Friday, January 26, 2018

مع الحديث الشريف: حقوق الناس قطعة في جهنم

مع الحديث الشريف: حقوق الناس قطعة في جهنم

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنَّمَا أَقْضِي لَكُمْ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْكُمْ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ، يَأْتِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»  (سنن ابن ماجه 2328)
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:
يرشدنا هذا الحديث الشريف إلى الكيفية التي يتم بها القضاء بين الناس، فيخبرنا رسولنا الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن القاضي بين الناس يستمع لكلام الطرفين حتى يحكم بينهم ويكون عادلا في حكمه، فيجب عليه أن يستمع إلى ما يدلي به الطرفان من حجج وأدلة تثبت حقهم، فللتمعن في حجج الطرفين وسماع أقوالهم الدور الأكبر في قضاء القاضي والتثبت من أحقية أحد الطرفين، فإن استطاع أحد الطرفين أن يقدم الأدلة الكافية التي تثبت حقه استطاع أن يرشد القاضي إلى الحكم الصواب.
إن الأدلة ليست بالضرورة أن تكون مادية بل يمكن أن تكون بطريقة الطرح والكلام، فهنا يخبرنا رسولنا الكريم بأن أحد الطرفين قد يفلح في إثبات حقه فيحكم القاضي له به، وقد لا يعلم صاحب الحق كيف يدافع عن حقه فيفتقر إلى ما يثبت به حقه فيسقط حقه ويضيع، فهنا يبقى الضابط الأول للمجتمع الذي به يسود العدل بين الناس وينضبط به المجتمع ألا وهو تقوى الله تعالى، فبتقوى الله يسود العدل فلا يوجد بعدها داع للتحاكم بعد أن يكون كل شخص قد علم حقه وحق غيره.
لقد حرص الإسلام على أن يكون تقوى الله متأصلا في نفوس الناس حتى يستقيم أمر المجتمع، فجعل الجزاء العظيم والثواب الكبير من الله تعالى لمن يتقيه ويقدم مخافته على مصالحه الدنيوية، فينصف الأخ أخاه ويعطيه حقه كما يحب الله، وأما من يقدم مصلحته الآنية على الشرع فيتعدى على حقوق العباد، فإن الله سبحانه وتعالى قد أعد له إثما عظيما، فنبينا عليه أفضل الصلاة والسلام وصف فعله هذا بأنه كمن اقتطع قطعة من نار جهنم، فهكذا يرتدع من تسول له نفسه أكل حقوق الناس عندما يعلم بأن الله شديد العقاب لمن اعتدى وظلم.
إن نظام القضاء العادل في ظل الحاكم العادل الذي يضمن أن يأخذ كل ذي حق حقه ويزجر الظالم عن أكل حق العباد هو أمر لا يتحقق إلا في ظل وجود مجتمع قائم على العدل الرباني، فيجب علينا أن نسعى لإيجاد الحامي للحقوق القائم عليها الحاكم بعدل وشرع الله المطبق لها بين الناس.
فاللهَ نسألُ أن يجعلنا ممن يعطون الحقوق لأهلها، وأن يهيئ لنا الحاكم العادل الذي يجعل مجتمعنا مجتمعا يسود فيه العدل وتقوى الله، اللهم آمين.
أحبتَنا الكرامُ، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح
  9 من جمادى الأولى 1439هـ   الموافق   الجمعة, 26 كانون الثاني/يناير 2018مـ

No comments:

Post a Comment