Friday, November 24, 2017

نَفائِسُ الثَّمَراتِ: أنظر إلى الدهر تجده ثلاثة أيام

نَفائِسُ الثَّمَراتِ: أنظر إلى الدهر تجده ثلاثة أيام
عن عبد الصمد بن معقل أن وهب بن منبه قال في موعظة له: "يا ابن آدم إنه لا أقوى من خالق ولا أضعف من مخلوق، ولا أقدر ممن طلبته في يده ولا أضعف ممن هو في يد طالبه، يا ابن آدم إنه قد ذهب منك ما لا يرجع إليك وأقام معك ما سيذهب.
يا ابن آدم أقصر عن تناول ما لا تنال وعن طلب ما لا تدرك وعن ابتغاء ما لا يوجد واقطع الرجاء منك عما فقدت من الأشياء واعلم أنه رُبَّ مطلوب هو شرٌ لطالبه، يا ابن آدم إنما الصبر عند المصيبة وأعظم من المصيبة سوء الخلف منها.
يا ابن آدم فأي الدهر ترتجي أيوما يجيء في غرة أو يوما تستأخر فيه عن أوان مجيئه؟ أنظر إلى الدهر تجده ثلاثة أيام يوما مضى لا ترتجيه ويوما لا بد منه ويوما يجيء لا تأمنه فأمس شاهد مقبول وأمين مؤد وحكيم وارد قد فجعك بنفسه وخلف في يديك حكمته واليوم صديق مودع كان طويل الغيبة وهو سريع الظعن أتاك ولم تأته وقد مضى قبله شاهد عدل فإن كان ما فيه لك فاشفعه بمثله.
يا ابن آدم مضت لنا أصول نحن فروعها فما بقاء الفرع بعد أصله.
يا ابن آدم إنما أهل هذه الدار سفر لا يحلون عقدة الرحال إلا في غيرها وإنما يتبلغون بالعواري فما أحسن الشكر للنعم والتسليم للمعير فاعلم يا ابن آدم أنه لا رزية أعظم من رزية في عقل ممن ضيع اليقين.
أيها الناس إنما البقاء بعد الفناء وقد خلقنا ولم نكن، سنبلى ثم نعود، ألا وإنما العواري اليوم والهبات غدا ألا وأنه قد تقارب منا سلب فاحش أو إعطاء جزيل فاستصلحوا ما تقدمون بما تظعنون عنه.
أيها الناس إنما أنتم في هذه الدار غرض، فيكم المنايا تنتضل، وإن الذي أنتم فيه من دنياكم نهب للمصائب لا تتناولون فيها نعمة إلا بفراق أخرى ولا يستقبل معمر منكم يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله ولا تجدد زيادة في أجله إلا بنفاد ما قبله من رزقه ولا يحيا له أثر إلا مات له أثر فنسأل الله أن يبارك لنا ولكم فيما مضى من هذه العظة.
وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ
  6 من ربيع الاول 1439هـ   الموافق   الجمعة, 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2017مـ

No comments:

Post a Comment