Friday, June 28, 2013

نصرةً لقضايا المصريين العادلة-لا مرسي ولا معارضيه

نصرةً لقضايا المصريين العادلة-لا مرسي ولا معارضيه

د. إياد القنيبي
السلام عليكم ورحمة الله.
هذه الكلمة موجهة لإخواني من عموم الشعب المصري، متجاوزا بها الحدود المصطنعة إيمانا بقول ربنا: ((إن هذه أمتكم أمة واحدة))، ومتحررا فيها من قيود الانتصار لحزب أو شخص. فإني من قديم أنادي أن الإسلام لم يدخل المعركة بعد، وأن من مارسوا العمل السياسي بمصر أساؤوا تمثيل الإسلام ولم يفلحوا في قيادة الثورة لتحقق للناس خير الدنيا والآخرة، ولقيت في سبيل هذا من بعضهم التهجم والتسفيه.
لست من أنصار محمد مرسي بل من خصومه، لأنه قدم رضا الفلول والكنسيين وأمريكا على رضا الله ورضا المسلمين من شعبه فسخط عليه الكثيرون...((من التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس)).
ولا يهمني بهذه الكلمة أيبقى مرسي رئيسا أم لا، فما دام أن سكة القطار المصري تصب في الهاوية فلا فرق بين أن يقودها مرسي أو غيره.
ولا أطمع في شيء منك أخي المصري ولا أخافك. فلا أنا أستطيع الترشح لآخذ منك صوتا انتخابيا، ولا أنا أخاف منك أذية وأنا في مكاني هنا في عَمان. لكن مصر بحق أم العالم الإسلامي، بنجاتها تنجو أمتنا. ولذا فاسمحوا لي أن أتكلم كواحد منكم لأنادي إخواني وأحبابي من الشعب المصري:
أيها المصريون الأحرار، كونوا أنصار الله، لا أنصار مرسي، ولا أنصار الأحزاب المنتسبة للإسلامية، ولا أنصار الفلول ولا أنصار من يصورون لكم أن الإسلام فشل بفشل حامليه. بل كونوا كما أمر الله: أنصار الله.
تعالوا نعرف ما المشكلة؟ من سببها؟ وكيف الخلاص منها؟ وما الأخطاء التي قد نفعلها في هذه الأيام فلا تزيدنا إلا خسارة وبعدا عن الله.
نحن كلنا متفقون على وجود مشاكل معيشية دنيوية. ومن حقنا المطالبة بعيش كريم. لن أكرر لك اسطوانة (الإسلام هو الحل، فانتخبوني لأحقق لكم رفاه الدنيا بالإسلام)، بل سأقول لك: رغما عني وعنك، شئت هذا أم أبيته، لا عيش كريم إلا بدين الله تعالى. طيب ها هم الكفار مستمتعون بحياتهم. نحن قصة أخرى يا صديقي! وما ينطبق على غيرنا لن ينطبق علينا! لماذا؟ قال الله تعالى: ((كنتم خير أمة أخرجت للناس))...نحن اتخذَنا الله جنودا لهداية الناس. إن لم نقم بهذه المهمة فإن الله لن يعاملنا كما يعامل بقية الأمم، بل سيعذبنا في الدنيا ليوقظنا، وهذا من رحمته تعالى بأمة محمد صلى الله عليه وسلم، ألا يتركها في غفلتها ويدخر لها العقوبة في الآخرة، بل يردها إليه ببلايا الدنيا.
فالذل المسلط علينا هو لأنا تخلينا عن مهمتنا كما قال الحبيب عليه الصلاة والسلام: ((سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ...)) هل قال حتى تضعوا رئيسا فلوليا يقول لا سياسة في الدين أو رئيسا مدعيا للإسلامية ليس له من الإسلامية إلا الشعارات؟
لا. كل هذا لا يفيد...كلاهما لن يرفع حالة الذل...قال الحبيب عليه الصلاة والسلام:
((سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم))
طيب نحن عندما انتخبنا "الإسلاميين" ألم نختر الدين؟ لا، أبدا! إنما الذي فعلناه أنا وضعنا ملتحين في قمرة القيادة لقطار يسير على سكة رسمتها الدولة العميقة وقيادات العسكر الموالون لأمريكا والصهيونيةِ. هذه السكة مسارها محدد من عشرات السنوات: تمر في صحارى طمس الهوية الإسلامية وصحارى العبودية لأمريكا وجعل بلادنا تشحد الخبز منها.
أخطأ المنتسبون للعمل الإسلامي خطأ فاحشا بل عصوا ربهم بأنهم قبلوا بقيادة هذا القطار، وأخطأنا نحن الشعب معهم إذ لم نعمل على تغيير السكة. أخطأ المنتسبون للعمل الإسلامي إذ لم يقودوا الشعب إلى طريق المجد والتضحية في سبيل تفكيك الدولة العميقة وقيادات الجيش الفاسدة لإعادة بناء البلاد على تقوى من الله ورضوان مهما كلف ذلك من ثمن. وأخطأنا نحن المصريين إذ أطعنا هؤلاء "الإسلاميين" خوفا من تأدية ضريبة الكرامة. ورحمة الله على ابن مصر سيد قطب إذ قال: (شاهدت شعوباً بأَسْرِها تُشْفِقُ من تكاليف الحرية مرة، فتظل تؤدي ضرائب العبودية مرات...إنه لابد من ضريبة يؤديها الأفراد، وتؤديها الجماعات، وتؤديها الشعوب، فإما أن تؤدى هذه الضريبة للعزة والكرامة والحرية، وإما أن تؤدى للذلة والمهانة والعبودية).
إذن دعونا نشخص المشكلة: أننا لم نضح في سبيل الله بصدق لنستحق منه الحياة الطيبة التي وعد بها، وسكتنا عن تصالح القوى المنتسبة للإسلامية مع فلول النظام المجرم. والكل شركاء في هذا الخطأ. وليس الحل في أن نستدعي الفلول لقيادة القطار من جديد، كما أن بقاء مرسي في قمرة القيادة لن يحل المشكلة أيضا.
ليس الحل في أن نتهم الإسلام بالفشل فالإسلام النقي بريء مما حصل ولم يدخل المعركة. إنما نحن من ظننا أن بإمكاننا استخدام الإسلام ليخدمنا بدل أن نخدمه بصدق ونضحي في سبيله مستعدين لدفع تكاليف الكرامة لتحصيل بركات الله الموعودة.
ليس الحل في أن نعادي كل مظهر ديني، فما نعيشه هو نتيجة خذلاننا للإسلام، فليس علاجه بأن نحارب الإسلام!
ليس الحل في أن نحالف أتباع الكنيسة الذين يريدون الركوب على ظهر الشعب المصري المسلم فيصرحون بوقاحة أنه لا إسلام سياسي بعد 30-6 ! ملبسين بذلك على الناس أن الإسلام فشل في الحكم وهم يعلمون أن من فشل هم مدعو الإسلامية. الكنسيون الذين لا زالت بعض أخواتنا في معتقلاتهم. فكيف ترجون أن يرحمنا الله وفي بلادنا هذا الظلم؟
ليس الحل في أن نحالف رموز الفلول الذين يتاجرون بدماء وآلام الشعب المصري ويظهرون الحرص على تلبية مطالبه، وهم الذين عاشوا في ظل حسني مبارك عقودا ينعمون بفساده ويشاركونه ظلمه لم يقفوا يوما مع شعبهم. ليس الحل في أن تجعل نفسك أيها المصري وقودا لأحلامهم ومطامعهم الشخصية.
ليس الحل في أن ترى راية الإسلام تسقط لأن حامليها أساؤوا حملها، فتشارك في الدوس على الراية. بل الحل في أن تحملها أنت وتنفض الغبار عنها وتؤدي أمانتها بعد أن لم يؤدها حاملوها السابقون. وإلا لا عذر لك أمام الله يوم القيامة وقد قال لك: ((يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)). ولن ينفعك أن تقول يومها: يا رب ما هم الإسلاميين فعلوا وفعلوا. لِم لَم تقم أنت بالمهمة إذن؟
ليس الحل في أن تضرب أو تؤذي مسلما بغير حق، وأنت تعلم أن في الملتحين وفي المنتقبات من هو بريء مما حصل ولم يرض بدخول المنتسبين للإسلامية في قطار الهاوية أصلا، أو انتخبهم مغترا بهم لكنه بعد ذلك لم يرض بأفعالهم.
إنك يا أخي إن ظلمت مؤمنا في 30-6 فإنك تستجلب سخط الله على بلدك. في سورة يس، عندما ظلم أصحاب القرية رجلا مؤمنا واحدا وقتلوه ماذا قال الله تعالى: ((وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين () إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون () )). في الحديث القدسي: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)). فلا تكن يرحمك الله في صف أناس يدعون إلى إيذاء كل صاحب مظهر إسلامي... ((ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا))
أقول لك ذلك بعد أن نشرت كلمة بعنوان (ماذا نفعل في يوم 30-6) أقول فيها للمتدينين: (لا تذهبوا لنصرة مرسي، إذ ليس حكمه حكما شرعيا لتدافعوا عنه)، ولا زال بعض أنصاره يتهجمون علي لذلك.
لا مرسي ولا أي من القيادات الأخرى مخلصة كانت أو غير مخلصة ستنجو بالبلاد ما دام فيها نظام قضائي وضعي ظالم يبرئ بلطجية مبارك من دماء أبنائكم وإخوانكم. الدولة العميقة، والنظام القضائي، وكبار العسكر، ومن ورائهم أمريكا والكيان الصهيوني والنظام الدولي...سينظرون إلى الشعب المصري يقتل بعضه بعضا وهم في أمان مع أنهم سبب المشكلة الحقيقي. كل ما يهمهم هو أن يقدم لهم الفائز في المعركة الولاء والطاعة وضمانات إخضاع رقاب المصريين لهم. فإما أن نثور على الظلمة الحقيقيين وعلى من يصالحهم ويداهنهم من "إسلاميين" مزورين وغير "إسلاميين"، وإلا فسنبقى نتجرع كؤوس البؤس. على هؤلاء ينبغي أن تنصب كراهيتنا، لا على إخوانكم وأبنائكم من الملتحين والمنقبات.
أيعقل أيها الشعب المصري الأبي أن تخاف من الثورة على الدولة العميقة ثم تظهر شجاعتك على أبنائك وإخوانك؟
أيعقل أيها الشعب المصري الأبي أن تخاف من الثورة على الدولة العميقة ثم تظهر شجاعتك على أبنائك وإخوانك؟
أيها الشعب المصري المعروف بعاطفته الدينية القوية، أيُعقل أن يتجرأ سفهاء في أرضك على تهديد كل ملتحٍ وكل منقبة؟ أهي ثورة على حكم مرسي أم تمرد على الله عز وجل؟ هل لو كان رسول الله بيننا فإنك ستقول: يا رسول الله سنجعل تطبيق سنتك الظاهرة تهمة نعاقب عليها الناس؟
أنا لا يهمني أن تثور على مرسي أو غير مرسي، لكني أخاف عليك أن تحارب دين الله وأنت لا تشعر!
إن حدث عنف أخي الحبيب ومتَّ فعلى أي شيء يكون موتك؟ إن مت في معركة مع من هم سبب البلاء الحقيقيون كنت شهيدا. وإن مت وأنت تثور على كل مظهر إسلامي فبماذا تلقى الله؟
إن كان مطلبك العيشَ بكرامة فهو حق مشروع، إن كان مطلبك التخلص من هيمنة النظام الدولي ومن يداهنه ويخضع البلاد له أيا كان انتماؤه فهو مطلب مشروع. هذه مطالب تحتاج قيادات نقية، وما عجزت أرحام المصريات الكريمات أن تنجب أبطالا مؤمنين بربهم صادقين رافضين للظلم...مطالب تحتاج أن تتمايز عن صف أتباع الكنيسة والفلوليين إذ لن تنزل من الله بركة ولا رحمة على صف فيه هؤلاء.
أيها المصري الحر، إن أردت النجاة لبلادك فاصطلح مع الله واحمل راية الإسلام بعد أن خذلها حاملوها، وصُنِ الأمانة بعد أن ضيعوها، واعرف عدوك الحقيقي، وعظم الله ولا تسمح أن يُنتقص من دينه وأنت حي.
إن قال مغرض منافق: فشل الإسلام في حكم مصر فقل له: كذبت، بل فشل حاملوه، فوعد الله صدق: ((وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا)).
إن قال مغرض: اضربوا كل ملتح فقل له: (خسئت! لا أجعل سنة حبيبي المصطفى صلى الله عليه وسلم تهمة أضرب عليها وأنا أرجو أن أرد على حوضه الشريف يوم القيامة، ((ولا تزر وازرة وزر أخرى)).
أيها المصري المحب لله ولرسوله، احرص على منع الظلم في ذلك اليوم لتستحق بلادك الرحمة من الله تعالى: ((الراحمون يرحمهم الرحمن. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)).
اللهم نج مصر وأهلها وحكم فيها من يرحم الناس ولا تأخذه فيك لومة لائم.
والسلام عليكم ورحمة الله.
27-6-2013

No comments:

Post a Comment