Monday, March 30, 2020

فليكن كورونا دافعا للتغيير

فليكن كورونا دافعا للتغيير

الخبر: في جلسة عامة خُصّصت حول الوضع الصحّي في تونس ومجابهة فيروس كورونا، يوم الخميس 26 آذار/مارس 2020، استهلّ وزير المالية نزار يعيش ردّه عن تساؤلات نواب الشعب: "الأمور صعيبة وصعيبة ياسر وإن نسبة كبيرة من المصاريف لا يمكن خلاصها هذه السنة، منجموش، هاني جيت وصارحتكم... هذه الحقيقة، زد على ذلك المؤسسات العمومية في وضع حرج صعيبة وصعيبة ياسر..."، ثم في رد عن سؤال حول فرضيّة تأجيل سداد الدين العام للدولة لسنة 2020 كان جوابه واضحا وقطعيا "لا مجال لتأخير سداد الديون.. فتح هذا الباب خطير جدا.. ولن أفتح هذا الباب".
التعليق:
 في حقيقة الأمر، ما صرّح به وزير المالية نزار يعيش في جلسة المساءلة الأخيرة تحت قبة البرلمان، هو الوجه الحقيقي وأرفع ما يمكن أن يقدّمه الفكر الرأسمالي كحلول للخروج من أزمة هو طرف فيها.
فبالعودة لرد الوزير، نلاحظ أولا مواصلة انسياقه في خط أو في سياسة المصارحة المغشوشة الذي امتهنتها من قبلُ حكومة الشاهد، واليوم نسمعها ونراها في كل مداخلات رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ ووزرائه.
 سياسة الإقرار بالعجز هي في حقيقة الأمر أكثر ألماً من العجز ذاته، فالعجز هو أن تفكر وتجتهد وتعمل وتقوم بأقصى ما لديك من وسائل وأساليب للخروج من الأزمة إلى أن تصل إلى مرحلة العجز، أما ما تقوم به حكومة اليوم وسابقاتها، فهو التسليم بالعجز والاندماج والانغماس فيه، ورمي وإلصاق كل ما لديها من مشاكل على حقبة ما قبل الثورة، وإن كانت حقيقة، دون حتى العمل على الخروج من هذا العجز، حتى أصبحت حلول الحكومة تنبثق من العجز ذاته، ولا تسيّر الدولة في جميع مجالاتها إلا من وراء قضبان العجز!
وهذه السياسة أي سياسة الإقرار بالعجز، هي في حقيقة الأمر مجدية لمثل هذه الحكومات الواهية الباحثة عن تقمص دور الضحيّة، لما فيها من تخدير وتنويم لأفراد المجتمع ولما فيها من تملّص وهروب من المسؤولية حتى يصبح الرأي العام يتكلم بلغة التطبيع مع العجز "تلك حدود الله، ليس لهم أي حل، ماذا تطلب منهم أكثر من ذلك...".
مُتغافلين مُتناسين أن ما نحن عليه اليوم هو نتاج لفساد النظام الرأسمالي برمته، ومن يدّعي اليوم العجز من حكومات، هي تنتهج هذا النظام نفسه الذي أنهك وهمّش وأهمل قطاع الصحة وقطاع التعليم ودور الدولة في رعاية شؤون الناس وتوفيرها لكل الحاجات الأساسية بصفة عامة.
وأبرز مثال لذلك رفض الحكومة حتى مجرد الحديث عن فرضيّة تأجيل سداد الديون الداخلية والخارجية حتى وإن كان ذلك على حساب آلام شعبها، فمثلا تونس قادرة على توفير 12 ألف مليون دينار فيما لو أجلت دفع ديونها فقط لسنة 2020، ولكن الوفاء للمؤسسات المالية الاحتكارية العالمية يفرض على إلياس الفخفاخ صاحب رسالة الطاعة لصندوق النقد الدولي عدم المساس وعدم التفكير حتى في هذا المجال والبقاء فقط في دائرة العجز!
إن فيروس كورونا اليوم زاد في تعرية النظام الرأسمالي، وكشف للعالم زيف أفكاره وتصوراته وتوجهاته السياسية والاقتصادية والمجتمعية، ولن ننتقل من سياسة الإقرار بالعجز إلى سياسة الخروج من العجز والعمل نحو النهضة الاقتصادية والصناعية إلا بتطبيق نظام جديد يحمل فكرا سياسيا جديدا وله تصورات جديدة في معالجات مشاكل الناس.
وهذا وإن كان موضوع بحث عند أكبر مفكري وفلاسفة وساسة الغرب إلا أننا نحن أمة الإسلام ما علينا إلا أن نعمل لاستئناف الحياة بالإسلام في ظل دولة ينبثق نظامها عن عقيدة الأمة؛ عقيدة لا إله إلا الله، دولة محورها الإنسان ورعاية شؤونه بحلول الإسلام وليس فقط دولة في خدمة عصابات المال والأعمال كما نعيش اليوم!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ممدوح بوعزيز
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس
  5 من شـعبان 1441هـ   الموافق   الأحد, 29 آذار/مارس 2020مـ

No comments:

Post a Comment