Saturday, October 25, 2014

نداءات القرآن الكريم: النهي عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين ج2



نداءات القرآن الكريم: النهي عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين ج2

(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافر‌ين أولياء من دون المؤمنين أتر‌يدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا). (النساء 144)
الحمد لله الذي أنزل القرآن رحمة للعالمين، ومنارا للسالكين، ومنهاجا للمؤمنين، وحجة على الخلق أجمعين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين، واجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نتابع وإياكم النداء السابع والعشرين من نداءات الحق جل وعلا للذين آمنوا، نتناول فيه الآية الكريمة الرابعة والأربعين بعد المائة من سورة النساء التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافر‌ين أولياء من دون المؤمنين أتر‌يدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا). نقول وبالله التوفيق:
أيها المؤمنون:
يسترسل صاحب الظلال سيد قطب رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة فيقول: ويستتبع هذا الأمر حملة ضخمة للحض على الجهاد بالنفس والمال، والتنديد بالمعوقين والمبطئين والقاعدين. وهي حملة تستغرق قطاعا كبيرا من السورة، يرتفع عندها نبض السورة الهادئة الأنفاس! ويشتد إيقاعها، وتحمى لذعاتها في التوجيه والتنديد! ولا نملك هنا استعراض هذا القطاع بترتيبه في السياق- ولهذا الترتيب أهمية خاصة وإيحاء معين- فندع هذا إلى مكانه من السياق.
ونكتفي بمقتطفات من هذا القطاع: قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذر‌كم فانفر‌وا ثبات أو انفر‌وا جميعا، وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا، ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما، فليقاتل في سبيل الله الذين يشر‌ون الحياة الدنيا بالآخر‌ة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجر‌ا عظيما، وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الر‌جال والنساء والولدان الذين يقولون ر‌بنا أخر‌جنا من هـذه القر‌ية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصير‌ا، الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفر‌وا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا..) (71 - 76) .. وقال تعالى: (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحر‌ض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفر‌وا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا). (آية 84) وقال تعالى: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير ‌أولي الضر‌ر‌ والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين در‌جة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجر‌ا عظيما در‌جات منه ومغفر‌ة ور‌حمة وكان الله غفور‌ا ر‌حيما..). (95-96) وقال تعالى: (ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وتر‌جون من الله ما لا ير‌جون وكان الله عليما حكيما). (آية104)
وفي ثنايا هذه الحملة للحض على الجهاد توضع بعض قواعد المعاملات الدولية بين "دار الإسلام" والمعسكرات المتعددة التي تدور معها المعاملات، والخلافات: في التعقيب على انقسام المسلمين فئتين ورأيين في أمر المنافقين، الذين يدخلون المدينة للتجارة والمنافع والاتصال مع أهلها، حتى إذا خرجوا منها عادوا موالين لمعسكرات الأعداء يقول تعالى: (فما لكم في المنافقين فئتين والله أر‌كسهم بما كسبوا أتر‌يدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ودوا لو تكفر‌ون كما كفر‌وا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجر‌وا في سبيل الله، فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصير‌ا، إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصر‌ت صدور‌هم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم، ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا، ستجدون آخر‌ين ير‌يدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ر‌دوا إلى الفتنة أر‌كسوا فيها، فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا). (87- 91) ويقول تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضر‌بتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عر‌ض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثير‌ة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبير‌ا..) (آية 94)
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا، ونور أبصارنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا. اللهم ذكرنا منه ما نسينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، على الوجه الذي يرضيك عنا، واجعله اللهم حجة لنا لا علينا.. آمين آمين آمين برحمتك يا أرحم الراحمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محمد أحمد النادي
 02 من محرم 1436
الموافق 2014/10/26م

No comments:

Post a Comment