Saturday, May 28, 2016

في تتارستان يتذكرون تاريخ اعتناق حوض الفولغا للإسلام

في تتارستان يتذكرون تاريخ اعتناق حوض الفولغا للإسلام

(
مترجمة)
عقدت احتفالات في 23 أيار/مايو 2016م في تتارستان بمناسبة اعتناق حوض الفولغا للإسلام سنة 992م. وقد تم في مدينة بولغار وضع حجر الأساس لأكاديمية بولغار الإسلامية والتي يجب أن تصبح بحسب الحكومة مركزاً علمياً لمسلمي روسيا.
بالنسبة لاعتناق حوض الفولغا للإسلام، فلا بد من التذكير بأن هذا حصل بعد أن قام حاكمها خان ألموش باعتناق الإسلام في 991م وأرسل الرسل إلى الخليفة المقتدر في عاصمة الخلافة في بغداد طالباً منه أن يرسل إليه من يُدرس أحكام الشرع، فوافق الخليفة المقتدر على طلب خان ألموش وأرسل قافلة يرافقها العلماء والمدرسون إلى حوض الفولغا، فوصلوه في 992م، وبعدها أعلن خان ألموش بأن الإسلام هو دين الدولة في كامل حوض الفولغا وأصبحت جزءًا من ولايات الخلافة العباسية. وأصبح معروفاً باسم جعفر بن عبد الله، وسُكّت باسمه العملة وكان ذلك في نهاية القرن العاشر الميلادي.
ومنذ ذلك التاريخ بالذات صار الإسلام أساس نهضة شعوب الفولغا، التتار والبشكير، وقد افتتحوا آلاف المدارس الصغيرة والكبيرة والتي كان يدرس فيها التفسير، والفقه، والسيرة، إلى جانب الفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلوم أخرى. وتشكلت بفعل تأثير الإسلام عادات معينة عند تلك الشعوب والتي حتى في سنوات حظر الإسلام من قبل الحكومة السوفيتية لم يتركوها، فمثلاً لم يشربوا الخمر ولم يمارسوا الفواحش. لقد كان الإسلام مؤثراً قوياً على كل شعوب الفولغا.
إلا أن روسيا وقفت في وجه نهضة هذه الشعوب، فبعد احتلال مملكة قازان من قبل إيفان غروزني سنة 1552م تم اجتثاث المسلمين بشكل جماعي وإجبارهم على النصرانية. الأرشيف المحفوظ يشهد على حوادث غير إنسانية تعرض لها المسلمون على يد الكنيسة الروسية. استشهدت المؤرخة فوزية بايراموفا بمقتطفات من ملفات 60 عاماً للمسلمة كيسنبيك بايروسوفا التي حُكم عليها بالحرق بعد هربها من حصن العبيد والعودة إلى الإسلام بعد الإجبار على النصرانية. جاء في القرار المؤرخ في 14 آذار/مارس 1739م: "اعتقال البشكيرية التي أجبرت على النصرانية وأُعطيت اسم كاترينا، فبسبب هربها 3 مرات وترك قانون النصرانية واعتناقها الإسلام، تقرر لإخافة الآخرين قتلها وحرقها".
حاربت روسيا القيصرية انتشار الإسلام بين الشعوب بشتى الأساليب، فشتت سكان حوض الفولغا من التشوفاش، والمردوف وحتى الروس، وعاقبت وأخذت ممتلكات كل من تشك في أنه يدعو غير المسلمين للإسلام. واليوم المخابرات الروسية مهتمة بمن يدخلون الإسلام من الجدد وتحاول بشتى الوسائل إعاقة هذا العمل، كما ويتعرض المسلمون للاضطهاد بسبب دعوتهم للإسلام.
يدرك الكرملين أن قوة المسلمين هي في التزامهم بدينهم، وهم يتذكرون كيف كان من الصعب على موسكو إخضاع الشعوب المسلمة في حوض الفولغا لقوانين روسيا. ولذلك فإن الحكومة مستمرة في اضطهادها للمسلمين والدعاية ضدهم، متمنين أن يعيدوهم إلى الإسلام التقليدي، أي إلى الوضع حين كان دين المسلم مقتصراً على التقيد بعادات الشعب وتقاليده.
هذه الحقائق تستحق أن تذكر، وتدرس ويستخلص منها العبر ومنها أن روسيا الحديثة مستمرة في سياسة العداء للإسلام كما الحكومات السابقة ولنفس الهدف، وهو إعاقة تمسك الشعوب المسلمة بدينها. هذه الخلاصة مهمة من أجل أن لا تضيع الشعوب التي تحمل الإسلام دينها وهي تنهض، فلا تقع تحت تأثير روسيا.
تاريخ علاقة موسكو بالإسلام والمسلمين منذ احتلال الكرملين للقفقاس وحوض الفولغا وانتهاء بإلقاء المتفجرات على مسلمي سوريا، كله يشهد بأن روسيا لم تحب الخير للشعوب المسلمة، وأنها تتمنى لها أن تنفذ مطامعها الاستعمارية. وحتى وضع حجر الأساس لأكاديمية بولغار يندرج تحت هذا الفهم. فهو يتطابق مع رغبة الكرملين في أن يكون تحت سيطرته معهد تعليم الإسلام يتم فيه تجهيز الكوادر اللازمة والتي تقوم بتنفيذ خططها بين المسلمين. لقد استخدم الاتحاد السوفيتي مثل هذا الأسلوب حين كانت المدرسة البخارية "عالم العرب" تعلم الإسلام في أوج صعود العقيدة الشيوعية. ثم إن رئيس الهيئة الدينية لمسلمي روسيا طلعت تاج الدين التحق بمدرسة "عالم العرب" سنة 1966م، وممثل مجلس المفتين في روسيا رافيل غينالدين التحق بنفس المدرسة في 1979م، حين كان ذلك غير ممكن دون إرادة المخابرات السوفيتية والحزب الشيوعي.
بحسب تفكير الحكومة فإن أكاديمية بولغار الإسلامية يجب أن تصبح أعلى جهة تعليم ديني في روسيا، وسيتم بعد عام التحاق أول 300 طالب. إلا أن الوقت تغير، فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وعلى أسس دينية غير صحيحة حضرت الحكومة أئمة يمكنهم التأثير على مسلمي روسيا، واليوم لا تأثير لهؤلاء إلا على من لا يعرفون دينهم. قال تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سليمان إبراهيموف
22 من شـعبان 1437هـ   الموافق   الأحد, 29 أيار/مايو 2016مـ

No comments:

Post a Comment