Sunday, June 26, 2016

بريطانيا تبتز الاتحاد الأوروبي

بريطانيا تبتز الاتحاد الأوروبي

الخبر: تجاوزت عريضة على الإنترنت موجهة إلى البرلمان البريطاني، تطالب بإجراء استفتاء ثانٍ حول عضوية الاتحاد الأوروبي، عتبةَ المليون توقيع، وذلك يوم السبت، في أعقاب قرار البريطانيين الخروج من الكتلة الأوروبية. وتطالب العريضة بإجراء استفتاء جديد بعد الاستفتاء الذي نُظّم الخميس، وقضى بنسبة 51,9% من الأصوات بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في قرار أثار انقسامًا شديدًا في هذا البلد. وجاءت العريضة استناداً إلى قاعدة قانونية تلزم الحكومة بإجراء استفتاء ثانٍ إذا كانت نسبة الناخبين الذين شاركوا في الاستفتاء أقل من 75%.
التعليق:
1-  لم يكن الاتحاد الأوربي ومنذ نشأته اتحادًا حقيقيًا، حيث لا عوامل مشتركة أساسية حقيقية بين الدول المتحدة، عقائدية أو ثقافية، بل العكس هو الواقع. ولم تُوجد بين دول الاتحاد شراكة اقتصادية حقيقية، بل النزاع والتنافس على موارد دول الاتحاد والدول التي يحتلها الاتحاد. كما لم يكن هناك دفاع مشترك بين دول الاتحاد، بل أفشلت أمريكا مشروع إيجاد قوة أوروبية مشتركة، وظل النيتو بقيادة أمريكا القوة الضاربة في العالم، وأمريكا تستخدمه لخدمة مصالحها في المقام الأول. هذا علاوة على عدم وجود وحدة في القيم الإنسانية تجمع بين شعوب الاتحاد، وما "كرم" الضيافة الذي لقيه اللاجئون عند الأوروبيين إلا مثال على انحطاط الشعوب الأوروبية. كما لم يكن بين دول الاتحاد إيثار ولا حسن جوار ولا تواصل اجتماعي، ولم يأكل الأوروبيون يومًا من طبق واحد، بل الأثرة هي سياسة كل دولة في الاتحاد، وكل دولة تنظر إلى مصالحها الأنانية التي يمكن أن تجنيها من الاتحاد. وعليه فإن اسم الاتحاد أبعد ما يكون عن حقيقة المُسمّى.
2-  لقد كانت بريطانيا وعلى مدار 43 عاماً أبعد ما تكون عن العضوية في الاتحاد، ولا مبالغة إن قلنا إن بريطانيا كانت تقاتل حتى آخر جندي أوروبي بعد أن كانت تقاتل حتى آخر جندي فرنسي، وكانت بريطانيا تتعامل مع أوروبا كمزرعة لها تجني منها المنفعة الاقتصادية وتستخدم أسواقها المفتوحة لبضائعها، مستفيدة من قوانين التعرفة الجمركية، ولا تعطيها في المقابل شروى نقير، فكانت بحق كما عادة الصياد الإنجليزي، ينتظر قدوم السمك إلى شباكه ولا يعطي البحر أي مقابل.
3-  إن الثقافة الغربية التي تقوم على المصلحة المادية، حوّلت الشعوب إلى كائنات غير إنسانية! فقد عرّف الغرب السياسة بأنها فن الممكن، ولما مارسها السياسيون كانوا محل انتقاد واشمئزاز عند كل صاحب فطرة سليمة، فلو طالب السياسيون بالانفصال لكان الأمر منسجمًا مع طبيعتهم غير الإنسانية، ولكن أن تنعدم الإنسانية عند الشعوب الأوروبية وعلى رأسها الشعب الإنجليزي فيطالبوا بالانفصال، فإن هذا يعني أن الشعوب أيضًا أصبح حالها أسوأ من السياسيين، بلا قيم إنسانية، فبتصويتهم على الانفصال عن الاتحاد قد خالفوا الفطرة البشرية التي تدفع الإنسان لإيجاد تكتلات جماعية.
4-  تعاظم وارتفاع أصوات الرافضين للانفصال ووجود فسحة قانونية للرجوع عن هذا الاستفتاء يضع علامات استفهام حول مدى جدية صنّاع القرار الحقيقيين في بريطانيا من الانفصال؛ وما تأجيل بريطانيا تقديم طلب الانفصال رسميًا إلى الاتحاد لغاية تشرين الأول/أكتوبر القادم إلا دليل على أن هذا الاستفتاء كان لابتزاز أوروبا وليس للانفصال عنها.
لم يشهد التاريخ وحدة حقيقية بين الشعوب والبلدان المجاورة والمتباعدة مثل وحدة الأمة الإسلامية، التي كان يجمعها حاكم واحد وعقيدة واحدة وثقافة واحدة ووجهة نظر واحدة، وكانوا جميعًا يأكلون من طبق واحد ويشربون من كأس واحدة، ويسعى بذمتهم أدناهم، لهذا المبدأ ندعو شعوب الأرض ومنها الأوروبيون إلى التوحد عليه.
﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال المهاجر – باكستان
22 من رمــضان المبارك 1437هـ   الموافق   الإثنين, 27 حزيران/يونيو 2016مـ

No comments:

Post a Comment