Wednesday, May 27, 2020

رسائل رمضانية الرسالة التاسعة والعشرون

رسائل رمضانية الرسالة التاسعة والعشرون

معنى الدخول في السلم كافة (2)
الحَمدُ للهِ الذي فَتحَ أبوَابَ الجِنَانِ لِعبَادِهِ الصَّائمينْ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشرَفِ الأنبيَاءِ وَالمُرسَلينْ، المَبعُوثِ رَحْمَةً لِلعَالمينْ، وَآلهِ وَصَحبهِ الطيِّبينَ الطَّاهرينْ، وَمَنْ تبِعَهُ وَسَارَ عَلى دَربهِ وَاهتدَى بهَديهِ وَاستَنَّ بسُنَّتهِ، وَدَعَا بدَعوَتهِ إلى يَومِ الدِّينْ.
مستمعي الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وبعد: إليكم الرسالة التاسعة والعشرين من "الرسائل الرمضانية من هدي القرآن والسنة النبوية"، نتابع معكم فيها الحديث عن (القسم الثاني والأخير) من "معنى الدخول في الإسلام"".
إخوةَ الإيمانِ: أيها الصائمون:
فالإسلام ناسخ لغيره من الشرائع لقوله تعالى في الآية الثامنة والأربعين من سورة المائدة: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا). أي: ناسخاً له. والإبقاء على شيء من الشرائع السابقة، التي لم يقرها الإسلام، يكون اتباعاً لدين غير دين الإسلام، وهذا مرفوض وغير مقبول، بل إنَّ صاحبه يكون يوم القيامة من الخاسرين. لقوله تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ). على أن الله تعالى لم يكتف بذلك بل إنه نهى نهياً صريحاً عن الأخذ من غير ما جاء به الوحي من الله، فنعى على الذين يريدون أن يتحاكموا لغير ما جاء به الرسول قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا). وقد نزلت إخوة الإيمان عشرات الآيات من القرآن الكريم في موضوع الحكم والسلطان تأمر المسلمين بالحكم بما أنزل الله نذكر منها الآيات الكريمة الآتية على سبيل المثال لا الحصر: قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ). (المائدة 44) وقال: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). (المائدة 45) وقال: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). (المائدة 47) وقال: (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقّ). (المائدة 48) وقال: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْك). (المائدة 49) وقال: (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْل). (النساء 58) وقال:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). (النساء 59) وقال: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً). (النساء 65) وغيرها من عشرات الآيات المتعلقة بالحكم من حيث هو حكم وسلطان.
وقد آن الأوان لهذه الأمة العظيمة والتي أدركت أن خلاصها بالإسلام أن تسود في دولة واحدة، هي دولة الخلافة التي وعدنا الله بها في قوله عز وجل: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ). والتي بشرنا بقدومها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهي عزنا ومجدنا قال صلى الله عليه وآله وسلم «إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها». وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة». لقد آن الأوان لهذه الأمة العظيمة أن تتلبس بالعمل مع العاملين المخلصين من أبناء هذه الأمة للعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة، «الخلافة على منهاج النبوة». كيف لا وقد قرر علماء الإسلام وأعلامه أن الخلافة فرض أساسي من فروض هذا الدين العظيم بل هو "الفرض الأكبر" الذي يتوقف عليه تنفيذ سائر الفروض، وإن الزهد في إقامة هذه الفريضة من "كبائر الإثم"، وما الضياع والتيه والخلافات والنزاعات الناشبة بين المسلمين أفراداً وبين الشعوب الإسلامية دولاً إلا لتفريط المسلمين في إقامة هذه الفريضة.
اللهُمَّ أقـِرَّ أعْيُنَنَا بـِقيَامِ دَولةِ الخِلافَة، وَاجْعلْنـَا مِنْ جُنُودِهَا الأوفِياء المُخلِصينْ.
وَالسَّلامُ عَليكـُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتهُ.
  1 من شوال 1441هـ   الموافق   السبت, 23 أيار/مايو 2020مـ

No comments:

Post a Comment