Friday, May 29, 2015

بيان صحفي: حظر النقاب وطغيان "الحرية"

بيان صحفي: حظر النقاب وطغيان "الحرية"

بعد فشله في محاولة منع النقاب سنة 2012، وافق البرلمان الهولندي اليوم على منع النقاب بشكلٍ نهائي، فمنذ هذه اللحظة فإنه يحظر لبس المسلمات للنقاب في الأماكن العامة المغلقة، وكل امرأةٍ ترتاد تلك الأماكن وهي ترتدي النقاب، فإنها تعرض نفسها لغرامةٍ ماليةٍ تقدر بـ405 يورو، ومن الممكن أيضاً أن تأمر الشرطة من ترتدي النقاب في غير تلك الأماكن إلى خلعه لدواعٍ أمنيةٍ.
ومن الملاحظ في قرار منع النقاب هذه المرة هو استعمال عبارة "منع محدود"، بدلاً من عبارة "منعٍ تام" التي استعملت سنة 2012، مما يعطي انطباعاً أنه قرارٌ معتدلٌ بعض الشيء، لأنه يجيز تغطية الوجه في الشارع، وقد صرح بذلك وزير الداخلية "بلاسترك" فقال: "إن المرأة تستطيع أن ترتدي النقاب في البيت وفي الشارع، لأننا نعيش في دولة حرة".
لكن عملياً ماذا يقصد الوزير بقوله بالسماح بارتداء النقاب في الشارع؟ فطالما أن المنع يشمل حافلات النقل العام مثل الترام والباص والقطار والمترو، ويشمل أيضاً ساحة المدرسة وقاعات البلدية والمستشفيات والمراكز الصحية والمحكمة ومراكز الشرطة، فكيف يكون ارتداء النقاب في الشارع مسموحاً به؟ إن هذا يعني أن الحالة الوحيدة المسموح بها للمرأة التي ترتدي النقاب هي فقط مجرد السير في الشوارع، بل حتى هذا سيكون صعباً على المرأة المسلمة بسبب ضغط المجتمع والجو العدائي ضد النقاب، لقد صرح وزير الداخلية أيضا أنه يمكن ارتداء النقاب في البيت، ومع أن النقاب والجلباب لا يلبسان في البيت، إلا أنه من السخف والجنون أن يحدد الوزير لنا بصفتنا مسلمين ما يمكن ارتداؤه في البيت وما لا يمكن.
وهذا يعني أنه منذ هذه اللحظة فإن الدولة لن تتسامح مع لابسات النقاب في الحياة العامة، وبما أن النقاب لا يُلبس في البيت، فإن هذا يعني وبكل وضوحٍ أن تصريحات الوزير "بلاسترك" حول منعٍ جزئي لا واقع لها، فسواءٌ أكان المنع جزئياً أم منعاً تاماً، فكلاهما ذو طبيعة قمعية، والمنع الجزئي مع بعض الاستثناءات لا واقع له وهو بصورة أو بأخرى منعٌ تامٌ، وأن ما يسمى بالمنع الجزئي للنقاب لأننا نعيش في "بلد حر"، يتناقض مع فكرة الحرية التي طالما تشدق بها الغرب.
ومن الحجج الواهية التي استند إليها قرار منع النقاب هو المحافظة على الأمن العام، وهذا كلام غامض، ففي سنة 2011 وسنة 2012 عبرنا عن قلقنا وانتقادنا لمحاولة منع النقاب، وقلنا آنذاك إن منع النقاب لا علاقة له بالأمن، وإنما هو اعتداء صارخ على الإسلام وإلحاق الظلم بالنساء المسلمات، وهكذا يجب أن ينظر إلى الإجراءات التي تتخذ بحق رموز الإسلام وبحق المسلمين على أنها اعتداء على الإسلام ليس إلا.
ولنا أن نتساءل: بما أنهم يمنعون النقاب حفاظاً على الأمن، فمن المسؤول عن أمن المرأة المسلمة التي اختارت أن ترتدي النقاب بناء على قناعتها إذا أرادت النزول إلى الشارع خاصة في هذه الأيام حيث الأجواء مشحونة بالخوف والكراهية؟
ونقطة أخرى اعتمد عليها البرلمان في منع النقاب وهو أنه ظلم للمرأة، فنقول إن المشاهد المحسوس أن من يظلم المرأة المسلمة ليس النقاب الذي قررت أن ترتديه عن قناعة، وإنما سبب الظلم هو تلك الإجراءات القمعية التي تتخذها الدولة ضد المرأة وضد ما اختارته عن قناعة.
أما قولهم إن الحكومة قررت حظر النقاب من أجل المساهمة في دمج المسلمات في المجتمع الهولندي، فهذا القول ما هو إلا تعبير عن وهم ما يسمى بالحريات الغربية، ففكرة دمج المسلمين في المجتمع الهولندي والتي هي عملياً تذويب للمسلمين في المجتمع تتعارض مع فكرة الحرية المزعومة، ومن أجل دمج المسلمين أو تذويبهم فإن الحكومة تضرب بحق المسلمين في الحفاظ على هويتهم الإسلامية عرض الحائط.
ومعلوم أن معظم النساء اللاتي يرتدين النقاب قد قمن بذلك بمحض إرادتهن، وهن من اختار ذلك طواعية، ولذلك فإن على المجتمع الغربي الذي يتشدق بالحريات أن يحترم هذا الاختيار، إلا أن الغرب قد عودنا على التعامل مع المسلمين بمعايير مزدوجة عندما يتعلق الأمر بالرموز الإسلامية، وهو من جهة يفرض على الجالية المسلمة القبول بالحرية، ومن جهة أخرى يعمل على مصادرة هذه الحرية منهم.
ومع أن الهولنديين يتوقعون من النساء المسلمات أن يكن فاعلات وجزءا من هذا المجتمع، لكن إذا اختارت المسلمة أن تكون فاعليتها في المجتمع بحسب قناعاتها ودينها فإن المجتمع يلفظها ويضع العراقيل أمامها ويعمل على عزلها في بيتها.
وأخيراً، فإن الحكومة الهولندية تعترف أن من يرتدين النقاب هن أقلية قليلة، ولذلك فهي ترى وتأمل أن يمر قرار منع النقاب دون مشاكل تذكر، وهنا نود أن نحذر المسلمين، وأن يكونوا على وعي على ما يحاك ضدهم، صحيح أن هناك اختلافاً بين العلماء حول ارتداء النقاب، فمنهم من يرى أنه فرض ومنهم من يرى غير ذلك، وهناك من المسلمين من يقلد هذين الرأيين، إلا أن هذا الاختلاف ينبغي أن يكون بعيداً عن قرار منع النقاب، فقرار منع النقاب لا يعني أن الحكومة تؤيد الرأي القائل بعدم وجوبه، ولذلك فإن على المسلمين سواء أولئك الذين يقلدون الرأي الفقهي القائل بوجوب النقاب أو الذين يرون عدم وجوبه أن يقفوا جميعا في وجه قرار منع النقاب، لأن هذا القرار هو اعتداء على الرموز الإسلامية وبالتالي هو اعتداء سافر على الإسلام.
أوكاي بالا
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في هولندا
التاريخ الهجري      05 من شـعبان 1436
التاريخ الميلادي    2015/05/23م

No comments:

Post a Comment