Wednesday, February 24, 2016

جريدة الراية: أضواء على مؤتمر "ميونيخ" للأمن

جريدة الراية: أضواء على مؤتمر "ميونيخ" للأمن
 يعقد في ميونخ - ألمانيا في بداية شهر شباط من كل عام مؤتمر خاص بالأمن والسياسات الأمنية والدفاعية، ويعقد المؤتمر في فندق بايريشر هوف بمدينة ميونيخ الألمانية ويتم تنظيمه من قبل القطاع الخاص، وتقتصر فعاليات المؤتمر على النقاش دون إصدار بيانات ختامية. يُعقد المؤتمر منذ عام 1962 حيث أسس المؤتمر في ذاك العام الناشر الألماني إڤالد-هاينريش فون كلايست-شمنتسين، وقد خلفه في 1999 هورست تلتشيك، النائب السابق لرئيس المستشارية وفي عام 2009 خلفه فولفجانج إيشينجر.‏
ويشارك فيه مسؤولون كبار من حلف الأطلسي وروسيا وأوروبا الشرقية والصين والهند واليابان وحشد من الخبراء والمحللين. صحيح أن المؤتمر يبحث في قضايا السلام العالمي ومناقشة المسائل الأمنية ومحاولة منع حدوث صراعات عالمية، إلا أنه لا يمكن إغفال اهتمامه الخاص بالقضايا التي لها علاقة وتؤثر بشكل مباشر على أوروبا وعلاقتها بأمريكا بالذات.
 وهذا العام، عقد مؤتمر ميونيخ للأمن في دورته 52، في الفترة ما بين 12 – 14 شباط/فبراير بحضور 24 من رؤساء الدول والحكومات وأكثر من 60 من وزراء الخارجية والدفاع من جميع أنحاء العالم. وأعرب السفير الألماني، فولفجانج إيشينجر، الذي يرأس مؤتمر ميونيخ للأمن، عندما قدم تقريراً بعنوان «تقرير ميونيخ للأمن»، أنه من الصعب حصر عدد الأزمات الدائرة في العالم في الوقت الراهن، لكنه اعترف بصعوبة حلها في ظل عدم توفر استراتيجية دولية ونظام عالمي. وقد عرض تقرير ميونخ للأمن، الذي يصدر قبل انعقاد المؤتمر نظرة استراتيجية قاتمة لعام 2016. إذ يشير التقرير إلى أننا سنشهد بداية اضطرابات وعدم استقرار في مناطق جديدة من العالم.
بالإضافة لذلك يتطرق التقرير لقضايا عالمية تؤثر تأثيرا مباشرا على أوروبا وعلى علاقاتها مع أمريكا واللاعبين الآخرين على الساحة الدولية كالصين وإيران وروسيا وتنظيم الدولة الإسلامية، وبالنسبة لمناطق التوتر العالمية يحددها التقرير في شرق أوروبا (الأزمة الأوكرانية) وإفريقيا والحرب في وعلى سوريا، ويبحث التقرير في القضايا الإنسانية وعلى رأسها أزمة اللاجئين وأثرها على أوروبا والتي أصبحت تهدد مستقبل الاتحاد الأوروبي، والأمن الصحي وقضايا المناخ ومستقبل العلاقة بين البشر والماكينات.
 في اليوم الأول للمؤتمر وبعد مباحثات استمرت لحوالي سبع ساعات أعلن وزير خارجية أمريكا عن التوصل لاتفاق ينص على تخفيف حدة العنف تدريجيا في سوريا من خلال هدنة لأسبوع بين نظام الإجرام السوري والمعارضة، وتسريع دخول وإيصال المساعدات الإنسانية بسيارات أو بإلقائها جوا "للمدن المحاصرة أو التي يصعب الوصول إليها" ومواصلة مباحثات جنيف 3.
وجاء اتفاق ميونيخ في ثلاث صفحات، صاغها كيري بنفسه وناقش تفاصيله مع 17 وزير خارجية وممثل للأمين العام للأمم المتحدة ومفوضة السياسة الخارجية ومسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي.
 وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد كشف للصحفي الأمريكي ديفيد أغناتيوس أن واشنطن تقترب من لحظة حاسمة لسوريا، مشيراً إلى أنها "إما أن تحرز تقدماً في اتجاه وقف للنار، وإما أن تبدأ التحرك في اتجاه "الخطة ب" وعمليات عسكرية جديدة".
وفيما ذكر مسؤول في الخارجية الأمريكية بأن الولايات المتحدة تشدد على "وقف فوري لإطلاق النار"، تحدثت بعض وسائل الإعلام عن أول آذار/ مارس موعدا لوقف إطلاق النار عرضته موسكو التي حذرت في الوقت نفسه من أي محاولة هجوم بري في سوريا، معتبرة أنها ستؤدي إلى حرب شاملة و"دائمة".
 من ناحيته، شدد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير على ضرورة تحقيق "اختراق" في ميونيخ لوقف المعارك وإحياء عملية السلام. لكنه نبه قائلا "لا أستطيع أن أقول الآن أننا سنحقق ذلك". وتُتهم روسيا بأنها تريد تأخير هذا الموعد لتحقيق مزيد من المكاسب العسكرية والدبلوماسية وتعزيز موقع نظام بشار الأسد قبل استئناف محتمل لمفاوضات جنيف.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن واشنطن تدرك طبيعة التحديات والتهديدات الأمنية التي تواجهها القارة الأوروبية. وأشار كيري، في كلمة خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، إلى أن الولايات المتحدة ستساعد أوروبا في مواجهة أزمة الهجرة التي تشكل «تهديدا شبه وجودي» للقارة. وقال إن «واشنطن تدرك طبيعة هذا التهديد شبه الوجودي على الحياة السياسية والاجتماعية في أوروبا».
 وأشار إلى أن واشنطن تؤيد بقوة بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أنه «من الواضح أن الولايات المتحدة مهتمة بنجاحكم وببقاء مملكة متحدة قوية جدا في اتحاد أوروبي قوي».
وعلى صعيد الأزمة الأوكرانية، شدد كيري على أن العقوبات الاقتصادية ضد روسيا ستبقى حتى تنفيذ اتفاق مينسك للسلام في أوكرانيا بشكل كامل. 
 وقال الكرملين الأحد (14 شباط/فبراير 2016) إن الرئيسين الأمريكي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين اتفقا على تعزيز التعاون الدبلوماسي وغيره من أشكال التعاون لتنفيذ اتفاق ميونخ بشأن سوريا.
ما زالت أمريكا وأعوانها وأتباعها يتخذون من كل منبر سياسي وسيلة للضغط في حل الأزمة السورية حسب الرؤية الأمريكية للحل، فمؤتمر ميونيخ ومع أنه لا يملك أية آلية لإلزام الأطراف بقراراته إلا أن أمريكا حاضرة وبقوة في صياغة القرارات والتوصيات وتوجيه النصح والانتقادات وحتى التهديدات المبطنة والمباشرة، فهي فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية لا تتنازل وتصر على إبقاء العقوبات على روسيا بالرغم من مطالبة بعض الدول كفرنسا بإلغاء أو تخفيف هذه العقوبات. في سوريا يهدد كيري وبكل وقاحة وجلافة بأن أمريكا ستلجأ للخطة –ب- إذا لم تذعن المعارضة ويقصد أهل الشام الرافضين للحل الأمريكي القائم على المحافظة على النظام وبقائه بتبعيته لأمريكا.
 بقلم: حاتم أبو عجمية - الأردن

No comments:

Post a Comment