Friday, October 28, 2016

ليست المشكلة في الانتخابات إنما المشكلة في الديمقراطية ذاتها!

ليست المشكلة في الانتخابات إنما المشكلة في الديمقراطية ذاتها!

(مترجم) 
الخبر: في الآونة الأخيرة، أدت تكهُّنات بانعقاد انتخابات ماليزيّة عامّة في آذار/مارس 2017 إلى توجيه نداءات جامحة ملحة لكل شخص مؤهل للتسجيل كناخب. وقد بُدئت الدعوة من قبل الأحزاب السياسية المعارضة والمبرر الذي يقدمونه - الإطاحة بالحكومة الحالية عن طريق الانتخابات والديمقراطية. إن السؤال عمن سيفوز أو ما سيحدث وما يتوجب فعله بعد الفوز هو أمر ثانوي. فالأمر المهم بالنسبة لهم هو هزيمة الحكومة الحاكمة الحالية. إحدى القضايا التي شدّدت عليها الحملة هي التناقض في الوعي السياسي بين الملايو والصينيين الراغبين في الوصول إلى حقوقهم الديمقراطية. لأنه وبشكل عام لا تزال نسبة للناخبين المسجلين ونسبة إقبال الناخبين من الصينيين في ازدياد، في حين إن النسب من الملايو آخذة في التناقص في الكثير من المناطق. فالموقف الواهن للملايو في هذه القضية مأسوف عليه وبالتالي فإن هناك ما يبرر بحجج عنصرية الدعوة لرفع الوعي السياسي للملايو.
التعليق:
تستخدم كثير من الأسباب المختلفة من قبل الحزب الحاكم والمعارضة بما في ذلك أفراد وهيئات مختلفة، وذلك لتشجيع وحثّ الجميع على التسجيل كناخبين ومن ثم التصويت. وغالبًا ما يتم تصوير التصويت على أنه حق وواجب على كل شخص وصل إلى عمر ملائم. وفي كثير من الأحيان يكون الدافع الذي يطرح أمامنا هو أن علينا التصويت من أجل الدين والعرق والبلاد. ويخرج إلينا الحزب الحاكم ليتحدث عن أن التصويت واجب من أجل تحقيق التنمية والاستقرار والرّخاء وكل مصلحة ومزيّة لا يستطيع الحزب الحاكم توفيرها. إن هذه الوعود جميلة حقا، لكن الواقع يشهد بأن الناس وحتى وقتنا هذا لا يزالون يعيشون تحت ضغوطات كبيرة ويعيشون حياة الحرمان. المعارضة من ناحية أخرى، حثّت الناس على التسجيل كناخبين، وحجتهم كالعادة استخدام "الحقوق الديمقراطية". وبالتالي فإننا كثيرًا ما نسمع عن الجهود المبذولة لاسترداد أو استعادة الديمقراطية، ولجعل صوت الشعب مقدسًا، ولاستعادة حرية التعبير، ولاستقلال القضاء وحرية الإعلام وما إلى ذلك. 
بالنسبة للمعارضة فإن على الناس استخدام "حقهم الديمقراطي" هذا لهزيمة الحكومة بقبضة حديدية. وفي الوقت ذاته، تلعب المعارضة على وتر المشاعر الإسلامية في حثّ الناس على التصويت. ويستخدمون عبارات مثل "إن لم نصوت، فنحن بذلك نجعل للكافرين والعلمانيين علينا سبيلا" "لا سبيل آخر لفرض الإسلام إلاّ من خلال الديمقراطية والانتخابات" وما إلى ذلك من عبارات. بل إن هناك بعض الفتاوى التي تعتبر عدم التصويت للمرشحين الذين يدعمون الفكر الإسلامي حرامًا لا يجوز. وأخرى أكثر عجبًا تجعل من التصويت جهادًا ومن لا يصوت فهو تارك للجهاد بزعمهم. وإلى جانب جهود من هذا النوع، ليس سرًا أن هناك "هدايا بسيطة" قُدمت لترويض الكثير من الناخبين على مر هذه السنوات.
إن على المسلمين ألا يُشغلوا في مثل هكذا قضايا متعلقة بالتوصل إلى قرار فيما إذا كان ينبغي عليهم التصويت أم لا. ولا يمكننا أن ننكر بأن كثيرًا ممن لا يصوتون يفعلون ذلك بدافع الوعي السياسي عندهم. هذا الوعي كان نتاج خبراتهم السابقة ومراقبتهم ومتابعتهم لواقع الانتخابات التي تكررت على مر السنين الماضية. فالناخبون الذين يرغبون في التغيير يعلمون أن التغيير لا يكون إلا بالإسلام. فإذا ما كان الناخب مسلمًا يريد أن يرى الإسلام مطبقا، فإنه يشعر بخيبة أمل مرارًا وتكرارًا. لا يمكن إنكار رغبة المسلمين في ماليزيا برؤية الإسلام مطبقًا ويريدون طبعًا رؤية نجاح الأحزاب السياسية. ومع ذلك، فإنهم عندما يرون أن هذه الحملات الإسلامية لهذه الأحزاب من جهة ومن جهة أخرى يرون أن الإسلام الذي يدعون إليه ليس موجودًا في جسد هذه الأحزاب يصاب الناس بخيبة أمل ولا تفقد هذه الأحزاب الدعم فحسب بل مصداقيتها في أعين الناس أيضا. 
إن الخطأ الأساسي الذي وقعت فيه الأحزاب الإسلامية التي اختارت العمل في إطار الديمقراطية هو اعتقاد هذه الأحزاب بأن الديمقراطية هي أفضل متاح في يومنا هذا وأنها الطريق السلمي الوحيد لممارسة الإسلام السياسي. على الرّغم من أنهم في الوقت ذاته يعترفون بأنهم لا يؤمنون بها، ويردّدون بأنها ليست أكثر من وسيلة للوصول إلى الهدف. والغريب في الأمر أنهم يعرفون جيدًا أنهم سيهزمون في الانتخابات! وكيف لهم أن يفوزوا وعدد مرشحيهم لم يصلوا أبدًا نصف مقاعد البرلمان حتى؟ وفي الواقع، فإنه بالنسبة للذين يملكون الوعي، فقد بدأوا برؤية عدم واقعية النضال الديمقراطي لدعم الإسلام، وبدأوا بالتحرك قدما باتجاه إيجاد نضال من أجل الإسلام خارج صندوق الديمقراطية.
إن علينا كوننا مسلمين أن ندرك بأن الإسلام يبيح الانتخاب والتصويت، طالما أنها تقوم على أساس الشريعة الإسلامية. وفي إطار الديمقراطية، فإن وظيفة الانتخابات هي انتخاب ممثلين في البرلمان مهمتهم تتلخص في أمرين أساسيين، سنّ القوانين، ومراقبة أداء الحكومة وطريقتها في إدارة الحكم. متابعة أداء الحكومة لضمان الازدهار والتنمية الصحية أمر مسموح في الإسلام طالما أن أصل القوانين الإسلامية لا تتم مناقشتها. ففي الإسلام يعتبر سنّ القوانين والتشريعات مناقضاً للإسلام ففي هذه العملية يشرع الناس عوضًا عن رب الناس فالله تعالى هو المشرّع لا البشر. وتشريع القوانين أهم مهمة للبرلمان! وعلى هذا الأساس فإن من يترشح للبرلمان ومن يصوت لمرشح يكون قد ارتكب فعلاً حراما.
في الواقع، ليست المشكلة الرئيسية هي التصويت. فإن المعاناة التي عاشها المسلمون ليست بسبب عدم تسجيلهم للتصويت. وإنه لخطأ فادح أن تركز الأحزاب السياسية الإسلامية على الانتخابات وتكافح من أجل الحصول على الأصوات. وإنه بالتأكيد لخطأ أكبر بأن يكون الصراع من أجل "احتلال" بوتراجاي. إن المشكلة الرئيسية التي يعاني منها المسلمون هي غياب تطبيق الشريعة الإسلامية تطبيقًا كاملاً في حياتنا اليوم، على مستوى الأفراد وعلى مستوى الدولة كذلك. فمعظم الدول في البلاد الإسلامية تطبق نظام الكفر الديمقراطي الرأسمالي. وهذا هو السبب الحقيقي لمعاناة المسلمين. إن هذا النظام باطل بكليّته، ولا بد من أن يحل محله نظام الإسلام، ولتحقيق ذلك فلا بد أن ندرك بأنه من أجل تغيير نظام الكفر هذا فلا يمكن أن يتم الأمر ضمن إطار هذا النظام ذاته. فإضافة إلى كون هذا حراما، فإن المسلمين لن ينجحوا أبدًا عبر هذه الديمقراطية. فلن يكسب المسلمون لعبةً قواعدها وقوانينها وضعها العدو. لن يخرج المسلمون منتصرين إلاّ إذا جعلوا نضالهم وكفاحهم من أجل تطبيق الإسلام "قائمًا" على أساس قواعد وأحكام وضعها الله تعالى لا أعداء المسلمين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد – ماليزيا
  28 من محرم 1438هـ   الموافق   السبت, 29 تشرين الأول/أكتوبر 2016مـ

No comments:

Post a Comment