Wednesday, January 29, 2014

خبر وتعليق: هونغ كونغ الرأسمالية تعاني من مستويات مرتفعة من رق النساء

خبر وتعليق: هونغ كونغ الرأسمالية تعاني من مستويات مرتفعة من رق النساء
(مترجم)

الخبر: في الآونة الأخيرة أصبحت الأضواء مسلطة على هونغ كونغ الديمقراطية، البلد ذات الصورة المتمدنة والمكانة العالية، باعتبارها واحدة من المراكز المالية العالمية بسبب الممارسات التي "تشبه الرق" والتي يعاني منها مئات الآلاف من العمال المهاجرين إليها. إن قضية إرويانا سوليستيانينجسي - وهي عاملة منازل إندونيسية قد تعرضت لسوء المعاملة على يد صاحب عملها لمدة ثمانية أشهر حتى وصلت تقريبًا لحالة الشلل - أثارت تعاطف الجمهور في هونغ كونغ، وأدت إلى مسيرة كبيرة في 12 كانون الثاني/يناير وخرج فيها 6000 إندونيسي وعمال فلبينيون مهاجرون وكذلك سكان هونغ كونغ أنفسهم. وقد طالبوا جميعًا شرطة هونغ كونغ بتقدم التحقيق في قضية إرويانا، وكذلك بمراجعة الأسلوب الذي استخدمته الشرطة في التعامل مع الشكوى الصادرة عن عاملة المنازل المهاجرة.
وأوردت صحيفة (South China Morning Post) أن شرطة هونغ كونغ رفضت في البداية التحقيق في قضية إرويانا، وقد أثار هذا احتجاجًا شديدًا من الجمهور. والجدير بالذكر أن هذه لم تكن أول قضية عنف ضد عاملات المنازل في هونغ كونغ. فقد نشرت بعثة هونغ كونغ للعمال المهاجرين (MFMW) دراسة العام الماضي بناء على مقابلات مع أكثر من 3000 من عمال المنازل الأجانب، وقد وجدت أن ثلث هؤلاء العمال لم يخصص لهم مسكن مناسب. بالإضافة إلى ذلك، فقد أصدرت منظمة العفو الدولية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي تقريرًا يدين الظروف "الشبيهة بالرق" التي تواجهها آلاف النساء الإندونيسيات العاملات في هونغ كونغ، واتهمت حكومة هونغ كونغ بغض الطرف وعدم التصدي لهذه الممارسات والتي تمثل عبودية حديثة.
وتعتبر هونغ كونغ موطناً لحوالي 300,000 خادم قادمين من بلدان جنوب شرق آسيا بشكل رئيسي معظمهم من النساء - أغلبهن من إندونيسيا والفلبين - وقد تعرضت لانتقادات متزايدة من مجموعات مهتمة بسبب المعاملة التي يتعرض لها هؤلاء العمال. وبسبب السياسات المفروضة على العمال المهاجرين، فإن الخادمات يترددن في الإبلاغ عن الإساءات التي يتعرضن لها خوفًا من فقدان مصدر رزقهن وترحيلهن إذا لم يجدن وظائف جديدة بسرعة.

التعليق: هذا هو الثمن الباهظ لطراز الحياة الرأسمالية في مدينة يقال إنها تمثل التقدم الاقتصادي الحديث في آسيا. وهونغ كونغ التي تتمتع بمؤشر مرتفع للتنمية البشرية، تعمل على تكريس واستمرار إذلال الكرامة الإنسانية حيث يتم التمييز ضد مئات الآلاف من عاملات المنازل، واللواتي يعانين من سوء بيئة العمل وحتى إنهن يتعرضن للاعتداء البدني. ولا تعتبر هونغ كونغ استثناءً، فعدة مدن في الغرب الرأسمالي والتي تعتبر رائدة في الحياة العلمانية الحديثة مثل لندن وأوهايو، تعاني كذلك من مستويات مرتفعة من التجارة بالنساء واستعبادهن. وهذا يثبت فشل الدول الديمقراطية الرأسمالية في منع العبودية والظلم وإذلال الملايين من النساء الضعيفات وحماية الكرامة الإنسانية.
لقد نجحت الرأسمالية في هذا العصر في بناء حضارة بشرية مفترسة جشعة. وجاء هذا نتيجة لإنشائها نظامًا يعتمد على الفرق الهائل في الثروة والذي تسبب بهجرة اقتصادية هائلة من الدول الأكثر فقرًا سعيًا وراء فرص عمل والتي غالبًا ما تكون منخفضة الأجر وترافقها ظروف سيئة، ويتمتع فيها صاحب العمل بالتزامات أقل بسبب سياسات السوق الحر الرأسمالي التي تعتبر الربح المادي مقدماً على الكرامة الإنسانية. وهي جشعة كذلك بسبب الطبيعة المادية للفكر الرأسمالي الذي يقدس تحقيق المنفعة المادية والمكاسب الاقتصادية باعتبارها الغاية الرئيسية للمجتمع والذي سيغذي حتمًا روح التجرد من الإنسانية ويغذي كذلك استغلال النساء والضعفاء. هذا بالإضافة إلى حقيقة الآلة الصناعية الرأسمالية التي تستغل المرأة من خلال الإعلانات والمواد الإباحية والترفيه وغيرها من أجل المنفعة، وهذا لا يحط من وضع المرأة فقط، بل كذلك يشجع الرأي القائل بأن استغلال المرأة من أجل المال هو وسيلة مقبولة. هذه هي العقلية نفسها التي يحملها المتاجرون والمشاركون في ممارسة الرق الحديث. وبناءً عليه، ستكون النساء الضعيفات في ظل الرأسمالية دائمًا ضحايا لمختلف أنواع الجشع الرأسمالي مرورًا بأصحاب الأعمال ووصولًا لشركات التوظيف، وليس هذا فقط، بل يشمل الجشع كذلك حكام بلاد العمال المهاجرين الذين لا يهتمون بهم حين يرسلونهم للخارج، وإنما جل اهتمامهم منصب على العوائد والتحويلات الاقتصادية المرتفعة.
وفي تباين واضح بين الرأسمالية النفعية والإسلام العظيم، فإن الإسلام عقيدة وفكراً يركز على منع الظلم والاستبداد بكل أشكاله، بما في ذلك كل أنواع الرق. ومبادئ الإسلام جاءت لمحاربة استعباد الناس، ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ» [صحيح البخاري: رقم 430]

وكذلك أعطى الإسلام المرأة مكانة رفيعة لا يمكن أن توجد في كل المبادئ الأخرى، ويعتبرها عرضاً يجب أن يصان وأوجب الإنفاق عليها، ولم يعتبرها جزءًا من العمالة الرخيصة. ولن يتحقق منع الطغيان والاستبداد وحماية المرأة إلا في ظل نظام الإسلام بإقامة الخلافة التي تقوم على أساس تطبيق جميع أحكام الإسلام في الدولة والحياة والمجتمع. والخلافة هي وحدها القادرة على إيجاد حلول عملية وصحيحة لكافة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها المرأة في جميع البلاد الإسلامية وفي جميع أنحاء العالم بما في ذلك النساء الإندونيسيات.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيكا كومارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
29 من ربيع الاول 1435
الموافق 2014/01/30م

No comments:

Post a Comment