Thursday, January 30, 2014

خبر وتعليق: البرلمان التونسي والدستور الجديد

خبر وتعليق: البرلمان التونسي والدستور الجديد

الخبر: ذكرت البي بي سي في خبر أنه "بدأ البرلمان التونسي التصويت على الدستور الجديد لوضع البلاد على مسار الديمقراطية بعد ثلاثة أعوام من الثورة التي بدأت ...".
  
التعليق:
أولا: إن مسألة الدستور والدسترة والتصويت على الدستور وكتابته؛ سواء من قبل لجنة معينة أو منتخبة أو تغييره كليا أو جزئيا لهو موضة من موضات الغرب، في محاولة للالتفاف على حركة الأمة في التغيير. فعند القوم الدستور هو السلطة التي لا تعلوها سلطة، فما الذي تغير؟ هل تغيرت الأمة أم تغير شخص الحاكم؟ وهل تغيير الدستور فعلا أم عملية تجميلية فقط لدستور مسخ مشوه يتغير كلما جاء حاكم جديد يقوم بتعديلات، أم تغييرات تحفظ سلطته فقط؟ والحقيقة أن الدستور هو نتاج حقيقي لما يريده شخص الحاكم فقط.
ثانيا: إن المنظومة التشريعية لأي أمة من الأمم، وأعلاها الدستور، إنما تعبر عن حضارة الأمة ونظرتها للحياة؛ فمثلا النظام الرأسمالي بنظرته للمصلحة كمقياس بين البشر من الطبيعي جدا أن تتغير المنظومة التشريعية كليا أو جزئيا حسب النظرة إلى المصلحة في الزمان والمكان وحسب القائمين على السلطة، فلا تنكر تغير الأحكام (أعلاها أو أدناها) حسب الزمان والمكان؛ لذا كان التلاعب في المنظومة التشريعية في النظام الرأسمالي بالتغيير والتبديل نتاجا طبيعيا لطبيعة النظام الرأسمالي، فكيف إذا أضيف إليها فساد الطبقة السياسية القائمة على السلطة حين يشرعون لأنفسهم حسب الأهواء والرغبات، وإذا أضيف إليها عمالة القائمين على السلطة حيث سيشرعون لمصلحة الغرب لا لمصلحة شعوبهم، قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: 23]
ثالثا: إن المنظومة التشريعية في الإسلام هي نتاج المبدأ الإسلامي ونظرته للحياة؛ فالإسلام جعل التشريع بيد الله وحده ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 40]؛ حيث حصر وقصر الحكم له تعالى فقط، واعتبرت الآية أن التشريع عبادة لمن شرع، وأن المشرعين بغير ما أنزل الله جعلوا أنفسهم آلهة من دون الله، ومن أطاعهم فقد اتخذهم أربابا من دون الله كما في قوله تعالى ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 31]، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الطاعة في التشريع هي عبادة لمن حلل وحرم (سبب نزول الآية).
رابعا: لم يخبر في تاريخ الخلافة، حتى في حالات الضعف أو سوء التطبيق، مسألة تغيير الدستور لأنه ثابت من ثوابت العقيدة وليس ألعوبة بيد الحاكم ولا المساس بالتشريع ولا مسألة تعطيل الدستور أو إعلان حالة الطوارئ؛ فقد قتل أشرف الخلق بعد الأنبياء أمثال عمر وعثمان رضي الله عن صحابة رسول الله جميعا ولم تتخذ حالة الطوارئ ولا تعطيل الدستور ولا أيٌّ مما يقال في بلاد المسلمين اليوم: بينما يا من شرعتم من حكام ومجالس أتعلمون ماذا فعلتم؟ اتخذتم أنفسكم أربابا من دون الله، ويا من أطعتم وصوّتم فقد عبدتم من شرّع لكم، ويا من تدافعون عن هذا وذاك إنما تدافعون عن باطل وأمر خطير عن عقيدتكم، فهلا استيقظتم من غفلتكم، ويا من عارضتم الدستور لأنه من هذا أو ذاك فأنتم في الخندق نفسه مع من أيد وتابع، ولستم على خير مما فعلتم، وإنما الحق أن مسألة التشريع والمنظومة التشريعية حق من حقوق الله فقط له وحده تعالى ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [النور: 51].
أما أنتم أيتها المجالس التشريعية فقد صدق فيكم قول الشاعر:
قوم تراهم مهطعين لمجلس                فيه الشقاء وكل كفر دان
بل فيه قانون النصارى حاكما            من دون نص جاء في القرآن
تبا لكم من معشر قد أشربوا                حب الخلاف ورشوة السلطان
 كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان (أبو البراء)
 30 من ربيع الاول 1435
الموافق 2014/01/31م

No comments:

Post a Comment