Thursday, September 28, 2017

حريق في مدرسة تحفيظ: ما بال أمر جيلنا؟

حريق في مدرسة تحفيظ: ما بال أمر جيلنا؟

(مترجم)
الخبر: في الرابع عشر من أيلول 2017، شهدت مدرسة دار اتفاقية تحفيظ القرآن الواقعة في منطقة كيرامات في كوالالمبور، ماليزيا، حريقا شبّ داخلها. وهذا الحريق يعتبر واحداً من أكبر حوادث الحريق التي حدثت على مدى سنوات والتي ابتليت وعانت منها مدارس التحفيظ في جميع أنحاء البلاد. وتوفي على إثر هذا الحادث 21 طالبا ومعلمان اثنان، مما أثار نقاشا حادا حول مستويات السلامة من الحريق في مدارس التحفيظ. ومنذ عام 2011، كان هناك ما لا يقل عن 31 حريقا في المدارس الخصوصية في ماليزيا. فمعظم هذه المدارس تفتقر إلى متطلبات السلامة من الحرائق وتكون عرضة للحرائق خاصة بسبب الأعطال الكهربائية. ولكن هذه المرة، كان سبب اشتعال النار في مدرسة دار تحفيظ القرآن مختلفا. فبعد أيام قليلة من نشوب الحريق، وبعد أن ألقوا اللوم على مراكز التحفيظ في جميع أنحاء البلاد بسبب افتقارها لمستويات السلامة، ظهرت القصة الحقيقية. فلم يكن الحريق ناجما عن أخطاء أو عطل كهربائي، بل كان نتيجة حريق متعمد ارتكبه مراهقون كانوا تحت تأثير المخدرات. وقد تبين أن هؤلاء المراهقين أحرقوا المكان فقط لأنه كان لديهم بعض الجدال مع طلاب مدرسة التحفيظ!
التعليق:
من الواضح أن هذا الحادث المروع هو مؤشر على فشلنا في تربية جيلنا الأصغر سنا. ومنذ انجلاء الحقيقة في وسائل الإعلام، ظهرت المناقشات والجدال حول هذا الأمر، على الرغم من أن السلطة أقفلت على هذه القضية. ومن الواضح أن القضية ليست بعيدة عن الإغلاق. فإن اعتقال المراهقين لا يحل المشكلة الرئيسية بأي شكل. ألقى العديد منهم اللوم مباشرة على الجناة وأولياء أمور المراهقين بسبب "عدم تربيتهم أطفالهم بالأسلوب الصحيح". وهناك أيضا أشخاص آخرون تزمتوا في الجدال وقالوا بأنه كان بالإمكان إنقاذ الأطفال لو كانت المدرسة قد استوفت متطلبات السلامة من الحرائق. ومع ذلك، لم يتطرق أحد للنقاش سوى فئة قليلة جدا حول القضية الحقيقية التي تسلط الضوء على سبب الفشل في تربية وإنشاء الجيل الأصغر سنا.
ويعتمد نشوء جيل الشباب إلى طبيعة البيئة التي يعيشون فيها، ويشمل ذلك، من بين أمور أخرى، الظروف الحياتية والاقتصادية التي يعيشون فيها والتعليم المقدَّم لهم. ولا شك أن الآباء يلعبون دورا مهما جدا في تعليمهم، ولكن قدرة الآباء على تثقيف أبنائهم ستعتمد أيضا على الحالة الحياتية والاقتصادية للأسرة. وقد ولد المراهقون في الطبقات الدنيا من المجتمع الفقيرة اقتصاديا وفي النظام الرأسمالي الحالي، فهذه الفئات شحيحة الدخل تكافح حقا من أجل تغطية نفقاتها. وإلى جانب عدم وجود التربية الإسلامية، تكون ثقافة وأخلاق الأسر والشباب مفتقرة للقيم السليمة. ونتيجة لكل هذه الأوضاع، فإن آباء وأمهات هذه الأسر لا يعيرون اهتماما إلى تعليم أطفالهم. فيترتب على معظم الآباء الذين يعيشون في هذه الحالة إعطاء مسؤولية تعليم أطفالهم إلى المدارس. ولكن هل هذه المدارس مستعدة لتحمل المسؤولية الكاملة؟
وتنادي فلسفة التعليم الوطنية الماليزية الأهداف الضرورية لنظام التعليم. وتصف الفلسفة أن التعليم في ماليزيا هو "جهد مستمر لرفع وتطوير إمكانات الأفراد في نهج شامل ومتكامل من أجل إنتاج الأفراد المنظمين فكريا وروحيا وعاطفيا وجسديا بتوازن وتناغم، على أساس الإيمان الراسخ والإخلاص لله". وإذا نفذت هذه الأساسيات صحيحا، فإنها ستؤدي بالتأكيد إلى إنتاج هذه الفئة من الأفراد. ومع ذلك، بدأ الكثيرون بملاحظة أن نظام التعليم الماليزي قد فشل بشكل فادح في تثقيف شباب اليوم. إن المشاكل المجتمعية المتعلقة بالشباب آخذة في الازدياد، وتؤكد هذه الحادثة الأخيرة على فشل نظام التعليم. ولكن المشكلة ليست الفلسفة نفسها بل هي الأساس والطريقة التي يقوم عليه نظام التعليم المتبع. إن نظام التعليم العلماني الرأسمالي الذي نركز عليه اليوم يتمحور فقط حول المواد الأكاديمية المعطاة والنجاح الأكاديمي. ولا يصب تركيزه على إنتاج أفراد متكاملين بل على شباب يعبدون الرأسمالية. فلم يتم تأسيس نظام التعليم العلماني ببساطة ليتماشى مع خطة العمل والأهداف الوطنية المذكورة، ما هو أكثر مع نظام التعليم الإسلامي! وهذا يدل على أن المدارس في ماليزيا فشلت في إنتاج أفراد يتحلون بالأخلاق الحسنة وبالنزاهة، ولكنها نجحت في إنتاج أفراد منصاعين لميولهم المادية والفردية. إن الفوارق الدقيقة التي يتحملها نظام التعليم العلماني والتي تركز فقط على النجاح الأكاديمي الكمي، ستتسبب بنشوء طلاب غير قادرين على المنافسة فيتسبب فشل النظام في تسربهم من المدارس وتوريط أنفسهم في مشاكل اجتماعية مختلفة. وجميع المراهقين المتورطين في جريمة إشعال الحريق هم طلاب متسربون من المدارس.
ومن المؤكد أن هذا التعليق القصير غير كاف ولا يعادل الصورة الشاملة التي تظهر سلبيات نظام التعليم الفاشل الذي أدى لحدوث مثل هذه المأساة. ويكفي القول إن العيش في نظام رأسمالي يتجاهل الجانب الروحي في الحياة يؤدي إلى إهمال الطرق والأوجه الصحيحة التي يجب اتباعها في الحياة. إن نظام التعليم الذي يطمح إلى إقامة مجتمع "شامل ومتكامل" ولكن يتبع على العكس هيكلا ينفي هذه القيم هو نظام محكوم عليه بالفشل. فالأسر متدنية الدخل في المجتمع الرأسمالي تجعل الوضع أسوأ. هذه العناصر كافية لتصف مشاكل الشباب مثل الشباب المسئولين عن الحريق. وبالنسبة للمسلمين المبدأيين، فمن السهل عليهم ملاحظة أن حال الشباب والآباء والتعليم والوضع الاقتصادي السيئ منبثق عن المشكلة الحقيقية والجذرية وهي عدم تنفيذ الإسلام، نعم، الإسلام الذي يعتبر حلا شاملا ومتكاملا لجميع مشاكل الحياة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور محمد – ماليزيا
  8 من محرم 1439هـ   الموافق   الخميس, 28 أيلول/سبتمبر 2017مـ

No comments:

Post a Comment