Tuesday, May 26, 2015

رؤية حزب التحرير لسياسة التعليم التي ينبغي تطبيقها

رؤية حزب التحرير لسياسة التعليم التي ينبغي تطبيقها

يقوم التعليم في أي أمة أساسًا على وجهة النظر التي تتبناها لإيجاد الشخصية التي تصبو إليها، فنجد أن الغرب يصبو إلى السيطرة على العالم وتكريس التعليم في بلادنا لصالحه فجعله في بلاد المسلمين بما في ذلك تونس طبقًا لوجهة نظره ليسهل السيطرة عليها، فكان أداة للسياسة الاستعمارية تفصل المسلمين عن عقيدتهم وتراثهم الإسلامي، وتحول دون نهضتهم وتقدمهم، وتعزز المفاهيم العلمانية والليبرالية وغيرها من المفاهيم التي تفرض وجهة نظر دخيلة على البلاد.
وليس من الغريب في كل مرة أن يشهد شاهد من أهله بفساد أو بطلان النظام العلماني بكل فروعه وأجزائه ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ وأن يدعو رواده إلى وجوب إصلاح المنظومة التربوية، بل هو إقرار بالفشل ومواجهة كل من يتشدق بالمكاسب في التعليم البورقيبي الذي لم يعمل إلا على مقاومة التعليم الزيتوني، وليس من الغريب أن يتحدث موجه النداء بإصلاح التعليم في كل تحول شكلي لنظام الحكم، فكان عند تنصيب بورقيبة رئيسًا ثم في عهد حكم بن علي وها هو اليوم عند الحكومات المتعاقبة بعد الثورة.
إن هذا النظام كغيره جعل من أبنائنا كائنات مخبرية يضعونهم طبق عوامل وظروف غير ظروفها الأصلية ليجربوا عليهم ما خططه الأجنبي.
إن ما يرسم في سياسة التعليم يراد به إبعاد الإسلام عن الحياة العملية وجعله موضوعًا أكاديميا يتبع طرقًا غبر صحيحة للتدريس، ونتائجه وبال على الأمة بجعله حفظًا بدلا من التركيز على بناء المفاهيم، وكيف يكون الأمر يراد به خيرًا ونجد:
- نقصًا حادًا في المرافق التعليمية.
- تدريس العديد من العلوم بلغة غير اللغة الأم.
- رغبة أبنائنا في السفر إلى الغرب لتحصيل التعليم الجامعي.
- استغلال الأدمغة وتهجيرها لنفقد شبابًا موهوبًا من خدمة الأمة الإسلامية ويسخر لخدمتهم.
- عدم ربط البحوث العلمية باحتياجات الصناعة والزراعة.
- في النظام التربوي الحالي يدرس الإسلام بطريقة نظرية دون ربطه بالواقع بل انحصر ببعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والأخلاق فقط وأهملت الأحكام الأخرى التي تتعلق بالمعاملات والشؤون الاقتصادية والسياسة الخارجية والمسائل المتعلقة بمحاسبة الحاكم... الخ.
- التمويل الحكومي ليس كافيًا لتوفير المرافق التعليمية والمدرسين والمدربين المختصين في إنتاج البحوث والتكنولوجيا فتلجأ إلى الأجنبي وما هي إلا أساليب لتكريس الاستعمار.
إن الحرص على اكتساب العلوم من مثل الصناعات الثقيلة والحربية هي من باب الفرض، وهي قضية مصيرية للشعوب، لذا على الدولة أن تتحمل المسؤولية لتعليم أبنائها وبناتها. إن العلوم يحرص عليها وعلى اكتسابها والعمل على جعلها قضية حياة أو موت باعتبارها من الفروض وهي عالمية ولا تخضع لوجهة نظر مثل الصناعات الثقيلة والصناعات الحربية.
وعليه فإن دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ستعمل على:
1) وضع سياسة للتعليم من شأنها بناء الشخصيات الإسلامية بعقلية ونفسية قويتين.
2) وضع المناهج على نحو من شأنه تطوير طريقة التفكير والتفكير التحليلي والرغبة في المعرفة من أجل نيل رضوان الله وثوابه وتقديم مساهمات ذات نفع للأمة.
3) التركيز على العلوم التجريبية في مختلف مراحل التعليم بهدف تطوير الإنتاج والتنمية والتكنولوجيا لتكون الدولة الإسلامية قائدة للعالم في مجالات الابتكار الصناعي والصحة والهندسة المعمارية والمتطلبات العملية الأخرى للوجود الإنساني ويتم ربط العلم والتكنولوجيا بالحاجات الضرورية العملية مثل الزراعة والصناعة والرعاية الصحية وهذا الذي سيضمن تفوق الأطباء والعلماء والمهندسين بين الأمم.
أما بالنسبة للآداب الثقافية فإن الأمر يكون على مرحلتين الابتدائية والثانوية وفقًا لسياسة محددة لا تتعارض مع الأفكار الإسلامية.
4) تخصيص وقت كاف لتعلم اللغة العربية والعلوم الإسلامية حتى يتم بناء الأطفال على الأفكار الأساسية للإسلام وتطبيقه بشكل عملي وتشجيع التلاميذ ليصبحوا أكفاء في فهم الأحكام الشرعية والقضائية من أجل فهم كيفية تطبيق الإسلام في الحياة العملية.
علمًا وأن حزب التحرير عرض منذ مدة مشروع دستور على الأمة لمناقشته وأرسل به إلى المجلس التأسيسي ومن جملة ما تضمنه ما يلي:
سياسة التعليم
المادة 170 - أساس منهج التعليم
يجب أن يكون الأساس الذي يقوم عليه منهج التعليم هو العقيدة الإسلامية، فتوضع مواد الدراسة وطرق التدريس جميعها على الوجه الذي لا يحدث أي خروج في التعليم عن هذا الأساس.
المادة 171 - سياسة التعليم
سياسة التعليم هي تكوين العقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، فتوضع جميع مواد الدراسة التي يراد تدريسها على أساس هذه السياسة.
المادة 172 - الغاية من التعليم
الغاية من التعليم هي إيجاد الشخصية الإسلامية وتزويد الناس بالعلوم والمعارف المتعلقة بشؤون الحياة. فتجعل طرق التعليم على الوجه الذي يحقق هذه الغاية وتمنع كل طريقة تؤدي لغير هذه الغاية.
المادة 173 - حصص العلوم الإسلامية
يجب أن تجعل حصص العلوم الإسلامية والعربية أسبوعيًا، بمقدار حصص باقي العلوم من حيث العدد ومن حيث الوقت.
المادة 174 - العلوم التجريبية
يجب أن يفرق في التعليم بين العلوم التجريبية وما هو ملحق بها كالرياضيات، وبين المعارف الثقافية. فتدرس العلوم التجريبية وما يلحق بها حسب الحاجة، ولا تقيّد في أية مرحلة من مراحل التعليم. أما المعارف الثقافية فإنها تؤخذ في المراحل الأولى قبل العالية وَفْقَ سياسة معينة لا تتناقض مع أفكار الإسلام وأحكامه. وأما في المرحلة العالية فتؤخذ هذه المعارف كما يؤخذ العلم على شرط أن لا تؤدي إلى أي خروج عن سياسة التعليم وغايته.
المادة 175 - الثقافة الإسلامية
يجب تعليم الثقافة الإسلامية في جميع مراحل التعليم، وأن يخصص في المرحلة العالية فروع لمختلف المعارف الإسلامية كما يخصص فيها للطب والهندسة والطبيعيات وما شاكلها.
المادة 176 - الفنون والصناعات
الفنون والصناعات قد تلحق بالعلم من ناحية كالفنون التجارية والملاحة والزراعة وتؤخذ دون قيد أو شرط، وقد تلحق بالثقافة عندما تتأثر بوجهة نظر خاصة كالتصوير والنحت فلا تؤخذ إذا ناقضت وجهة نظر الإسلام.
المادة 177 - منهاج التعليم واحد
يكون منهاج التعليم واحدًا، ولا يسمح بمنهاج غير منهاج الدولة، ولا تمنع المدارس الأهلية ما دامت مقيدة بمنهاج الدولة، قائمة على أساس خطة التعليم، متحققًا فيها سياسة التعليم وغايته، على ألاّ يكون التعليم فيها مختلطًا بين الذكور والإناث لا في التلاميذ ولا في المعلمين، وعلى ألا تختص بطائفة أو دين أو مذهب أو عنصر أو لون.
المادة 178 - التعليم فرض
تعليم ما يلزم للإنسان في معترك الحياة فرض على الدولة أن توفره لكل فرد ذكرًا كان أو أنثى. في المرحلتين الابتدائية والثانوية، فعليها أن توفر ذلك للجميع مجانًا، وتفسح مجال التعليم العالي مجانًا للجميع بأقصى ما يتيسر من إمكانيات.
المادة 179 - وسائل المعرفة
تهيئ الدولة المكتبات والمختبرات وسائر وسائل المعرفة في غير المدارس والجامعات لتمكين الذين يرغبون في مواصلة الأبحاث في شتى المعارف من فقه وأصول فقه وحديث وتفسير، ومن فكر وطب وهندسة وكيمياء، ومن اختراعات واكتشافات وغير ذلك، حتى يوجد في الأمة حشد من المجتهدين والمبدعين والمخترعين.
المادة 180 - حقوق الطبع والنشر
يمنع استغلال التأليف للتعليم في جميع مراحله ولا يملك أحد مؤلفًا كان أو غير مؤلف حقوق الطبع والنشر إذا طبع الكتاب ونشره. أما إذا كان أفكارًا لديه لم تطبع ولم تنشر فيجوز له أن يأخذ أجرة إعطائها للناس كما يأخذ أجرة التعليم.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سليم بن صميدة
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في تونس
08 من شـعبان 1436
الموافق 2015/05/26م

No comments:

Post a Comment