Wednesday, May 25, 2016

نشاط محموم للقوات البريطانية الخاصة في منطقة الشرق الأوسط

نشاط محموم للقوات البريطانية الخاصة في منطقة الشرق الأوسط

مجلة الوعي: السنة الثلاثون عدد خاص 354-355 رجب و شعبان 1437هـ ، نيسان و ايار 2016م
أكدت صحيفة الغارديان البريطانية أنه تم نشر القوات الخاصة البريطانية “SAS” في ليبيا منذ مطلع العام 2016م، وذلك بحسب ما ورد في حديث خاص للعاهل الأردني الملك عبد الله مع زعماء الكونغرس في الولايات المتحدة الأميركية. وذكرت الصحيفة أن مذكرة مسربة بخصوص لقاء الملك تشير إلى أن قوات خاصة أردنية تساند القوات البريطانية في مهماتها في ليبيا. كما أفاد الملك أيضًا قيام بريطانيا بإنشاء كتيبة مؤللة في جنوب سوريا تحت إمرة قائد محلي تتشكل من مقاتلين من العشائر، وذلك لقتال جيش بشار الأسد. وقد عبر ملك الأردن عن قلق خاص بشأن حركة الشباب في الصومال معتبراً: «إن الأردن يهتم بموضوع تنظيم الشباب لأنه قضية هامة ولم يعبأ بها أحد في الواقع، وأنه ليس بالإمكان أن نفصل هذه القضية عن قضايا التطرف والإرهاب في المنطقة، وأن ثمة حاجة إلى التأمل في هذه النقطة الساخنة على الخارطة». مضيفًا: «لدينا قوة انتشار سريع، ستقف مع البريطانيين ومع كينيا، وهي على أهبة الاستعداد لعبور الحدود باتجاه الصومال».
من جهته، أعرب كريس بلانت رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني لصحيفة الغارديان عن قلقه، من أن البرلمان لا يعلم شيئًا عن المشاركة البريطانية داخل ليبيا، مشيرًا في الوقت ذاته: «أن الملك عبد الله يُعطى مستوى من الاستبصار لا نحصل عليه من حكوماتنا. ولكم قام في الماضي بإعطاء شروح وبيانات للبرلمانيين في لقاءات خاصة خلف الأبواب المغلقة». مضيفًا «حينما أخبرنا وزير الخارجية سابقًا عن الطلعات الجوية لسلاح الجو الملكي البريطاني فوق ليبيا كانت تلك بكل وضوح مهمات لمساندة عمليات قامت بها القوات البريطانية الخاصة. ولكن حينما طلبنا المزيد من التفاصيل قيل لنا بأن الحكومة لا تعلق على عمليات القوات الخاصة».
وتقول الغارديان إن ما يثير الاستغراب، بل والاستهجان، في داخل بريطانيا هو تأكيد العاهل الأردني بأن القوات الخاصة البريطانية تعمل جنبًا إلى جنب مع قواته في شمال أفريقيا فيما لا نكاد نحن نعلم الكثير عما يجري هناك منبهاً: لقد أضحت قضية الرقابة على عمليات القوات الخاصة البريطانية مسألة تثير الجدل داخل البرلمان البريطاني، لا سيما أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد رفض طلبًا من آنغاس روبيرتسون، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب القومي الأسكتلندي، بإخضاع القوات الخاصة البريطانية للرقابة البرلمانية، معتبرًا «إنها تخضع للقانون الدولي مثلها مثل أي شخص آخر في بلادنا، ولكني لا أقترح تغيير الترتيبات التي يعمل بموجبها هؤلاء الرجال الشجعان».
الوعي: اللافت منذ اندلاع موجة ما يسمى بالربيع العربي وجود تحركات عسكرية وأمنية واسعة لبريطانيا في المنطقة، حيث تتحدث التقارير عن قتال القوات البريطانية الخاصة إلى جانب القوات التونسية ضد ما يسمى المجموعات «الإرهابية المتطرفة» في بنقردان وغيرها، كما لوحظت أنشطتها الأمنية والعسكرية في ليبيا وكينيا والعراق ولبنان وسوريا، فضلًا عن عملياتها الجوية في المنطقة، التي تعتبر قاعدتها العسكرية في قبرص نقطة الارتكاز الأساسية في تحركاتها، فضلًا عما تقوم به الأنظمة التابعة لها كالأردن ودول الخليج عمومًا من توفير كل ما يؤمن لها مصالحها عسكريًا وماليًا وإعلاميًا.
حتى لا تضيع البوصلة: إقامة الخلافة هي الحل، ومنهج الرسول في التغيير هو الطريقة لإقامتها
إن الأوضاع الشاذة التي تحياها أمتُنا من الفقر رغم امتلاكها ثروات هائلة، والتجزئة والانقسام والشتات رغم شغفها بالوحدة والاجتماع على قلب رجل واحد، والضعة والهوان رغم تجلي العزة في عقيدتها وشريعتها وتاريخها وقيمها، إضافةً إلى احتلال الغرب لأجزاء واسعة من بلادها مع أنها هي أمة الفتح والتحرير ... إنّ هذه الأوضاع تجعل التغيير ضرورة فوق أنه فريضة. وقد استقر في وجدان جموع المسلمين أن مرجع هذه الأوضاع هو غياب دولةِ الخلافةِ الإسلاميةِ، تلك التي تطبقُ شرعَ الله وتُوحِّدُ الأمة وتحرر إرادتها وتعتقها من استعبادِ الغربِ لها، بل وتمنحُ العالم نموذجًا للتأسي به في بناء مجتمعاتٍ إنسانية سوية.
لذلك فإنَّ الاشتغالَ بما يحققُ إقامة الخلافة، هو المـُعوَّلُ عليه في تغيير أوضاع الأمة حقًا. ويكون ذلك فكريًا من خلال إظهار الحجة على صدق العقيدة الإسلامية وبلورة أحكام الإسلام، وعرضها كأنظمة تعالج جميع شؤون الحياة الفردية والجماعية، في العبادات والمعاملات والأخلاق، كما في الاقتصاد والاجتماع والسياسة والتعليم والعقوبات، وببيانِ تفرد الإسلام في تحقيق الطمأنينةِ والسعادةِ للبشرية من خلال تنفيذ شعائره وتطبيق شرائعه وبلورة تميزها. بهذا يتم التصدي فكريًا للأنظمة الرأسمالية العلمانية المتعفنة، بمختلف ألوانها وأشكالها، سواء منها القومية والوطنية والقبلية، أم تلك المعولمة التي تحاول فرض نماذج مشوهة لحقوق للإنسان تنسيه نفسه وتحوله إلى مجرد حيوان شهواني مادي بشع. كما يكون العمل لإقامة الخلافة بالتأسي بطريقة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في إقامة دولة الإسلام، فاستلام الحكم لوضع الإسلام موضع التطبيق إنما يكون من خلال تقصد أصحاب النفوذ والتأثير في الكيانات المؤهلة للقيام بأعباء الخلافة، لكسبهم أنصارًا، مؤيدين وعاملين لتطبيق الرؤيةِ الإسلاميةِ للإنسان والمجتمع والدولة.
لا شكّ بأن هموم الأمة كثيرة، واحتياجاتها الملحة لمعالجات سريعة كبيرة جدًا، كما أن المسؤوليات جسيمةٌ والحملَ ثقيلٌ والمخاضَ الذي تمرّ به الأمة الإسلامية عسير، إلا أن العمل لإقامة الخلافة هو أوجب الواجبات وأهمها وهو تاج الفروض، لأنه المعوَّل عليه في وضع الأمور في نصابها الصحيح؛ لذلك كان لا بدّ من التصدي لكل الحملات التي تحاول النيل من الخلافة أو تأجيلها أو الالتفات عنها إلى غيرها بذرائع الظروف أو المتغيرات أو الأولويات. وتغيير الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين وتطبيق الإسلام هو السبيل العملي لاستعادة سلطان الأمة وسيادة الشرع في حياتها، ومن ثم تحرير بلاد المسلمين، وإيقاف العبث بها، والحفاظ على ثرواتها وتحقيق عزتها وكرامتها، بخاصة مع إدراك القاصي والداني بأن الأمل بإصلاح تلك الأنظمة المقيتة المركبة بعناية ورعاية من الغرب مفقود، مع سدورها في غيّها بشكلٍ مذهلٍ ومهولٍ، ضاربةً بعرض الحائط كافة مُسلَّماتِ الأمة ومصالحها.
أخيرًا وليس آخرًا، إن العمل الجاد الواعي يقتضي تنبيه شباب الأمة إلى التوقف عن خوض التجارب العقيمة التي تعتمد الأعمال المرتجلة وتستند في جلها إلى ردات الأفعال العبثية المدمرة والمسببة للإحباط، كما ينبغي الحذر من الاستغراق في الأعمال الجزئية التي تستهلك العاملين فيها وتجعلهم يدورون في مطحنة الظروف التي تصطنعها الأنظمة الخبيثة. وأنه لا بدّ من العمل على استعادة سلطان الأمة الذي يُحكِّمُ شرع الله في الحياة ويعلن العبودية الصرفة له دون سواه بطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهذه هي الخطوة السليمة الأولى فيما ينبغي البدء به لتحقيق خلاص أمتنا مما ابتليت به من أوضاع مأساوية شاذة.
قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾

No comments:

Post a Comment