Saturday, September 27, 2014

تلخيص كتاب الأجهزة جـ 8

 تلخيص كتاب الأجهزة جـ 8

تتولى دائرة الخارجية جميع الشئون التي تتعلق بعلاقة دولة الخلافة بالدول الأجنبية، سواء أكانت تتعلق بالنواحي السياسية مثل إقامة السفارات، أم كانت تتعلق بالنواحي الاقتصادية أو الزراعية أو التجارية أو المواصلات وغيرها، ولتعقيدات الحياة السياسية واتساعها فنحن نتبنّى أن ينيب الخليفة عنه جهازاً خاصا بالعلاقات الخارجية يتابعه كما يتابع أي جهاز آخر.
أما دائرة الصناعة فهي تتولى جميع شئون الصناعة، سواء تلك المتعلقة بالملكية العامة أم بالملكية الفردية ولها علاقة بالصناعات الحربية، وسواء أكانت من الصناعات الثقيلة أم من الصناعات الخفيفة، فإنها كلها يجب أن تقوم على أساس السياسة الحربية.
إن الدولة يجب أن تكون مالكة لأمرها، تقوم بصناعة سلاحها وتطويره بنفسها لإرهاب كل عدو ظاهر ومحتمل، ولهذا يجب أن تقوم الدولة بصناعة أسلحتها بنفسها دون الاعتماد على أية دولة أخرى؛ حتى لا تتحكم تلك الدولة بها.
وبما أن طريقة حمل الدعوة الإسلامية هي الجهاد يجب أن تكون الدولة دائما مستعدة، فيجب أن تكون الصناعة عندها مبنية على أساس حربي حتى إذا ما احتاجت إلى تحويلها إلى مصانع تنتج الصناعة الحربية سهل عليها ذلك.
القضاء هو الإخبار بالحكم على سبيل الإلزام، فهو إما أن يفصل الخصومات بين الناس ويتولاه القاضي، أو يمنع ما يضر حق الجماعة وهي الحسبة ويتولاها المحتسب، أو يرفع النزاع الواقع بين الناس (سواء أكانوا من الرعايا أم لا) وبين أي شخص من جهاز الحكم أو الموظفين وهي المظالم ويتولاها قاضي المظالم.
يشترط في القاضي أن يكون مسلما حرا بالغا عاقلا عدلا فقيها مدركا لتنزيل الأحكام على الوقائع، ويشترط في قاضي المظالم زيادة على هذا أن يكون رجلا ومجتهدا، كقاضي القضاة، لأنه يقوم بالحكم على الخليفة وتنفيذ الشرع عليه، فعمله من القضاء والحكم، فيجب أن يكون رجلا، ولأنه ينظر في المظالم التي يكون فيها الخليفة قد حكم بغير ما أنزل الله، أو أن الدليل الذي استدل به لا ينطبق على الحادثة، فيجب أن يكون مجتهدا وإلا كان قاضيا عن جهل.
يجوز أن يُقلد القضاة - وهم القضاة العاديون - والمحتسب وقاضي المظالم تقليدا عاما في كافّة القضايا، أو تقليدا خاصا في مكان معين أو في أنواع معينة من القضاء.
القضاء مما يجوز أخذ الرزق عليه من بيت المال؛ لأن كل عمل لمصالح المسلمين تستأجر الدولة من يقوم به على وجهه الشرعي، بدليل أن الله سبحانه قد جعل للعاملين على الصدقات سهما فيها.
والقاضي في المحكمة يكون واحدا ويجوز أن يكون معه غيره ولكن للمشورة فقط، ورأيه غير ملزم، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يعين للقضية الواحدة قاضيين. ولكن إذا كان في محكمتين منفصلتين فإنه يجوز أن يكون في كل منها قاضي مختلف، وأن يكونا في نفس البلد؛ لأن القضاء استنابة من الخليفة، فهو كالوكالة يجوز فيها التعدد، فإذا اختلف المتخاصمان في أية محكمة يريدان، رجح جانب المدعي لأنه هو الذي طالب بالحق.
ولا يجوز أن يقضي القاضي إلا في مجلس القضاء، ولا تعتبر البينة ولا اليمين إلا في مجلس القضاء؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا جلس إليك الخصمان"، فهذا الحديث يبين هيئة مخصوصة يحصل فيها القضاء، وهي أن يجلس الخصمان بين يدي الحاكم وهو مجلس القضاء، فمجلس القضاء شرط لصحة القضاء وشرط لاعتبار اليمين.
يجوز تعدد درجات المحاكم بالنسبة لأنواع القضايا، فيخصص القاضي في مسألة معينة أو في أقضية معينة ويمنع من غيرها، لأن القضاء كالوكالة، والوكالة تجوز أن تكون عامة أو خاصة.
لا يوجد محاكم استئناف أو محاكم تمييز؛ لأن القاضي إذا نطق بالحكم فحكمه نافذ لا يبطله حكم قاضٍ آخر، إلا إذا خالف نصّا قطعيا من الكتاب أو السنة أو إجماع الصحابة، أو حكم حكما مخالفا لحقيقة الواقع، فإنه في هذه الحالات ينقض حكم القاضي، والذي له صلاحية النقض هو قاضي المظالم.
المحتسب ينظر في القضايا التي هي حقوق عامة وليس فيها مدعي، على ألا تكون داخلة في الحدود والجنايات، ويوضع تحت يده عدد من الشرطة للتنفيذ وينفذ حكمه في الحال، ويحكم في المخالفة فور العلم بها في أي مكان دون الحاجة لمجلس قضاء، لأن اشتراط المجلس جاء من الحديث "إذا جلس إليك الخصمان"، وفي الحسبة لا يكون هناك مدعي ومُدعى عليه، بل حق عام. ويجوز للمحتسب أن ينيب عنه من يقوم بعمله، ولكن بشرط أن يكون تعيين المحتسب قد اشتمل على إعطائه حق تعيين نواب عنه.
المظالم تُرفع للخليفة أو لمن ينيبه عنه ليقضي فيها، ويكون تعيين قاضي المظالم من قبل الخليفة أو قاضي القضاة إذا جعل له الخليفة ذلك، بدليل فعله عليه الصلاة والسلام. ويجوز أن يقتصر عمل محكمة المظالم الرئيسة على النظر في المظلمة من الخليفة ووزرائه وقاضي قضائه، وأن تنظر فروع محكمة المظالم في المظالم من الولاة والعمال وموظفي الدولة الآخرين، وللخليفة أن يعطي محكمة المظالم المركزية صلاحية تعيين وعزل قضاة المظالم في الفروع. إن الأصل أن يكون للخليفة عزل قاضي المظالم، ولكن إذا كانت هناك قضية مرفوعة على الخليفة أو وزرائه أو قاضي قضائه - إذا جعل له الخليفة صلاحية تعيين وعزل قاضي المظالم- فإن صلاحية العزل في أثناء ذلك لا تترك بيد الخليفة؛ لأنها تؤدي إلى الحرام، إذ أن بقاءها بيد الخليفة سيؤثر في حكم القاضي.
إن محكمة المظالم هي التي تنظر في كافة المظالم، سواء أكانت متعلقة بأشخاص في جهاز الدولة أم مخالفة الخليفة لأحكام الشرع، أم كانت متعلقة بمعنى نص من نصوص التشريع في الدستور ضمن تبنّي الخليفة، أم متعلقة بفرض ضريبة من الضرائب، أم تعدي الدولة على الرعية، أم إنقاصها لرواتب الموظفين، أم تأخير صرفها لهم... ولا يشترط في هذه المظالم وأمثالها مجلس قضاء، ولا دعوة المدعي عليه، ولا وجود مدّعٍ، بل لها حق النظر في المظلمة ولو لم يدّعِ بها أحد من غير التقيد بشيء مطلقا لا في مكان ولا زمان ومجلس قضاء، فلها النظر في المظلمة بمجرد حدوثها؛ وذلك لعدم وجود مدّعٍ ولعدم ضرورة حضور المُدعى عليه، وعليه لا ينطبق عليها دليل اشتراط مجلس القضاء الوارد في الحديث: "إذا جلس إليك الخصمان"، ولا بأس من أن تكون دار محكمة المظالم مهيبة فخمة من أجل إبراز عظمة العدل.
 04 من ذي الحجة 1435
الموافق 2014/09/28م

No comments:

Post a Comment