Monday, October 30, 2017

الشباب، السياسة والإسلام

الشباب، السياسة والإسلام

(مترجم)
الخبر: عقدت مؤخرا، مناقشة بشأن مشاركة الشباب الماليزيين في السياسة. وكانت هناك تقارير إعلامية تفيد بأن شباب البلد أصبحوا أقل اهتماما بالسياسة. ويستدل على ذلك بعدم مشاركة الشباب في المحادثات السياسية أو الأنشطة التي تقوم بها الأحزاب السياسية، فضلا عن انخفاض النسبة المئوية للناخبين الشباب في ماليزيا. وتفيد التقارير بأن نحو 14 مليون ناخب بلغوا سن 21 عاما قد سجلوا بالفعل، غير أن ما يزيد على 3.8 مليون ناخب شاب لم يسجلوا بعد للتصويت. وقد أظهرت بعض الدراسات الاستقصائية أيضا أن الكثير من الشباب، لسبب ما، لا يهتمون بالسياسة إلا قليلا. ويعتقد أن من بين العوامل الرئيسية التصور السلبي بين الشباب تجاه السياسيين والأحزاب السياسية. وهذا ما دفعهم إلى التوقف عن وضع أي أمل، مما جعلهم يقررون عدم الاهتمام بالسياسة.
التعليق:
بنظرة سريعة، نعترف بأن الشباب الماليزي ربما فقدوا اهتمامهم بالسياسة على أساس تسجيل الناخبين وحضورهم المحادثات السياسية. ومع ذلك، إذا نظرنا في المسألة بعمق، هناك العديد من العوامل الأخرى التي أثرت على الشباب في عدم الاهتمام بالسياسة. وإنه ليس من الدقيق حقا قياس هذه الظواهر على أساس النسبة المئوية فقط لتسجيل الناخبين أو حضورهم في المحادثات السياسية. وإذا نظر المرء بعمق وإمعان إلى تطور الشباب، سيجد أن فقدان الاهتمام أو الجهل في السياسة له تاريخ طويل وينطوي على عوامل مختلفة. بالإضافة إلى الإحباط من السياسيين والأحزاب السياسية، فإن معظم الشباب يكافحون من أجل العثور على وسيلة للخروج من الحياة التي جعلتهم يركزون فقط على المسائل الشخصية. وهناك أيضا بعض الشباب غير المبالين بالسياسة ولا يهتمون إلا بالترفيه والمرح. فبعضهم يهتم بالشؤون العائلية، مع إعطاء الأولوية لمسؤولية خدمة والديهم على المسائل الأخرى. ولا يقل عن أولئك الذين يخافون من الانخراط في السياسة، ولا سيما عند الانحياز مع المعارضة خشية أن يتم رصدهم أو فصلهم أو اعتقالهم.. وعلاوة على ذلك، فإن العوائق السياسية التي تعترض المساجد والحرم الجامعي، بأفعال مثل قانون التحريض على الفتنة، وقانون المطبوعات، والصحافة، وقوانين منع الجريمة (بوكا وسوسما) والأعمال الوحشية الأخرى تخلق الخوف بين الشباب وبالتالي تجعلهم يفقدون اهتمامهم بالسياسة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الضغوط الموجودة في ظل النظام العلماني-الديمقراطي تقضي على حياة الشباب إلى حد أن بعضهم لا يتجاهل السياسة فحسب، بل يحدث الأسوأ من ذلك، حيث ينتهي به الأمر كقمامة المجتمع!
هذه الأسباب تساهم في فقدان الاهتمام بالسياسة بين الشباب، غير أن السبب الحقيقي وهو الأهم والأكثر جوهرية: هو الفهم الخاطئ لمعنى السياسة وبالتالي يخلق تصورات سلبية بين الشباب. السياسة مفهومة بمعنى ضيق جدا. وبالنسبة للكثيرين، فإن السياسة تعني الانتخابات أو البرلمان، ولا تهتم إلا بالقوة والكفاح من أجل السلطة. ونتيجة لهذه المفاهيم الخاطئة، وفشل الحكومة والفوارق السياسية المروعة في البلاد، ينظر إلى السياسة على أنها شيء قذر ومثير للاشمئزاز، مزدحم بالاحتيال والجهل والفساد وإساءة استعمال السلطة والاضطهاد والفضائح والاستبداد.
ومن أجل فهم السياسة بشكل صحيح وواضح، فإنه يجب على المرء أن يعود إلى القرآن والسنة. لغويا، السياسة تشير إلى الحفاظ على المصالح وإدارتها. ووفقا للشريعة، تعرف السياسة بأنها إدارة شؤون الناس داخل الدولة وخارجها، ورعايتهم. وبالتالي، ففي الإسلام، يشكل البحث عن شؤون الناس في جميع مناحي الحياة، بما في ذلك الحكم والاقتصاد والتعليم وغيرها، سياسة. في الإسلام، السياسة بمعناها العام موجودة في جميع مجالات الحياة، وما أكثر التعامل مع شؤون رعايا الدولة! فكل مسلم لا خيار له سوى أن يكون مسيسا، بالمعنى الحقيقي. وذلك لأن السياسة هي جزء من الإسلام، ولا يمكن فصلها عنه. وبالتالي، فإن ما يجب على الشباب القيام به الآن هو ألا يبتعدوا عن السياسة أو يتجاهلوها، ولكن عليهم فهم السياسة بمعناها الصحيح وبالطريقة الصحيحة.
وينبغي أن يتبنى جيل الشباب سياسة حقيقية من أجل فهم الطبيعة الشيطانية للسياسة العلمانية المعاصرة والتحريض على التغيير. وينطوي هذا التغيير على تركيز قلوب وعقول الشباب على الطموح والتطلع إلى دولة تضطلع وتتولى مسؤولية تنفيذ وتطبيق الإسلام في الاعتناء ورعاية شؤون رعايا الدولة، الدولة التي من خلال السياسة، تحقق الرخاء والتوازن في السلطة من خلال تطبيق شريعة الله ونوال رضوان الله سبحانه وتعالى، إن شاء الله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور محمد – ماليزيا
  11 من صـفر الخير 1439هـ   الموافق   الثلاثاء, 31 تشرين الأول/أكتوبر 2017مـ

No comments:

Post a Comment