Friday, January 24, 2014

مع الحديث الشريف: الصرف

مع الحديث الشريف: الصرف

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روى البخاري في صحيحه قال:
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُثْمَانَ يَعْنِي ابْنَ الْأَسْوَدِ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْمِنْهَالِ عَنْ الصَّرْفِ يَدًا بِيَدٍ فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ أَنَا وَشَرِيكٌ لِي شَيْئًا يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً فَجَاءَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ
فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: فَعَلْتُ أَنَا وَشَرِيكِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَسَأَلْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَذَرُوهُ".
جاء في كتاب فتح الباري لابن حجر:
قَوْلُهُ: (شَيْئًا يَدًا بِيَد وَنَسِيئَة)
تَقَدَّمَ فِي أَوَائِل الْبُيُوعِ بِلَفْظ "كُنْت أَتَّجِرُ فِي الصَّرْفِ".
قَوْلُهُ: (مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَرَدُّوهُ)
فِي رِوَايَة كَرِيمَة "فَذَرُوهُ" أَيْ اُتْرُكُوهُ، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ "رُدُّوهُ" بِدُونِ الْفَاءِ، وَحَذْفهَا فِي مِثْلِ هَذَا وَإِثْبَاتهَا جَائِز، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ تَفْرِيق الصَّفْقَة فَيَصِحُّ الصَّحِيحُ مِنْهَا وَيَبْطُلُ مَا لَا يَصِحُّ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ قَالَ: "بَاع شَرِيك لِي دَرَاهِم فِي السُّوقِ نَسِيئَة إلى الْمَوْسِمِ" فَذَكَرَ الْحَدِيث وَفِيهِ "قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَنَحْنُ نَتَبَايَعُ هَذَا الْبَيْع فَقَالَ: "مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلَيْسَ بِهِ بَأْس، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَلَا يَصْلُحُ" فَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ : "مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ" أَيْ مَا وَقَعَ لَكُمْ فِيهِ التَّقَابُض فِي الْمَجْلِسِ فَهُوَ صَحِيحٌ فَأَمْضُوهُ، وَمَا لَمْ يَقَعْ لَكُمْ فِيهِ التَّقَابُض فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَاتْرُكُوهُ
يبين هذا الحديث الشريف حكم الصرف في الإسلام
والصرف هو استبدال عملة بعملة, سواء أكان استبدال عملة بعملة من جنسها: كاستبدال الذهب بالذهب, أو الفضة بالفضة, أو الدولار بالدولار, أو اليورو باليورو.
أو استبدال عملة بعملة من جنسين مختلفين: كاستبدال الذهب بالفضة, والفضة بالذهب أو الدولار باليورو, أو الدينار بالريال.
والصرف في الإسلام جائز لكن بشروط:
فإن كان الصرف بين عملة وعملة من جنسها فيشترط التماثل ولا يجوز التفاضل فيه مطلقاً. فلا يجوز أن يبادل دينارا ذهبيا بدينارين ذهبيين مثلا, بل يكون الصرف ديناراً بدينار, أو درهما بدرهم, أو دولار بدولار.
أما إن كان الصرف بين عملتين من جنسين مختلفين فإنه يجوز التفاضل بينها لكن يشترط التقابض في مجلس العقد فالحديث الشريف يبين أنه يجب أن يكون التقابض في الصرف بين عملتين مختلفتين: يدا بيد ولا يحل التأجيل.
ونسبة الاستبدال بين عملتين مختلفتين يسمى سعر الصرف.
والصرف ضروري في العمليات التجارية, الداخلية منها والخارجية أي في حال البيع والشراء في الأسواق المحلية أو في الاستيراد والتصدير من وإلى الدول الخارجية كما أنه يلزم في حال السفر إلى الخارج, ولذا من المهم أن يعرف المسلمون شروط صحة الصرف بين العملات لأنها من المعاملات التي لا يستغني عنها التجار خاصة والناس عامة.
كما يجوز أن تفتح المصارف للاتجار بالعملات وما يحصل عليه المصرفي (الصراف) من أرباح نتيجة مبادلته للعملات المختلفة هو مال حلال, ما دام يلتزم شروط الصرف الشرعية .......العملتان من جنس واحد: بلا تفاضل, والعملتان من جنسين مختلفين يجوز التفاضل لكن بشرط التقابض في مجلس العقد.
أما كيف يحصل الصراف على الأرباح فمن تغير سعر صرف العملات, إذ لا يبقى سعر صرف العملات على حال, بل يتغير ارتفاعاً وهبوطاً تبعاً لسعر العملة في السوق إن كانت معدنية وتبعاً لظروف الدول الاقتصادية أو السياسية إن كانت العملة معدنية أو ورقية إلزامية ويكون التغير في سعر صرف العملة الورقية الإلزامية أكثر تذبذباً وتغيراً، لأن قيمته آتية من القانون وليست قيمة ذاتية, لذا فلا غرابة في أن تتعرض هذه العملات إلى الهزات والتغيرات المفاجئة والكارثية تبعا لظروف الدولة صاحبة العملة السياسية أو المالية. والنظام الورقي الإلزامي هو ما تسير عليه دول العالم اليوم.
لكن الدولة الإسلامية القادمة قريبا بإذن الله لن تتأثر كثيراً بتغير سعر صرف عملتها, لأنها ستتبع في نقدها نظامي الذهب والفضة, أما الذهب فهو معدن نفيس في ذاته ومهما طرأ على سعره في سوق الذهب من تغيير فلن يكون تغييراً كبيراً مؤثراً على اقتصاد الدولة وموقفها المالي, لأنه سيبقى معدنا نفيساً. وأما الفضة فهي لمبادلة السلع والخدمات رخيصة التكاليف وهي أيضاً معدن له قيمته الذاتية التي مهما تغير سعره في السوق فسيبقى محافظاً على قيمته الذاتية.
وهي (الدولة الإسلامية) ستتعامل مع دول العالم تجارياً فهي ستكون دولة صناعية بل رائدة الدول الصناعية بإذن الله كما أنها دولة منتجة للمواد الخام التي يحتاجها العالم ولا غناء له عنها من بترول وغاز وحديد وذهب .....في حين أنها لن تكون بحاجة إلى سلع العالم وخاماته لذا فهي حين تقوم بعمليات الصرف بين عملتها وعملة أي دولة أخرى ستحافظ على سعر صرف عملتها لأنها معدنية بل من معدن نفيس ذي قيمة عالية وثابتة نسبياً في السوق, وهي في ذات الوقت لن تخشى من تسرب عملتها إلى الخارج لأنها ستكون مستغنية بذاتها عن سلع الدول الخارجية ولن تضطر إلى دفع نقودها لشراء سلع من الخارج مما يحفظ لها احتياطيها النقدي ويبقيها دولة قوية اقتصادياً ومالياً.
كما أن كونها دولة حاملة مبدأ ....ستكون في حالة نشاط دائم اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً مما يجعل لعملتها قوة وهيبة واحتراماً .....ولن تكون كأمريكا اليوم قوتها تكمن في استغلالها لدول العالم وسيطرتها على اقتصاداتها, وخداعها وتضليلها للعالم ...... لكن حقيقتها وحقيقة موقفها المالي والنقدي أنه نمر من ورق مظهره مخيف وجوهره فارغ ضعيف.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
23 من ربيع الاول 1435
الموافق 2014/01/24م

No comments:

Post a Comment