Friday, January 29, 2016

المهاجرون المسلمون الجدد إلى الغرب: قبول أم رفض الثقافات المحلية؟

المهاجرون المسلمون الجدد إلى الغرب: قبول أم رفض الثقافات المحلية؟

(مترجم)
الخبر: "إذا كنا نريد من الألمان قبول العرب، فإن على العرب تعلم قبول الألمان"، هذا هو عنوان مقالة صحفية سلطت الضوء على دورة تثقيفية تقام للاجئين الجدد الذين وصلوا إلى ألمانيا. مقدم الدورة، وهو مهاجر من مصر عاش في ألمانيا لعدة عقود قال: "نتحدث عن المثلية الجنسية التي يراها الكثيرون من المشاركين في الدورة جرما، وأشرح لهم أن الألمان لا ينظرون إلى الأمر بهذه الطريقة، وأن عليهم قبول ذلك إن أرادوا العيش هنا". ويتم تحذيرهم من أن أطفالهم سيكون لديهم المزيد من الاستقلالية في حال نشأوا في ألمانيا أكثر مما يتوقعونها في العالم العربي. وقال أيضا "غالبا ما يشعر العرب بالصدمة هنا عندما يرون البافاريين يمارسون السباحة عرايا في نهر إيسار. لكن أقول لهم إن كانوا يريدون من الألمان أن يقبلوا غطاء الرأس الذي ترتديه المرأة العربية، فإن عليهم قبول أن يمارس الألمان السباحة عرايا في المنتزهات العامة والأنهار".

التعليق: كيف يمكن للمهاجرين المسلمين الجدد الذين وصلوا لتوّهم التغلب على هذه التحديات الجديدة لمفاهيمهم وممارساتهم الإسلامية؟
 في الواقع إن هذا ليس تحديا جديدا. فالمسلمون الذين هاجروا إلى الدول الغربية من أفريقيا، وآسيا، والشرق الأوسط جميعا واجهوا هذا التحدي، وهو تحد مستمر يواجهه أبناؤهم وأحفادهم الذين ينشأون في أي مجتمع غربي. إن المسلمين الوافدين الجدد إلى الغرب يؤمنون بالخالق، الذي أرسل الهداية للبشرية لكي تعيش بها في جميع مجالات الحياة. وهم يؤمنون كذلك بأنه سبحانه وتعالى سوف يحاسبنا يوم القيامة، وبالتالي فإننا بحاجة إلى الالتزام بما أمرنا به سبحانه وتعالى وترك ما نهانا عنه. إلا أنهم يجيئون فجأة إلى مجتمعات تكفر الغالبية فيها بالخالق، وتعتقد بالحرية بدلا من الحساب أمام الخالق، وتحكم على ما يجب القيام به أو الامتناع عنه على أساس المنفعة أو الضرر. بالإضافة إلى ذلك، فإن تصنيفها للخير والشر في تغير دائم!
 يقول بعض المسلمين أنه يجب علينا اعتزال المجتمع الأوسع ورفض كل شيء منه من أجل الحفاظ على هويتنا الإسلامية. بينما ينادي آخرون بالاندماج، ويقولون بما أننا مقيمون في الغرب فنحن بحاجة إلى التخلي عن أجزاء من الإسلام لكي نستطيع الانسجام. لذلك ينبغي علينا قبول زواج المثليين جنسيا، والتخلي عن الأدوار الواضحة التي حددها الإسلام للرجال والنساء، وترك الممارسات أو الأفكار الإسلامية عموما كلما تعارضت مع المثل العلمانية الأساسية للمجتمعات الغربية التي نعيش فيها. وباختصار إنهم يروجون لإسلام "علماني" يختزل الإسلام في الصلاة، والصوم والأمور الشخصية الأخرى فقط، والذي يلغي أيضا أي صلة من كونهم جزءا من الأمة العالمية.
بالنظر إلى حياة النبي في مكة المكرمة، فإن الانعزال عن الجيران، وزملاء العمل والكليات والمجتمع ككل ليس من طريقة العيش الإسلامية، لأن ذلك لم يكن سلوكه، ، في مكة المكرمة على الرغم من أنه عليه الصلاة والسلام وأصحابه كانوا قلة. كذلك فإن النبي وأصحابه لم يقبلوا بكل ممارسات قريش، لذلك فإن الاندماج هو أيضا ليس خيارا بالنسبة لنا. بل إن الرسول تجاوز التحديات بطريقة بيّن لنا فيها أن الإسلام يجب أن يكون هو المرجع لتحديد ما يمكن أخذه من أي سلوك أو فكرة جديدة، أو وسيلة شراء، أو أسلوب لتربية الأطفال، أو طريقة للارتباط بالأمة الإسلامية على نطاق أوسع. إن استخدام مقياس قبول والقيام بعمل ما هو حلال، ورفض وتجنب فعل ما حرمه الله، هو واحد من المفاهيم المهمة جدا التي يجب على المسلمين في الغرب تعليمها وتكرارها فيما بينهم. إننا بحاجة إلى نشر عقلية السؤال والبحث عن الحكم الشرعي للأفعال التي نريد القيام بها، قبل أن نباشر القيام بها، وتذكر أن جميع الأفعال التي نقوم بها سوف تحسب لصالحنا أو ضدنا، وأن ذريعة العيش في الغرب لن تكون مقبولة. فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾.
 باستخدام الحلال والحرام كمقياس، وعملنا كسفراء نقوم بدعوة الناس من حولنا إلى ديننا العظيم، فإن المسلم بإمكانه التغلب على العديد من تحديات العيش في الغرب، بينما يتمسك ويدعو الآخرين بفخر إلى ديننا العظيم الذي يحل المشاكل الإنسانية التي تعيشها البشرية - الشيء الذي يبحث عنه الكثيرون من غير المسلمين في الغرب.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
 تاجي مصطفى
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا
19 من ربيع الثاني 1437هـ   الموافق   الجمعة, 29 كانون الثاني/يناير 2016م

No comments:

Post a Comment