Sunday, June 23, 2013

الثورات الشعبية..! والمطبات السياسية

...الثورات الشعبية..! والمطبات السياسية ..
ابو كمال
يجب على جميع الشعوب و المواطنيين أن يدركوا تماما ... أن الثورات التي يقومون بها ، و قاموا بها من قبل ... قامت بسبب الظلم و الفساد ، و أنعدام العدل و الحياة الكريمة في حياتهم .... و ثاروا على ذالك ... و لكن ما أن تقوم القائمة , و يثوروا ... يقعون بمطبات و أخطاء .. و تتكالب عليهم الأمم من كل حدب و صوب ... و يركب موجة الثورة أناس مدسوسون .. ليحولوا مسار الثورة إلى المسار المعاكس .. الذي قامت من أجله الثورة ... و يدخلون على الثورة مطالب مدسوسة و خبيثة ... مثل ..
* خدعة الحرية السياسية إنما هي فكرة مجردة , ولا واقع حقيقي لها , وهذه الفكرة كالطعم في الشرك تدعو لإستغواء الجماعات والجماهير إلى حزبه ابتغاء أن يقوم الحزب فيقضي على الحزب المناوئ له وهو الحزب الذي بيده الحكومة والسلطة .
وهذا هو نتيجة الليبرالية المتمثلة بالمطالبة بالحرية !
وحين تسقط الحكومة يأخذ النظام بالأغلال فوراً ، تتسلط أيدي جديدة على الزمام , حتى تتفشى الفوضى وتختل الأمور, وتقع المعارك بين الطبقات ....! وفي هذه الاضطرابات تحترق الحكومات أياً كانت !
والانتفاضة وثورة الشعوب , إن كانت من غير وعي فإن الانتفاضات الشعبية آكلة بعضها البعض من الداخل ...! وفي ذالك هو قتل للنظام , وعجز عن النهوض , فإذا بالأنظمة تلك تقع في فخ سلطة رأس المال , وتكون جاهزة , لأن الغارق يعلق في قشة ...! فتتكون الحكومة والشعب للأسف جاهز...؟ , فتمتد هذه السلطة المالية المادية بشكل خفي إلى تلك الحكومة الجديدة لتعلق بهِ طوعاً أم كرها لحاجتها الماسة إليه و لضيق الحال .
* والأدهى والأمر أن تكون قيادة الشعب والثورة عدتها الإعتماد على مجرد المنطق والإرشاد , والجدل والمقال , ومنطق الرأي , حتى حينما تعترضه مقاومة أو الخصوم بعيب ما , حتى لو كان من الترهات , وأصغت الناس إليه ! لا يقوى على الرد .... والناس للأسف لا تذهب في تحليل الأمور إلى ما هو أبعد من الظاهر السطحي ؟ .
والملاحظ والذي يجب أن ينتبه إليه الناس , هو أن الناس المثقفون الذين هم من الطليعة في المجتمع , إذا ما دخلوا في أمواج الجماهير المؤلفة من الأغبياء من الناس , فحينئذ لا يستوي على هؤلاء الرجال إلا سائق الأهواء والمعتقدات الرخيصة وما خف وفشا من العادات والتقاليد والنظريات والشعارات العاطفية , فيقعون في مهوى التطاحن الحزبي , ولا يتفقون على شيء وعلى أي قرار , حتى ولو كان هذا القرار واضح المصلحة للجميع ولا خفاء في ذالك , لا يتفقون على أمر .
* ثم أن كل قرار يضعه الشعب المشرع ! هو بمثابة العبث . لأنه عندما يكون الإنسان المشرع , ويضع نفسه مكان الله , فلا يناله إلا الفوضى والدمار, و الفساد , فحرية الرأي و التشريع و الديمقراطية , هم للألهاء و الأفساد , و الدخول في الطريق المتعرج ....
ولذلك فإن قرارات الشعب تتوقف مصيرها إما على الفوضى والحظ , وإما على كثرة كاثرة تؤيده , ولكن الكثرة لجهلها بإسرار السياسة وبواطنها , فالقرارات التي تخرجها لا تكون إلا سخرية ومهزلة , وإنما في هذه القرارات تكمن بذرة الفساد , وما تؤول إليه الحكومات بالنهاية إلا بالفوضى والهلاك و الدمار , و البؤس , و الفساد و الفقر .
* والمصيبة الثانية التي يقع بها الشعب والجماهير , هي شعارات الحرية والعدالة والمساواة , وهي كلمات لم تزل تردد في أفواه الأغبياء من الناس !
لأن هذه الكلمات هي السوس الذي ينخر في رفاهية المجتمعات , ويقتلع الأمن والراحة منهم , ويذهب بالهدوء , وبذلك تنقضي الامتيازات , وتنقضي الطبقة المتعلمة في المجتمع , والطبقة المتدينة , ليحل محلها طبقة الرأسماليين وطبقة المتقدمين المنادون بالتقدم والمعرفة والمنادون بالتقدمية .!!
وبذالك ينسى الشعب ولا يعلم أن هذه الشعارات كالحرية والعدالة والمساواة هي معاني ناقصة ! لأنهم يسمعون كلمات ومفاهيم ناقصة ...! فالأولى أن تكون حق الحرية , وواجب العدالة , وكمال المساواة .
فهم يسمعون كلمات ناقصة , غير مكتملة , ولا تحمل مصلحة لهم , وهو الذين ينادون بها ... وثاروا من أجلها .! وهي أيضاً شعارات ماسونية لا هدف لها سوى ضرب الدين .
والمصيبة الثالثة هي أن يصدق الشعب أن يكون له ممثلي شعب في الحكومة ! مما يجعل الممثلين طوعاً للمستعمر , وأداة يتحكم بها .
وأيضاً يضحك على الشعوب , ويظنون أنهم يستطيعون تغيير ممثلي الشعب , بأنهم بذالك قد غيروا ! وأنهم أعطوا سلطة التغيير ...!
* وأيضاً ما يقع به الشعب من خداع . هو ما يسمى بحقوق الشعب ! وأما الشعب نفسه لا يناله من هذا شيء , وهو لا يجد في هذه الحقوق إلا خيالاً وسراباً , ولا يصيب العامل من ذالك سوى معاناة الشرائر , ولا يصيبه أي خير من الدساتير ونصوصها .
إلا ما يتساقط عليه من خير من فتات الموائد في مواسم الانتخابات العامة ...
لينتخب المرشح الذي يعين تعيناً ؟ وليس انتخاباً في حقيقة الأمر ! والحقوق التي ينالها المواطن ليس منها إلا المرارة , وهي لا تخفف من أعباءه شيئاً , فيلجأ إلى الإضرابات , أو تراه موقوفاً محجوزاً عليه بأمر سادته !؟
فيأتي دور الفخ الذي يقع فيه الشعب , وهو دعاة حب إنقاذ العامل والمواطن الفقير مما هو فيه من بلاء تحت شعار تضامن الإنسانية .
والمصيبة في أن الكثير من الشعوب تسير على نهج وعلى اعتقاد أنها تستطيع أن تفعل ما تشاء , وبذلك يخلق الاضطرابات في كل خطوة يخطوها ! فكلمة حرية تجر الجماعات إلى مقاتله كل قوة وكل سلطة , حتى أنها لتقاتل الله وتقاوم سننه في الحياة , لأنه في الأصل لا معنى للحرية ولا أصل لها , وإنما هي اختراع لتدمير الشعوب والإنسان كإنسان , لأنها توحي بمبدأ القوة الغاشمة التي تجعل الأغبياء عطشى للدماء كالحيوانات .؟
ومتى ثارت تلك الشعوب الغبية وثارت كالحيوانات من غير علم , ووعي بما تريد , وثارت عطشى للدماء , فإنه في فترة استراحتها , من السهل وضع الشروط عليها , ووضعها في الأمر الواقع وتحت الشروط , والإملاءات المطلوبة , ويسهل السيطرة عليها .
* وأيضاً الهزات التي تصيب الحياة الاقتصادية , والصراع العنيف في طلب التفوق والغلبة , كل ذالك يخلق جماعات وطوائف من الناس ذاهلة , تعروها البرودة وكأن أفئدتها تهاوت وفرغت , وهذه الجماعات سيطرأ عليها ما ينمي في نفسها المقت للجو السياسي الذي فوقها وللدين ّ فلا يبقى لها من طريق سوى كسب المال والربح وتلتهي به من أجل أن تنال بهِ حاجات محسوسة . وبذلك تكون تلك الطبقات من السهل جرها إلى انتفاضات أو فوضى من باب الثأر من الطبقات الفكرية المتعلمة الجيدة للمجتمع !
* وأيضاً فإن من غايات الشغب السياسي , أن ينساق الشعب إلى الفوضى , وأن تُستغل عواطفه وانفعالاته المشتعلة , بل لا بد من إشعالها ! ( بدلاً من إطفائها ) وأن يستولي على تيار الأفكار والآراء , وتترجم على ما يناسب الدول الكبرى والاستعمارية , بدلاً من مكافحته ومحاولة استئصاله, فالغرض الرئيسي للدول الاستعمارية ودول القوة في المنطقة هو تخميل الذهن للناس , والقضاء عليه بالنقد والتجريح , وأن يحيد بهِ عن طريق التفكير الجدي الرصين , التفكير الذي يؤدي بالنهاية إلى مقاومتهم , وأن تصرف نشاطات الأذهان عن تلك الوجهة .... ويأخذ بها حيث تقام المعارك الصورية والتي سلاحها الخطابة والاعتصامات ومصطنع البيان والشعارات و الكلام و الثرثرة ويصبح يلعب بالشعب ككرة القدم .
وحتى الشعارات والخطابات تكون من مبدأهم كالديمقراطية وغيرها ! والشعوب العمياء للأسف تنام على الكلمة التي تسمعها ولا يهمها بعد ذالك من التنفيذ شيء ! وعلة ذالك أنها تقتنع من الشيء بمظهره .! وقليلاً ما تتوقف وتتأمل وتلاحظ في مجرى الحلبة العامة هل تقترن الوعود بالتنفيذ أم لا.
لذالك يحاول الاستعمار أن يؤسس مؤسسات المعارض( الأعلام و الأذاعات , و كل ما يحرك الرأي العام ) التي تفيده في هذا الباب فوائد كبيرة .
* وأيضاً الغاية الحقيقية من حرية الرأي إذا تمعن المبصر بها , أنها من أجل أن يدلو كل واحد بدلوه , وجعل إبداء الرأي حق عام , وشائع , وباب مفتوح للجميع , لتتناقض الآراء ويشتد التشاحن ويطول الحال والمقال , والناس في ذالك متضاربوا النزعة وبذالك يمقتون سماع السياسة والنقاش بها , بل حتى أنه إذا دخل في هذا المعترك سياسيون حكماء جيدون , فإنهم يتلاشون ويضمحلون في هذا المعترك الفاسد والخبيث , والناس بشكل عام يضجرون من سماع القضايا السياسية ويظنون أنه من الأفضل ترك هذا إلى المسؤولين العارفين بها , لأن أغلب الناس في الشعوب لا تدرك ما تنتجه تلك حرية الرأي من تدمير , و تناحر .
* وأيضاً في ظل الاصطناع وفي ظل ( نجاح الحكومات المصطنعة ) ترى أنه تكثر البضاعات التجارية وتراها غزيرة وكثيرة من كل نوع ..؟ والعمل على إفشال المشروعات الوطنية , وإفشاء العادات الجديدة بالمجتمع , وإيقاد العواطف , والاستثارة والاستفزاز , والتبرم من شؤون الحياة , وكل ذالك ليجعل من المستحيل على أي شخص أن يعلم أين هو من هذا المعترك الذي اختلط فيه الحابل والنابل , وعمي الاختلاط , والناس استغرقتهم البَلبَلة ولا يفهم بعضهم بعضاً , وترى في ذالك أيضاً الإفساد بين الأحزاب وتفريق القوى المجتمعة على غرض , وعرقلة نشاط أي شخص يقف في طريق تلك المخططات , وليس هناك خطر في ذالك من الأفراد المستقلين ومن الأنشطة الفكرية التي تفضح ذالك وتفضح تلك الأمور , فيجب على الواعين فضح كل المؤامرات و كل هذه السياسات .
* وأيضاً عندما يتشبع المجتمع في مفهوم الحرية , فإنه يجد حريته تصطدم مع حرية شخص آخر , وينشأ عن هذا الاصطدام رجات خلقية و نفسيه عنيفة وذهول !! , وشعور بالفشل .. وبهذه الأمور تتفتت المجتمعات ! .
* وأيضاً لا ننسى دور الإعلام في التغير وفي إشعال الفتيل ... وفي الإعلام المنتقي للأمور و الأحداث والمغطى عن أحداث أخرى , ولمن يتبع ولمن يصب مصلحته ومصلحة عمله ؟! .
* وأيضاً فإن مجالس النواب هي تغطية للملك أو الرئيس وحماية لهم وانتخابهم , وأيضاً لا يكون للمجلس حق الاقتراع للرئيس الجديد وحق تغير القوانين , ويمنح هذا الحق للرئيس المسؤول ! فقط؟
ويمنع أيضاً مجلس النواب من حق استجواب الحكومة وسؤالها بحجة الحفاظ على أسرار الدولة . وبذالك فإنه يكون من الواضح أنه مجلس نواب لحماية الدول والنظام , لا للشعب كما يقال ؟!.
* وأيضاً فساد مؤسسات الدولة , وعدم وضع الشخص المناسب بالمكان المناسب والمصلحة الشخصية , ونشر الأدب والثقافات التافهة , والإباحيات والقذارة المنشورة بالطباعة والإعلام , والإعلام المسيس, والملهيات والمسكرات , كل ذالك ليجعل الشعب يتلهى وينحط و يغوص بالقاع بدلاً من النهوض.
هذا ناهيك عن المؤسسات العسكرية الإجرامية للأنظمة من تجسس على الشعوب وقتل وتعذيب وسجن وقتل للفكر , و القضاء على كل شيء من سببه بناء هيكل وثورة حقيقية واعية وتغير سليم .
كل ذالك يجب على الشعوب معرفتها و أدراكها قبل التحرك و النهوض ... لكي لا تضييع ثورتها و لا تخترق ......
أليس من الحري أن يدرك المسارعون على الحريات و الديمقراطية ذالك جيدا..!

No comments:

Post a Comment