Wednesday, February 27, 2013

أساليب التحقيق المعززة

أساليب التحقيق المعززة

أولا:برينان.. خيار أوباما لـ سي آي إيه
                                           
باختيار الرئيس باراك أوباما السناتور تشاك هاغل لوزارة الدفاع وكبير مستشاريه لشؤون مكافحة الإرهاب جون برينان لترؤس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) يكون أوباما قد شكل فريقه الأمني والعسكري، الذي سيطبق خطته في مواجهة "الإرهاب" والحرب عليه، وفق متابعين.
فبعد سنوات من اعتماد إدارة جورج بوش أسلوب الحرب العسكرية والانتصار على ما سماه التهديد الإرهابي بتغيير النظام، كما حدث بأفغانستان والعراق، عملت إدارة أوباما في ظل برينان (57 عاما) والذي عمل في "سي آي أي" 25 عاما (معظمها بوصفه محللا أمنيا) على شنّ حروب الطائرات من دون طيار.
ولم يتمكن برينان الخبير بشؤون الشرق الاوسط ويتحدث العربية، من الحصول على منصب رئيس سي آي إيه عام 2009 بسبب دعمه على الأرجح لاستخدام "أساليب تحقيق معززة" بإدارة بوش، وهي القضية التي ستعود للظهور مرة أخرى في جلسة المصادقة على تعيينه.
ونفى برينان هذا الاتهامات، لكنه انسحب من المنافسة على إدارة الوكالة إلا أن أوباما ونظرا لثقته الكبيرة به عينه بمنصب المستشار الذي لا يحتاج لتصديق مجلس الشيوخ، مما جنبه المساءلة من قبل الكونغرس.
"  برينان تولى رئاسة قسم شؤون الشرق الاوسط في سي آي إيه عام 1996، ثم عاد الى واشنطن عام 1999 ليشغل منصب رئيس موظفي تينيت حتى 2001 ونائب المدير التنفيذي حتى 2003 "
أساليب التحقيق المعززة
وتدرب برينان على العمل بالاستخبارات وترقى بسرعة ليصل لمنصب محلل عمليات مكافحة الإرهاب ومدير قسم الشرق الأدنى وجنوب آسيا في سي آي إيه. وبحلول عام 1995 وصل إلى منصب المساعد التنفيذي لجورج تينيت نائب رئيس سي آي إيه في ذلك الوقت والذي أصبح فيما بعد مديرها.
تولى برينان الذي يتابع الاتصال بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ويساعد الحكومة الجديدة على إعادة بناء قواتها المدنية والعسكرية- رئاسة قسم شؤون الشرق الأوسط في سي آي إيه عام 1996، ثم عاد لواشنطن عام 1999 ليشغل منصب رئيس موظفي تينيت حتى 2001 ونائب المدير التنفيذي حتى 2003.
وتوج عمله لعقدين ونصف في سي آي إيه بمنصب المدير المؤقت للمركز القومي لمكافحة الارهاب من عام 2004 وحتى أغسطس/آب 2005.
وخلال هذه السنوات شهد برينان- الذي درس بالجامعة الأميركية بالقاهرة- بنفسه الصراعات بين سي آي إيه والبيت الابيض بسبب المعلومات الاستخبارية التي سبقت الحرب على العراق والمتعلقة بمزاعم وجود أسلحة دمار شامل بهذا البلد وارتباط نظام صدام حسين بما يسمى الإرهاب.
وفي عام 2009 ركزت جمعيات حقوق الإنسان على تصريحات أدلى بها في عدة مقابلات دافع خلالها على استخدام سي آي إيه "أساليب التحقيق المعززة".
وفي مقابلة أجراها مع شبكة تلفزيون سي بي إس عام 2007، قال برينان إن "أساليب التحقيق المعززة" أثمرت عن الحصول على معلومات استخدمتها سي آي إيه ضد "إرهابيين حقيقيين". وأضاف أنها "أنقذت حياة الكثيرين".
ثم عاد ليقول إن أسلوب الإيهام بالغرق الذي يعتبر تعذيبا، لا ينسجم مع القيم الأميركية ويجب حظره.
"برينان وضع تلخيص سياسات البيت الأبيض حول عمليات القتل المستهدف بما في ذلك المبررات القانونية لضرب مشتبه بهم في اليمن وباكستان والصومال وغيرها من المناطق "
إيران والقتل المستهدف
وقاد برينان -المتواضع والذي يعمل بجد ولا يتغيب عن العمل- دراسة لوكالات المخابرات تضمنت توصيات للإدارة الجديدة عام 2008 تحت عنوان "معضلة إيران: تعزيز المعتدلين دون الإذعان لعداء".
وقال برينان بعد هذه الدراسة إن الخطوة الحساسة تجاه تحسين العلاقات الإيرانية الأميركية بالنسبة لبعض المسؤولين الأميركيين هي الكف عن التهديد العلني بضرب إيران.
وأوضح أن هذا الأسلوب يخدم المصالح السياسية المحلية لوقت قصير، لكنه يأتي بنتائج عكسية على المصالح الأميركية الإستراتيجية، وأنه بدلا من تشجيع تغيير إيجابي بسلوك إيران، فإن الإدانات المتكررة والواسعة لسياسة طهران تشجع المتطرفين الإيرانيين على حساب المعتدلين، وفق وصفه.
كما وضع تلخيصا لسياسات البيت الأبيض حول عمليات القتل المستهدف بما في ذلك المبررات القانونية لضرب مشتبه بهم في اليمن وباكستان والصومال وغيرها من المناطق.
وفي مقابلات أخرى دافع برينان عن تسليم المعتقلين إلى وكالات استخبارات أجنبية للتحقيق معهم، رافضا الاتهامات بأن الهدف من ذلك كان تجنب القوانين الاميركية التي تحظر التعذيب.
وبالنسبة لعمليات التنصت بدون إذن قال إنه يجب تحقيق توازن بين ضرورة حماية المواطنين وحقهم في الخصوصية، مضيفا أن الجدل العام  يجب أن يدور حول مسألة أين يجب أن يكون الخط الفاصل بين حماية المواطنين وخصوصيتهم.
المصدر:وكالات

ثانيا: جيسين وميتشل.. طبيبان نفسيان برتبة جلاّد شركاء السوء
أظهرت معلومة جديدة تم الحصول عليها من مذكرات عالم النفس وضابط القوات الجوية المتقاعد الدكتور بروس جيسين، لأول مرة، أن التعذيب لم يكن يستخدم فقط من أجل الحصول على معلومات، بل من أجل «استغلال» المعتقلين بهدف التعاون. ويلقي هذا الدليل المهم الضوء على الجوانب النفسية في برنامج التعذيب الذي نفذته إدارة بوش، وعلى الرجلين اللذين صمما هذا البرنامج.
غوانتنامو.. الوجه القبيح لأميركا
عادت الصحافة العالمية إلى الاهتمام من جديد ببرنامج الاستجواب المثير للجدل في إدارة جورج بوش الابن والذي وضع بالتزامن مع «الحرب على الإرهاب» التي شنتها الحكومة الأميركية. وبعد تقرير جاسون ليوبولد وجيفري كاي الحصري عن تفاصيل البرنامج المفرج عنه حديثا في «تروث أوت» في مارس (آذار)، بدأ موقع «ويكيليكس» في نشر ملفات سرية عن جميع معتقلي غوانتانامو. ساهمت هذه المعلومات، التي امتلأت بروايات عن احتجاز أبرياء على سبيل الخطأ ووقائع تشير إلى عدم كفاءة العاملين في المعتقل وسجلات تفصيلية عن أساليب التعذيب وأخرى عن تعذيب المعتقلين واستغلالهم، بعناصر مهمة في التحقيقات الجارية في البرنامج الأميركي على يد معتقلين سابقين ومنظمات حقوق إنسان وصحافيين وأطراف أخرى معنية.
نعرف الآن أن وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه» استعانت برجلين عام 2002 من أجل تصميم برنامج «أساليب التحقيق المعززة» أو التعذيب في إدارة بوش. طور عالما النفس والضابطان المتقاعدان في القوات الجوية الأميركية بروس جيسين وجيمس ميتشل أساليب تعتمد على عملهما السابق في برنامج الجيش الأميركي (الإنقاذ والمراوغة والمقاومة والهرب) الذي يدرب أفراد الجيش على مقاومة التعذيب إذا تم أسرهم. قام الزميلان في ذلك الوقت بوضع نقيض تلك الأساليب لكي تستخدمها «سي آي إيه» في استجواب من يطلق عليهم الإرهابيون المشتبه بهم. وبتفويض من وزارة العدل في تطبيق أساليب برنامج الإنقاذ على المعتقلين، أصبح عالما النفس مسؤولين عن التحقيقات، أو «الاستغلال غير القانوني»، كما ذكرت لجنة الخدمات المسلحة في تقرير صدر عام 2009 عن معاملة المحتجزين لدى أميركا، وعدد كبير من المعتقلين المشهورين في غوانتانامو، من بينهم ابن الشيخ الليبي وأبو زبيدة وخالد شيخ محمد.
تكشف المعلومات الجديدة، التي تم الحصول عليها من ملاحظات جيسين المكتوبة بخط اليد منذ عقدين حول برنامج الإنقاذ، والتي أفرج عنها حديثا زميله السابق ورئيس معلمي برنامج الإنقاذ كابتن القوات الجوية المتقاعد مايكل كيرنز، لأول مرة، أن التعذيب لم يكن مستخدما فقط في الحصول على المعلومات ولكن أيضا في «استغلال» المعتقلين، أي تدميرهم بدنيا ونفسيا من أجل تشجيعهم على «التعاون» مع السلطات الحكومية مثل تجنيد المبلغين والعملاء المزدوجين.
وردت تلك الاكتشافات في الحوارات الحصرية التي أجراها محررا «تروث أوت» ليوبولد وكاي مع كابتن كيرنز. جدير بالاهتمام أن مسؤولي إدارة بوش ادعوا لمدة طويلة أن التعذيب كان يستخدم كخيار أخير من أجل الحصول على معلومات قد تمنع وقوع هجمات ضد الولايات المتحدة. وصرح كيرنز لمحاوريه عن أسباب الكشف عن مثل هذه المعلومات الشخصية قائلا: «أعتقد أنها مسألة وقت ليخرج برنامج الإنقاذ من نطاق السرية إذا كنا نريد أن نتقدم كدولة أخلاقية ذات قوانين».
بالإضافة إلى ملاحظات الدكتور جيسين كان هناك بحث كتبه عن «المقدمات النفسية في التدريب على تحمل الأسر والتحقيقات والتعذيب». في هذه الوثيقة، يعلق جيسين أن «السبل لا تنفد» أمام المزيد من الأبحاث في استغلال البشر. ولا يعد مفاجئا أن يظهر إدراج «البحث» في منهج برنامج التحقيقات في «سي آي إيه» بعد أحداث 11/9، حيث يتم التعامل مع المشتبه بهم في قضايا الإرهاب ككلاب في معمل تجارب – وهو ما توصل إليه أيضا تقرير لجنة الخدمات المسلحة.
دفعت شعبية أساليب ميتشل وجيسين في «سي آي إيه» إلى انضمام الرجلين إلى العمل مع الوكالة رسميا عام 2005، بتأسيس شركة ميتشل وجيسين ومشاركيهما التي حققت في السنوات التالية ملايين الدولارات من إجراء تعاقدات مع «سي آي إيه». وعلى الرغم من الدليل الأولي الذي يشير إلى عدم فاعلية طريقتهما، تعرض أول المشتبه به أبو زبيدة، الذي من المفترض أنه «الرجل الثالث في (القاعدة)»، لتلك الأساليب، ولكنه لم يقدم أي معلومات أكثر من تلك التي أدلى بها بالفعل من دون إكراه.
نشأ الدكتور ميتشل (58 عاما) فقيرا في فلوريدا والتحق بالقوات الجوية عام 1974، حيث تدرب كخبير مفرقعات، وفي تلك الأثناء حصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في علم النفس. وجاءت مشاركته في البرنامج بناء على مفهوم «العجز المكتسب»، الذي اكتشفه لأول مرة عالم النفس مارين سيلغمان، الذي اكتشف أن الكلاب التي تعرضت لصدمات كهربائية بسيطة أدركت أنها لا تستطيع فعل أي شيء وبذلك أصبحت عاجزة لدرجة رفضها الهروب عندما أتيحت لها الفرصة. تبنى الدكتور ميتشل المفهوم ذاته وطبقه على الإرهابيين المشتبه بهم الذين ظن أنهم سيلتزمون بما يُطلب منهم إذا وصلوا إلى مرحلة العجز، وذلك وفقا لما صرح به زملاؤه لسكوت شين مراسل «نيويورك تايمز». وأوردت الصحيفة أيضا أن ذلك كان يتم عن طريق الصفع ومواضع الضغط والحرمان من النوم والضرب بمواجهة الحائط والإيهام بالغرق.
أما الدكتور جيسين (60 عاما) فقد نشأ في طائفة المورمون وتربى في مزرعة للبطاطس في إيداهو. وانضم إلى القوات الجوية كعالم نفس، حصل على درجة الدكتوراه من جامعة ولاية يوتا. وبعد ترقيه من منصب رئيس الخدمات النفسية في كلية الإنقاذ التابعة للقوات الجوية الأميركية إلى العمل مباشرة مع كيرنز ورئيسه روبرت ألدريتش، مدير البرنامج الخاص للتدريب على الإنقاذ في استخبارات القوات الجوية، بدأ جيسين في العمل مع كيرنز في المقرر المصمم لتعليم الأفراد كيفية مقاومة الاستغلال الإرهابي. وكما نشر في «تروث أوت»، شكلت ملاحظات جيسين «أساس جزء من (المقرر)، وهو(الجوانب النفسية في الاعتقال)». ودفع جيسين بأن من أتموا برنامجه قادرون على «مواجهة الاستجواب والتعذيب» من خلال خضوعهم لتدريبات مكثفة استخدم فيها «أساليب كشفية وإدراكية» من أجل «تلقيح الضغط».
وكما ورد في نسخة من مقرر هذه الدورة – التي حصلت عليها «تروث أوت» من مصدر مجهول الاسم – كان «الهدف النهائي» للحاجز هو التعاون، حيث يريد من المحتجز أن «يعرف أن (الحاجز) لديه سيطرة تامة عليه لأنه يعتمد عليه بشكل كامل، وبذلك يجب عليه أن يلبي رغباته». وكتب جيسين أيضا أنه يمكن للحاجز أن يحقق هدفه من خلال بث مشاعر «الخوف من المجهول وفقدان السيطرة وإهدار الآدمية والعزلة»، بالإضافة إلى الحرمان الحسي و«الغمر» الحسي. من ناحية أخرى، إذا رفض المحتجز التعاون مع الحاجز، فقد يتعرض لعدد من «المضاعفات»، من بينها «تهديدات بالقتل.. وغذاء غير مناسب ومرافق صحية غير ملائمة.. وعزلة وتعزيز للقلق.. وهجوم مباشر وغير مباشر على معايير ثقة (الأسير) في ذاته أو في منظمته أو أسرته أو بلاده أو دينه أو معتقداته السياسية..».
ومن دون شك، تتطابق الأساليب المذكورة آنفا مع تلك التي كانت إدارة بوش تستخدمها في التحقيق مع الإرهابيين المشتبه بهم. وجاء تقرير لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ مؤكدا أن: «التدريب على المقاومة في برنامج الإنقاذ.. كان مصدر معلومات لمذكرة التعذيب الصادرة في أغسطس (آب) عام 2002 والتي جمعها المحاميان في وزارة العدل جون يوو وجحاي بايبي، والتي أقرت استمرار تطوير البرنامج وتطبيقه.
يعكس المسار الوظيفي لكل من الدكتور ميتشل والدكتور جيسين شخصيتيهما، وخبرتهما، وقيمهما وأهدافهما. إذا حكمنا على تصرفاتهما بناء على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، واتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة، سنتمكن من رؤية الدور المحوري الذي لعباه في المجازر التي ارتكبتها الحكومة الأميركية طوال سبع سنوات. وشهادة على ذلك حل شركتهما «ميتشل وجيسين ومشاركوهما، ورد الفعل الدولي العكسي ضد استمرار عمل معتقل غوانتانامو وسجون أميركية أخرى تم اكتشافها كمواقع للتعذيب، وقرار الرئيس أوباما بحل المعتقلات السرية التابعة لـ«سي آي إيه»، والتخلي عن الإكراه، ومنع المتعاقدين مع «سي آي إيه» من إجراء الاستجوابات.
يظل السؤال الرئيس في كل ذلك هو متى ستطبق العدالة على بروس جيسين وجيمس ميتشل؟

No comments:

Post a Comment