Saturday, July 25, 2015

أمريكا إلى أين؟ (3)

أمريكا إلى أين؟ (3)

تفكك وعزلة وتقهقر إلى ما وراء البحار... إلى الهاوية..!!
خلاصة القول حول نهاية أمريكا أنها إلى الهاوية كما يرى الكثيرون من الكتاب والمفكرين والسياسيين، وهذا ليس ضربًا من التمني والهوى، بل هو من سنن الله تعالى في التغيير. فالدول الاستعمارية لا بد لها من نهاية، والظلم عاقبته عبر التاريخ وخيمة، وليس هذا على مستوى الأفراد فحسب، بل حتى على مستوى الدول والمبادئ، فالبشر أحيانا يستقرئون الواقع فلا يرون نهاية حميدة للظالم، فالاتحاد السوفياتي وكل المعسكر الاشتراكي حكم شعبه بالحديد والنار والظلم والاستعباد، فكانت نهايته فاجعة، ألا وهي التفكك والانهيار والطمر في مكان سحيق، ولا نرى حتى يومنا هذا من يتأسف عليه أو يحيي ذكراه، ويقاس على ذلك ديكتاتوريات حكام دول الربيع العربي ونهايتهم المخزية، وكأنهم لم يعيشوا يومًا رؤساء في دول، لدرجة أن أكثر ما تركوه خلفهم كان مآله إلى الدمار والزوال، فتلك هي نهاية الدول الظالمة المستعمرة للشعوب، ومن أظلم من أمريكا للعالم أجمع؟ بل حتى لشعبها داخليًا وخارجيًا فقد جعلت من الأمريكي شخصا مكروهًا ومهددًا بالقتل والملاحقة أينما حل وارتحل؟ وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ * ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [يونس: 14]
وفيما يأتي سنذكر غيضا من فيضِ ما جنته أمريكا على البشرية كلها وعلى شعبها:
- الاستعباد والاستغلال الاقتصادي الرأسمالي للإنسان لصالح رجال رأس المال والسياسة.
- بث الطائفية والعنصرية بين البشر والادعاء بمحاربتها عالميًا، ومثال ذلك دعم إيران لإثارة الحرب بين السنة والشيعة.
- بث الرذيلة والشذوذ بكل أشكالها تحت مسمى الحريات بكل أنواعها وكان آخرها قانون المثلية الجنسية.
- تقتيل أكثر من سبعين مليوناً من البشر في حربين عالميتين.
- استعمال سلاح الدمار الشامل وتشويه النسل البشري في نغازاكي وهيروشيما.
- استغلال العالم اقتصاديا بدولار بلا رصيد من الذهب، بل بالقوة العسكرية ومنظمات دولية تسيطر عليها مثل الصندوق والبنك الدوليين.
- فرض قوانين على الدول الضعيفة لفتح أسواقها للشركات والمصانع الأمريكية (الشركات العابرة للقارات).
مما تقدم وغيره كثير نرى بأم العين النهاية الحتمية والطبيعية لدولة مثل أمريكا.
الولايات المتحدة الأمريكية وشعبها:
من الطبيعي أن يحصد الإنسان ما زرع، فلا يُجنى من الشوك العنب، فالرأسمالية وفكرها المتمثل بحريات الديمقراطية التي أباحت كل شيء، وفصلت الدين عن الحياة والدولة، وتربى شعبها على استغلال الآخر والتحكم بمصيره لدرجة الاستعباد، فإن مثل ذاك الشعب لن يتحمل ويصبر على الجوع وقلة السيولة بين يديه، ومع عدم إمكانية إيجاد حلول للأزمة المالية والاقتصادية، فإن الوضع الاقتصادي جعل المواطن الأمريكي يَعي ما يُحيط به، فخرج بمظاهرات تم إنهاؤها دمويًا: وقُتل وجُرح متظاهرون في وول ستريت لدرجة أنهم هتفوا وبلكنة عربية: "الشعب يريد إسقاط النظام"، وهذا لا يعني أن الأمور استقرت، بل إن تململ بعض الولايات الغنية التي باتت تنظر للولايات الفقيرة الدخل أنها تعتاش على حسابها، وأخذت بعض الهجرات الداخلية تلاحظ من الولايات الفقيرة باتجاه الولايات الغنية منها، وظاهرة المشردين والعاطلين عن العمل والذين لا يجدون مساكن أصبحت أعدادهم بالملايين، أما انتشار النظرة العنصرية وخصوصًا بين البيض والسود، وقتل السود فأصبح خبرًا شبه يومي، أما القتل بشكل عام فهو ملاحظ بشكل مذهل بمعنى أن كل سبع عشرة دقيقة تحدث جريمة قتل، وبعض الإحصاءات تفيد بإفلاس أكثر من خمس عشرة ولاية، وعدم قدرتها على تقديم الخدمات بالشكل الكافي، فما تقدم وغيره كثير ينذر بتفكك الولايات المتحدة الأمريكية، ومطالبة ولاياتها بالانفصال.
وأما تكوينة الشعب الأمريكي فحدث ولا حرج، حيث لا يحسم الأمور بينهم إلا حكم القوانين التي لا قداسة ولا أهمية لها، ففي أي حال يستطيع الإنسان التحايل عليها، وأشهر القوانين التي تخترق هو قانون التهرب الضريبي، فمن يستطيع إيجاد مخرج قانوني لا استعداد لديه لدفع الضرائب، والشعب الأمريكي مكون في نسبة تزيد على العشرة بالمئة من جنسيات خارج الحدود، فلا ولاء إلا بقدر ما يستطيع من الحصول على الدولار، فلا لغة ولا دين ولا أصول عرقية تربط الشعب الأمريكي ببعضه للتضحية والتفاني في المحافظة على الاتحاد، فحال اختلال المصالح سيكون السعي للتفكك والانفصال، وهو أمر مهيَّأٌ قانونيًا، فلكل ولاية قانونها الخاص بها داخليًا، ولا تتبع للمركز إلا بالشأن والسياسة الخارجية، ولذا يرى المتتبع أن التفكك والنهاية السيئة المحتومة آتية لا محالة، والهاوية منتظرة ومتوقعة.
 أمريكا والانكفاء والعزلة:
إن عزلة أمريكا وتقهقرها إلى ما وراء البحار بات أمرًا ينظر له ممن يعلم كينونة أمريكا، ويتتبع حقيقة أخبارها، وهي في كل الأحوال كانت يومًا معزولةً دوليًا، وبعيدة جغرافيًا عن العالم، وهو من أسباب تفوقها وتقدمها لغاية الحرب العالمية الثانية، حيث لحق الدمار أكثر الدول الأوروبية، ودخلت الحرب متأخرة ولم يتم تدمير أي من مدنها، وفَرضَت شروط المنتصر على المنهزم والمنتصِر من حلفائها، وذلك في مؤتمر "بريتون وودز" ومعاهدته التي أعطت أمريكا ما لم تحلم به أي دولة في العالم، فأصبح الدولار الأمريكي عملة العالم الصعبة وبديلاً للذهب، فأصبحت الدولة الأولى عالميًا، واليوم وقد اهتز الدولار فستعود لما كانت عليه قبل عرش الدولار الوهمي، ولذا ليس لها في نهاية المطاف سوى العزلة والانكفاء إلى ما وراء البحار.
أمريكا والبديل عالميًا..!!:
هل سيبقى العالم متقهقراً بلا دولة أولى قوية تصرف شؤونه..؟، بالطبع هذا ليس مما عرفه البشر منذ عصور خلت، وحيث إن العالم يخلو من أي مبدأ ووجهة نظر يتم الدعوة له، وتحمله دولة مبدئية فلا يجد المتتبع لأحداث العالم سوى المبدأ الإسلامي بكافة أنظمته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بديلا لذلك، وهذا المبدأ أي الإسلام خبره العالم على مدى ثلاثة عشر قرنًا خلت، وقد حكم العالم بصورة أعطت البشرية من التقدم والعدل والاستقرار والأمن ما لم ير مثله، حيث لا أزمات اقتصادية، ولا حروب عالمية، ولا إكراه على اعتناق العقيدة الإسلامية وفرض أحكامها الخاصة على الناس، بل تركهم وما يعبدون وشؤونهم الخاصة فيما يخصهم ودور عبادتهم وأحوالهم الشخصية، فإن العالم يشهد وبإحصاءات عالمية إقبالاً على دراسة الإسلام واعتناقه والاهتمام به وتعلم لغته العربية، وكذلك انتشار الإسلام مع تقلص أعداد معتنقي الأديان الأخرى، وما الصراعات المفتعلة في العالم عامة وفي بلاد المسلمين خاصة إلا بسبب خوف أمريكا وحلفائها وعملائها من استفاقة العملاق الإسلامي وخروجه من قمقمه؛ ليعود بدولته وقوته ليحكم العالم، وينهي الظلم العالمي واستعباد البشر لبني البشر، وعليه نجد الأمور سياسيًا تجري بسياسات رد الفعل، لا بسياسة الملفات الاستراتيجية المعهودة، ولذلك ندعو الأمة الإسلامية إلى المزيد من العمل والوعي السياسي لاستعادة البديل وهو دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة المنتظرة قريبا بإذن الله، والتي يعمل لها حزب التحرير والمخلصون من أبناء الأمة بجد، ويحثون الخُطا لذلك، والله سبحانه وتعالى ينصر من ينصره ويعمل لنصرة دينه بجد وإخلاص وتضحية.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
وليد نايل حجازات
08 من شوال 1436
الموافق 2015/07/24م

No comments:

Post a Comment