Tuesday, September 24, 2019

جريدة الراية: حقيقة علاقة الحكومة الانتقالية السودانية بالغرب

جريدة الراية: حقيقة علاقة الحكومة الانتقالية السودانية بالغرب

  26 من محرم 1441هـ   الموافق   الأربعاء, 25 أيلول/سبتمبر 2019مـ
المتابع للأحداث في السودان هذه الأيام يرى عجبا في العلاقة الصريحة بين الحكومة الانتقالية والغرب، وعادة ما تسود لقاءات المسؤولين أجواء الود، وتصريحاتهم في وسائل الإعلام تؤكد أنهم وجهوا وجهتهم إلى الغرب الذي لا ينفك أيضاً يصرح بسعادته لتشكيل الحكومة الانتقالية، فقد أكدت الخارجية الأمريكية دعم واشنطن للحكومة الانتقالية التي شكلها عبد الله حمدوك، جاء ذلك في رسالة تهئنة تلقاها حمدوك بمناسبة تشكيل حكومته من وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بحسب بيان للخارجية السودانية، كما كشف عضو مجلس السيادة، محمد حسن التعايشي، عن الاتفاق مع الحركات المسلحة على إعادة المنظمات الإنسانية الدولية التي طردت في عهد الرئيس المعزول البشير، (سودان تربيون 14 أيلول/سبتمبر ٢٠١٩م)، فيما استقبلت أسماء محمد عبد الله وزيرة الخارجية رئيسة الفريق القطري للأمم المتحدة، منسقة المساعدات الإنسانية، والممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وثمّنت الوزيرة الدور الذي تقوم به وكالات وبرامج الأمم المتحدة في السودان في دعم وتعزيز الاستقرار للمواطن خاصة في مناطق النزاعات، وناقش اللقاء الترتيبات الجارية لمشاركة السودان في اجتماعات الدورة ٧٤ للجمعية العامة للأمم المتحدة، من جانبها جددت الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الالتزام بتقديم العون للسودان ودعمه للتحول من مرحلة توفير المساعدات إلى إعادة الإعمار والتنمية في الإقليم. 15/9/2019م (سونا).
وأكد أيضاً إبراهيم أحمد البدوي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي على الدور الذي ظلت تلعبه الأمم المتحدة بالسودان، داعياً برنامج الأمم المتحدة الاستمرار في تعاونه من أجل مساعدة السودان في برنامج المرحلة الانتقالية في مجال العون الفني وبناء القدرات وخاصة قضايا الشباب وخلق فرص العمالة لهم، والانتقال من العون الإنساني إلى العون التنموي في المناطق المتأثرة بالحروب والنزاعات، جاء ذلك في اجتماعه مع مستر سلفا راما شندران الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالسودان، بحضور إدارة التمويل الخارجي. 12/9/2019م (سونا).
تستمر محاولات الغرب المستعمر وأدواته من الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين في إخفاء حقيقة العلاقة القائمة بينه وبينها، وتصويرها بأنها علاقات تعاون وشراكة، ولكن الحقيقة هي أن هذه الأنظمة تمثل ظل الغرب الاستعماري في بلاد المسلمين، وتعمد إلى تغييب مفاهيم الإسلام وموقفه تجاه هذه الدول الاستعمارية التي تحكم كامل سيطرتها على حياة الناس عبر منظماتها التي تسمى (إنسانية) تتدخل في كل تفاصيل حياتهم، حتى صرنا نسمع من ينظر ويناقش أزمة الحكم والسياسة والاقتصاد وحتى الأزمات الإنسانية في بلاد المسلمين على أساس ما يسمى "الشرعية الدولية"، معتبرا ما يسمى بالمجتمع الدولي ومنظماته أنها الأم الرؤوم التي تفني حياتها لأجل الإنسانية، وتبعا لذلك تبقى برامج الأمم المتحدة عند أصحاب هذا الفهم منحة تتنزل بخيراتها وبركاتها بغض النظر عن تبعاتها التي لا ينكر أحد وقوعها... وقد أكدت الأحداث الانتقائية في التعامل مع قضايا المسلمين، والكيل بمكيالين من سربنيتشيا مرورا بالعراق وأفغانستان وصولا لأزمة الروهينجا وأفريقيا الوسطى وحتى جنوب السودان...
والحقيقة المغيبة هي أن أكثر بلاد العالم تضررا من دول الغرب ومنظماته الاستعمارية هي البلاد الإسلامية، إذ تشكل هذه البلاد أولا عدوا عقائديا للأمم المتحدة، كما تشكل ثانيا منبعا جد مهم لخيرات طبيعية هم في أمس الحاجة إليها لإنعاش اقتصادهم وصناعاتهم.
والخطر العقائدي للبلاد الإسلامية على دول الغرب يكمن في الإسلام، إذ إن عقيدة الإسلام هي عقيدة سياسية وسيادية، عقيدة تعلو ولا يعلى عليها وتسود ولا تقبل أن تكون مسودة، فإذا ما أُحييت هذه العقيدة الإسلامية من جديد في نفوس المسلمين، وَحَّدَتهم وخرجت عن طوع وسيادة الغرب وذراعه الأمم المتحدة، وأنهت نهبهم لخيرات البلدان الإسلامية، وسيادتهم على العالم، فسيشكل ذلك تهديدا لحضارة الغرب المترنحة، لذلك أصبحت محاربة الإسلام مسألة أمن قومي لدول الاستكبار، يلبّسون فيه الإسلام ثوب (الإرهاب والتطرف)، بمساعدة فعلية من بعض أبناء المسلمين الذين رفضوا إلا أن يكونوا سهما في كنانة العدو فقبلوا بهذا الدور الرخيص، وللبس والتضليل تقدم "هيئة الأمم المتحدة" عبر الأنظمة الحاكمة في بلادنا على أنها تختص بالنظر في القضايا الدولية، وتهدف إلى منع عدوان الدول على بعضها، لتحقيق السلم والأمن لكل دول العالم وتقديم المساعدات والدعم هو العمل الأصلى لهذه المنظمة... والحقيقة التي يجب أن لا يجهلها أو يغفل عنها مسلم هي أن هذه المنظمة الدولية كانت وما زالت أداة صليبية لمحاربة الإسلام والمسلمين. ومن التضليل والدجل تسميتها "هيئة الأمم المتحدة" لاستحالة أن تتوحد الأمم في أمة واحدة والحق أنها منظمة الدول العلمانية في العالم، والتي لن تجلب للسودان وغيره من بلاد المسلمين إلا الخراب والدمار كما عهدناها دائما.
وقد نشأت ما تُسمى "بهيئة الأمم المتحدة" بعد الحرب العالمية الثانية، بمبادرة أمريكية عام 1945م وريثة لما سمي (عصبة الأمم) التي ورثت بدورها (الأسرة الدولية) التي نشأت في أوروبا في القرن السادس عشر، لمواجهة خطر الإسلام والدولة الإسلامية، حين اندفعت جيوش الأمة التي لا تقهر فاتحة أوروبا بلداً بعد آخر، حاملة رسالة الإسلام لإنقاذ وتحرير شعوبها من طغيان الملوك وكهنوت الكنيسة ورجالها، حتى وصلت أسوار فينَّا، فتملك الذعر والخوف قلوب الملوك الصليبيين وأمراء الإقطاع على سلطتهم، وحاولوا التكتل ففشلوا، ثم عقد الزعماء الأوروبيون، بعد حصول النهضة على أساس (العلمانية) فصل الدين عن الدولة، مؤتمرا في وستفاليا 1648م، لإيجاد تكتل ينظم العلاقات بين دولهم وتنسيق الجهود والخطط لاتقاء خطر الإسلام والدولة الإسلامية على مصالحهم، فأوجدوا ما سمي (الأسرة الدولية).
وفي نهاية الحرب العالمية الأولى بانتصار الحلفاء بقيادة بريطانيا على ألمانيا، وتقسيم البلاد الإسلامية لا سيما العربية، بين بريطانيا وفرنسا باتفاقية سايكس بيكو، تبنت بريطانيا التي أصبحت الدولة الأولى في العالم بعد تفكيك الدولة الإسلامية، تبنت الدعوة لإنشاء "عصبة الأمم" كامتداد "للأسرة الدولية"، وأداة للحفاظ على مركزها في الموقف الدولي، وتحقيق أطماعها الاستعمارية في المنطقة الإسلامية والعالم.
ثم بانتهاء الحرب العالمية الثانية، وبروز أمريكا قوة أولى في الموقف الدولي، متطلعة بتأثير مبدئها الرأسمالي للحلول محل القوى الأوروبية في استعمار المنطقة الإسلامية خاصة والعالم بصفة عامة، فقد دفع بها حرصها على تركيز مكانتها في الموقف الدولي وتحقيق أطماعها الاستعمارية لتبني إنشاء ما سمي زوراً "هيئة الأمم المتحدة" عام 1945م، وكما هو واضح فإن هذه المنظمة بمجلس أمنها، أداة أمريكية لخدمة مشاريعها ومخططاتها الاستعمارية ضد الإسلام والمسلمين بصفة خاصة، والعالم بصفة عامة.
فهل بعد هذه الحقائق يقبل مسلمٌ رهن قضايا الأمة في يد دول الاستكبار ومنظماتها المجرمة ولإرادة أعداء الإسلام والأمة من قوى الاستعمار؟!
إن أجدادنا بسياستهم قهروا القياصرة والأكاسرة، ذلك لأنهم عرفوا عدوهم فما ابتغوا منه شفقة ولا ارتجوا منه رحمة، ولا دعما مهما كان حالهم، فهل كانت دولة كافرة كأمريكا أو غيرها لتتجرأ أن تأتي من أقصى الأرض لتفرض علينا عنجهيتها وحلولها الوضعية الخبيثة، ونحن نحكم ونتحاكم إلى أعظم كتاب عرفه تاريخ البشرية؛ القرآن العظيم الذي أنزل من رب العالمين؟!
بقلم: الأستاذة غادة عبد الجبار – أم أواب

No comments:

Post a Comment