Wednesday, May 27, 2020

رسائل رمضانية الرسالة الثامنة والعشرون

رسائل رمضانية الرسالة الثامنة والعشرون

معنى الدخول في السلم كافة (1)
الحَمدُ للهِ الذي فَتحَ أبوَابَ الجِنَانِ لِعبَادِهِ الصَّائمينْ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشرَفِ الأنبيَاءِ وَالمُرسَلينْ، المَبعُوثِ رَحْمَةً لِلعَالمينْ، وَآلهِ وَصَحبهِ الطيِّبينَ الطَّاهرينْ، وَمَنْ تبِعَهُ وَسَارَ عَلى دَربهِ وَاهتدَى بهَديهِ وَاستَنَّ بسُنَّتهِ، وَدَعَا بدَعوَتهِ إلى يَومِ الدِّينْ.
مستمعي الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وبعد: إليكم الرسالة الثامنة والعشرين من "الرسائل الرمضانية من هدي القرآن والسنة النبوية"، وهي بعنوان: "معنى الدخول في الإسلام كافة" (القسم الأول).
إخوةَ الإيمانِ: أيها الصائمون:
في أيام هذا الشهر شهر رمضان المبارك يبرز إلى الأذهان سؤال يقول: هل يجوز أن يكون الصيام والصلاة لله تعالى، وتكون الحاكمية لغير الله سبحانه؟ للإجابة عن هذا السؤال نفتح كتاب الله لنتلو قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ). فكلمة (السِّلْمِ) الواردة هنا في الآية الثامنة بعد المئتين من سورة البقرة كما فسرها ابن عباس رضي الله عنهما، تعني الإسلام والمقصود بالإسلام الإسلام كله أي الإيمان به كله دون استثناء، والعمل بشرعه كله دون غيره. وكلمة (كَآفَّةً) الواردة بعدها حال منها أي من (السِّلْمِ )فتعني السلم كله، أي الإسلام كله. فالمراد من الآية الكريمة هو الأمر بالأخذ بتكاليف الإسلام جميعها: ما تميل إليه النفس منها، وما يخالف هواها. فالآية الكريمة تصرح بأن عدم الأخذ بالإسلام كاملاً نوع من اتباع الشيطان، فالتفريط بشيء من ذلك المنهج، سيكون فيه اتباع آلي لسبيل الشيطان، حيث لا يوجد أي خيار آخر. فإما اتباع لمنهج الرحمن، وإما اتباع لسبيل الشيطان. لذلك قال الله تعالى عقب ذلك: (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ .)نفهم من ذلك إخوة الإيمان أنه لا يجوز للمسلم أن يأخذ بعض أحكام الإسلام ويترك بعضها، فأن يصوم المسلم ويصلي، ولا يزكي إن كان معه ما يستحق الزكاة لا يجوز، وأن يصلي ويصوم ويزكي، ولا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر لا يجوز، أي لا يجوز للمسلم أن يترك فرضاً فرضه الله عليه، حتى ولو قام بجميع الفروض وترك فرضاً واحداً كالحكم بما أنزل الله مثلاً فهذا غير جائز، فالإسلام هو ما جاء وحياً من الله، أي ما جاء بالكتاب والسنة، وما أرشد إليه الكتاب والسنة من أدلة، هذا وحده هو الإسلام، وما عداه كفر سواء أكان موافقا للإسلام أم كان لا يخالفه.
والدليل على ذلك إخوة الإيمان أن الله تعالى أمرنا أن نأخذ ما يأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن نترك ما نهانا عنه، وأمرنا أيضاً أن نحتكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي إلى ما جاء به. قال تعالى (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا). فهو نصٌ في وجوب أخذ ما جاء به الرسول، وترك ما نهى عنه، وإذا قرنت هذه الآية بقوله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) وعرف أن "ما" في قوله: "ما آتاكم" وقوله: "وما نهاكم" للعموم ظهر جلياً وجوب أخذ ما جاء به، وترك ما نهى عنه، وأنه عام في جميع ما أمر به، وجميع ما نهى عنه، والطلب في هذه الآية سواء طلب الفعل أو طلب الترك طلب جازم، يفيد الوجوب بدليل تهديد الله لمن يخالفه بالعذاب الأليم. وقال الله تعالى: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا). أي أن من دخل في الإسلام إخوة الإيمان، عليه أن يدخل فيه كله، فلا يبقي شرعاً غيره. وللحديث بقية.
اللهُمَّ أقـِرَّ أعْيُنَنَا بـِقيَامِ دَولةِ الخِلافَة، وَاجْعلْنـَا مِنْ جُنُودِهَا الأوفِياء المُخلِصينْ.
وَالسَّلامُ عَليكـُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتهُ.
   29 من رمــضان المبارك 1441هـ   الموافق   الجمعة, 22 أيار/مايو 2020مـ

No comments:

Post a Comment