Wednesday, January 29, 2014

بلاد الشام صفوة الأرض وخيرة الرجال

بلاد الشام صفوة الأرض وخيرة الرجال
اقتضت سنة الله في خلقة أن يميز شعوباً عن شعوب ورجالاً عن رجال ومعدناً عن معدن، فالأمم حية وميتة، ومن الرجال قادة ونخبة وأشباه رجال، وفي المعدن ما هو ذهب خالص وما هو أدنى من ذلك بكثير، يخلق ما يشاء ويجعل لذلك أسباباً، فمثلاً اقتضت مشيئته أن يكون الانجليز في جزيرة وتكون صنعتهم الصيد، ويكون الصياد وحيداً يبحث عن منقذٍ في حال الخطر، فبنيت ذهنية الانجليز السياسية على النفس الطويل وعلى فكرة التحالفات التي سبق الانجليز بها غيرهم، وكانت تحالفات الحرب العالمية الأولى والثانية بدعاً جديداً بهذا الاحكام الكبير في العلاقات بين الأمم، وكانت سياسة بلادهم ضاربةً جذورها في الأرض. وأما في أمريكا فكانت الوفرة والخصوبة والرخاء ونخبة السكان المهاجرين قد أورثت عقلية الأمريكي ذكاءً نادراً في السياسة وتركيزاً قل نظيره والتطلع الى العالم الآخر بنظرة التعالي والعنجهية، ومثل ذلك في الشعوب المرموقة في العالم.
وأما شعوب المسلمين من عرب وعجم فكانت الصفات الذاتية فيهم أقل من أن تصنع من أي منهم شعباً عظيماً بصفاته ومهاراته قائماً بذاته، وكان الفرس والروم يطلقون على عرب الجزيرة كلاب الصحراء كناية عن المخاطر الكامنة في صحراء الجزيرة أمام القوافل التجارية لفارس والروم، وأما بلاد الشام فقد كانت أكثر ثقافة من غيرها ففيها النبوات والحضارات القديمة يلحق بها مصر والعراق. والذي يجب أن لا يغيب عن البال أن الاسلام بأفكاره وأحكامه هو الذي جعل من شعوب المسلمين أمةً عظيمة بهذا الدين، وبنى الاسلام فيهم الطبيعة العسكرية والتي تقتضي المسؤولية عن الغير، فأصبح العرب والعجم أمةً واحدة من دون الناس يعيشون طرازاً متميزاً عن غيرهم من الشعوب والأمم، وكانت لهم العظمة بهذا الدين. وكانت بلاد الشام كالشامة في بلاد المسلمين الواسعة، وأما كونها قد تميزت عن غيرها فذلك أن فيها المسجد الأقصى واليه تشد الرحال بعد المسجدين، وقد حباها الله بما ليس لغيرها فهي بوحي منه الى رسوله عقر دار المسلمين، وهي التي تكفل الله بها بنص حديث الرسول المصطفى "عليكم بالشام ، فإنها صفوة بلاد الله ، يسكنها خيرته من خلقه ، فمن أبى فليلحق بيمنه ، و ليسق من غدره ، فإن الله عز و جل تكفل لي بالشام و أهله " وهي الأرض التي تبسط ملائكة الرحمن بأجنحتها عليها فيما رواه زيد بن ثابت عن النبي محمد عليه السلام، وهي التي أكد الرسول عليه السلام على خيريتها فقال "إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم لاتزال طائفة من أمتي منصورين لايضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة ".
ويزيد ابن خلدون في مقدمته وحديثه عن الأقاليم المعتدلة وجودتها وبتصرف يقول ولهذا كانت العلوم والصنائع والمباني والملابس والأقوات والفواكه بل والحيوانات وجميع ما يتكون في هذه الأقاليم مخصوصة بالاعتدال، والناس يبعدون عن الانحراف في عامة أحوالهم ولهذا كان العراق والشام أعدل هذه الأقاليم كلها لأنها وسط من جميع الجهات. وقد رفض ما شاع عند أهل المغرب بأن أهل الشام قد ميزهم الله في أجسامهم وعقولهم عن غيرهم وعلل ابن خلدون تميزهم بالموقع والوسط والاعتدال.
وإذا كنا ندرك أن الاسلام قد صنع من شعوب كثيرة معدناً ذهباً، فإننا لا بد وندرك أن بلاد الشام هي قمة ونخبة هذا المعدن بنص أحاديث المصطفى عليه السلام، فهي بلاد الصفوة وفيها الرجال الأخيار. وندرك كذلك أن هذا التفضيل الشرعي قد ألقى بظله على أهل الشام فكانوا به متميزين، وإن كان ذلك لوحده لا يعليهم فوق باقي المسلمين لأن أصل هذا الدين أن النظرة الى الناس تكون على أساس إن أكرمكم عند الله أتقاكم. وقد تميز أهل الشام بأن كانت أرضهم محط أنظار بني الأصفر لموقعها والأماكن المقدسة فيها وقربها من أعمال الفرنجة فكانت الحروب الصليبية وحملات علوج أوروبا على الدولة العثمانية تختص أهل الشام بشديد مكر الكفار وكان أهل الشام يتصدون لها ومعهم المسلمون من حولهم في مصر والعراق والأناضول.
كانت ممالك أوروبا وقياصرتها يدركون المكانة المتميزة لبلاد الشام فوضعوها نصب أعينهم، وكانت عنوان المطالبات الأوروبية من الدولة العثمانية في مسألة مسيحيي الشرق، وظلت أوروبا تحاول غرس نفوذها في بلاد الشام بالحملات العسكرية المتقطعة والاحتلال المباشر وبرمي البلاد بالأفكار الخبيثة كالقومية والتي زرعها الكافر في الشام ولبنان والقدس كاقليم مركزي كما زرعها في اسطنبول عاصمة القرار في الخلافة العثمانية وكذا في مصر. وعندما تم للكفار هدم الخلافة العثمانية بدء يسقط لبنات الاسلام لبنة تلو الأخرى في ديار الاسلام عموماً لكنه اختص بلاد الشام بتركيز كبير لم يركزه في بلاد المسلمين الأخرى، وذلك ان الكافر المستعمر كان يرى أصالة الدين ومعدن الرجال في بلاد الشام خصوصاً. فعلى المستوى الثقافي والفكر السياسي كان انشاءه للأحزاب الشيوعية في بلاد الشام مبكراً وبرعاية روسيا مباشرةً، وكانت القومية العربية وأحزاب ميشيل عفلق، وتلاها حركات يسارية متطرفة في عدائها للاسلام. وأراد أن ينهي الاسلام في بلاد الشام كلياً.
فقام بعد ذلك وبتدبير خلال عقود لم ينقطع مكره خلالها وبدهاء ومكيدة منقطعة النظير بتفتيت بلاد الشام الى مزقٍ أربعة، الأولى سلمها لليهود فأصبحت فلسطين حكومة وشعباً وأرضاً مملوكة لليهود ولا قرار فيها للمسليمن، وفي المزقة الأخرى قام باعلاء النصارى وسلمهم الحكم بشكل جبري دستوري وأصبح المسلمون فيها أقلية لا ناقة لهم ولا جمل في قرار البلاد، وأما في المزقة الأكبر فقام بتسليمها للنصيريين ليسوموا فيها المسلمين سوء العذاب ويستولون على خيراتها وأمرها وقرارها، وأما المزقة الرابعة فسلمها الى أخلص عملاءه من الماسونيين ليكون دورهم الأبرز قطع دابر من يريد التغيير أو التحرير أو التعرض ليهود. وبقي الكافر يسهر على هذا الوضع المقيت، فيقوم بنفسه بأعمال عسكرية وأكثر من ذلك بأعمال سياسية لترسيخ القائم من الأوضاع وتأبيده بل وجعل بلاد الشام قاعدة خالصة للكفار لضرب المسلمين من حولهم لا سيما عن طريق كيان يهود، والناظر في حجم الأموال التي يضخها الكافر المستعمر اليوم للحكومات والجمعيات القائمة في بلاد الشام لضرب الاسلام ثقافة وأحكاماً ما تعلق ذلك بمكانة المرأة أو ترسيخ ابعاد الدين عن الحكم وغير ذلك، يجد عمق هذا المكر الخبيث.
كان كل ذلك من جهة الكفار، وأما المسلمون فإنهم لم يقبلوا يوماً بهذه الأوضاع فكانت بلاد الشام أكثر بلاد المسلمين غلياناً وطلباً للتغيير، ففيها نشأت الدعوة لاعادة خلافة المسلمين واشتد عودها لتوزع خيرها على كافة بلاد المسلمين، وفيها كانت الثورات ضد الانجليز والفرنسيين وضد اليهود، وفيها كانت الانقلابات العسكرية المتوالية رفضاً للوضع القائم كما في سوريا خلال منتصف القرن الفائت، وعندما ينجح الكفار في نزع سلاح الأمة كانت الأمة تنتفض دون سلاح كما في فلسطين وجنوب الأردن.  وبالمجمل كان الكفار يرون في هذه البلاد مكامن الخطر الأكبر ومنابت خصبة لعظمة المسلمين، ومما تمثل فيه ذلك أن سفراء أمريكا الأوائل المبعوثين لاستطلاع الشرق الأوسط واستعماره بعد الحرب العالمية الثانية قد خلصوا في الخمسينات الى نتيجة أن سوريا بلد متميز يتطلع الى القيادة وفيها منابت العظمة ويجب أن تعاملها أمريكا بشكل خاص يختلف عن مصر والجزيرة والعراق والسودان. ويقول محمد حسنين هيكل وهو عميل متميز للغرب بأن أهل فلسطين لا يوجد ما يشير الى قبولهم ب"اسرائيل" رغم مرور ستة عقود على وجودها على أرضهم وبينهم ورغم قوتها وغلبتها، الأمر الذي لم تجر عليه العادة في المناطق الأخرى الساخنة كجنوب افريقية مثلاً.
وبالمجمل كان المسلمون في بلاد الشام يثورون وينتفضون كما في مدن فلسطين وحلب وحماة خلال القرن العشرين، وكانوا يطلبون سنداً من المسلمين من حولهم، ولم يكن السند يأتيهم ولم يكن أحد ينصرهم بما يكفي، وكانوا يرون المسلمين من حولهم أقل منهم ثورةً وانتفاضاً وأكثر خضوعاً للحكام المتجبرين والذين يمنعون عنهم النصرة، فولد ذلك في نفوسهم عظمةً متأججة واصراراً لا يعرف المستحيل وإن كانوا يلتمسون لاخوانهم من حولهم عذراً ويرجون فيهم خيراً كثيراً. وكانت سائر بلاد المسلمين تسخن بوتيرة متسارعة على وقع بطولات الشام وثوراتها، لكن ذلك كله قد زاد من الأعباء والمسؤولية على أهل بلاد الشام فتعاظمت فيهم الطبيعة العسكرية وتعمق كرههم للكفار ومقتهم للدول الكبرى. ولما سقطت الشيوعية في مهدها فقد فقد الكفار الكثير من أدوات حربهم على الاسلام في بلاد المسلمين فانهارت أحزاب الشيوعية واليسار وخلت الساحة للمخلصين لتحريك الأمة ضد الحكام والنهوض للتغيير، وكانت بلاد الشام لا سيما سوريا تردفها لبنان خصوصاً ساحة خصبة للعمل الاسلامي المخلص بعد أن انخلع عن حافظ أسد ثوب المقاومة وحرب اسرائيل. ومع استعار الحرب الأمريكية على الاسلام مطلع هذا القرن فقد انكشف للقاصي والداني أن الاسلام قد أصبحت له قوة وإن لم تبلغ درجة الدولة بعد، وصار نور الاسلام يترائى من قريب وأصبح عود الاسلام أصلب في كل بلاد المسلمين التي شهدت استعصاءً كبيراً على الغرب لا سيما العراق وأفغانستان، ومع تماهي حكام المسلمين مع الحرب الأمريكية على الاسلام فقد تعاظمت ارادة المسلمين للثورة، وكانت الأمة بانتظار شرارة التغيير.
كشفت شرارة التغيير المنطلقة من تونس عن أصالة أمة لا تستسلم لأقدار تفرضها الدول الكبرى، فهبت نسائم التغيير من تونس واندفع شباب الاسلام منطلقين من المساجد في كل من تونس التي هرب حاكمها ومصر التي انهار حاكمها وأودع السجن وليبيا التي قتلت جلادها شر قتلة واليمن التي نحت حاكمها بعد أن حرقت وجهه ويديه، ووقفت سوريا على عتبة الثورة وانطلقت ضد عدو أشر، وهنا لا بد من وقفة مع أهل الشام ونقاوة معدنهم.
كانت الانتفاضات العربية تهب كالريح التي تعصف بالتراب لتكشف معدن الأمة الدفين، معدن دفنه الكفار وأعوانهم قرابة القرن. فتبين من الأجزاء التي انقشعت أن معدن هذه الأمة هو الاسلام، فكانت انتفاضات المساجد، وكانت همم المشايخ، وكان شباب الاسلام وقود تلك الحرب التي استعرت ضد الحكام، وكانت المطالبات اسلامية بدرجة مقبولة فمن داعٍ لتحكيم الاسلام، الى داع لتحرير فلسطين المغتصبة، وعلى الرغم من أن تلك الثورات لم تكتمل وأن عدو الله الغرب قد استطاع الالتفاف عليها وتسليط حركات ما يسمى بالاسلام المعتدل لتسومها خيبةً بعد فشل، وعودة الى الغرب بعد تمرد، واستمرار مع يهود بعد مطالبات بالبتر، وترحيب بالعاهرات والسياح بعد عزوف وتقبيح، وتحكيم لكفر فوق كفر باسم التدرج. وهكذا شائت ارادة الله أن يري أهل الشام من أنفسهم خيراً.
فكانت ثورة الشام رياحاً عاتيةً يغشاها موج من فوقه موج يدفع معه تراباً كثيراً علق منذ زمن ومن جانبه أعاصير جارفة لا تبقي للتراب وغبار الزمن أثر ولا تذر، لتكشف عن معدن الشام. كانت الثورة السورية الأشد دمويةً في التاريخ الحديث، فهرب العلمانيون من قيادتها وأخلوا الساحة مكرهين للمخلصين، وعجزت الدول الكبرى عن اخمادها ولا تزال، بعد أن جربت العلمانيين فلفظتهم أرض الشام وألقتهم جانباً، وجرب الكفار استخدام الاسلام المعتدل ليكشف معدن ثورة الشام أن الاسلام لا يكون إلا كما كان فانهار المجلس الوطني الذي وضع فيه الكفار عن طريق قطر وآل سعود حفنةً كبيرة من الملتحين المعتدلين أو علمانيي الاسلام المعتدل والذين لم يستحوا من الله ومن عابده فنادوا بدولة مدنية كما أمر الكفار، ولم يتمكنوا من تلويث ثورة قد كشفت الرياح معدنها النقي، ورحلوا ورحلت معهم قطر، فجربت أمريكا امام الجامع الأموي والذي غرق وسط العاصفة ولفظ نفسه مذموماً مدحوراً دون أن يظفر في سوريا بموطئ قدم، واحتار الكفار وهم مرعوبين مهوسين من ثورة يرون أن لجند الخلافة فيها سهم كبير وكبير.
زادت رياح الثورة قوةً وزالت أتربة الزمن وصارت تعود للشام أصالتها ودينها بنقاءه وتميزها وقيادتها، ومع ذلك تعاظم رعب الدول الكبرى من الشام وانخرطت تلك الدول في ثورة الشام تبذل جهودها لاخمادها وتستهلك قدراتها السياسية في منع مارد الخلافة من الظهور، فقد مزق ثوار الشام كل أوراق أمريكا وروسيا وأوروبا ووقف الكبار حيارى يلفهم هلع كبير. فقد صمدت ثورة الشام صموداً منقطع النظير وتحمل أهل الشام ما تنوء عنه الجبال الرواسي، وعلى صخرتها تحطمت أحلام أمريكا وبسببها زاد نزيف النفوذ الأمريكي، فأصبحت على وقعها تخسر في لبنان وايران والعراق وتركيا وغيرها، وانحطت سمعتها وهي الدولة الأولى فمن ناحية لا يمكنها اسداء الدعم المباشر والعلني لعميلها الأسد فصارت بذلك أضحوكة يشير اليها حتى حلفائها كوزير الخارجية الروسي الذي قال اثناء مؤتمر جنيف إن كيري يقول في الجلسات الخاصة غير ما يقوله في الجلسات العلنية.
نتج عن ثورة سوريا والتي أصبحت ثورة اسلام بروز قوة جديدة معتبرة وصلبة اسلامية نقية تقف ضد منظومتي أمريكا وأوروبا، منظومة أمريكا من أسد وائتلاف وبتعاون مع كل ادواتها الاقليمية والدولية ذات العلاقة تريد الحفاظ على نفوذ أمريكا، ومنظومة تصطاد في مياه الثورة عسى أن تظفر بنفوذ في مستقبل الشام، فولدت بين كل ذلك قوة ثالثة لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، تعمل لربها وتكره المستعمرين وتعاديهم، وهذا جديد مستجد، أما وقد أصبحت الدعوة للخلافة في كل بيت في سوريا تماماً كدعوة مصعب بن عمير في المدينة الذي رفع تقريره لقائده محمد عليه السلام قائلاً لم يبق بيت في المدينة إلا وفيه ذكر الاسلام، فقد انقشع معدن الشام النقي الصافي وها هي تعود لتتبوأ مقعدها المتميز بين المسلمين وقد ظهرت بشكل لا لبس فيه صفوة أرض الله وفيها حشد كبير من خيرة عباد الله بعد أن زالت الأتربة والغبار وبان الذهب الصافي على أرضها بعد أن تعانقت دعوة الخلافة علناً لا سراً مع ثورتها ضد حاكمها ووقفت تنتظر أن يتم الله أمره وتكتمل رحلة المهاجرين الى أنصار الله، وربما بقي أن نجيب عن سؤال قد يبرز! فهل كل هذه الحقائق في صفاء معدن الاسلام في الشام ونقاوته مؤشر أكيد على ظهور الاسلام بدولته وعظمته من ثورة الشام؟
والجواب أن ثورة الشام في سوريا والتصاقها بدعاة الخلافة قد أوجد مناخاً لم يوجد مثله قبله في أي بقعةٍ من بلاد المسلمين لاظهار دين الله، وبهذا الحشد الكبير من رجال الاسلام المخلصين في السياسة والحرب والذين يسابق القائد منهم القائد فقد وضعت الشام على الطريق المستقيم لتكون قلب الاسلام النابض ومركزه السياسي، ففيها وبثورتها قد وجد كل ما يلزم لبناء دولة الاسلام العظيمة، وستبقى بلاد الشام بما وصلت اليه حتى اللحظة مركزاً أولاً للاسلام سواء أشائت ارادة الله أن يظهر منها دينه ابتداءً أم من غيرها، فإنها بواقعها اليوم قد شقت طريقها وإن لم يكتمل لتكون عقر دار الاسلام. وهنا نتذكر بأن الرسول محمد عليه السلام قد عزم على جعل مكة وهي مركز الثقل الأول في جزيرة العرب نقطة انطلاق الاسلام، وكانت مشيئة الله أن يكون هذا الشرف للمدينة المنورة، لكن دولة الاسلام الوليدة قد ظلت ترزخ تحت الهواجس والمخاطر وحروب الاقتلاع والاستئصال حتى فتح مكة، لينطلق الاسلام بعدها الى عنان السماء بعد ضمه للمركز السياسي الأول في الجزيرة، وهكذا فإن انطلاقة الاسلام اليوم أينما قام ونشأ فهي غير متصورة قبل ضم الشام، كل الشام وانضمام معدن الاسلام الصافي فيها للطاقة الاسلامية التي ستبلغ بإذن الله عنان السماء من جديد.  

24/01/2014
عصام الشيخ غانم      

No comments:

Post a Comment