Friday, February 1, 2013

خبر وتعليق: الاعتداء الجنسي على النساء بالتأكيد، تختلف بريطانيا عن الهند؟

خبر وتعليق: الاعتداء الجنسي على النساء بالتأكيد، تختلف بريطانيا عن الهند؟

قبل بضعة أسابيع، اندلعت الهند بالغضب بعدما توفيت طالبة تبلغ من العمر 23 عاما متأثرة بجروح أصيبت بها بعد أن اغتصبتها عصابة في نيودلهي. أحدثت هذه الحالة صدمة عارمة في الهند وأثارت جدلا حول معاملة النساء. وعقب هذه الحادثة، أبرزت وكالات الأنباء حول العالم الأسباب الكثيرة وراء تعرض النساء للتحرش الجنسي في الهند. فتحدثوا عن الطابع الذكوري في المجتمع، وعن التعليقات المشينة التي أدلى بها العديد من السياسيين بشأن الأسباب وراء الاغتصاب، وعن المدة التي استغرقتها حالات الاغتصاب حتى أُحيلت إلى المحاكم، وعن أعضاء البرلمان الذين اتُّهموا بالاغتصاب ومع ذلك استمروا بعملهم السياسي، وأسباب أخرى غير هذه. وتم أيضا تكرار إحصائيات حول انتشار هذه الجريمة في المجتمع الهندي. وادعت وكالت بي سي سي وغيرها بأنه يُقدم بلاغ بحالات اغتصاب في الهند كل 21 دقيقة.
لقد أُدين في الهند ما يزيد قليلا على ربع مرتكبي جريمة الاغتصاب المزعومة في 2010 بينما كانوا في أمريكا، وفقط 24% من الاغتصابات المزعومة أدت إلى السجن، ناهيك عن الإدانة. لذلك ظهرت بعض الإحصاءات لدحض الفكرة الشائعة بأن النساء هن أكثر أمانا في الغرب المتقدم مقارنة ببقية دول العالم.
وقبل بضعة أيام، لاحظتُ وجود مدونة على تويتر من السيد مراسل قناة 4 الإخبارية بشأن أرقام حديثة عن الجرائم الجنسية في إنجلترا وويلز. ففوجئت بأن الإحصائيات كانت أعلى من الأرقام الرسمية السابقة.
أشارت الإحصاءات التي جمعتها وزارة العدل، ووزارة الداخلية ومكتب الإحصاءات الوطنية إلى أنه يتم إدانة حوالي 1,000 مغتصب كل عام بالرغم من تعرض ما يصل إلى 95000 شخص للاغتصاب سنويا. وأظهرت الإحصائيات نفسها أن ما يقارب الـ 500,000 شخص هم من ضحايا الجرائم الجنسية في إنجلترا وويلز خلال فترة الاثني عشر شهرا وأن 1 من كل 20 امرأة كانت ضحية لاعتداء جنسي خطير بما في ذلك الاغتصاب، وأن 90٪ من هؤلاء الضحايا يعرفون فعلا الجاني.
حين تم إصدار هذه الإحصائيات المروعة، كنت أتساءل إن كان سيحدث نقاش كبير وبحث روحي عن الأسباب والعلاجات. فعلى كل حال، كانت هذه الإحصائيات لإنجلترا، وليست للهند البعيدة، لذلك فسيكون بالتأكيد هناك الكثير من النقاش على برامج الشؤون الراهنة الرئيسية. لكنه لم يحدث أيٌّ من هذا. لاحظت فقط بعض التغطية في صحيفة ومناقشات موجزة ولكن الغضب العام قليل. لماذا؟
وقالت ديبورا مكيلفيين من منظمة المعونة للنساء "قد تبدو هذه الأرقام صادمة، ولكن للأسف أنها ليس من قبيل المفاجأة. لا تزال معظم الضحايا لا تبلغ عن الجرائم - وحقيقة أن هناك عدداً قليلا جدا من الإدانات وهذا لا يفعل سوى القليل لتشجيع الضحايا الآخرين ".
حين جلست لمناقشة قضايا مع صديق، أثرت موضوع عدم وجود رد فعل على الإحصاءات البشعة الأخيرة حول الجرائم الجنسية في إنجلترا وويلز - على عكس الغضب الذي رأيناه في الهند، أو في الواقع غضب المعلقين هنا فيما يتعلق بالحالة المأساوية في الهند في حين أنهم بالكاد تأثروا بهذه الإحصاءات المتعلقة ببلادهم. وأشار إلى أن المسألة هي أن المجتمعات الغربية يرون أنهم تحولوا عن أسباب المشكلة في الهند. لذلك كانوا يقولون أن الهند مجتمع ذكوري إلى حد كبير ويحمل آراء منحطة تجاه المرأة، في حين أن المملكة المتحدة بالواضح لم تعد كذلك. إنهم يقولون أن المرأة محررة وحرة - وهو أمر تطمح الهند إلى أن تطبقه. إن عقلية كهذه تعني أن المجتمعات الغربية لا تعترف بأن بعض القيم لديهم قد تكون سببا في بعض السلوكيات التي تؤدي إلى هذا العدد الكبير من الجرائم ضد المرأة.
أظهرت هذه الإحصاءات الأخيرة أن الجرائم الجنسية ليست مجرد قضية جانبية في المجتمع، لكنها مشكلة سائدة في جميع طبقات المجتمع. وتبين أيضا بأن التحرش بالنساء ليست مشكلة موجودة في العالم الثالث أو أجزاء من العالم الإسلامي فحسب، بل أيضا في العالم "المتقدم" الليبرالي العلماني حيث أدى التعزيز المستمر لفكرة أن النساء كائنات جنسية إلى كارثة. والأكثر مأساويا هو أنه لأنهم يعتقدون بأن الغرب قد تقدم وتحررت النساء فيه، فإنهم لن يقدروا حتى على الاعتراف بالمشكلة عندهم أو مواجهة حجمها الحقيقي.
تاجي مصطفى
المتحدث الإعلامي لحزب التحرير - بريطانيا
20 من ربيع الاول 1434
الموافق 2013/02/01م

No comments:

Post a Comment