Wednesday, July 24, 2013

مـقـال: وسَقَطَ القناعُ يا إدريس!

مـقـال: وسَقَطَ القناعُ يا إدريس!

بقلم: ناصر شيخ عبدالحي- عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا
لقد عودنا حكام الضرار على الخضوع والخنوع لإرادة الغرب، وقد بات مكشوفاً، وخاصة بعد ثورات الأمة في المنطقة على حكامها الظلمة، ما يريده الغرب من هؤلاء الحكام العملاء إذ كانت أولى شروطه عليهم لإيصالهم إلى الحكم أن يتعهدوا له بتطبيق أنظمة الغرب، ومنع عودة الإسلام إلى الحكم، ومحاربة العاملين لإقامة دولة الخلافة، والخضوع للقانون الدولي والاشتراك في المنظمات الدولية التي أنشأها الكافر المستعمر لاستعباد الشعوب، والمحافظة على تقسيم الأمة عبر هذه الكيانات الهزيلة الكرتونية، ولا ننسى المحافظة على كيان يهود والسير مع القرارات الدولية للاعتراف به.
ويبدو على اللواء سليم إدريس، رئيس المجلس العسكري الأعلى أنه يسعى ليكون أحد رجالات أمريكا في المنطقة بعد أن تستغني عن المجرم بشار، وأن أمريكا تضعه تحت التجربة. فقد وصفه جون ماكين بأنه شخصية يمكن للولايات المتحدة التعامل معها، وقوله في اللقاء الذي جمعهما في أيار (مايو) الماضي: "إن اللواء إدريس ومقاتليه يشاركوننا الكثير من مصالحنا وقيمنا"، مضيفاً بالقول: "هم يقاتلون أعداءنا المشتركين يومياً في سوريا. هم أملنا الأفضل لسوريا معتدلة متحررة"! وفي خضم الحديث الغربي عن تسليح المعارضة السورية قررت الإدارة الأميركية أن يكون هو "الناقل الوحيد والحصري للأسلحة الأميركية" (الجزيرة نت 18-6-2013). ولقد عُهد عن إدريس هذا كثرة مطالبته للغرب بتزويده بالسلاح فقبيل سقوط القصير صرح بقوله: "أجدد الطلب للرئيس الأمريكي والبرلمان الأوروبي والقادة في أوروبا نحن بحاجة لمساعدتكم الآن"وفي هذا الصدد اتَّهم إدريس، يوم الثلاثاء الماضي 16-7-2013م، رئيسَ الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بـ"خيانة" المعارضة السورية بعد تخليه عن خطط تسليحها بأسلحة نوعية! لا بل ذهب للقول إن هذا القرار "سيتركنا وحدنا ليقتلنا بشار الأسد".وفي الوقت نفسه نراه يستعمل لسانهم في التخويف من المتطرفين والدعوة إلى تسليح المعتدلين، وكأنه يقول لهم أنا جزء من مشروعكم وأحمل نفس رؤيتكم وأنا أهل لأن تعتمدوني كبديل عن بشار، فقد حذر من أن رفض الغرب تسليح العناصر "الأكثر اعتدالاً" في الثورة السورية سيسلمها "للجماعات المتطرفة" معقباً بأن هذا "ليس من مصلحة بريطانيا".
لقد كشف إدريس نفسَه من خلال تصريحاته هذه، وأعلن عن انسلاخه عن الأمة وأظهر حقيقة توجهه نحو الغرب، وأظهر حرصه على قيمه ونظمه التي تحكم بلاد المسلمين من أن تنهار على أرض الشام. ولذلك هو يخاطب الغرب، وكأنه جزء منه لا من الأمة، بينما ثورة الشام تسعى لأن تتحرر من هذه النظم الغربية المستعمرة التي طبقها الكافر وأذاقنا بها الويلات. إنه يسير بعكس تيار الأمة. التي تنادي بعودة الحضارة الإسلامية ممثلة بالخلافة، ويقف ضد مشروع الأمة التحرري انحيازاً للمشروع الغربي الذي يبقي الغرب وصيَّاً علينا.
وأمام تصريح إدريس الأخير حُقَّ لنا أن نتساءل: من نصبك يا إدريس قيّماً على مصالح الكفار في بلادنا، وحاكماً على ثوار الشام بأن هؤلاء "متطرفون" يجب "القضاء عليهم" وآخرون "معتدلون" لأنهم يقبلون أن يكونوا مطية معارضة خارجية خائنة لله ولرسوله ولأهل الشام الثائرين، وظيفتها التفريط بتضحياتهم ودماء شهدائهم واستبدال عميل بعميل. أما كفاك تثبيطاً وتخذيلاً وتصويراً بأن لا نصر ولا خلاص للمسلمين على أرض الشام إلا عبر الدعم الغربي المشروط والأسلحة الأمريكية "النوعية"؟! أليست أمريكا نفسها هي من تمد المجرم بشار بالمهل والأموال والغطاء الدولي والمقاتلين بشكل مباشر أو عبر الأدوات والعملاء والأتباع والأزلام؟ أليست هي نفسها من تحاول افتعال فتنة بين أهل الشام الثائرين وإيجاد صراع يكون ذريعة جديدة لإطالة عمر طاغية الشام واستنزاف جهود المجاهدين في الاقتتال فيما بينهم وحرفهم عن الهدف الحقيقي.
إن وقفة متأنية أمام هذه التصريحات تدفعنا للتساؤل: أليس وَصْفُ كاميرون، عدو الله وقاتل المسلمين في أفغانستان وغيرها، بالخيانة هو الخيانة نفسها يا إدريس؟!
هل كنت تظنه صلاح الدين أو قطز أو الظاهر بيبرس؟
فوصف الخيانة لا ينطبق على العدو لأنه عدو، ولا على المجرم لأنه مجرم، ولا على القاتل لأنه قاتل، وإنما ينطبق على من كنت تتوسم فيه الخير فخانك أو طعنك في الظهر وأدار لك ظهر المجن.
ألم تسمع بقوله تعالى: {.. هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
أو قوله سبحانه: {ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ...}.
أو قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
وأسأله هنا، ماذا فعل هو وأمثاله ورجالاته ممن يدعون زوراً وبهتاناً تمثيل الثورة والثورة منهم براء؟ ماذا قدموا لحمص وقبلها القصير؟ ماذا قدموا للغوطة المحاصرة؟ ماذا قدموا للثوار على الجبهات الذين يقدمون دماءهم وأرواحهم فداءً للأرض والعرض؟ ماذا قدموا سوى الاستخذاء والاستجداء المخزي على أبواب البيت الأبيض ولندن وباريس؟ بل حتى الأسلحة التي يدعون أنها وصلت؛ هل ذهبت إلى الجبهات حقاً، أم أنه يتم العمل لتوجيهها نحو صدور المجاهدين ليضربوا بعضهم بعضاً، عبر افتعال فتنة بين الثوار المجاهدين لاستنزاف طاقاتهم ودمائهم وحرفهم عن هدفهم الحقيقي الذي يبدأ بإسقاط طاغية الشام، ولا ينتهي إلا بإقامة دولة الخلافة؟.
وأختم بالقول، بأن أهل سوريا الشام أعزة بدين الله، لا يضرهم من خالفهم، وهم عاملون على إسقاط طاغية الشام، ليقيموا على أنقاض حكمه دولة الإسلام التي تطبق شرع الله كاملاً، وتقتص من كل مجرم آذى عباد الله، دون أن يحتاجوا لمال سياسي مشبوه يفسد الأفراد والجماعات ويفرقها شيعاً. ولسنا بحاجة إلى "كرزايات" جدد يكونون رأس حربة في قتال المجاهدين المخلصين العاملين لرفع راية العقاب رغم أنف المجرمين.
إنها الشام يا إدريس، وإنهم رجال الشام الذين قال فيهم حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم: "إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم"، وهم يعملون بجد كي تعود الشام عقراً لدار الإسلام.
لقد آن لكل ذي بصيرة مخلص أن يعي بأن نصر الله لا يتنزل إلا على عباد له مخلصين لا تربطهم بالغرب المجرم أية رابطة، إن نصر الله سبحانه وتعالى يكون حين يوسد الأمر لأهله، وأهله هم المخلصون العاملون لتطهير أرض الشام من رجز المجرم بشار ومن معه، وتحكيم شرع الله في ظلال دولة يأبى أهل الشام إلا أن تكون خلافة على منهاج النبوة، وما ذلك على الله بعزيز.
قال تعالى: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}.

No comments:

Post a Comment