Tuesday, May 19, 2020

بيان صحفي: الإسلام يقودنا إلى الخلاص، بينما العلمانية تقودنا إلى الدمار فقط 

بيان صحفي: الإسلام يقودنا إلى الخلاص، بينما العلمانية تقودنا إلى الدمار فقط 

تكشف الإجراءات والرسائل الحكومية حيال الفيروس التاجي عن القوة الرأسمالية الكامنة التي تهتم في الغالب بمصالح النخبة الثرية، دون الاهتمام بالحياة أو بطعام وصحة الفقراء والناس العاديين في العالم. لقد انتقلوا من الإهمال المتعمد لمؤسسة الخدمات الصحية العامة (NHS) والتقاعس القاسي عن مواجهة انتشار الفيروس، إلى حجر مذعور بقصد حماية المؤسسة (NHS)، عندما أصبحت حالياً غير مستعدة لحماية الناس؛ وهم يبررون كل ذلك تحت شعار إنقاذ الأرواح. مع التجنب الفاضح والقاسي للحجر الصحي المبكر، وغياب فحص المصابين، ونقص المعدات الصحية، والإهمال غير المبالي لأكثر فئات المجتمع ضعفاً وهم الموجودون في دور الرعاية، يجب على المرء أن يتساءل فيما إذا كانت هناك أولوية حقّاً لإنقاذ الأرواح عند الحكومة.
وفجأة تغيرت رسالة الحكومة. يقال لنا الآن أن نكون حذرين ويقظين للسيطرة على الفيروس، مرة أخرى تحت شعار إنقاذ الأرواح. هل أصبحت هذه الحياة فجأة أكثر أهمية حقاً، أم أن صبر النخبة الثرية بدأ ينفد، لأن في هذا الإجراء تضحية بمصالحهم التجارية بشكل متزايد؟
ربما أنقذ الحجر الأرواح كإجراء طارئ على المدى القصير، ولكن من الواضح أنه علاج غير مستدام. يجب علينا الآن أن نشكك في صحة الأفكار والقيم التي تسود في المجتمعات في العالم ونحن نمضي قدماً في تقييم هذه القيم والأفكار التي أدت إلى اتخاذ هذه القرارات التي قادتنا إلى هذه الأزمة الناجمة عن عدم المبالاة.
عندما يتبنى الناس التفكير العلماني لاختيار أفعالهم، فإن الأنانية ليست بعيدة عن هذا الاختيار. فمن أجل مقاومة النزعة الأنانية الفجة لدى السياسيين في المجتمعات العلمانية فإنه يجب محاولة تكوين رأي عام يشيد بالتضحية الشخصية من أجل الصالح العام. وبما أن أساس التفكير في مثل هذا المجتمع هو العلمانية، فإن المنفعة الدنيوية هي مقياس الصواب والخطأ، وعليه يجب على السياسي أن يستثير في أذهان الناس الاهتمام بالصالح العام في المجتمع، حتى لو كان ذلك ينطوي على تضحية بالمصلحة الفردية. النخبة الثرية التي تمتلك الشركات، تمارس الضغط على السياسيين، ولكونها تسيطر على وسائل الإعلام فإنها تعمل بلا كلل ولا ملل لضمان إقناع الناس بأن مصالح النخبة والشركات هو في الواقع من أجل الصالح العام، سواء من خلال إيجاد فرص العمل أو الإنفاق العام على البنية التحتية والرعاية الصحية، على سبيل المثال.
العلمانية فكرة فردية تفتقر بطبيعتها إلى حلول لمشاكل الحياة، وليس أمامها سوى التنافس للترجيح بين النفع والضرر الذي يجب على الأفراد عادة تقييمهما واختيار أحدهما بأنفسهم، أو السماح لأفراد آخرين أكثر قوة منهم بالقيام بهذا التقييم والاختيار نيابة عنهم. من هنا تتلاعب النخبة الثرية بالمشاعر العامة في المجتمع لضمان أن تبدو مصالحها متوافقة مع مصالح الجميع، أو على الأقل مع مصالح الأغلبية.
مثل هذا النظام العلماني يثير العديد من التناقضات. فالأفراد كائنات مركبة، تتأثر بالقيم الروحية والأخلاقية والإنسانية، وكذلك بالمنفعة المادية. بينما يكره السياسيون العلمانيون إعطاء وزن ذي بال لأي قيم أخرى قد تقوض المصالح المادية التي تدعم معظم سياساتهم وأفعالهم ومخططات احتيالهم. فالقطاع المصرفي يحظى بسلطة شبه مطلقة، كما يمكن للشركات الكبرى تجاهل المخاوف البيئية، بحيث تفوز مصالح الاقتصاد في كل مرة. والأرواح التي يزعمون أنها جديرة بالحفاظ عليها هي التي في بلادهم فحسب، بينما حياة الناس في الخارج بالكاد تستحق النظر إذا اعترضت طريق مشاريعهم الاستعمارية.
الإسلام هو طريقة العيش في الحياة التي اختارها الله تعالى للبشرية. وبدلاً من ترك البشرية تحدد معيار الأولوية بين القيم المختلفة في الحياة، وفقاً لما يرونه من منافع مادية فحسب، يضع الإسلام أحكاماً مفصلة للأفراد وللمجتمع لضمان عدم هيمنة المادية ولا الروحانية الزاهدة في الدنيا، مما سيؤدي إلى البؤس والفساد في كلتا الحالتين. قال الله تعالى في القرآن: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾. [الملك: 14]
يجب على المسلمين رفض جميع أشكال الفكر العلماني، لأنه يدمر الأفكار الإسلامية النقية فيشوهها ويجعلها غير قادرة على هداية البشرية، التي من الواضح أنها بحاجة إلى الهدى والخلاص. إن القبول بعلمنة مجرد أجزاء صغيرة من الإسلام، أو تبني الحلول الفردية من الإسلام مع تجاهل نظم الإسلام السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لن يؤدي إلا إلى الخسران في الدنيا والآخرة. إن طريقة العيش الإسلامية، كاملة ونقية، هي وحدها التي تعيّن للبشرية كيفية اتخاذ مقياس الأولوية بين قيمهم، وكيفية حل المشاكل الإنسانية الأساسية، وكيفية إيجاد السلام والأمن في الدنيا وفي الآخرة.
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾. [النحل: 89].
 يحيى نسبت
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا
التاريخ الهجري            21 من رمــضان المبارك 1441هـ     رقم الإصدار: 1441 / 23
التاريخ الميلادي            الخميس, 14 أيار/مايو 2020 م        

No comments:

Post a Comment