقية، فهذا التناقض هو تلاعب لأهداف معينة، ويبدو أنها لإظهار أن الجيش العراقي عاجز أو غير قادر على دحر تنظيم الدولة، ليكون مبررًا للتدخل الإيراني وقيادة الحشد الشعبي ولتبرر دعمها لذلك، حتى يتم تأجيج الحقن الطائفي وردة الفعل الطائفي، فيسهل عملية تقسيم العراق طائفيًا وتأسيس إقليم سني كما تخطط له أمريكا، ليكون العراق بلدًا مقسمًا طائفيًا متصارعًا، وحدته هشة لا تقدر على شيء، وحتى لا يشكل خطرًا على أمريكا مستقبلًا، بل ليكون معرقلًا لطرد النفوذ الأمريكي من هناك كما حصل في بداية الاحتلال الأمريكي للعراق حيث أصدر السيستاني الذي يعتبر مرجعية شيعية كبيرة بتحريم مقاومة الاحتلال الأمريكي وطلب التعاون معه ومقاومة الذين يقاومونه وعمل على شرعنته والانخراط في النظام الجديد الذي أقامه للعراق، وبذلك تجعل العراق عقبة في وجه وحدة المسلمين في دولة واحدة لا تميز بين من يحمل تبعيتها.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور
10 من شـعبان 1436
الموافق 2015/05/28م

No comments:

Post a Comment