Monday, December 26, 2016

العصيان المدني يرعب النظام السوداني! فكيف بالعمل لإقامة الخلافة على منهاج النبوة

العصيان المدني يرعب النظام السوداني! فكيف بالعمل لإقامة الخلافة على منهاج النبوة

قال الرئيس السوداني، عمر البشير، إن بلاده في حاجة إلى برنامج إصلاح اقتصادي، وإن العصيان المدني الذي تم الترويج له مؤخراً كان فاشلاً بنسبة مليون في المئة. جاء ذلك في حديث جامع حول الشأن السوداني أجرته معه صحيفة "الخليج" الإماراتية. وأضاف البشير أن ارتفاع الأسعار الأخير حدث نتيجة خطأ من جهات مختصة، وأن الأسعار في السودان ما زالت أقل كثيراً مقارنة بدول الجوار، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن السودان فقد 90% من عوائد العملة الأجنبية من النفط عقب انفصال الجنوب، فإن معدل التضخم هبط إلى 13% بعد أن كان قد لامس سقف الـ60%.
نقول للرئيس البشير إن العصيان المدني كان فاعلا بنسبة 100% وكان جليا ذلك في خلو شوارع الخرطوم يوم الأحد 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 من غالبية حافلات النقل العام فيما أغلقت محال أبوابها في استجابة متفاوتة لدعوة شباب إلى عصيان مدني عام ضد زيادة أسعار المحروقات، لكن الموظفين الرسميين توجهوا إلى مكاتبهم في حافلات حكومية. وأتت الدعوة إلى عصيان عام 3 أيام بعد إعلان السلطات رفع سعر البنزين والديزل بنسبة 30%، ما أدى إلى ارتفاع أسعار سلع أخرى من بينها الأدوية.
وبدت ساحات وطرق رئيسية في الخرطوم ومدينتها التوأم أم درمان مقفرة صباح الأحد، أول أيام الأسبوع، كما توقف عمل كثير من حافلات النقل العام. وفيما فتحت مدارس الخرطوم أبوابها فضل كثير من الأهالي إبقاء أبنائهم في المنزل خشية اندلاع مواجهات بين متظاهرين وقوى الأمن. وفي تاريخ 2016/12/19م دعا الناشطون العمالَ إلى ملازمة منازلهم في إطار حركة "عصيان مدني" هي الثانية بعد العصيان السابق في 2016/11/27م...
فهذا العصيان يدل على تململ الناس من الأوضاع سواء أكانت اقتصادية أم غيرها خاصة الشباب لأن البطالة مصيرهم والحكومة لا يهمها وكل أعضاء الحزب الحاكم لأنهم لا يدخلون الأسواق أصلا بل يدخل من يخدمونهم ويشترون لهم فلا يعرفون الأسعار وبعد ذلك يرفعون أسعار الدواء أي أن الإنسان إذا لم يمت من الجوع فليمت من المرض!
فقد ترتب على قرار الحكومة - الذي جاء ضمن خطة تقشفية و"إصلاحية" نصت عليها اتفاقية الحوار الوطني الأمريكية - زيادة في أسعار الأدوية بنسبة 100% إلى 300% حسب الأصناف.
وحاولت الحكومة جاهدة إفشال العصيان، والدليل على نجاحه قيام الحكومة بحركات استباقية، فقد عقد وزير الصحة الاتحادي أبو قردة، مُؤْتمراً صحفياً عاجلاً ظُهر يوم الجُمعة 2016/11/25م، بمكتبه بوزارة الصحة الاتحاديّة، أعلن فيه إلغاء قائمة أسعار الأدوية التي أصدرها المجلس القومي للأدوية والسموم، وإقالة الأمين العام للمجلس بسبب الأخطاء التي وردت في الأسعار (على حد تعبيره)، وأكد أن (الزيادة كان لا بد منها، ولكن ليس بالمستوى الذي جاء في القائمة، التي كان واضحاً أنها بحاجة إلى مراجعة)، ثم وجهت وزارة التربية المدارس بتصريح نشرته كل الصحف أن يوم الأحد يوم دراسي ولا عطلة للمدارس، كما نشرت صحف السبت أن المالية تخفض ميزانية الدستوريين 50% وتوقف استيراد السيارات، وقام جهاز الأمن بإغلاق عدد من الصحف، وقناة تلفزيونية.
فأعلنت المعارضة العصيان المدني ووقف كثير من الناس مع هذه الدعوة والحكومة أزعجها هذا القرار والدليل تراجعها عن قرارها زيادة أسعار الأدوية، وألغت تلك الزيادات بالفعل بعد تصاعد دعوات المعارضة لعصيان مدني.
فهذا العصيان أسبابه كثيرة منها مشكلات السودان الاقتصادية منذ انفصال الجنوب في 2011 ليأخذ معه ثلاثة أرباع إنتاج البلاد من النفط، وهو المصدر الرئيسي للنقد الأجنبي ودخل الحكومة.
وأعلن الجهاز المركزي للإحصاء الأسبوع الماضي أن معدل التضخم السنوي في السودان قفز نحو عشر نقاط مئوية إلى 29.49% في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي من 19.6% في تشرين الأول/أكتوبر الماضي مع ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة بعد خفض الدعم في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر. ومع تضاؤل إيرادات النفط أعلنت الحكومة تخفيضات في دعم الوقود والكهرباء في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وهو ما دفع أسعار البنزين للصعود 30%. فقد فرض العصيان المدني نفسه على حديث الناس في كل مكان، وسيطر على الأجواء داخل البيوت. ولأول مرة منذ انقلاب نظام الإنقاذ في 1989م، لم تجد دعوة لإسقاط النظام أو نحوه التفاعل والتأثير كما وجدت الدعوة لهذا العصيان.
كان الرئيس عمر البشير قد قال أيضا خلال خطاب جماهيري بشرق السودان الأسبوع الماضي، مقللاً من جدوى العصيان قائلا: (إن الحكومة لا يمكن إسقاطها بـ "الواتساب") في تهميش للحراك وحصره في مواقع التواصل الإلكتروني وكأن البشير يسخر من المنظمين ويتحداهم للخروج ويقول لهم نعم الزموا بيوتكم في العصيان! وقد اعتقلت السلطات الأمنية منذ أكثر من شهر نحو 40 من كوادر وقيادات أحزاب المعارضة الناشطين، كما كثفت السلطات الأمنية من مصادرات الصحف منذ انطلاق حملات العصيان في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
كل هذا يدل على أن العصيان المدني يزلزل عرش الطاغية!
ولكن العصيان المدني وإن كان ناجحا فهو أسلوب يجب قياسه على مقياس الشرع وتوجيهه في الطريق الصحيح، فالطريقة الشرعية للتغيير هي طريقة السير في حمل الدعوة وهي أحكام شرعية، تؤخذ من طريقة سير الرسول صلى الله عليه وسلم في حمله الدعوة لأنه واجب الاتباع، لقوله تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾، ولقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران: 31]. وقوله جل وعلا: ﴿وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ﴾ [سورة الحشر: 7].
وكثير غيرها من الآيات الدالة على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والتأسي به والأخذ عنه فهي الطريقة الملزمة للمسلمين والذي يجب على من يعمل للتغيير أن يلتزم بها وهي الأصل وهي البديل وهي التي توحد المسلمين على مشروع مستمد من العقيدة الإسلامية والعمل السياسي الشرعي الصحيح. ولقد بشرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن العمل للتغيير يكون لإقامة دولة الإسلام، وهي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة: فقد روى الإمام أحمد عن النعمان بن بشير رضي الله عنه الله، قال: كنا جلوساً في المسجد فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال: يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء، فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته. فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت».
وطريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي يتلبس حزب التحرير بالعمل بها في إنهاض الأمة الإسلامية باستئناف حياتها الإسلامية، وهي الطريق الوحيدة الصالحة والثابتة لذلك شرعا وواقعا، فسيرنا في هذا الطريق هو الذي سينقذنا من النظام الرأسمالي الجائر والذي سيسقط هذه الأنظمة الجبرية ويظلنا بالخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي آن أوانها وهي التي ستضمن نجاح العمل للتغيير السياسي ولمثل هذا ندعوكم فاعملوا معنا لكي نعيش في رفاهية في الدنيا ونفوز برضا الله في الآخرة، فحزب التحرير هو الرائد الذي لا يكذب أهله ولقد أثبت جدارته بأن يقود المسلمين قيادة سياسية مخلصة وواعية لتحقيق مشروع الأمة النهضوي الشرعي.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. ريم جعفر (أم منيب)
28 من ربيع الاول 1438هـ   الموافق   الثلاثاء, 27 كانون الأول/ديسمبر 2016مـ

No comments:

Post a Comment