Sunday, January 31, 2016

هجمات جاكرتا: ما الذي يجب فهمه بوضوح

هجمات جاكرتا: ما الذي يجب فهمه بوضوح

(مترجم)
الخبر: بعد تفجيرات باريس في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي والتي أودت بحياة أكثر من 100 شخص. اهتز العالم مرةً أخرى بهجمات في ثامرين، جاكرتا يوم الخميس 2016/01/14 والتي أودت بحياة سبعة أشخاص بمن فيهم المهاجمين الخمسة. وطبعًا وبمجرد انفجار القنبلة سارع الإعلام الغربي لاتهام "الإرهاب الإسلامي" بالوقوف وراء التفجير، وحتى الحكومات في العالم الإسلامي استمرت باتهام "الإرهابيين المسلمين"، وكما هو متوقعٌ تبع ذلك الاتهام التمرين الرسمي لإيجاد "أدلة" تربط المنفذين بحركات إسلامية. وفي ماليزيا تم تبرير هذا "التمرين" باستلام فيديو من الجناح الماليزي لتنظيم الدولة بعد تفجيرات جاكرتا. في هذا الفيديو الجريء والذي نشرته وحدة تنظيم الدولة في ماليزيا وإندونيسيا، وتسمى "كتيبة نوسانتارا"، هدد بالانتقام من اعتقال أعضائه. وحذر الفيديو وهو بعنوان "رسالة عامة إلى ماليزيا" "إذا مسكتمونا سوف نزداد عددا، أما إذا تركتمونا فإننا سنقترب أكثر من تحقيق هدفنا وهو إعادة حكم الخلافة. لن نخضع للنظام الديمقراطي في الحكم وسوف نحتكم لأوامر الله فقط".

التعليق: قبل ظهور تنظيم الدولة على المسرح الدولي رأينا كيف جعل الغرب، وهو عدو الإسلام، حركة طالبان والقاعدة أهدافًا في حملتهم ضد الإسلام. وبعد إعاقة طالبان و"دفن" القاعدة ومقتل أسامة بن لادن، ظهر تنظيم الدولة كهدف جديد. في الحقيقة فإن تنظيم الدولة ليس هدفًا جديدًا فحسب ولكنه أيضًا هدفٌ منهجي وعالمي للغرب. اليوم يعتبر تنظيم الدولة مبررًا كبيرًا للغرب للاستمرار في حربه ضد الإسلام والمسلمين بذريعة الحرب على الإرهاب.
لقد أصبحت الحرب على تنظيم الدولة أداةً شرعيةً ليس فقط بيد الأمريكيين ولكن أيضًا بيد من جعلوا من أمريكا سيدتهم واستغلوا - تنظيم الدولة - كوسيلة لمكافحة كافة العناصر التي تستطيع تهديد وضعهم في الحكم والسلطان. وصوَرت أمريكا والغرب تنظيم الدولة على أنه منظمةٌ خطيرةٌ جدًا، وكأن تنظيم الدولة هو المنفذ لأحداث العنف الفظيعة في الكون وأنه يمتلك شبكةً إرهابيةً عالميةً، ويستطيع تنفيذ عمليات أينما يشاء في هذا العالم وبقوة كبيرة. ومن هنا، فإن وجود التنظيم في دولة ما، فإن قوته تصور على أنها قادرة على الإطاحة بالدولة بسرعة الضوء وحتى لو كان هناك شخصٌ واحدٌ فقط يدعم التنظيم في تلك الدولة!!!. هذه هي الأسطورة التي خلقها الغرب، وللأسف يبدو أنها نجحت، ويتعامل معها وكأنها حقيقة! ومن هنا فإنه ليس مفاجئًا على العقل البشري أن يتهم التنظيم بالوقوف وراء هجمات باريس وجاكرتا العنيفة لأن الغرب قد "برمج" العقول بقبول مثل هذه الترهات. وبهذا النمط من التفكير فقد جرمت حركات إسلامية أخرى، حتى لو لم يكونوا هم المنفذين بأنفسهم، يتم اتهام هذه الحركات بأنها "أحزمة ناقلة" للإرهاب. وبهذا النمط من التفكير أيضًا من الممكن تجريم أي شخص بالإرهاب إذا ما كان في سوريا والعراق أو أفغانستان وتحدَث أو كتب أي شيء مناهض للغرب أو لليهود أو انتقد الديمقراطية. اليوم هذه المعادلة هي القانون. لا يلزم دليلٌ واضحٌ - تكفي الأسباب التي ذكرت أعلاه - ويتم اتهام الأشخاص أو الحركات بدعم أو حتى أكثر من ذلك بتنفيذ الإرهاب.
وبإعلان خلافة غير شرعية وتشويه صورة دولة الخلافة الحقيقية، فإن تنظيم الدولة قد أعطى تبريرًا كاملاً للغرب من أجل إعلان الحرب ضد الإسلام تحت ذريعة الحرب على الإرهاب. تحت مسمى محاربة تنظيم الدولة استطاعت الدولة الغربية الاستعمارية من تقوية احتلالهم وقتل المزيد من المسلمين. وتستمر أمريكا وحلفاؤها بما فيها روسيا في ارتكاب المجازر ضد المدنيين في سوريا بذريعة محاربة تنظيم الدولة. وقد تم استغلال محاربة تنظيم الدولة أيضًا من قبل الحكام العملاء في البلدان الإسلامية لإحكام قبضتهم على عروشهم وشعوبهم.
لقد استغل الغرب جرائم تنظيم الدولة في حربهم ضد الإسلام، فشكلت أمريكا حلفا صليبيا للتدخل العسكري والأمني في البلدان الإسلامية. نعم، إن ما حدث في جاكرتا هو عملٌ شنيعٌ يناقض الإسلام مهما كانت نيته أو أهداف منفذيه؛ لأنهم قاموا بعمليات قتل حرمها الإسلام. أيًا كان المنفذون أو الذين خططوا للهجوم فيجب معاقبتهم بشدة حسب أحكام الإسلام. وكما وصفنا الله عز وجل، بخير أمة أخرجت للناس، بحيث لا نقف مكتوفي الأيدي أمام الحملات الغربية للنيل من الإسلام والتقليل من شأنه وشأن الأحكام الشرعية والخلافة الإسلامية. إن الخلافة فرض إسلامي ويجب أن تعي الأمة على هذا الفرض وطريقة إقامته ومسؤولية هذه الخلافة عن الأمة ومسؤولية الأمة تجاهها. يجب أن يكون واضحًا أن الطريقة الشرعية لإقامة الخلافة هي من خلال الصراع الفكري والكفاح السياسي وليس من خلال العنف غير المميز، سواء أكان بالقتل أو التفجير. وكل من يزعم إحياء الخلافة ولكن بطريقة غير التي قام بها رسول الله r من خلال الصراع الفكري والسياسي وطلب النصرة، فإنه يكون قطعًا خاطئًا.
إن شاء الله ستقوم دولة الخلافة الحقيقة قريبًا بإذن الله. وعندها ستظهر الحقيقة وسيحضر الخاطئون إلى الطريق الصحيح، أما الإرهابيون الحقيقيون - القوى الغربية واليهود وحلفاؤهم - فسيقضى عليهم وسينعم العالم الإسلامي بنعمة الله عز وجل.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد - ماليزيا
20 من ربيع الثاني 1437هـ   الموافق   السبت, 30 كانون الثاني/يناير 2016م

No comments:

Post a Comment