Tuesday, September 23, 2014

تلخيص كتاب الأجهزة جـ6

تلخيص كتاب الأجهزة جـ6

إن العمل الأساسي للدولة بعد تطبيق أحكام الإسلام في الداخل هو حمل الدعوة الإسلامية للخارج، والطريقة الأساسية التي وضعها الإسلام لحمل الدعوة للخارج هي الجهاد، والجهاد لا بد له من جيش، والجيش يحتاج إلى سلاح، والسلاح يحتاج إلى صناعة، وهذا يوجب أن تكون الصناعة في الدولة مبنية على أساس الصناعة الحربية. والأمن الداخلي ضروري للجيش حتى يتفرغ للقتال ولا ينشغل باستقرار الوضع الداخلي، وكذلك فإن العلاقات الخارجية محورها الأساسي هو حمل الدعوة، ولذلك فإن هذه الدوائر الأربع: الجيش والأمن الداخلي والصناعة والخارجية يمكن أن تكون دائرة واحدة، يعين لها الخليفة أميراً؛ لأنها ذات صلة بالجهاد، كما يمكن أن تكون كل دائرة منها دائرة منفصلة، فيعين لكل دائرة مدير، ويعين للجيش أمير، وقد ثبت في السنّة انفصال كل دائرة من هذه الدوائر بمسئول لكل منها.
فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يعين الأمراء على الجيوش، أما في موضوع الأمن الداخلي فقد كان قيس بن سعد بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير، وفي الصناعة كان النبي عليه السلام يأمر بصناعة المنجنيق والدبابة، فيُفهم من هذا أن الصناعة العسكرية هي مسؤولية الخليفة، ويوضع عليها مدير يديرها. وإقامة المصانع العسكرية فرض لأن إرهاب العدو بحاجة إلى إعداد والإعداد بحاجة إلى مصانع، على أن المصانع التي يجب على الدولة إقامتها تبعا لوجوب رعايتها للناس هي نوعان: الأول هو مصانع الملكيات العامة فهذا النوع من المصانع أن يكون مملوكا ملكية عامة لجميع المسلمين تبعا للمادة التي يصنعها، وتقوم الدولة بإقامتها نيابة عن المسلمين. والنوع الثاني من المصانع هو مصانع الأسلحة. وأما موضوع العلاقات الدولية فيجوز للخليفة أن يعين لها مديراً كأي جهاز آخر من أجهزة الدولة. وعلى ذلك فإن هذه الدوائر الأربع يمكن أن تكون دائرة واحدة هي دائرة الجهاد، ويمكن أن تكون هذه الدوائر منفصلة، ولكن نحن نتبنّى أن تكون منفصلة بسبب اتساع مجال هذه الدوائر وحتى لا تتسع صلاحيات أمير الجهاد فيصبح مركز قوة في الدولة ويلحق ضررا إذا ضعفت تقواه.
إن دائرة الحربية هي جهاز من أجهزة الدولة ورئيسها يسمى أمير الجهاد، ودائرة الحربية تتولى جميع الشئون المتعلقة بالقوات المسلحة من أسلحة وعتاد وبعثات عسكرية وبث العيون على الكفار المحاربين وغيرها.
إن طريقة الدعوة هي الجهاد وهو فرض، فالله سبحانه وتعالى قد فرض الجهاد على كل مسلم، والتدريب على الجندية، فأي شخص يبلغ الخامسة عشر وجب عليه التدرب على الجندية، وذلك لأن القتال يتطلب التدريب عليه، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كذلك فإن هذا التدريب والخبرة القتالية العالية هو من إعداد الجيش للإرهاب. إن التجنيد وهو وجود جنود بشكل دائم في الجيش فرضٌ على الكفاية، ويجب أن يكون هناك مجاهدون يقومون فعلا بالجهاد وبما يتطلبه؛ لأن فرض الجهاد فرض دائم مستمر.
والجيش قسمان: قسم دائم، وقسم احتياطي، ويجب أن يكون جميع المسلمين جيشاً احتياطيا؛ لأن الجهاد فرض على كل مسلم وأما القسم الدائم فيجب وجوده لأنه لا يمكن القيام بالجهاد باستمرار وحماية المسلمين إلا بوجوده، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وهذا الجيش الدائم موظفوه يـخذون رواتب، فغير المسلمين منهم يتم استئجارهم للقتال، والإجارة عقد على المنفعة فيجوز استئجار الشخص للجندية، وأما المسلم فإنه يجوز أن يتم استئجاره للقيام بالعبادة إن كانت مما يتعدى نفعها فاعلها، قال عليه الصلاة والسلام: "إنّ أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله"، وقوله عليه الصلاة والسلام: "للغازي أجره وللجاعل أجره وأجر الغازي"، والغازي هو الذي يغزو بنفسه، والجاعل هو الذي يغزو عنه غيره بأجر، فالحديث يدل على جواز أن يدفع الرجل لآخر أجرة ليغزوا عنه، والأجر هنا معناه الأجرة، فهم بجانب أجرهم عند الله في جهادهم يُجعل لهم رواتب كالموظفين.
ويجعل الجيش جيشا واحدا مؤلفا من عدة جيوش، ويوضع لكل منها رقم، ويقسم الجيش إلى معسكرات، منها ما يكون في مختلف الولايات، ومنها ما يكون في قواعد عسكرية وبعضها في معسكرات متنقلة، هذه الترتيبات منها ما هو مباح يترك لرأي الخليفة كتسمية الجيوش، ومنها ما هو من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كأن يكون لا بدّ منه لحماية البلاد، كترتيب الجيش في الثغور.
29 من ذي القعدة 1435
الموافق 2014/09/24م

No comments:

Post a Comment