Friday, February 24, 2017

الانتقال من نفوذ مستعمر إلى آخر

الانتقال من نفوذ مستعمر إلى آخر

(مترجم)
الخبر: نقل موقع "تينجري نيوز" في 24 كانون الثاني/يناير عن وزير خارجية كازاخستان قوله: "إن المفاوضات التي بدأت بشأن القضية السورية في 23 كانون الثاني/يناير في أستانة قد انتهت. وقد تمت المحادثات في فندق ريكسوس أستانة وراء الأبواب المغلقة. وقد أيدت وفود من الجمهورية الإسلامية والاتحاد الروسي وجمهورية تركيا البيان المشترك لوزراء الخارجية في موسكو في كانون الأول/ديسمبر 2016 ومجلس الأمن الدولي لانطلاق المحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة. ونحن نقدر مشاركة المبعوث الخاص لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في المحادثات السورية ونؤكد من جديد التزامنا بفكرة سيادة ووحدة الجمهورية السورية باعتبارها بلداً متعدد الأعراق والأديان، وهو ما كفله مجلس الأمن الدولي".
التعليق:
لقد مرت حوالي ست سنوات منذ أن بدأت الثورة في سوريا. وقد كانت هذه الثورة في البداية تشبه الثورات في مصر وتونس وليبيا وغيرها، ولكن مع مرور الوقت، اكتسبت شكلاً محدداً. فقد تحولت الدعوات إلى وقف الاستبداد إلى دعوات لقلب نظام الحكم المستبد وإقامة نظام الحكم الإسلامي؛ دولة الخلافة على منهاج النبوة.
وتبقى الحقيقة البارزة أنه منذ بداية الثورة في سوريا وحتى يومنا هذا، حاول الكافر المستعمر الذي تمثله أمريكا وعملاؤها في المنطقة مثل تركيا وإيران والسعودية، الذين يتبعون الأنظمة العلمانية، حل الصراع بين المسلمين ونظام أسد الإجرامي. كم هو محزن أن نستعين بالكافر المستعمر لحل مشاكلنا، غارقين في الكفر والظلام، بينما يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾ [النساء: 141]
ونحن نرى أنه حتى يومنا هذا قد فشلت كل المحاولات الأمريكية ومحاولات عملائها ليضللوا أهل سوريا المسلمين عن مطالبهم بإسقاط نظام أسد الاستبدادي، بل وقد فشلوا حتى في دفعهم للتخلي عنها. وهكذا، فإن أمريكا تستخدم أخبث الطرق وأقبحها لخلط الباطل بالحق من أجل أن تضلل الناس بأن هذا السم الزعاف هو البديل الوحيد الصحيح لإنهاء الثورة.
وعن طريق عملائها في المنطقة مثل تركيا والسعودية وغيرها، تحاول أمريكا رشوة الفصائل المتحاربة بالمال السياسي القذر وتستقطبهم أيضاً بالسلاح والمساعدات والذخيرة. وهكذا، فإن أمريكا تربط بقوة الفصائل الموقعة وتطلب منهم الالتزام بتعهداتهم مقابل مدهم بالمساعدات العسكرية وغيرها. والنتيجة هي أن بعض الفصائل بدأت تصرح أنهم يتصورون مستقبل سوريا كدولة علمانية. وخلال المحادثات في كازاخستان اتفقوا على كل شيء، ولكن ليس على المطالبة بإسقاط نظام أسد المستبد وإقامة الخلافة على منهاج النبوة. فهل قادة الفصائل المتناحرة جاهلون وعميان لدرجة أنهم لا يبصرون مستقبلهم في كازاخستان؟! وكازاخستان هي في الأصل أرض إسلامية، وقد كانت تحكم بأحكام الله سبحانه وتعالى. ولكن في أواخر القرن التاسع عشر، احتلت روسيا القيصرية هذه البلاد ومن ثم صارت في يد النظام الشيوعي في بداية القرن الماضي. وقد حصلت كازاخستان على ما يسمى الاستقلال بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وجاء إلى السلطة نور سلطان نزارباييف، الممثل السابق للحزب الشيوعي، ونظامه لا يختلف كثيراً عن نظام بشار أسد.
وقد عاش الناس الذين تقيدهم هذه الحدود التي وضعها الكفار المستعمرون وفق أحكام الإسلام منذ قرون. وممثل أهل هذه السهول هو السلطان المميز بيبرس. ولكن، على الرغم من تاريخ الإسلام الطويل، فإن البلاد ما تزال تحت نير الطغيان والحكومة العلمانية. وما يسمى "استقلال" كازاخستان المزعوم، يعتبر استقلالاً شكلياً زائفاً، فما زالت البلاد، في الواقع، ترزح تحت ضغط روسيا ومطالبها خدمة للغرب.
ألا يدرك قادة الفصائل العسكرية أن أي اتفاق يقوم من خلاله الكافر المستعمر بتقديم المساعدة في إقامة دولة أو تحقيق الاستقلال هو اتفاق مصيره الفشل التام. يمكنهم الاعتبار من الأمثلة الكثيرة في تاريخ بلادنا. ولكن لن نذهب بعيداً، فيكفي النظر إلى ما حصل في تونس وليبيا ومصر. ما الذي تغير في هذه البلاد؟! فالنظام العلماني ما زال قائماً وقد ذهب طاغية وخلفه طاغية آخر.
هل تعتقدون أن الكفار المستعمرين الذين كبلوكم عن طريق الاتفاقيات والاستقلال الموهوم، سيخلون سبيلكم ولا يلزمونكم بما اتفقتم عليه وأنهم سيتركون المسلمين يعيشون في سلام؟! انظروا إلى مكان الرئيس المصري مرسي الآن! هل تعتقدون أن الكفار المستعمرين سيمنحونه حرية الإرادة؟! أو سيسمحون بانتخابات حرة مستقلة؟! بالطبع، كلا! فالكفار المستعمرون يسمحون بالانتخابات فقط لأنهم يسيطرون على أفكارهم العلمانية. وهل تعتقدون أن الكفار المستعمرين يفاوضونكم لأنهم لا يملكون أي خيار؟ كلا!!! إنهم يفاوضونكم لأنكم وافقتم على شروطهم التفاوضية وقبلتم بما يريدونه! ألا يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾ [الأحزاب: 21]
وإذا نظرنا إلى سيرة نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، سنلاحظ أنه حتى في أصعب لحظات حياته، عندما توفي عمه أبو طالب وزوجته خديجة رضي الله عنها، فعندما طلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم النصرة من القبائل العربية لم يساوم ولم يقدم التنازلات؛ فقد اتبع صلى الله عليه وسلم أمر الله ولم يحد عنه قيد شعرة.
ولذلك، يجب على الثوار في سوريا لنيل حريتهم، وخاصة قادة الفصائل العسكرية، الاقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم. ولنصرة الإسلام والمسلمين ليس هناك سبيل آخر. ونسأل الله الثبات والعون والنصر.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إلدر خمزين
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
27 من جمادى الأولى 1438هـ   الموافق   الجمعة, 24 شباط/فبراير 2017مـ 

No comments:

Post a Comment