Friday, July 24, 2015

خبر وتعليق: بريطانيا تقر خطة لمكافحة التطرف الإسلامي، فمن يكافح الإسلاموفوبيا؟

خبر وتعليق: بريطانيا تقر خطة لمكافحة التطرف الإسلامي، فمن يكافح الإسلاموفوبيا؟

الخبر: تناقلت وسائل الإعلام الاثنين (21 تموز/يوليو الجاري) خبر إقرار الحكومة البريطانية على لسان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون لمكافحة التطرف حيث وجه رسالة للشباب المسلم في بريطانيا قائلاً "لا تدعوهم يغسلون أدمغتكم" في إشارة إلى الحركات القتالية التي تجذب الشباب المسلم مثل تنظيم الدولة. وكانت الجاليات المسلمة في بريطانيا قد أبدت استياءها من هذه الخطة التي أعلن عنها ديفيد في خطابه حيث تشمل: "منع نشر رسائل متطرفة عبر وسائل الإعلام والإنترنت، والسيطرة على الأفكار المتطرفة والراديكالية في المدارس والجامعات والسجون، إضافة إلى ضمان نشر قيم بريطانيا". وكانت وزيرة الداخلية البريطانية، تيريزا ماي، ذكرت، الاثنين، أن الاستراتيجية الجديدة تتضمن تعديلات قانونية على غرار حظر أنشطة بعض الجماعات والأشخاص، إضافة إلى إغلاق بعض الأماكن المستخدمة من قبل المتطرفين. حسب ما نقلته القدس العربي على موقعها في 21 الشهر الجاري.

التعليق: يعيش في بريطانيا قرابة ثلاثة ملايين مسلم يشكلون 5% من سكان البلاد، يعانون من التهميش والتمييز العنصري ضدَّهم، على غرار مسلمي الغرب بشكل عام، حيث غالبًا ما يتعرضون لمستويات متفاوتة من التمييز والتهميش في التوظيف والتعليم والسكن، بسبب إسلامهم، حيث تعاني المسلمات على سبيل المثال من التعرض للإهانة اللفظية بسبب لباسهن، أو المنع من الوظائف الرسمية وحتى المؤسسات الخاصة، فضلاً عن حوادث مؤلمة تعرضت فيها نساء مسلمات للضرب وخلع الحجاب عن رؤوسهن في الأماكن العامة، وتعرض الملتحون من الرجال للإساءة والألفاظ البذيئة بسبب لحاهم. حيث إن 46% من المسلمين يعيشون في أعلى 10% من المناطق الأكثر حرماناً وفقراً في البلاد حسب تقرير أعده المجلس الإسلامي الأعلى في بريطانيا شهر شباط/فبراير الماضي، كما ذكرت الدراسة أن "التمييز العنصري فضلا عن انتشار الإسلاموفوبيا كبير جدا، ضد السكان المسلمين، وإن عدد نزلاء السجون من المسلمين يبلغ نحو 13 في المائة من السجناء داخل إنجلترا وويلز".
فظاهرة الإسلاموفوبيا التي عملت الحكومات الغربية - عبر دعم الأحزاب العلمانية الحاقدة والمتطرفين من أصحاب رؤوس الأموال والمتنفذين - على تشويه الإسلام والمسلمين هي التي يتحجج بها كاميرون في خطابه لتبرير هذه الهجمة على المسلمين بحجة مكافحة الإرهاب. يُذكر أن سياسة التمييز والمضايقات ازدادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب اتساع لهجة العداء والتحريض التي تتبعها بعض الجهات والأحزاب والجماعات اليمينية المتطرفة٬ التي سعت إلى اعتماد خطط وبرامج جديدة في سبيل إثارة وتأجيج مشاعر الحقد والكراهية ضد الإسلام والمسلمين في الكثير من الدول الغربية٬ بهدف إيقاف نمو وانتشار الإسلام في تلك البلدان. وبحسب بعض المراقبين فإن تلك الجهات والأطراف اليمينية المتطرفة قد سعت إلى اعتماد حرب إعلامية تنقل من خلالها نقل بعض الأنماط والمفاهيم الإجرامية التي تقوم بها بعض الجماعات المحسوبة على الإسلام٬ على أنَّها تمثل الإسلام ودولة الإسلام التي يعمد الإعلام الغربي وتهدف أجندة السياسة الخارجية الغربية على تشويهها قبل ولادتها.
إن التهميش الذي يعاني منه مسلمو بريطانيا، ليس بالأمر الجديد بل هو صورة لمعاناة المسلمين في شتَّى أنحاء العالم، وما الحرب على الإرهاب ومكافحة التطرف الذي يتستر الغرب بهما في حربه على الإسلام والمسلمين إلا واقع أخبر عنه الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام في حديثه حيث قال: «يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها». قيل أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: «بل أنتم كثرة ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من قلوب عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن». قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: «حب الدنيا وكراهية الموت» رواه أبو داود. وما ذلك إلا نتيجة حقد الغرب المتأصل على الإسلام والعداوة المتجذرة في نفوس الإنجليز على كل ما يمت للإسلام بصلة، وهذا ما يظهر من رسالة خصَّ بها كاميرون صحيفة ميل أون صنداي الأسبوعية حيث دعا إلى العمل على ترسيخ "القيم البريطانية بشكل أقوى" في مواجهة انتشار التوجه الإسلامي في العديد من المدارس البريطانية العامة وخصوصا في برمنغهام. ولعلّ انتشار المسلمين الكبير في برمنغهام - حيث تصل نسبة الطلاب المسلمين في مدارسها إلى 80% مقارنة بباقي الطلاب - يبرر خطاب رئيس الوزراء وتخصيصه لهذه المدينة في خطته لمكافحة التطرف الإسلامي!
وجَّه كاميرون خطابه للمسلمين وتحدَّث عن غسل الأدمغة، وأظنُّه أخطأ الهدف إذ كان الحري به أن يتحدث لأهل بريطانيا من غير المسلمين ليحذرهم من برامج غسيل الأدمغة التي تشكل عمليات ممنهجة لغسل الأدمغة بهدف تنفيرهم من الإسلام وتصويره لهم بـ"الغول"، في ظاهرة قديمة متجددة "الإسلاموفوبيا". لا أن يستغل التصرفات المسيئة للإسلام التي تقف خلفها في غالب الأحيان الحكومات الغربية الساعية لتثبيت مصالحها في بلاد المسلمين، وحفظ عروش الأنظمة العميلة لها وتأخير قيام حكم إسلامي عادل في المنطقة، بنسبها للإسلام لأجل ضرب فكرة الخلافة وتشويه النظام الإسلامي في عيون أهل بريطانيا الذين ملُّوا أزمات الرأسمالية وبان لهم فشلها في إسعاد البشرية فراحوا يتطلعون لنظام آخر يعتقهم من هذا الشقاء.
فيا أهل الإسلام، يا أهل القوة والنُّصرة:
هذا كاميرون يعلنها على الملأ حرباً على الإسلام وتضييقاً على أهله، فمن له يعلنها مدوية تقصم ظهر الكافرين، أنَّ الدين لله، فينصر حملة الدعوة ويعيدها خلافة راشدة على منهاج النبوة، تغيث البشرية وتنقذ العالمين من جور الأديان لنور الإسلام، دولةً تزيل الحواجز من أمام نشر الدعوة فيدخل الناس في دين الله أفواجاً، وتُملأ الأرض عدلاً ونوراً بعد أن ملأتها الرأسمالية ظلماً وجوراً؟؟
﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱسْتَجِيبُوا۟ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال 24]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أختكم: بيان جمال
 08 من شوال 1436
الموافق 2015/07/24م

No comments:

Post a Comment